الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أأرواحنا في أرواح أجيالنا

عماد صلاح الدين

2017 / 1 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أأرواحنا في أرواح أجيالنا
عماد صلاح الدين
إن الصبر الهائل جدا على المصيبة- المصائب الهائلة جدا وبقسوة على رأسك، إن استطعت احتمالها واستيعابها، وقد مررت من قبل في تدريبك الأسري والذاتي والمجتمعي على الاحتمال والاستيعاب للحوادث القاسية، فحتما إنك ستصبح تبصر أشياء وأشياء غير متاحة لكثيرين، وتستحق بها، وعن جدارة، لقب فيلسوف أو حكيم، ووارد جدا أنك ستصبح من أصحاب الثروة. وإنني اسمح لنفسي بالتطرف قليلا بأنك تستحق وعن جدارة لقبا فخريا بأنك صرت نبيا. وكلما حاولت التبريد الداخلي إلى أقصى ما تستطيع مستمرا كنهج حياة، فستكون احد رسل الإنسانية العظام؛ إن هذا الصبر والتصبر والتبريد يجعلك واقعيا وعاملا وفاعلا فعّالا، وستدرك عمليا أن الدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة وان الأيام تمضي، وعندها ستعرف المعنى العملي للأخلاق. إن درجتك الحقيقية هي بقدر ما ملأت نفسك وروحك وعقلك وكليّتك بخبرات ارتقاء إنسانية رفيعة، أنت تحبها من الأساس، ويحبها جدا خالقك لك؛ كرسالة أسمى في الحياة، ودرجة مضروبة بأضعاف كثيرة عند الله في آخرتك.
نحن كبشر، وعلى العموم، ننظر بنوع من التحسّر والحسد إلى أولئك الذين أصبحوا على النحو الذي ذكرته لكم سابقا؛ سواء النظر إليه مباشرة بشخوصهم الحاضرة، أو إلى أجيالهم التالية، وما يتمتعون به من مزايا خبرية وإدراكية وحتى مراكز اجتماعية معتبرة. ولكن يجب علينا ألّا ننسى أن هؤلاء قد قدموا تضحيات جساما؛ كان عمادها العمل الاستثنائي الايجابي، والصبر فوق العادة، ومحاولات فتح باب الأمل بكل ما يملكون من طاقة ووسائل.
وإنني أرى أن أجيال هؤلاء التي تليهم، إنما يُجزون خيرا – هكذا- منحة مجانية لفعل آبائهم الرائع؛ إنها روح الآباء والأجداد، وتصل إلى درجة روح الأمة بأسرها؛ إنهم يعمّدون جينات أنسالهم بالتوازن والثقة والعقلانية والاستعداد للفاعلية، وتجد أجيالهم أكثر برودا في دواخلهم وأكثر هدوءا في أقوالهم وسلوكهم، واخف توترا وانفعالا؛ هدوؤهم له معنى، وغضبهم لهم معنى.
حين كنت أدعو الله تعالى، عقب صلواتي، بان يرزقني ذرية طيبة صالحة، وان ينزّل السكينة والطمأنينة على قلبها، وعلى الأسرة جميعها، كنت أتساءل هل مجرد الدعاء – هكذا- سيكون مردوده - هكذا أيضا- بحسب ما ارغب وأتمنى،ولقد وجدت أن غرض دعائي هو تحقيق هذه الانسيابية بتوفيقي أكثر، فيما اعمل واجتهد، ما بين هذا التراكم والتراكم.
إن أعمالنا الايجابية المستمرة تغيّرنا من الداخل شيئا فشيئا، حتى على مستوى مكوناتنا البيولوجية، وان جزءا من هذا التغيير لينتقل بحول الله إلى أولادنا وأحفادنا وأجيالنا، وهذا لا يعني غياب إرادة هؤلاء الأبناء والأحفاد، ولكنه نعم الجزاء المستمر لروح جيل إلى الذي يليه.
إن روح الإنسان الصاعدة ارتقاء؛ بأعمالها، وصبرها، وإيمانها بذاتها، ومستقبلها، وإيمانها بعدل ربها؛ هنا في الدنيا وهناك في الآخرة، سواء ذلك في إنسان مجتمع النهضة المستقر، أو في إنسان مجتمع التخلف الحضاري؛ ولكنه في الحالة الأخيرة؛ وكحالة فردية، يحاول أن يكون لبنة في قيام النهضة من جديد في مجتمعه، إن هذه الروح سينتج عنها أرواح جديدة إلى الحياة، سيكونون في طفولتهم، ومنذ الأيام الأولى لولادتهم؛ حالهم كما حال الكبار الوادعين الهادئين الواثقين؛ ينامون كما يناموا، ويصحون كما يصحون من نومهم، ولا تسمع إلا همهماتهم كرضع ليلا أو نهارا؛ حين يطلبون أمهاتهم للرضاعة، وإن الكاتب في هذا السياق لرجل قد رأى ذلك بأم عينيه، والحمد لله رب العالمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا