الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن دور.. للوجه الجديد -رمضان عبد المعز-

طارق سعيد أحمد

2017 / 1 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


متى ينتهي الخطاب الديني العاطفي ويبدأ الخطاب العقلي؟
كيف تنتهي المسخرة الأخلاقية؟

كمطرب شعبي درجة 6 يحاول بكل أدواته التعبيرية شديدة العشوائية اقناع المراهقين والمراهقات، ظهر الشيخ رمضان عبد المعز في برمو لبرنامج جديد له سوف تبثه قناة فضائية تتمتع بنسبة مشاهدة لا بأس بها، انتقده هنا بشدة، ولا أحاول من قريب أو من بعيد أن أسخر من شخصه لعله رجل صاحب علم وطيب القلب، يجهل بشكل أو بآخر الصناعة الإعلامية وخانه تقديره للأمور على اعتبار أنه يشعر بأمانة ما تثقله يحملها بين خلجاته لذلك وقف على بداية سير الآلة الإعلامية ليدخل مراحل التصنيع المختلفة ليخرج من الناحية الثانية قطب يميني بتأثير وشهرة الشيخ كشك أو ربما الشيخ الشعراوي أوغيرهم، ولعل أضواء الشهرة عمت عينه عن الهدف الحقيقي ووجهته للتمثيل!.
المهم أن أضع رمضان والقراء والعبد لله في تجربة لاختبار كل الأطراف، وهذا النقاش اتمنى أن يمتد ويكون له سلسلة من المقالات المتتالية أستعرض فيها ردود أفعال القراء ونستكمل بها حديثنا الذي يبدأ بالسؤال المطروح وهو.. متى ينتهي الخطاب الديني العاطفي ويبدأ الخطاب العقلي؟!.
وقبل أن نخوض في هذا النقاش المفتوح أود أن أشكر أمي الطيبه التي تأثرت جدا عند مشاهدتها برمو رمضان الجديد خصوصا في المشهد الذي حاول فيه الوجه الجديد رمضان عبد المعز أن يظهر أمام معجبيه بأنه صاحب قداسة وتؤمن به الحارة المصرية وتتلهف على مقابلته وتتهذب أخلاقها بمجرد حضوره!، حيث أنه كان الرجل يمشي بمنطقة شعبية قديمة تشبه حي الحسين.. مثلا، وفي اللحظة الحاسمة، وكما كتب سيناريو البرمو وبمجرد مرور الشيخ رمضان أمام شخصين كانوا يتشاجران أمام أحد المحلات توقفوا على الفور عن العراك شاعران بخطأهم الجسيم وذنبهم العظيم وابتسموا في قناع الشيخ رمضان البشوش الذي يشع تقوى وايمان عميق ثم ختم المخرج اللحظة المؤثرة بتبادل الرجلان أحضان الصلح!،المدهش هو في الوقت الذي انفجرت فيه أنا ضحكا من هذا المشهد الساذج قالت لي أمي وهي متأثرة جدا: "الشر وحش وطول ما فيه ناس بتحب الخير زي الشيخ رمضان الدنيا لسه بخير!".
أما المشهد الآخر كان أكثر استفزازا بالنسبة لي حيث يظهر ممثلا يجلس على مقهى يقوم بدور شاب محبط يده على خده يشكي في باله ضيق حاله وصوت عقله يسمعه بطبيعة الحال المتلقي ليخترق المشهد رمضان بنفس قناعه البشوش ويجلس بالقرب من الشاب ويقول له مبتسما أن يتخذ من الأسباب سبيلا ويحثه على العمل لا الندم على قلة الحيله رغم أنه لم يوجه له أي كلام ولم يحرك حتى شفتاه والأنكى أن رمضان نفسه هبط علي الكرسي المقابل له على المقهى فجأة "سبحان الله" ثم يرشف رمضان من مشروب الشاب رشفه ويتركه ويذهب لحال سبيله! بعد أن وجه له كلمات كالبلسم أخرجت الشاب من احباطه على الفور وجعلته يشعر بالتفاؤل والبهجة "سبحان الله"، لم ينتهي البرمو إلى هذا الحد تخلله مجموعة من المشاهد الراميه إلى أبعاد أخرى أعتقد أنك رأيتها بأم عينك لكن وللأسف الشديد مثل هذه اللقطات السريعة والمكثفة لا تترك فرصة للمتلقي العادي لتفسيرها فقط هي تترك أثرها في العقل وتذهب ومع تكرارها في فترات الفواصل قادرة على الإقناع حتى يقع المشاهد فريسة لا حول له ولا قوة تحت تأثير أي شيء يقال في برنامج بدأت حلقاته الأولى تبث مع استمرار بث البرومو.
فضلت وقتها كتابة هذا المقال قبل أن أشرع في مناقشة أسرية قد يطول الحديث فيها، سألت نفسي كم شخص تأثر ووقع تحت سحر حزمة من المشاهد مثل فيها الشيخ رمضان"سابقا"؟، والإعلامي الدكتور رمضان عبد المعز والوجه الجديد القادم بإعتبار ما سوف يكون وبإعتبار أيضا أن هناك سيناريوهات مطروحة على الوجه الجديد رمضان ليختار من بينهم دور يناسبه في المرحلة القادمة!.

رمضان هذا الشخص الخجول بل شديد الخجل أراه اليوم يخوض تجربة التمثيل عن جدارة بوجه ذابت فيه قسمات الخجل وتبدلت بجرأة أتعجب منها الآن، مع علمي بتشجيع الشيخ خالد الجندي له الذي لم ينتهي بعد!، رغم تفوق رمضان إعلاميا عليه وسحب البساط من تحت قدمه، هكذا من الممكن وصفه، مشهد عبثي تغلب عليه الأجواء الهستيرية، تقفز رجال بسرعات كاريكاتورية على شاشات الفضائيات لا يفترض أن يكون في أخلاقهم أي انحراف يبعدهم عن طريق الدعوة!.. مع مراعاة أن المال والشهرة لهم سحرهم على النفس!.
والسؤال المطروح هو كيف تنتهي المسخرة الأخلاقية؟ تلك الظاهرة التي تنمو داخل مجتمعنا المصري دون توقف وتستحق بحث علماء الاجتماع للكشف عن بداية تكوينها وما هي العوامل التي تراكمت لتصنع ظاهرة "الشيخ المودرن" حتى الوصول لكيفية الخروج من تأثيراتها الخطيرة على عقل المتلقي البسيط الذي تشبعه وجبات الدين "التك أواي" وتمنعه بطبيعة الحال من البحث العقلي عن دينه الصحيح وفهمه وادراكه بالشكل والمضمون الذي يُخرج الدين من حيز الطقوس الاجتماعية الهشه الذي غرق الدين فيها ويدخل نطاق الإيمان الفردي والبحث الفردي عن الحقيقة وأين تكمن؟ وتبدأ مرحلة طرح الأسئلة الكبرى فالدين ليس السطح الذي يصفه هؤلاء الذين يعملون مهنة "الشيخ" المتراصين أمام أبواب الفضائيات في انتظار أن يقع عليهم الإختيار ليصبحوا نجوم مجتمع، بل الدين هو أعمق من ذلك بكثير ويحتاج لعقول طازجة قادرة على تفسير فلسفته وعلومه النظرية، فالتوقف عند كيفية التطهر من الجنابة وكيفية تقسيم الميراث ليست هي حدود الدين.



هامش: رمضان عبد المعز يعد من علماء الأزهر وحصل على البكالوريوس في العلوم والتربية، والليسانس في الدعوة والثقافة الإسلامية، والإجازة في أحكام التلاوة برواية حفص عن عاصم، والعالية في القراءات، ودبلوم عام في الدراسات الإسلامية
وتمهيدي الماجستير في الشريعة الإسلامية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah


.. 178--Al-Baqarah




.. 170-Al-Baqarah