الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطلب الفيدرالية : بين فيدرالية كردستان وفيدرالية الجنوب

عواد احمد صالح

2006 / 1 / 13
القضية الكردية


في سياق المساعي الجارية لتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات اعاد عبد العزيز الحكيم اثناء زيارته لأقليم كردستان طرح مشروع فيدرالية الوسط والجنوب اضافة الى فيدرالية كردستان القائمة حاليا ومن الضروري تسليط الضوء على الطبيعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمطلب الفيدرالية في الوسط والجنوب والفرق بينها وبين ما هو قائم في كردستان حاليا .

ان الوضع الحالي في إقليم كردستان حيث يتمتع الأكراد بأدارة انفسهم بأنفسهم في نظام ديمقراطي دستوري انما هو تتويج لنضال طويل ومرير خاضه الشعب الكردي في سبيل حقوفه القومية المشروعة ضد الحكومات الرجعية والقومية في العراق .. ان الفيدرالية اصبحت حقيقة قائمة على ارض الواقع منذ عام 1992 حيث اختار برلمان كردستان الفيدرالية صيغة دستورية للعلاقة المستقبلية في العراق . وبعد سقوط نظام صدام في العام 2003 كان للأكراد نصيب كبير في النضال لأسقاط الديكتاتورية ، كما لعبت القيادات السياسية للحزبين الكرديين الرئيسيين دورا بالغ الأهمية في العملية السياسية ، وفي التأكيد على إقامة نظام ديمقراطي في العراق ، واصبح مطلب الفيدرالية هو أحد محاور العملية السياسية منذ كتابة قانون إدارة الدولة المؤقت وحتى إقرار الدستور .
لقد ارتبطت قضية الحقوق القومية للشعب الكردي مع قضية الحرية والديمقراطية في العراق .. فبقدر ما كانت تحكم العراق انظمة استبدادية تمثل مصالح طبقية مستغلة ومضطهدة ، كانت الحكومات تصادر حقوق الشعب العراقي برمته وخاصة الطبقات الكادحة والمحرومة ومن جميع المكونات القومية والعرقية العرب والأكراد والتركمان والكلدو آشوريين .. الخ حيث لم يكن الأكراد وحدهم موضع اضطهاد ، وبقدر ماكانت الحريات الديمقراطية والسياسية غائبة كانت تغيب معها الحقوق القومية والإنسانية للجميع . وكان نصيب الكرد اضطهادا وقمعا وتعسفا لم يسبق له مثيل وخاصة في عهد نظام صدام الديكتاتوري .
ان فيدرالية كردستان في المرحلة التاريخية الحالية حق طبيعي عادل ومشروع لشعب عانى من القمع والاضطهاد وتغييب الحقوق .. وهي مبنية كما اشار مسعود البرزاني " على فكرة الاتحاد الاختياري بين الشعبين العربي والكردي في عراق موحد .." (جريدة التآخي 21/12/2003 )
وفي تقديرنا فأن طبيعة الظرف الدولي وموازين القوى والتقاء وتقاطع المصالح وكون الأكراد ينتشرون في ثلاث مناطق جغرافية اضافة الى العراق تقع في تركيا وايران وسوريا فان الظروف الدولية لن تسمح لهم بالأنفصال وتكوين دولة كردية مستقلة في الوقت الحاضر في العراق فضلا عن كونها قد تحرض كما تعتقد الأنظمة الحاكمة في تلك الدول الأكراد فيها على المطالبة بحقوقهم المشروعة .وهو ما يدركه الزعماء السياسيين والقادة الاكراد في العراق مع ان ذلك لا يلغي تلك الحقوق المشروعة والعادلة .
ان بعض اطراف اليسار في العراق تدعو وتطالب بانفصال كردستان العراق في اطار حق تقرير المصير دون قراءة دقيقة للظرف الأقليمي والدولي وهو مطلب وان كان يتوافق مع حق تقرير المصير المبني على حرية الاختيار لكنه يبدو غير واقعي ويؤدي الى نتائج سلبية في العراق والمنطقة قد تؤدي الى الأضرار بالقضية الكردية ، ومادام حق تقرير المصير يتضمن حق الأختيار فقد اختار برلمان كردستان وهو برلمان منتخب بشكل ديمقراطي بدون شك ويمثل اغلبية الشعب الكردي اختار البقاء في الوقت الحاضر ضمن عراق ديمقراطي موحد . فما الضير في ذلك ؟؟ ان حق تقرير المصير قد تم العمل به فعلا ضمن هذا الأطار .. ولكن فأن الأنفصال والتجزئة كان دائما يؤدي الى الأضرار بمصالح النضال الاشتراكي للطبقة العاملة ذلك النضال الذي يقتضي ويستلزم الوحدة بين عمال جميع الأمم كما اشار لينين الى ذلك مرارا. وان انتصار النزعات القومية والشوفينية كان دائما يؤدي الى تشرذم قوى الاشتراكية ويترك المجال رحبا لسيطرة القوى الرجعية القومية والدينية والعشائرية على مقاليد الأمور وهو ما يحصل اليوم في العراق ، حيث تطفو على السطح الظواهر الدينية والقومية والطائفية والمناطقية . فهل سيؤدي انفصال كردستان او اقامة فيدرالية في الجنوب والوسط الى وحدة النضال العمالي والاشتراكي في العراق ام الى تشرذمه ؟؟
ان مثل هذا الأنفصال فيما لو حدث الآن سوف يؤدي الى تعميق النزعات القومية والشوفينية القائمة وتوسيع مداها لدى معظم المجموعات العرقية والدينية التي يتألف منها النسيج العراقي وهو ما سيؤدي الى الأضرار بقضية التقدم والديمقراطية والاشتراكية الأممية التي يسعى جميع الأشتراكيين والتقدميين الى بعثها من جديد في مواجهة نظام العولمة المتوحشة والانظمة الرجعية المحلية .
واذا كانت الفيدرالية لأقليم كردستان حقا مشروعا ومطلبا عادلا وضرورة تاريخية لايماري فيها أي ديمقراطي واي اشتراكي لانها ضمان لحقوق الشعب الكردي القومية المشروعة .. فماذا يمثل مطلب فيدرالية الجنوب والوسط التي ينادي بها عبد العزيز الحكيم وشركاؤه في قائمة الأئتلاف والتي عاد الى المطالبة بها عند زيارته الاخيرة لكردسنان ؟؟ انه يمثل مطلبا رجعيا وتقسيميا الى ابعد الحدود .. ولايمكن الجمع او المقارنه بينه وبين فيدرالية كردستان التي تقع ضمن اطار ( الحقوق القومية لشعب مضطهد ) فهل هناك خصوصية جغرافية وقومية في وسط وجنوب العراق ؟؟ اللهم الا الخصوصية الدينية المذهبية؟؟ وهل ستؤدي تلك الفيدرالية الى تطبيع الأوضاع المتأزمة في البلد ام انها ستزيد الامور سوء ، انها ستدعم الميول والنزعات العرقية والطائفية لكل المجموعات العراقية وستؤدي الى مزيد من الاختلاف وبالتالي الأحتراب والعنف وعدم الأستقرار وفي النهاية الى تجزئة العراق الى مجموعة دويلات وكانتونات .
ان مضمون فيدرالية الجنوب والوسط سيكون مضمونا طائفيا دينيا يؤدي الى تسلط القوى الدينية والعشائرية الرجعية وسيؤدي الى المزيد من خنق حرية الجماهير واستعبادها وقمع تطلعت الشباب والنساء وتقييد الحريات المدنية كما سيؤدي الى سحق قوى اليسار والديمقراطية وتحجيم النضال الاشتراكي على مستوى العراق برمته .. وقد اثبتت الانتخابات الأخيرة في كانون الثاني 2005 .. ان القوى السياسية الدينية ومليشياتها المسلحة لم تتورع عن استخدام مختلف أساليب الضغط والإكراه والقتل والتزوير من اجل تكريس هيمنتها .. وجعل الساحة السياسية ملكا لها وحدها ..
واذا كان البعض يدعي بأن الفيدرالية في الجنوب ستؤدي الى استثمار افضل للثروات وتسهيل عملية اعادة البناء فأنها في حقيقة الأمر ستسهل بصورة افضل عملية سرقة الموارد والثروات من قبل الطبقات والشرائح الطفيلية المرتبطة بقوى الإسلام السياسي والمليشيات والإرهاب ... ومن جهة اخرى لا يمكن ان نجد تفسيرا لألحاح السيد عبد العزيز الحكيم على مطلب الفيدرالية الا بكون تحقيق ذلك المطلب سيمكنه من التسيد والحكم والسيطرة التامة والهيمنة هو وآل الحكيم واركان حزبه على رقاب المواطنين البسطاء في الجنوب بأسم الدين وبأسم الشعائر وأيضا باسم الشعارات الوطنية والإسلامية !!
وفي اطار سعي القوى التقدمية والديمقراطية القائم لبناء عراق ديمقراطي تعددي يمهد الطريق لحياة اشتراكية وديمقراطية واعية ، ينبغي مناهضة النزعات القومية الشوفينية ونزعات الأنعزال والانقسام الطائفي الحاصل الذي اوصلتنا اليه قوى الإسلام السياسي والقوى الإرهابية والتي بنت أيديولوجيتها السياسية على اساس الهوية الطائفية والدينية وتمكنت من تأجيج التعصب الديني والمذهبي الناجم عن الاوضاع الحالية المتأزمة لحرف وعي المواطن وابعاده عن الهوية الوطنية والانسانية الشاملة .
ان كل مواطن واع يجب ان يدرك سواء في الجنوب او الوسط او أي مكان آخر من العراق ان علية ان يقف بقوة ويعارض مشروع فيدرالية الوسط والجنوب من اجل الحفاظ على وحدة العراق ولكي تكون المواطنة والانسانية هي القاسم المشترك الذي يوحد جميع المكونات العراقية بعيدا عن النزعات المذهبية والعرقية ..وهي الأرضية السليمة والممكنة لعراق ديمقراطي تعددي موحد .
11- 1- 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادل شديد: الهجوم على رفح قد يغلق ملف الأسرى والرهائن إلى ما


.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: يجب إنهاء الحرب التي تش


.. الأمم المتحدة تنهي أو تعلق التحقيقات بشأن ضلوع موظفي -الأونر




.. أخبار الصباح | حماس تتسلم الرد الإسرائيلي بشأن صفقة الأسرى..