الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهويّة الكرديّة والشمال السوري

صلاح الدين مسلم

2017 / 1 / 25
القضية الكردية


أثبت مشروع فيدراليّة الشمال السوريّ أنّه مشروع مجتمعيّ في جوهره، من حيث تكافله وتكامله وتكاتفه، إذا لم تصل الأيادي التفكيكيّة إليه، التي تسعى إلى خلق حالة الكراهيّة من طرف إلى آخر عن طريق الضخّ الإعلاميّ لهذه الحالات العدائيّة من طرف قومويّ يغذّي المجتمع العربيّ بالأفكار العدائيّة ونفي أيّ مجتمع آخر، ممّا يؤدّي بالكرديّ إلى اللجوء إلى ردّات الفعل؛ من خلال استعمال نفس أساليب المعتديّ، وبالتالي يقع كلاهما في الفخّ المرسوم لهما، وتتحقّق الغاية المرجوّة لدى المتعصّبين القوميين لتحقيق مآربهم، وليبدؤوا بتغذيّة الروح العدائيّة بين الشعوب، فيخرج بعض القومويّين الكرد ليعزفوا على وتر الدولة الكردية؛ الحلم الذي يراود مخيلة الكرديّ كلّما ضاقت بهم سبل الحماية من القومويين العرب أو الترك أو الفرس.
لكن بمجرّد إعلان المجلس التأسيسيّ لفيدراليّة روجآفا – الشمال السوريّ بالتخلّي عن كلمة روجآفا أي غربيّ كردستان التي كانت تقضّ مضاجع القوميّات غير الكرديّة، والتي كانت تدغدغ مشاعر القومويين الكرد، كان الترقّب للحالة الاجتماعيّة موضوع البحث والتحليل، وكيف ستكون ردّة الفعل الكرديّة من خلال هذا التخلّي عن مصطلح روجآفا؟! وكانت المراهنة على أنّ الكرد لن يقبلوا بهذا الوضع، لكنّ روجآفا استطاعت من خلال الاعتماد على فلسفة الإدارة الذاتيّة أن تسعى نحو بناء مجتمع قادر على حماية نفسه وتحليل قضاياه والنظر إليها بكُلّ متكامل، فلم تستقدم قضيّة على أخرى، وهنا منبع الفكر الاجتماعيّ الأخلاقيّ السياسيّ، فالمجتمع لا يستطيع الاستمرار بوجوده الذاتيّ دون وجود الأخلاق والسياسة المجتمعيتين اللتين أصبحتا نسيجاً قائماً بذاته، وتعتبران من مقوّمات وجود المجتمع الهادف إلى تسيير الشؤون المشتركة العامة له، لا من خلال المصطلحات القوميّة التي لا تقدّم ولا تؤخّر.
وقد وعى المجتمع الكرديّ أنّ تاريخ الدولة قد سُطّر بالدم، شِيد بالحرب التي شنّتها المدنيات ضد المجتمعات، فعندما لاتقوم الأخلاق والسياسة بوظيفتهما، فهذا يعني؛ أنّه لم يتبقّ للمجتمع حلٌّ يلجأ إليه، أو مسار يمشي فيه ضدّ هذه الحرب التي تعدّ من أساسيات قيام التاريخ المدينيّ سوى الحماية والدفاع الذاتيّ، وهذا ما قد وعاه المجتمع الكرديّ عبر خبرته الطويلة مع الدولة التي كان فيها مجتمعاً أبداً، ومن خلال عهود الدفاع الذاتي عن هويّتهم الوجوديّة وكينونتهم، ومن هنا تغيّر مصطلح الهويّة، ولم يعد مصطلحاً يعتمد على التعصّب القوميّ.
إنّ الطبقات المتعصّبة من الليبراليّين والعسكراتاريّين والدولتيّين والإسلاميين المتصارعة على كرسيّ السلطة في سوريا تريد أن تفرض رأيها القومويّ الإقصائيّ الفردانيّ الأيديولوجيّ عبر المصطلحات المقدّسة؛ (الدولة – الدين – القوميّة..) على الشعب السوريّ بكلّ أطيافه، من خلال إرغامه على لعبة التعصّب القوميّ. لذلك قرّرت الشعوب في الشمال السوريّ التخلّي عن مصطلح روجآفا كي تثبت للمتعصّبين القوميين أنّ الهويّة ليست عبارة عن مصطلحات تتلاعب بها قواهم المتصارعة على السلطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نقاش | اليمن يصعد عملياته للمرحلة الرابعة إسناداً لغزة ... و


.. لحظة اعتقال قوات الاحتلال حارس القنصل اليوناني داخل كنيسة ال




.. حملة أمنية تسفر عن اعتقال 600 متهم من عصابات الجريمة المنظمة


.. لبنان وأزمة اللاجئين السوريين.. -رشوة- أوروبية أم حلول ناقصة




.. وقفة لرفض اعتقال ناشط سياسي دعا لا?سقاط التطبيع مع الاحتلال