الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهويات ليست قاتلة

مصطفى بالي

2017 / 1 / 7
القضية الكردية


عوداً على بدء،يطفو على السطح قضية الفيدرالية على شمال القلب،وحيثما كان هذا الشمال كان الصواب دائما،وكانت الحلول الجذرية للاحتقانات الاجتماعية المزمنة هي الفيصل،فالمسكنات ما هي سوى خديعة للخلايا المريضة بأنك بخير،لكنها تودي بها لأخر العلاج ألا و هو الكَّي،وبه يعلن الموت سريرياً ومن ثم التحضير للدفن،لكن هذه المرة،ومما يبدو حتى الآن،يبدو أنه تم تهميش المسكنات و البحث عن الحلول الجذرية و تفويت الفرصة على الغول الرأسمالي لإعلان انتصاره بدفن المزيد من الشعوب في مقبرة الذاكرة الجمعية للإنسانية.
الهويات،تم تعريفها بأنها قاتلة،و الازدواج في الانتماء إلى هوية ما أصبحت مُسَوَّقٌ لها و كأنها أشبه ما تكون بالخيانة الزوجية لمن يدعي انتماءً مزدوجا،حتى غدت آلة الإعلام الدائرة في فلك الأرباح الرأسمالية تُكَفِّر من يحمل انتماء مزدوجا،وكأن الإنسان مخلوق ببعد أحادي لا يحتمل أن يكون منتميا إلى هوية قومية،وأخرى دينية،وثالثة جغرافية،ورابعة ثقافية و خامسة تاريخية،أو إذا شئنا الدقة،فقد فرضوا على الإنسان بإعلان انتماءه الأحادي فقط،و إن تجاوز هذا الخط الأحمر أُعلِنَت الحرب الضروس ضده،وتحالفت كل شياطين الأرض ضده،واعتقلته و وضعته في سجنه الحداثة ذي الأسوار السميكة،و تم وصفه بأقذع التهم،أهونها انه إرهابي،مارق على قوانين الآلهة.
في هذا الشرق،كانت الهوية ملونة و منوعة سواء أرضينا بها ام لم نرضى،هكذا هي بكل بساطة،فلا يمكنني أن الكردي ابن ضفة الفرات إلا أن أشعر بالحنان تجاه جاري العربي،المخول كردياً،وشعوره كونه عربيا لن يستطيع محو انتماءه لأمه الكردية،وكلانا،نشعر بالحنين للأرمني الذي بنى لنا كوباني و جرابلس و علمنا أصول المهن،وقواعد تعلمها،وكوننا نصلي في الجوامع،لا يمكن ان ننسى أجراس الكنائس التي كانت تدق النواقيس في ربوع كوباني و جرابلس،بينما انتماءنا القومي و الديني المتعدد الهويات،لا يتناسى الشركسي الذي أسس للتجارة في منبج،وهكذا تتشابك الانتماءات حتى يغدوا هذا التشابك هوية بحد ذاتها،شاء من شاء و أبى من أبى.
هذا التنوع الذي طالما راهنت عليه آلة الإعلام الاحتكاري ليكون برميل البارود القابل للانفجار في أي لحظة ليودي بأصحابه إلى المهلكة،جاءت نظرية الأمة الديمقراطية و عصرانيتها،لتنفض عنها الغبار،وتزيل وشاح الرعب عنها،وتظهر حقيقتها الغنية و الذكية و التي استطاعت أن تستمر تدفقاً منذ فجر التاريخ،ازدهاراً وغنى،ولهذا السبب بالذات هي تتعرض لحملات التشويه و الإبادة،العسكرية و الثقافية و السياسية و مختلف أنواع الهجمات بغية إفشالها و إعادة هذه الشعوب و المكونات لحظيرة الإله الرأسمالي الجشع.
بصبر بنيلوبا التي كانت تحيك النَوْلَ نهاراً و تحل ما حاكتها ليلاً في انتظار حبيبها التائه في عرض البحار،وبذات إيمانها،وبكل مجد الأنثى وقوتها و إصرارها،يمضي أبناء روج آفا نحو الشمال لاستكمال تقاسيم المعزوفة بكل أطيافها و هوياتها،ذلك أن المايسترو لا يستطرب بالأنغام الأحادية العزف مطلقا، يقف أمام فرقته السيمفونية منظما الإيقاع و العزف ويهمس أجمل الألحان في أذن الطبيعة.
الهويات ليست قاتلة فيما إذا تخلى الإنسان عن غباءه أو جهله المزمن بحقيقته،وفيما إذا اكتشف الإنسان ما اكتشفه محمد إقبال عندما قال (بأن الكون بكل اتساعه كان أصغر من أن يجلس الله عليه،فخلق الإنسان ليجلس في قلبه) أو ما قاله ابن عربي(أتحسب نفسك جرماً صغيرا و فيك انطوى العالم الأكبر؟؟)،ما عدا ذلك سيبقى الإنسان جماعات و أفراد،حطبا لنار الجشع الاحتكاري.
فيدرالية الشمال السوري،هوياتها غنية،جامعة، تحيي ولا تقتل،ولهذا بالذات تتلقى السهام من كل الاتجاهات لأنها تقضي على الاحتكار بكل أنواعه و أصنافه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق


.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟




.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع


.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد




.. مؤيدو ترامب يطالبون بإعدام القاضي وبحرب أهلية