الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مات الهيتي رسمي

قحطان محمد صالح الهيتي

2017 / 1 / 21
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


آخر ما كتبه رسمي قبل ساعات من وفاته هو:" نادمٌ... لأني ما تعلمت مثلك الرقص يا وطني.. فكلانا يُذبحُ يوميا ....!!"، قال هذا، وبعدها ذبح بسكين وجع البعد والحسرة والندم في زمن رقصت به على جثث الأسود كلاب.
-
وآخر ما كان بيننا دعاؤه قائلا:" تمنياتي لك بالصحة والسلامة مع التحيات"، تمنى لي رسمي الصحة والسلامة وأهدى لي من قلب صادق ارق التحيات، وهذا ما كان قبل ثلاثة أيام. وقبل أن أرد له الشكر على ما تمنى لي أكتب اليوم عنه ناعياً، فأقول:
-
مات الهيتي رسمي غريبا عن مدينته التي قال عنها:" تركت ورائي أحلى مدينة، وأحب بقعة ارض في الكون"، لقد قال هذا بعد أن ترك فيها بيته واغراضه، وكتبه واوراقه، واخفى بعض اسراره تحت بلاط المهزلة.
-
مات رسمي غريبا بعيدا عن المدينة التي عشقها وتمنى أن يموت فيها، وأن يعيش ما بقي له من العمر في ذلك البيت الذي كتب فيه أحلى القصص، وصاغ فيه أجمل الحكايات، وتمنى أن يظل قريبا من الشاقوفة وقندي، ينهل من فراتهما فيفيض علينا قصصا قصيرة وخواطر معبرة.
-
مات رسمي في الحلة، وفيها دفن، وعن سبب اختياره الحلة سكنا روى لجريدة الصباح الحكاية قائلا : "نزوحي وهجرتي من مدينتي جاءت بسبب اما ان نكون او لا نكون، اي بمعنى ان تتعايش مع الواقع الذي يفرضه (داعش) بكل وحشيته وهمجيته او ان تترك كل شيء، وهذا ما حصل.. واللافت (المضحك المبكي) انني مكثت مهجرا في "النخيب" قرابة الشهر في تلك الصحراء المتاخمة للسعودية، وقبل 35 سنة اخترت هذا المكان هاربا من بطش الطاغية صدام وبعثه الفاشي!! حيث اشتغلت هناك عامل حجر" وأكد أنه حظي فيها باهتمام ورعاية ادباء الحلة ومثقفيها الرائعين وقاموا بتلبية ما احتاج اليه منذ بداية وصوله مع عائلته الى تلك المدينة.
-
مات صاحب (باب السنجه) تلك المجموعة التي نال عنها جائزة الاتحاد العام للأدباء والمعروفة بجائزة نازك الملائكة. ومات صاحب (حمامة شاقوفيان) تلك القصص التي رسم لنا فيها أحلى لوحات الأدب الرفيع.
-
مات رسمي وهو يحمل في قلبه همَّ مدينة وأوجاع وطن. مات وفي قلبه ألف حسرة وحسرة على شعب ناضل من أجل أن يعيش سعيدا في وطن حر.
-
كتبت عنه في نقدي لمجموعته القصصية (باب السنجه) الحائزة على جائزة نازك الملائكة ما نصه:" لقد كان رسمي رحومي مبدعا ورسم لنا لوحات جميلة زاهية، وكيف لا يبدع رسمي وهو سليل مبدعين اصلاء أنجبتهم هذه المدينة الفاضلة، وإذا ما كان السلف مبدعا، فلابد أن يكون الخلف مثله وها هو اليوم يحل في ساحة الإبداع مبدع آخر من أبناء هذه المدينة العريقة الأصيلة الممتدة في جذور التاريخ والحضارة انه رسمي رحومي الهيتي الفائز بجائزة نازك الملائكة للإبداع."
-
وكتبت عنه في نقدي لمجموعته القصصية (حمامة شاقوفيان): "لقد اقترب رسمي الهيتي في كتابة قصصه إلى قصيدة النثر، وجعل من بضعها صعبا ممتعا لا سهلا ممتنعا. فحين تقرأ عناوين من المجموعة (ضجيج العدسة) و(آمال قريبة جدا) و(جبرهن) و(حدود الخديعة) و (التداول السلمي للأحلام) تجد رغبة كبيرة في قراءة كل واحدة منها وحين تحلق في فضاءاتها وتسرح بين مروجها حتى إذا انتهيت شعرت بأنك ما زلت تريد المزيد".
-
لم يبخل رسمي علينا، فقد كرس حياته كاتبا ناقلا لنا معاناة مجتمعه بكل أطيافه، وهو يصوغ لنا في كل يوم أكثر من ومضة ويرسم لنا أجمل اللوحات القصصية والخواطر والحكم المعبرة عن حسّ فني مرهف بالعواطف بأدق الكلمات وأجملها بيراع متقن وبلغة فنية راقية معبرة.
-
وداعا يا أبا حارث، ولك منا أن نظل لعهدك حافظين، وستبقى حمامتك محلقة في سماء مدينتك حاملة غص الزيتون فوق الشاقوفة والدوارة. وسيظل (باب السنجة) كما كان طريقا الى المحبة والسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية