الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار حول الفرق بين العلم والتعليم

ناجح شاهين

2017 / 1 / 27
التربية والتعليم والبحث العلمي


أفكار حول الفرق بين العلم والتعليم
"من المهم ايلاء الموسيقى والفنون كلها والتربية الرياضية عناية فائقة. وحبذا لو يتم التوسع في ذلك على حساب اللغات الأجنبية التي لا نرى فائدة ترتجى من إضاعة الوقت والجهد في تدريسها".
ناجح شاهين
التعليم شيء والعلم شيء آخر. التعليم فيما نحسب موجه للجمهور كافة، أما العلم فهو سيرورة مخصوصة موجهة لمجتمع معين هو الذي يقوم بإنتاجه واستهلاكه، ويكتفي الجمهور في الأعم الأغلب بالاستماع لأخباره أو إبداء الإعجاب والانبهار بمنجزاته.
لذلك لا نظن أن خلط الأمرين يفيد أياً منهما. يجب أن يقدم التعليم في سياق من المرح والتواصل الانساني المثمر والجميل الذي يهدف إلى تنمية الانسان اجتماعياً وسياساً وجمالياً وأخلاقياً بوصفه مواطناً صالحاٌ ذواقاً وخيراً، قادراً على المشاركة في بناء مجتمعه من النواحي المختلفة. ويمكن بالطبع لهذا المتعلم أن يتحول في لحظة ما عندما يكبر إلى عضو في مجتمع العلماء. لكن الأساس في المراحل الأولى هو أن يعيش في سياق يحترم انسانيته وعقله وكرامته ويضمن أن يقضي أوقاتاً جميلة وممتعة. ولا داعي فيما نزعم إلى إرهاقه بالقضايا العلمية المعقدة والصعبة عالية المستوى. من هنا نظن أن المتعة والحرية والتفكير المنطلق وتطوير ذائقة الجمال هي أمور أساس. ومن هنا ايضاً نظن ايلاء الموسيقى والفنون كلها والتربية الرياضية عناية فائقة هي امور هامة. حبذا فيما نرى لو يتم التوسع في ذلك على حساب اللغات الأجنبية التي لا نرى فائدة ترتجى من إضاعة الوقت والجهد في تدريسها.
لاحقاً يمكن أن يترك للأفراد الذين يبدون "هوساً" أصيلاً يشبه الهوس الصوفي نحو العلم أو جانب منه المجال للانضمام إلى المجتمع العلمي الذي يجدون أنفسهم جزءاً من اهتماماته وقضاياه ومناهجه وطرق انتاج المعرفة فيه.
ويمكن للجامعات أن تكون جامعات تعليمية عادية تواصل ما بدأته المدرسة دون تغيير جدي ذي بال. ونظن أن جامعاتنا المحلية في فلسطين تقع كلها في هذا المستوى، ومن المغالطة بمكان أن تقوم هذه الجامعات التي لا تنتج بحثاً في مستوى مدرسيها الذين لا يمكن وصفهم بأنهم علماء بأي معنى من معاني الكلمة، نقول من المغالطة بمكان أن تقوم هذه الجامعات بمنح درجات عليا في مستوى البحث. ولا يمنع ذلك بالطبع أن تمنح هذه الجامعات درجات ماجستير بمسار امتحان دون أطاريح أو أبحاث.
أما مجتمع العلماء الذي اشرنا اليه اعلاه فيمكن للفرد صاحب الميول العلمية أن ينضم إليه في الجامعات البحثية التي تنتج المعرفة أو في مراكز الأبحاث المختصة بموضوع بحثي علمي ما.
لكن ما يحدث في بلادنا العربية "المستقلة" ناهيك عن فلسطين المحتلة هو عملية خلط خطيرة للممارستين المختلفيتن جذرياً الموضحتين أعلاه، وهو ما يسمح للشرائح التي تقود المجتمع بان تخلق الوهم بأننا نسير في الطريق الصحيح لإنتاج المعرفة العلمية مع أننا في الواقع إنما نقوم بممارسة تعليمية أولية بسيطة لا علاقة لها باستهلاك المعرفة التخصصية الثقيلة ناهيك عن إنتاجها.
مرة زعم هشام غصيب الفيزيائي/الفيلسوف العربي المعروف أنه لم يلتق بأي كتاب فيزياء عربي "يستوعب" حقاً أسس النظرية النسبية. وهذا زعم خطير جداً، وإن صح فإنه يعني أن حملة الدكتوراة في الفيزاء في العالم العربي الذين يعدون بعشرات الالاف قد لا يكون لهم أية صلة بالفيزياء بوصفها علماً يبحث في ظواهر مخصوصة بمناهج وطرائق مميزة.
هكذا نتظاهر بأن لدينا فيزيائيين دون أن يكون لدينا أحد منهم، وهكذا نخلق الوهم بأن الأمور على ما يرام بينما هي ترواح مكانها.
لا بد من تحويل المدارس إلى أماكن للفرح أولاً، تخلق الدافع لدى التلاميذ لحب الوطن والأمة والمعرفة، وذلك يكفي بذاته. ولا بد من بناء المؤسسات التي تعد بنى تحتية لإنتاج العلم التخصصي العميق، وعندما يكبر الصغار يمكن لمن لديه الموهبة والميول أن ينضم لها سواء أكانت جامعات بحثية أم مراكز بحثية خالصة.
نحن نبسط، بالطبع بسطنا الأمور كثيراً، وقد تجاهلنا الاقتصاد السياسي الحاضن للعلم أو الطارد له، لكننا في هذا العجالة أردنا أن نوضح بأيسر السبل جانباً مهماً من إشكالية العلم والتعليم في هذه البلاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة