الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار بسيطة حول مفهوم الدولة (2)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2017 / 1 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


7- و بالرغم أن الدولة والحكومة ( النظام ) مفهومان يستخدمان بكثير من الإلتباس عند أغلب الناس ، الا ان الحكومة في النهاية ليست إلا جزءا من كينونة الدولة.
8- وقد لاحظنا بوضوحٍ تامٍ، كيف اشتد وظهر هذا الالتباس الشديد بين مفهوم الدولة والحكومة في أذهان كثير من العوام والمتعلمين ، ، حيث كان – برأي - إحدى أهم الثغرات التي نَفَذَ منها الإسلامويون وميليشياتهم ، نحو تدمير الأوطان واستباحة مجتمعاتها ذات النسيج المُترهّل والهوية الهشة أصلاً ..
9- و رأينا كيف سعت جماعات الإسلام السياسي (الأخوان المسلمين وأشباههم ) والمُستفيدون من فوضى ما يسمى بالربيع العربي في الداخل والخارج وكل من يقف وراءهم ، من الدول التي توافقت مصالحها على هدم الوطن السوري وإعادة تشكيله ..
وظهر هذا جلياً في البداية من خلال أفعالهم التي تروم الى ضرب مفهوم الدولة الوطنية من خلال ثغرة الالتباس تلك، والموجودة أصلاً في عقول معظم الناس بمن فيهم أنصاف المتعلمين في تلك الدول المستهدفة ..
وتعزيزهم اللغط حول مفهوم الدولة ومفهوم الحكومة ( النظام ) من خلال بثهم الشعارات الخطيرة والدينية المضللة وغير المسؤولة، التي نادى بها الدهماء دون فهم أو دراية مثل الشعار الشهير ( الشعب يريد إسقاط النظام )
10- ساعدهم على ذلك سطوة وسائل الاعلام التي شكلت ضغطاً إضافيا على أفهام الناس ، وساهمت في عدم السماح لأحد بالتساؤل حول حقيقة ما يجري او ماذا تعني تلك الشعارات المضللة ..
11- وإلى الآن لا أحد يريد أن يفكر أو يسأل : أي من فئات الشعب ذاك الذي يريد .؟ أو أي من النظام الحكومي هو المطلوب ..؟ ولماذا هو مطلوب وكيف اصبح مطلوباً..؟ ثم كيف يمكن حل كل الأمور العالقة والأزمات المتراكمة منذ سنين في الدولة والحكومة والمجتمع بمجرد ذهاب هذا الشخص او الجهة ..؟
أي خطل هذا بل أي دجل وجهل ..؟!
12- لا أحد يستطيع أن ينكر النجاح الكبير الذي حققته تلك الشعارات الخلابة الفارغة في خلق شك كبير في نفوس كثير من الجهلة والمنفعلين، وبذر تلك الضلالات الخطيرة في عقولهم ، التي اقتنعت بقوة ان وجود هذه الدولة ككل يجب أن يكون غير قائم في الواقع ، و أنها أي دولتهم كيان غير شرعي، وأن العيش الرغيد و الجنة الموعودة برمتها يحجبها عنهم رجل واحد أو جهة واحدة .. فقط إن ذهبوا ..!!!؟ عشنا في نعيم ..و و والخ.
13- ثم رأينا بعد ذلك كله جانباً آخر أخطر بكثير سعى لهدم بطيء لمفهوم الدولة في عقول بسطاء المواطنين ، تجسد من خلال الخطوات المبكرة والمحضرة مسبقاً :
أ- استبدال العَلَمْ السوري ، بوصفه رمزاً سيادياً للدولة ككل ،
ب - التركيز على سوءات الحكومة فقط ،
ج - الإمعان في تشويه سمعة أخطر المُؤسسات التي تشكل ذراع الهيمنة أوالسلطة لاي دولة من جيش وشرطة وأمن و..و.الخ،
د – البدء بالمحاولات السريعة والمتكررة لتدمير الاقتصاد و منها استبدال العملة الوطنية وإضعافها ..
ذ – التركيز على جوانب الخلل التاريخي الاجتماعي السوري ( بث أفلام وتقارير )
و – استضافة شخصيات سورية نكرة علمياً وثقافياً في الاعلام المُغرض ، واستنهاض الحس القومي وتسعير الجانب التخويني للنظام الحكومي بالعلاقة مع إسرائيل كعدو قديم جديد..
ع – التركيز من قبل الجميع على دكَّ جوهر الدولة السورية وضرب كينونتها الاجتماعية بالذات من خلال السعي الماكر إلى تسعير الخلافات بين أطراف المجتمع وتأليب فئاته المتعددة ، عبر تذكيرهم بالخلافات التاريخية ، الأثنية ( كورد وعرب ) والدينية الطائفية ( علويون وسنة ودروز وشيعة) ، أو عبر تسليط الضوء على الظلم والفساد الاقتصادي بين طبقات المجتمع منذ عقود طويلة ..
14 - لكن وبالرغم من كل مما سبق ، أمكن للفاحص المنصف ان يرى لأولئك الجناة بعض الفشل في مخططاتهم ، مثلاً : رأينا كيف أن أهل مدينة حلب الشهباء وبأكثريتهم الغالبة، أدركوا مبكراً مدى أهمية استمرار وجود الدولة ، ودور مؤسساتها الهام في الحفاظ على مصالحهم وملكياتهم واستقرار عيشهم ومعاشهم ، وبالتالي وقفوا الى جانب دولتهم السورية منذ الأيام الأولى للأزمة، وكانوا بالفعل عصيين على كل محاولات توريطهم في الأحداث ، من قبل غوغاء دعاة الثورة الدينيين وتنسيقياتها الخفية وضغوطات الإعلام العالمي المساند لهم..
15 – وقد شهدنا حتى بعد احتلال بعض الرعاع للقسم الشرقي لمدينة حلب، كيف حسم الحلبيون قرار وقوفهم إلى جانب دولتهم ، بالرغم من انها لم تكن تلك الدولة المثلى بحكومتها ، التي في مخيالهم الاقتصادي او الاجتماعي او حتى السياسي، أو حتى هي الدولة ذات النظام الحكومي المثالي المُطلق الذي ينشدونه جميعاً .. لقد شاهدهم العالم كيف ساندوا دولتهم وحكومتهم حتى التحرير ، بالرغم من سخطهم الواضح على نقص الخدمات واستيائهم من من السلوك المشين لبعض رجالات النظام الحكومي ، والقهر الشديد من فساد بعض مؤسساتها المُريع ( ماء – كهرباء – سلوك بعض رجال الجيش أو الشرطة ..الخ. لكنهم مع أوان اشتداد الأزمة وتعاظم الخطر على مجتمعهم ودولتهم وحكومتها الفاسدة تلك ، وعوا أنه يحق لأي كان أن يطالب بتغيير أو تحسين أداء الحكومة أو حتى تغييرها وفق الأطر القانونية للمرسسات المشروعة في الدولة .
لكن إلغاء مفهوم الدولة المدني واستبداله بمفهوم الأمة الديني أمرٌ خطير ومختلف ومرفوض ، لان الدولة هي الحاجة الأم و هي الذات الوجودية الحقيقية لجميع أبناء الوطن ..
16- صفوة القول : لقد أدرك معظم الحلبيين بحسهم المدني والمصلحي البسيط..
أن العيش في مجتمعٍ فيه فسادٌ أكثرَ وعنفٌ أقلْ..خيرٌ وأبقى.. من المجتمع الذي يحتوي على عنفٍ أكثرَ وفسَاد أقل..
وهو الأمر الحكيم الذي لم يدركه حتى الآن، كثيرٌ من المثقفين السوريين للأسف ..
وللحديث بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل