الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل دموية

طارق سعيد أحمد

2017 / 1 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كيف يفكر الإرهابي؟ لماذا يخشى الحياة؟


إن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة!، هذه الجملة المغلوطة هي المبدأ الراسخ في عقول هؤلاء القتلة بإسم الدين وتتلخص جهودهم في البحث عن ما يؤسس ويؤصل ويعمق فكرهم الدموي في التراث والسنة والقرآن الكريم ليدعم أفكارهم، ففي كتاب "الصحيحين" مثلا نجد حديث عن النبي يقول: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" فالجهاد باقٍ، والنية باقية كما يتخيلوها، مادام الحديث لم تفعل معانيه ودلالاته بالشكل والمضمون الإنساني الصحيح، قرأت لأحد المجاهرين بالجهاد وقتل الكفار!، يقول "وعلينا أن ندرك أننا سوف نخوض المعارك مع أعدائنا، كما قلتُ اليومَ أو بعد سنةٍ أو بعد عشرين سنة نحن أو أولادنا، وأن هذا العدو الكافر شأنه شأن من تَحَدَّث عنه أصحاب الكهف: إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً [الكهف:20].وقد ظهروا على المسلمين بقوتهم، واقتصادهم وسلاحهم، فهم الآن يخيرون المسلمين بين أمرين:إما أن يكفروا، ويتنصروا، ويتخلوا عن دينهم، وإما القتال، ونحن نعلم أن المسلمين لن يرضوا بالدنية في دينهم، وإن ارتد منهم من ارتد فسوف يأتي الله تعالى بخير منهم كما وعد، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:54].فانظر كيف أشار إلى الجهاد هنا: يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [المائدة:54] وكذلك في شأن المال قال الله تعالى: هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38].
كذلك يفكر الإرهابي، وتحت يده زخيرة من الأيات القرآنية والأحاديث النبوية يطلقها في وجه أي متلقي له متخيلا أن هناك حقائق قرآنية عظيمة ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم وفي مواضع عدة من كتابه العزيز، وأثبتتها الأحداث التاريخية، والوقائع القائمة اليوم!، ليقنع مستقبل رسائله الدموية أنها صارت في حس المسلم وسلوكه العام، وأنها الدين نفسه وعلى سبيل التأكيد ولرفع حماس المتلقي تجده يذكر قولـه تعالى: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7] موحيا بأن هذه الآيـة وعد مـن الله تعالى بالنصر لمن نصروه، وأقاموا دينه، والتزموا بأمره وابتعدوا عن نهيه. أو يذكر الأية الكريمة التي يقول الله "عز وجل" فيها: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:52] ليرتفع سقف الحماس أكثر ويضع المتلقي أي ما كان على أرض واحدة مع الرسل والأنبياء على أساس أن الله "عز وجل "ذكر أنه ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا، فضلاً عن النصر الأكبر يوم القيامة، والزاج من حور العين!، والوعد بالنصرفي الحياة الدنيا الذي يكون بصور كثيرة منها: النصر الحقيقي المباشر وهزيمة أعدائهم!، و أن الله تعالى يمنحهم الصبر والثبات على دينهم، وعقيدتهم، وما يقولون، وما يدينون به، فيظلون صابرين كما صبر أصحاب الأخدود الذين عذبوا وأوذوا، وأحرقوا بالنار، فظلوا صامدين على مذهبهم ودينهم، وعقيدتهم، وذكرهم الله تعالى في كتابه في قوله تعالى: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ [البروج:1].ومثله قوله تعالى: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج:41]، وكأن الدنيا هم فيها فقط للجهاد!، يحدث ذلك في عقل الإرهابي الخرب نتيجة محاولة التغيير لعدة سنوات فى طريقة تفكيره، وفى إعداد عقله على التفكير غير المنطقى، وبتكرار الشىء نفسه حتى يصل فى عقله اللاواعى أن هذا الأمر هو الشىء الصحيح لا غيره، لذلك هو مقتنع أنه عندما يقتل، أنه سيدخل الجنة وأن ذلك دفاعا عن الدين!.

وبعيدا عن قرار الخطبة الموحدة ففي زيارتي الأخيرة لمحافظة الإسكندرية تأكد لي أن هذا القرار لم يتعدى حدود القاهرة أو بمعنى أدق حدود خطبة الجمعة التي تذاع عبر التلفزيون المصري ويسلط المصور فيها عدسته للصفوف الأولى على المصليين!، قال أحد الخطباء في المسجد "إنني لأعجب أشد العجب من أصحاب الكهف على رغم صغر سنهم، وحداثتهم، وقلة عددهم، وقرب عهدهم بالهداية، كما ذكر الله تعالى في كتابه، إلا أنهم كانوا بصحة يقينهم، وصدقهم، وإخلاصهم كانوا أذكى وأبرع، وأعرف من كثير من الناس الذين درسوا، ودرّسوا، وقرءوا، وكتبوا وخطبوا وتكلموا، ولكن شتان بينهما كما قال تعالى: إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً [الكهف:13] وقال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [البقرة:282] وقال أيضاً: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً [محمد:17]" وكانت خطبته تتحدث عن المؤمن القوي الذي هو خير من المؤمن الضعيف!.

إن هذا الحديث هو مجرد مقدمة للحديث عن حتمية ملعونة يتم زرعها في العقول الشابة لمواجهة ما يسمونهم أعداء الدين، ويصدروها على أنها حقيقة قرآنية عظيمة، يجب أن يؤمن بها كل مسلم ليكون من وجهة نظرهم الخاصة مسلم في الأساس، ويعملوا على توصيلها لأكبر عدد ممكن من العقول بوسائلهم المختلفة، ويقيموا بنيانها الراسخ في كل القلوب، رافعين شعار "الإسلام والكفر في حرب قائمة لا تهدأ أبداً".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 170-Al-Baqarah


.. 171-Al-Baqarah




.. 172-Al-Baqarah


.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات




.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع