الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أقولها وأموت : 1- مهزلة التوحيد تراجيديا كُردية

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2006 / 1 / 13
القضية الكردية


الحركة القومية الكُردية " الكوردايه تي" مثلها مثل حركة العروبة لم تؤمن يوما بالحرية وإقامة العدل في المجتمع الكردي ، وقد كان الدم وباعتراف رؤوسها و وعّاظها الشياطين، يخضّب كل صفحات تاريخها الذي كان دوما مبعث فخر ومباهاة يباهون به الحركات القومية الأخرى المزاحمة لها. و لم يكن هدفها تحقيق الطموحات القومية من استقلال قومي و تشكيل الدولة القومية، بل كان هدفها دوما مشاركة الحكم المركزي في بغداد ببضع وزارات ومناصب ، أي نيل حصتها كممثل للكرد ، و جعلها ولاة و وكلاء للسلطة المركزية في كردستان. وقد جرى اعتقال العديد من اليساريين حين روجوا لضرورة استقلال كوردستان وبناء دولة غير قومية و غير دينية كحل للقضية الكردية. فمثل هذا التحرك كفيلٌ بسحب البساط من تحت أقدام القوميين و حرمانهم من المتاجرة بدم بنات وأبناء الكرد.
وحين كانت حركة الكردايتي خارج السلطة ، كانت تحوز على فسحة كبيرة للمناورات و المزايدات بمظلومية الشعب الكردي و الادعاء بتمثيله ، و قتل أي مبادرة للاختلاف والمعارضة ، فردية كانت أم جماعية.
فقبل عام 1991 كانت أبواقها الديماغوغية تخرس الأفواه بكون كل الكُرد سواسية ، وبأن لا مكان فيهم للطبقات ، ولا فرق بين الحاكم والمحكوم ، ولا بين الثري أو الفقير . الكل أكراد وأخوة وأن على الأخ الأصغر قبول هيمنة الأخ الأكبر وتجاوزاته على حقوقه برحابة صدر وفخر واعتزاز ، إذ أن أي احتجاج منه سيستثمره الأعداء ضد القضية القومية . و تمكنت الحركة القومية الكردية وبدعم من الأنظمة الدكتاتورية والحركات القومية والوطنية في المنطقة من إقناع الدنيا بأنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الكردي والقادر على تحريره من الاضطهاد القومي و تحقيق طموحاته القومية.
واستلمت الأحزاب القومية الحكم منذ عام 1991، و أقامت سلطاتها في كُردستان ، بدون مراعاة لحقوق الجماهير و حرياتها . وأسكتت الأصوات المطالبة بالحقوق والحريات واحترام حقوق الإنسان بالرصاص والسجون و العدوان.
انعدام البديل كان عاملا حاسما لسيطرة الأحزاب الكردية على مجريات الأمور في كردستان، و كانت تقمع الحركات الاحتجاجية والمطلبية بذريعة أنها الطابور الخامس للنظام البعثي ، وأنها تهدف إلى وأد الحكومة الكردية الفتية ، العبارة السحرية التي لا تنفك منتسبو الفيلق الإعلامي للحزبين المتقاسمين للسلطة و الثروة عن ترديدها حتى هذه اللحظة وبعد مرور 15 عاما على إقامة سلطاتهم.
لكن بعد سقوط النظام البعثي عام 2003 لم تعد الأحزاب القومية الكردية تملك من الذرائع لإسكات الجماهير المحرومة المطالبة بحقوقها وحرياتها. لم تعد ثمة ذريعة الطابور الخامس لصدام بعد سقوطه وانفضاح ارتباط قادة و كوادر عديدين بالنظام الساقط و تجسسهم لصالحه لسنوات عديدة. لم يعد ثمة من عدو وهذه الأحزاب تتعاون وتنسق مع الأنظمة القمعية ضد معارضيها . لم يعد الصمت ممكنا للمواطن وهو يشهد القادة الذين أثروا عن طريق النهب و السلب والقتل والفساد يسلبونه قوته وقوت أطفاله ، و يحرمونهم من أبسط مستلزمات الحياة التي تليق بأي إنسان.
كلما أحست السلطة بخطر غضب الجماهير ، ترفع من سقف شعاراتها القومية والعزف على تحرير " بقية كردستان " وإلحاقها بسلطتها. كما يجري البحث على عدو ما لكي يتخذوا منه شماعة يعلقون عليها كل مصائب المواطن الكردي من انعدام الماء والكهرباء والوقود ومستلزمات الحياة الأخرى . و قد كان الجعفري هذا العدو قبل فترة قصيرة. ولكن الكلام اليوم عند الفلاح الكردي والعامل الكردي و الكاسب الكردي عن العزة القومية ومفاخرها و حماسياتها أمسى بدون أية قيمة ، بل أمسى قرفا و يعتبره شتيمة ، و هو على وعي بأن مثل هذه الاسطوانات المشروخة ليس إلا لتضليله وتخديره و إلهائه عن المطالبة بحقوقه في الحياة الحرة الكريمة.
شماعة العدو الذي لا أعرف من هو حتى هذه اللحظة لم تعد تشفع لقادة المليشيات و لا تنطلي كذبتها على الناس المحرومين لأنهم خبروا هذه القوى المتسلطة على رقابهم خلال عقود من السنين بحيث بات المواطن الكردي على قناعة تامة بأن قادة وزعماء الكردايتي وكتّاب السحت القومجية المنافقين هم آخر من يحق لهم ذكر كلمة عبارة " أعداء الكرد" .

واليوم جاءوا ببدعة أخرى و خرافة قديمة جديدة لتضليل الناس وتخديرهم عن آلامهم ومعاناتهم التي سببوها ويسببونها لهم، ألا هي بدعة توحيد الإدارتين الذي أعلنوا عنه مرارا وتكرارا بحيث مل الناس من سماع هكذا أخبار.
لقد تم الإعلان عن هذه الكذبة بعد الأزمة العميقة التي انتابت القادة القوميين وأبواقهم جراء الاحتجاج الجماهيري و الغضبة العارمة ضد انتهاكات حقوق الإنسان و مبادرة الجماهير للتحرك ضد الظلم والاضطهاد الذين تمارسها سلطات المليشيات بحقها. لقد أثبت الغاضبون على الفساد والطغيان في كردستان أن الشعب الكردي شعب متحضر لا يقبل بالظلم و يتطلع إلى مجتمع مدني وإنساني تحترم فيه حرية الإنسان وكرامته.
. إن الوقائع والتجارب العملية في فترة حكمها لخمسة عشر عاما أكدت أن هذه السلطات موحدة دوما ضد إرادة الشعب الكردي. لقد توصلت هذه السلطات إلى اتفاق وتفاهم حول اقتسام السلطات والثروات ، كما أصبحت تتعاون ضد ما يسمى بالإرهاب . لقد سكت الاتحاد الوطني الكردستاني عن اختطاف الدكتور كمال سيد قادر و الحكم الجائر عليه بسجنه لمدة 30 عاما. كما تعاونت هذه السلطات ضد مظاهرات الجماهير في كلار وعقرة ورانية احتجاجا على الوضع المعيشي الذي لا يطاق بسبب انعدام أبسط مستلزمات العيش ، في وقت يرفل فيه قادة المليشيات و كوادرهم و صحفيو وكتّاب السحت في نعيم الفراعنة.
ومن المضحك تبرير الحزب الديمقراطي الكوردستاني لقرار الاتحاد الوطني بطرد ما يسمى بوزير الثقافة بسبب تصويته بلا للدستور العراقي " طبعا تطبيقا لديمقراطية بوش " إذ أكدت وسائل الإعلام للديمقراطي " كلش" أن وزيرا يابانيا أيضا طرد لعد احترامه ذكرى ضحايا الحرب الوطنية اليابانية .
لقد كان اعتقال الدكتور سيد قادر وهو مواطن نمساوي إحراجا وورطة كبيرين للحثالات من صحفيي وكتّاب السحت التابعين للفيلق الإعلامي لسلطة المليشيات. فمن جانب قلوبهم على السحت ، ومن جانب آخر لا يريدون أن يفضحوا نفاقهم وكذبهم أمام من لا يعرفهم جيدا من القراء والناس ، أي حسب المثل الكردي يريدون خودا وخُرما ( يريدون الله والتمر) ، فجربوا كل شئ بدء بمحاولات تشويه سمعة الدكتور كمال و الافتراء عليه ، أو باعتباره مجنونا ، أو بتوسلهم زعيمهم بإطلاق سراح الكاتب أو معاملته برفق لئلا يزداد الطين بلة. وقد اعترفت سلطات المليشيات بعد كل الاحتجاجات والمظاهرات المطالبة بإطلاق سراح الكاتب الأسير و احترام الحريات و بعد أن نشرت وسائل الإعلام الأمريكية من ضمنها صوت أمريكا و الإعلام النمساوي أخبار الحكم الجائر بحق الدكتور كمال و غضبة الجماهير ، وبعد تدخل الحكومة النمساوية ، اضطرت سلطة الميليشيات إلى الاعتراف بأن د. كمال معتقل حسب القانون و له محام دفاع و زاره أهله وأصدقاؤه و ممثلو السفارة النمساوية. وأكد حكام كردستان للمرة الألف على أن رأي المواطن لا قيمة له ، وأن الصمت عن جرائمهم يجعلهم يتمادون في غيهم و استهتارهم بكرامة المواطن الكردي.
إن ما يسمى توحيد الإدارتين لم يكن مطلبا جماهيريا بقدر المطاليب بالحريات و العدالة و الخبز وتوفير مستلزمات العيش الكريم. فهذا التوحيد يبدو هشا مثلما كان وكان المواطنون لا يغيرون له أية أهمية رغم التطبيل والتضليل من وسائل الإعلام و وعاظ السلاطين ، وأنه ليس سوى مسرحية لذر الرماد في العيون ، وإدامة سلطات الميليشيات. أي توحيد هذا ؟ ما هو مضمونه ؟ فيقينا إنه كذبة كبرى ، وليس إلا محاولة لكسب المزيد من الوقت ، للخروج من الورطة . وهل التوحيد ممكن وكل مسؤول أقام لنفسه إمبراطورية مافياوية ، لا يمكن أن يتنازل عنها في سبيل تشكيل حكومة القانون و مجتمع مدني؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير المعارضة والأكراد واللاجئين على كفيّ الأسد وأردوغان؟ |


.. الأمم المتحدة تكشف -رقما- يعكس حجم مأساة النزوح في غزة | #ال




.. الأمم المتحدة: 9 من كل 10 أشخاص أجبروا على النزوح في غزة منذ


.. فاتورة أعمال العنف ضد اللاجئين والسياح يدفعها اقتصاد تركيا




.. اللاجئون السودانيون يعيشون واقعا بائسا في أوغندا.. ما القصة؟