الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة ضمير ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2017 / 2 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أزمة ضمير ..
في بداية العقد الثامن من عمرها ..أرمل.. تزوج أحفادها وأنجبوا ..لها من البنين ثلاث ومن البنات خمسةٌ، كلهن متزوجات عدا واحدة تعيش معها في نفس البيت ، وترفض فكرة جملة وتفصيلا ..
وحيث أن واجباتها المنزلية قد قلّت بدرجة كبيرة، بعد أن كانت في صباها وأمومتها لا تهدأ، كالنحلة تجوب ارجاء البيت، تغسل يدويا كومة هائلة من الغسيل، ما بين ثياب افراد الأُسرة العشرة(في عين الحسود)، وأغطية الفراش والألحفة (لم تكن بعد غسالّات اوتوماتيك). لتجلس بعدها الى ماكينة الخياطة، تخيط لنساء الحي ثيابهن .. وليتحول بيتها الصغير الى مضافة نسائية ، في اوقات ما بين الظهر والعصر. تحضر نساء الحي لقياس الثوب أو لأخذ قياس لثوب جديد ..
كدّت هي وزوجها المرحوم، وبالكاد استطاعا تلبية حاجات البيت والأولاد، لكنهما حمدا الله على نعمه الكثيرة، وأديا واجباتهما الدينية على أكمل وجه، بما في ذلك تأدية مناسك الحج .
مع تدينها فإنها لا تُطيق متابعة ولا حتى مشاهدة "شيوخ الفضائيات" ، بل تعتبرهم كذابين ودجالين، لذا فهي تتابع قنوات الأخبار العربية وبعض البرامج العائلية .
- الحمد لله ، أقوم بواجباتي الدينية واستغفر الله عن ذنوبي ، فلعله سيغفر لي خطيئتي .. فلو أنني حافظتُ عليه أو عليها فلربما اصبح متزوجا الآن وله أولاد !! قالت على مسامعي.
والقصة ببساطة أنها وفي سن متقدمة ، حملت بجنين، لكن الأطباء ابلغوها وزوجها بأن الحمل يشكل خطرا على حياتها، ومن الأفضل أن تُنزله (تجهضه)... فوافقت وما زالت نادمة تتعذب على ذلك بعد مرور عقود.
يتضح لي ومن تجربتي الحياتية بأن الفقراء وبسطاء الناس هم الذين يمتلكون ضميرا يؤنبهم... يتألمون ويتعذبون جراء ما يحدث لهم ويتحملون المسؤولية عنه، ولو لم يكن لهم باليد حيلة ..!!
بينما كل أولئك الذين يستغلونهم، يعيشون في رغد وبلهنية ، دون أو يؤرقهم "ضميرهم" الرقيق..
وكل الذين يتاجرون ببؤس الفقراء وشقائهم، رافعين شعارات أو بائعين قصورا في الجنة .. يستمتعون وعن الهموم غافلون ..
بينما الذين يحرضون الآخرين على "الجهاد" ، بأولادهم يحتفظون في حرز مكين ، ويرسلونهم الى أرقى الجامعات في الغرب يدرسون .
يُخيل إليّ أحيانا بأن الضمير هو إختراع من الطبقات المسيطرة ، لتلهي به الفقراء والمستضعفين .. وتتحكم بهم الى أبد الآبدين ..
فهل هناك نوعان من الضمير ... ضمير المنتصر وضمير المهزوم ؟!
ما العمل إذن ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العزيز قاسم حسن محاجنة المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2017 / 2 / 12 - 20:58 )
تحية و تقدير و اعتزاز
ايضاً اطلتها غيبة...المهم انكم بخير...حاولت الكتابة على خدمة راسل الكاتب لكن لم اتمكن لأني محروم منها و من خدمة الشكاوى على التعليقات...المهم انت بخير
.........................
قيل الضمير صوت-الله- في الانسان و قيل صوت المجتمع...و لكن اعتقد انه صوت الرحم الذي تكون و تكور فيه جنين ذلك الانسان...كل الاجنه تعيش ظروف شبه متطابقة إلا خلافات بسيطة ربما هي تلك التي تحدده
........................
اكرر التحية ...واتمنى لك و للعائلة الكريمة السلامة و تمام العافية
و لا تستهويك الغيبة لتعيدها و تكررها


2 - الضمير-1
نضال الربضي ( 2017 / 2 / 13 - 07:47 )
العزيز الطيب قاسم،

و بعد التحية لأخينا عبد الرضا،

أقول:

الضمير كلمة اخترعناها نحن تخلط بين منظومتين أخلاقيتين و سلوكيتين مختلفتين:

الأولى: فطرية تسير كما تُملي علينا حاجاتنا و تتخذ لها الوسائل المُتناسبة مع إمكانيات الفرد و الأدوات الموجودة في بيئته، ولذلك فهي جميلة مٌشبعة تُنتج الفرح و البناء و التعمير، و تدفع عن طريق التجربة و الخطأ إلى بناء منظومة قيم أخلاقية و قانونية تُعالج الإشباع العنيف أو غير الإنساني للحاجات، و كمثال عليها: توصل المجتمعات الحديثة إلى شريعة حقوق الإنسان.

الثانية: مُصطنعة تكبح و تُعرقل الأولى الفطرية، و تهدف إلى السيطرة على القطيع و توجيهه نحو مرامي و غايات الموجودين في مستويات التحكم المختلفة: الشعبي الديماجوجي، الاقتصادي المادي، السياسي القادر.

يتبع


3 - الضمير-2
نضال الربضي ( 2017 / 2 / 13 - 07:55 )
تنشأ المنظومة الثانية عن أفراد ذوي إرادات قوية مُندفعة يهدفون إلى عيش المنظومة الأولى بتفرُّد دون الاضطرار للتفاعل مع بقية أفراد المجتمع الذين يريدون هم أيضا ً بدورهم أن يعيشوا فطرتهم و يُشبعوا حاجاتهم، أو لأنهم يرون في غوغائية القطيع مُعيقا ً لأهدافهم التوسعية.

بعبارة ٍ أخرى:
كلا المنظومتين ناشئتان عن طبيعة الإنسان النازعة نحو غريزة البقاء، تأكيد الذات، و الرغبة في التميز.

أرى أن المجتمع الحديث الناجح هو الذي يستطيع أن يكفل تلبية الحاجات البيولوجية (وظيفة، أمان اقتصادي)، و النفسية (طمأنينة، بيئة للنمو، بيئة للتعبير عن الذات)، و الإنسانية (حرية، خصوصية)، و يُعطي الفرصة الكاملة للجميع دون أن يسمح بسيادة فريق على آخر،،،

،،، عندها: كما في الغرب: لن يسيطر أؤلئك الذين يبيعون الشاب الوهم و يزينون لهم كراهية الحياة و الناس، و الرغبة في إفنائهم.

العلمانية يا صديقي هي العجلة التي يريدون في الشرق الأوسط أن يعيدوا اختراعها بعد أن يغيروا إسمها إلى شئ آخر، و شكلها إلى المربع الذي لا يمكن أن يجري أو يسير، حتى يرتاحوا من عذاب ضمير ٍ مُصطنع يؤرِّقهم عندما يرون الآخر يمشي بينما هم يجترون.

دمت بود!


4 - العزيز عبد الرضا الغالي
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 2 / 13 - 10:59 )
تحياتي الحارة
وشكرا لمحاولتك التواصل معي، كما واشكرك على الإضافة والتعقيب
سلاماتي لك ولجميع من بطرفك


5 - العزيز نضال تحياتي
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 2 / 13 - 11:03 )
بعد الشكر والسلامات
تحليلك عميق وأنا أرى بأن موضوع التربية القِيَمِية هو موضوع هام .. فالموضوع تربوي ثقافي بالأساس.
لكن يبقى السؤال الجوهري : أية قِيَم؟
وبما أن مجتمعاتنا تُربي على مبدأ- كل المهات تبكي ما عدا أُمي- !! ترى بأن ما يُسمى الضمير الإنساني غائب عن الوجود .
خالص تحياتي


6 - العزيز رفيق التلمساني المحترم
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 2 / 13 - 11:05 )
تحية وبعد
اتفقُ معك في تشخيصك لسلوك الفقراء والفرق بين فقراء المدينة والريف .
لكن الا تعتقد بأن هذا السلوك نابع من سياسة التجهيل المتعمد حتى في المؤسسة التعليمية ..؟؟
شكرا

اخر الافلام

.. غارات جوية عنيفة من الاحتلال على رفح في قطاع غزة


.. 6 شهداء وجرحى وصلوا مستشفى الكويت التخصصي برفح جراء قصف إسرا




.. الخارجية الأمريكية: لا ينبغي أن تكون هناك مساواة بين إسرائيل


.. وجوه جديدة تظهر في سدة الحكم أبرزها محمد مخبر النائبِ الأولِ




.. العلماء يكتشفون فيروسات نادرة عملاقة عمرها 1.5 مليار عام