الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة ونقد لمصطلح (الإسلام الحقيقي)

محمد لفته محل

2017 / 1 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بعد تفجيرات برجين التجارة العالمي في أمريكا وشيوع مصطلح (الإرهاب) في وسائل الإعلام العالمية الذي الصق بالمسلمين والحركات الجهادية الإسلامية؛ شاع أيضا كرد فعل على المصطلح مصطلح مضاد (الإسلام الحقيقي) في وسائل الإعلام العربية والرأي العام العربي للتبرئ من سلوكيات الحركات الجهادية الإسلامية وكانت الجواب الرسمي على اتهامات المسلمين بالإرهاب. هذا المقال هو مناقشة لهذا المصطلح، ما هو هذا الإسلام الحقيقي بالتفاصيل؟ هل هو واضح الصورة او متفق عليه؟ ولماذا لم نراه يتحقق والجماهير والدعاة تتكلم به؟ ولماذا استمر الإرهاب وتتوج بالدولة الإسلامية (داعش)؟ هي محاولة لفهم هذا المصطلح التي لم تفحص بتأني وعمق ولم تأتي بحلول عملية.
حين نقول إسلام (حقيقي) فهذا يعني منطقيا أن هناك إسلام آخر (وهمي) أو (غير حقيقي) لا يحمل منه سوى الاسم، باعتبار الحقيقة كنقيض للوهم، وكل وهم هو ظلال. فما هذا (الإسلام الحقيقي)؟ هل إسلام بلا مذاهب؟ أم إسلام الرسول كما كان في حياته؟ أم هو هجين من المذاهب؟ أم شكل جديد غير معهود؟ وهل يمكن توفير اتفاق بين المسلمين على هذا الإسلام بعد أن نحدد معالمه سواء بين العلماء أو العامة؟. الواقع أن كل ما نسمعه عن هذا الاسلام هو نتف عائمة مثل (الاسلام دين محبة، سمح، يقبل بالآخر، الإسلام هو السلام) فقط! ثم ما المقصود ب(الإسلام الوهمي) هل عامة المسلمين؟ أم فئة أم المذاهب أم بعضها؟ أم رجال الدين أم بعضهم؟ أم إسلام السلطة في بعض أو كل الدول العربية؟ وعلى أي معيار يتم تحديد المسلمين (الوهميين)؟ وما موقف هذا (الإسلام الحقيقي) من هؤلاء المسلمين (الوهميين)؟ هل التكفير؟ أم التجهيل؟ أم التظليل؟ كل ما نسمعه عن (الإسلام الوهمي) عبارات عائمة (ان هؤلاء "الارهابيين" لا يمثلون الإسلام، الاسلام لم يطبق، نحن مسلمين بالاسم فقط، المسلمين انحرفوا عن مبادئ الإسلام) فقط! فهل هم خارج ملة الإسلام أم جزء منه؟ وما موقفه من المذاهب الإسلامية؟ ومن هو الداعية المؤهل علميا لنشر هذا الإسلام الحقيقي؟ (إن اتفقنا على وجوده و ملامحه) ما مدى مقبوليته لدى المذاهب؟ وهل يحق له بعد نشر دعوته فرضها بالإجبار أو تكفير الآخرين إذا تعارض مع مذاهبهم؟ ثم هل هذا الداعية بلا مذهب؟ ونحن نرث المذاهب من اللقب. وهل ستقبل وسائل الإعلام والمنابر والمراجع هذه الدعوة فتروج لها وتتعاون معها وهي مذاهب تعتقد بأنها (الإسلام الحقيقي)! وبهذه الحالة سيتصارع (الإسلام الحقيقي) مع (أسلامات حقيقة) مذهبية! وإذا قبل هذا (الإسلام الحقيقي) بالمذاهب الإسلامية لم نفعل شيئاً سوى إبقائنا للأمور على حالها؟ أم سيقنعها على التعايش والاعتراف المتبادل والتعدد وبذلك تنتفي مقولة (الإسلام الحقيقي) إلى (أسلامات حقيقية)؟. والسؤال الأساس من أي تأتي شرعية هذا الذي يحدد لنا (الإسلام الحقيقي) ونحن خانعين؟ واضعا نفسه فوق الجماهير والعلماء كأنه بلا تحيز ولا يمثل وجهة نظر خاصة به؟ من أين تأتي الشرعية إن لم تكن من الجماهير؟، وهذه الجماهير متشبثه بمذاهبها الموروثة من الأجداد؟ من أين أتاه الحق بإلغاء كل القراءات الأخرى بغثها وسمينها وفرض علينا قراءة واحدة لا غير؟. وهل هذه المقولة بدعة أم أن لها تاريخ؟ أليس لها تعبيرات مشابهة لها لدى الفرق الإسلامية الأخرى مثل (الإسلام الحق، الإسلام الأصيل، إسلام السلف الصالح، الفرقة الناجية) بالتالي هي دعوة سلفية جديدة!. وهذا يعني أن مقولة (الإسلام الحقيقي) هي تعبير آخر لمعنى التكفير، لأنها تتحدث عن إسلام واحد لا يقبل التنوع والاختلاف لان كل ما عداه (وهم)، إسلام واحد ثابت لا يتأثر بتبدل الظروف وحركة المجتمع والتاريخ. إذن فمقولة (الإسلام الحقيقي) تتضمن التكفير لان كل المذاهب ترفعها وهي مقولة السلفية الجهادية ذاتها! وهذه المذاهب لطالما تصارعت وكفّرت واحدتها الأخرى! وهي محاولة ليس لحل المشكلة إنما إعادة المشكلة لبدايتها حول شرعية الطوائف، ومحاولة تطبيقها يعني إعادة أخرى لتاريخ القمع والصراع السياسي بين المذاهب التي كفرت كل ما عداها واحتكرت (الحقيقة) لوحدها، والتشابه بين مقولة (الإسلام الحقيقي) والتكفير يأتي من وحدة الثقافة والفكر العربي التي تنتج السلفية الجهادية، أي إننا كلنا سلفيون بدرجات متفاوته مهما اختلفنا بالمذاهب نعتقد بالحقيقة الوحيدة المطلقة لنا والفرقة الناجية التي هي طائفتنا طبعاً. وهذا التشابه بالأفكار يشمل حتى الملحدين لانهم يعتقدون أيضاً بوجود (الاسلام الحقيقي) الذي تمثله داعش، أي اسلام ثابت لا يقبل التنوع خارج الزمان والمكان! وهو تكفير بالنهاية مثل داعش.
إن (تنظيم القاعدة) و(تنظيم داعش) هي حركات إسلامية لا يمكن إخراجها من الإسلام إلا إذا صرنا مثلهم وكفرناهم بالتالي لن نكون أحسن منهم، وحالنا يكون كالذي يبصق على السماء فيرتد إليه بصاقه، هي قراءة للإسلام إلى جانب القراءات الأخرى، وبدل تكفيرها يجب جذب الرأي العام من التعاطف معها إلى الإسلام المعتدل كالإسلام التركي والماليزي والاندنوسيي، وطبعا لا يمكن عد هذه الدول غير إسلامية أو التذرع بالقول أنها لا تطبق الإسلام كامل، لأنه لن يغير من حقيقة أنها دول إسلامية لها فهم خاص للإسلام يتلائم مع ظروفها وثقافتها وحضارتها. لان مجرد الإيمان بنبوة محمد هذا يكفي لتصنيف المؤمن كمسلم. ولا ننسى أن الحركات الجهادية الإسلامية لها شعبية بسبب القمع والظلم السياسي أو الطائفي وإزالة هذا الظلم لكفيل بسحب الرأي العام من هذه الحركات المتطرفة. ولا تنتهي المشكلة بإزالة الظلم السياسي، انما بكتابة عقد اجتماعي سياسي يخرج المجتمع من مجتمع جماعات منغلقة على نفسها الى جماعات متفاعلة بينها كمجتمع قادر على تأسيس أمة.
فالإسلام الحقيقي الذي رفعته الفرق وترفعه الآن الدعاية ضد الإرهاب غير موجود هذا الإسلام رغم المحاولات التاريخية لفرضه سياسياً أو بالعنف، ظل الواقع أقوى من كل شيء وبقيت الفرق كل على حالها. وتقبُل الرأي العام العربي المسلم لهذا المصطلح هو من منظار طائفي مذهبي بحت، فالإسلام الحقيقي في منظور العامة هو إسلام مذهبهم الخاص. لذلك فشلت بالتحقق وستفشل بالضرورة لمضمونها الذي حللته. وأقصى ما يمكن قوله عن الإسلام الحقيقي هو واقع أن الإسلام مذاهب وقراءات متغيرة بحسب حركة التاريخ والمجتمع وتعدد الثقافات، بعضها متشدد وبعضها مرن منفتح وجميعها صوراً متعددة للإسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها