الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربى ورسولي في خمر المعاني

ميرغنى ابشر

2017 / 2 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رايت ربى بعين قلب فقلت من أنت قال أنت
فليس للاين منك أين وليس أين بحيث أنت
وليس للدهر عنك وهم فيعلم الوهم أين أنت
أنت الذي حزت كل أين بنحو لااين أين أنت
هذه الرباعية نسبها المحقق دقيق التثبت "لويس ماسينيون" للحسين بن منصور الحلاق وثبتها في ديوانه طبعة 1955م.وقد صدرت له طبعة أخرى في 1981م.وجاءت الرباعية أيضا في كتاب الطواسين للحلاج، الطاسين الخامس طاسين النقطة:ص31 مطبعة مكتبة المثنى بغداد، وهي طبعة معادة لطبعة "ماسينيون" بباريس سنة 1913م. يقول ماسينيون عن هذه الابيات إنها تكون رباعية مشهورة نسبها "ابن عجيبة" للإمام على. كما نسبت مع بعض التغيير لابن عربي ،وقد نالت الابيات الكثير من الشروحات والتعليقات كما ويضيف "بوريس مورافييف" في اكتوبر 1964م في مقدمة الطبعة العربية لكتاب "المعرفة الباطنية" أن ثلاثة أبيات من هذه الابيات جاءت في تعليق يهودي عربي عن نشيد الأناشيد لسليمان الحكيم للمشابهة. ويمهد "مورافييف" بشرح مؤجذ للابيات خلاصته :إن الخلاص يعتمد على نتائج الأبحاث الاستبطانية التي سيجريها الإنسان في أغوار قلبه ليتعرف فيه علي إنيته الحقيقية التي قد نسيها منذ عهد السقطة، ولينطبق عليها.
• وننتهي مع مايسينيون بنسبة الابيات للحلاج ومايزت صدر أبيات الحلاج "رايت ربى بعين قلب" في نسبة الرب اليه وبناء القلب مجهولا فقال ربى،وقال قلب وصدر البيت منسوج علي نول القرآن في قوله تعالي "وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا(الفجر:22). يقول بن كثير في تفسيره (" وَجَاءَ رَبّك " يَعْنِي لِفَصْلِ الْقَضَاء بَيْن خَلْقه). ونكتة المقصد لا القرآن ولا الحلاج قالا "الرب" أو "الله" فإبتعد القولان عن الذات الالهية المتعالية في كمالها وابديتها وعطفا القول علي ما ربت النفس ونمت من لسان حال ومقال وضمر،بخلاف بن كثير الذي أقامها(الذات المتعالية) قضاء وحسيب. فالمحاسب والمحاسِب في لطائف آي القرآن هي بذاتها النفس البشرية قال تعالي: (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا "(الإسراء:13،14) وقال" يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (النور:24)." فالرب عند الحلاق يعني ذاته، والرب المحاسِب يوم البعث في لطائف العبارة القرآنية هي الذات الإنسانية المربوبة والمصنوعة ، أي العمل، و ما فعل الإنسان واحدث في حياته. فالحاضر هناك هي ذاتك التي ربيتها ونميتها وليس الرب الخالق المتعالي، إنما الرب المربوب. لذلك قال الحلاق:
رايت ربى بعين قلب فقلت من أنت قال أنت
وقال تعالي: "وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا" ولم يقل وجاء الرب أوجاء الله.
• وحين ننتقل بالحديث عن الرسل وعلاقاتهم بالنفس والنفوس، نجد أن ظهوراتهم فى التاريخ تمثل انبثاقا من هذه النفوس لمقتضى حاجة العصر ، فما كان التاريخ الرسولى غير احتياج مركوز فى النفس، يتموضع فى التاريخ بهمة طلب المجتمع له، فالنبؤة والرسالة صورة فى جبلة النفس، تتحرض للبروز بالارتياض الروحى وهمة النفوس فى طلبها، لتبديل واقعها المأزوم، ليولد من هذه الصورة الفلاسفة والحكماء والأنبياء، وحين نلتفت قليلا للتاريخ لنقبض برهانا يحدثنا عن أزمة المجتمع وهمة المعذبين ودورهما فى ميلاد أنبياء الخلاص، تحضرنا صورة الواقع اليهودى الذى سبق ظهور المسيحية وهو يتطلع إلى منقذ من ظلم الاحتلال السلوقى والرومانى والثيوقراطية اليهودية، ليخرج فى الناس ساعتئذ، ثلاثة أدعياء، يهودا بن ايزقيا فى الجليل وسيمون العبد فى ماوراء الأردن والراعى اثر ونغاز فى يهودا ،يدعون أنهم المسيح المخلص من اضطهاد الاحتلال الرومانى وأعوانه، و بعد أن فشل سيمون العبد فى تحقيق ثورة العبيد وقد كان يوحنا يتوسم فيه المخلص ،سال يوحنا المعمدان يسوع المسيح ((أنت هو الاتى أم ننتظر أخر)) ، من هذا يتضح أن نبى الله يحيى كان يأمل أن ينبثق من بين صفوف المسحوقين من يقود المجتمع اليهودى للخلاص ، وحين تعجز الإنسانية عن حصول كمالها بذاتها يتدخل الغيبى فى التاريخ ،يقول اخوان الصفاء:(قال الحكيم أن مكث الإنسان العاقل فى هذه الدنيا والذى هو تحت الأمر والنهى أما بموجب العقل أو بطريق السمع بأوامر الناموس ونواهيه )ويضيف الإخوان في رسائلهم:( اعلم يا أخي أن الله جل ثناؤه لم علم بان الناس لا يعشون أعمارا طبيعية على التمام ولا يتركون فى الدنيا زمانا طويلا تهذب فيه نفوسهم وتستكمل فضائلهم لطف بهم من اجل ذلك وبعث إليهم الأنبياء)( لذلك فان الله لم يبعث للناس الأنبياء ألا بالتأكيد لما فى نفوسهم)(الرسائل).
فرؤية الله في يوم الدينونة تحمل علي المجاز لا علي اليقين، إذ أن تناول المقدس لها لا يشير إطلاقا لوقعها يومئذ. وحملها تأسيسا علي ظاهر القول لامر فيه نظر.فكمال المشهد وقتها بذاتك التي بين جنبيك ولا أخر في المشهد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني


.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم




.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran