الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوحدة وتمظهراتها المتعددة

عائشة التاج

2017 / 2 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الوحدة و تمظهراتها المتعددة

هل الوحدة مرتبطة بالكآبة ؟؟؟؟
غالبا ما يتم التكلم عن "الوحدة " مقرونة بالشفقة والأسى علما أن الصورة الأكثر تداولا وانتشارا هي تلك التي تعني ارتباطها بالحزن والكآبة و المعاناة .
فإلى أي حد تصح هذه الفرضية وتعبر عن وضعيات أخرى "غير نمطية " يخرج فيها صاحبها عن المألوف ويعيش "وحدته " عن سبق ترصد وإصرار بكامل السعادة و نضج الاختيار ؟؟؟

ماذا لو كانت الرفقة مضرة أيضا؟:
وإذا كانت الأمور قد تعرف أحيانا بضدها يمكننا طرح السؤال التالي :
هل الرفقة تمنح صاحبها دائما وأبدا ما يحتاجه من دفء وود ومتعة وجدانية وفكرية ؟؟؟
ألا يمكن أن نشعر بالوحدة ونحن مع "آخرين "قد لا نتفاعل معهم إلا سطحيا أو قد يكون هذا التفاعل مصدرا للألم والتوترات وبالتالي للمعاناة الناطقة أو الصامتة التي تترصد فرصة للانفجار على شكل غضب أو مرض حتى بالنسبة للكاظمين للغيظ قد يتحول لسرطان أو سكري أو ضغط أو مرض عصبي أو إذا توفر الاستعداد الفزيولوجي لذلك فقط للحفاظ على "صورة اجتماعية " تفرضها علينا انتظارات مجتمع تذوب فيه حاجيات الفرد ضمن حاجيات الجماعة وأمام انتظارات مجتمعية غالبا ما تتسم بالقهر والإكراه ضمن منظومة ثقافية استبدادية تراكمت عبر القرون ؟؟؟
وفي المقابل ألا تطرح بعض أشكال الوحدة الاختيارية أحد "نماذج" تحقيق الذات في مداها الأقصى حيث تمكن "الوحدة "صاحبها "من فرصة التواصل مع ذاته بشكل عميق وخلاق وبالتالي بالتعبير عن مكنوناته النفسية والوجدانية والروحية
بطرق إبداعية وخلاقة ومنتجة ؟؟؟
ثم ألا يمكن بالتالي ربط "الوحدة " بالإنتاج الرمزي فتصبح وحدة خلاقة ممتعة ومنبعا للبهجة والفرح وأيضا لتحقيق التواصل مع الآخر أي الآخرين في أسمى تصوراته ؟؟؟
ثم ألا تمنح الوحدة صاحبها فرصة اختيار "رفقائه " عوض أن يمارس "اجتماعيته " بشكل مفروض تتقلص فيه شروط الانتقاء
حسب إمكانيات وقته وحاجياته وظروفه الخاصة ؟؟؟
هذا لا يدحض بتاتا بديهية كون الإنسان "كائنا اجتماعيا بطبعه "
ولا تتحقق فردانيته إلا بتفاعلها المستمر مع "الجماعة " و"المجتمع

فللإنسان بالتأكيد حاجيات نفسية واجتماعية لا يمكن الجواب عنها إلا بالتفاعل المستمر مع الآخرين " بل تخبرنا علوم الطاقة الحيوية والفيزياء الكونتية من خلال نظرياتها التي تتجاوز البعد المادي إلى ما وراء الإدراك الحسي وتفيدنا اكتشافاتها بأن الجزيئات المتناهية الصغر تتماهى مع كل عناصر الكون بتموجاتها البالغة السرعة والحركة والتغير متجاوزة حدود
الزمان والمكان التي تعيق فهمنا الكلي والشمولي للكون ومكوناته
وعليه فلا أحد "وحيدا "في هذا الكون , لأن الكل يتفاعل مع الكل بدون وعي أو إرادة منا .
ومما لاشك فيه أن الإنسان في وحدته يتفاعل مع الذكريات وشخوصها وما قد تختزنه ذاكرته الوجدانية من مشاعر مفرحة أو محزنة .مثلما يتفاعل مع محيطه المجالي الطبيعي منه أو الإنساني بشكل تلقائي وعفوي .
وفي وحدته وهو يقرأ يتفاعل مع أفكار أنتجها آخرون قد يوجدون على بعد عشرات آلاف الأميال فيدخل في علاقة مع عقولهم ووجدانهم عبر تمثلاته لما يقرأ .
وفي وحدته وهو يتأمل، فهو يدخل في تفاعل مع طاقة أو طاقات أخرى لا يراها وقد يستشعر ذبذباتها وما تخلفه من ارتياح واسترخاء وفرح وحبور لدى أصحابها بدرجات ومستويات مختلفة تختلف باختلاف عمق "تواصلنا " و"صدقنا" و حيثيات أخرى قد نجهلها هنا والآن .


لامشروعية الأحكام الجاهزة وضحالتها :
وعليه فعلينا أن نستحضر عنصر النسبية في تقييمنا للأمورالإنسانية نظرا لطبيعتها المركبة والمعقدة ,
ذلك أن الأحكام الجاهزة حول وضعيات معينة غالبا ما تجانب الصواب .وما ينطبق على الوحدة ينطبق على غيرها .
إذ تنبئنا بديهيات الحياة المجتمعية بأن الزواج شرط من شروط السعادة والاستقرار وهذا أمر مفروض منه حتى وإن اختلف عمر هذه السعادة حسب تفاعل الأشخاص وظروفهم المعيشية إذ تنبئنا أرقام الطلاق والتفكك العائلي المعبر عنه والصامت بأنها
تتجاوز بكثير النصف إذ ان اكثر من 50 في المائة
من الزيجات تفشل في منح أصحابها وصفة السعادة المتوخاة حتى وإن نجحت في وهبها أمورا أخرى ذات طابع خدماتي قد لا تقل أهمية في منح أصحابها حافز التشبث بمؤسسة الزواج رغما عن المثبطات .
ومثلما تكون الوحدة عنصر قلق وتوتر وإحباط لدى البعض فهي أيضا مصدر قوة وإنتاجية معنوية لدى آخرين .حيث يختلف مضمون الوحدة باختلاف السمات الشخصية لصاحبها وتوفر شرط الاستقلالية وغنى الذات النفسي والروحي .
ومن ثمت وجب استحضار مختلف ألوان قزح الموجودة ما بين الأبيض والأسود ونحن نتأمل أحوال البشر حوالينا وياليتنا نكف عن إصدار الأحكام إذ لاشيء يمنحنا حق الحكم على الآخرين
بشكل جزافي وتحكمي غير نقص الإدراك وجموحنا الموروث في
تنميط الحياة المجتمعية وفق وصفات جاهزة تطبق بشكل ميكانيكي بدون مراعاة الاختلافات والتطلعات والحاجيات .


عائشة التاج ,الرباط المغرب









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى