الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في نص خلافي/الفاتحة نموذجا(1).

ماجد الشمري

2017 / 2 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) .

هذا النص - المنطوق الشفاهي- القول اللساني المعبر عن الضغف البشري والحاجة للمدد السماوي،والذي رفع بقرار بشري الى ذروة الكلام الالهي المقدس. و انحدر الينا من التراث الديني المدون كسردية مقدسة - قرأن مكتوب و متلو ، ثُبت في مفتتح الكتاب - الفاتحة - كسورة موحى بها لمحمد و جرى التعبد بها أيماناً على إنها كلام الله عبر قناة وحي محمد النبي . و رغم بساطة النص و سهولة الفاظه وادراك معانيه بسهولة ، إلا انه خرج خلافيا مثيرا للجدل،مزدوج الاحالة متجاذب النسب و الاصل في ماهيته - هويته - جنسيته- بيانه. فهو منقسم كصنف و نوع بين الخطاب الالهي المقدس المتلو في حينه و المدون لاحقاً كمصحف بين دفتين ، وبين انبثاقه و تجليه كشكل من صلاة او دعاء يتجه من الاسفل الى الاعلى يردده مؤمنون عابدون نحو مطلقهم المتعالي وليس هابطاً عليهم - منزل من الاعلى . هذا النص الذي شكل خلافاً و تجاذباً بين افراد من الصحابة و القراء - عبدالله بن مسعود خصوصاً- و بين الخليفة عثمان الساعي لأكمال مشروعه السياسي - الديني- القانوني في جمع و تدوين الشذرات و الاجزاء و المصاحف الموزعة و المبعثرة في الصدور ، بين الذاكرة الحافظة و المواظبة على القراءة و المرسومة - المكتوبة كأشباه سور و أيات تحتاج لتحقيق و ضبط هنا و هناك .. و أبرز الخلافات و الاعتراضات حول هذا النص - الفاتحة - صدرت من الصحابي المخضرم عبدالله بن مسعود الذي اعترض على بعض ما دون ، و ما لم يدون بأشراف السلطة الخليفية لعثمان . و الفاتحة هي واحدة من عناصر الخلاف و المشاحنة الرئيسية في هذا الشأن . بين ادعاء : أن الفاتحة هي مجرد " دعاء" كان محمد يكثر من ترديده و ذكره كصلاة و تضرع و رجاء و طلباً للهداية والاستعانة و التسديد . و بين اعتبارها - الفاتحة - سورة رسمية، فهي سورة:الحمد..الوافيه..الكافيه..ام الكتاب..القرآن العظيم..السبع المثاني.. واخيرا:اعظم سورة في القرآن-وكأن كلام الله فيه درجات او مراتب في التفضيل!- وهي وحي منزل لاشك فيه . و الجزء الاهم و الاكثر اساسية و أعتماداً من المتلو القرأني المحمدي .وامام هذ السيل من التسميات والنعوت المفخمة التي الصقت بهذا النص،اضطر ابن مسعود للسكوت على مضض وليس اقتناعا،وجعله يعلن تسليمه ورضوخه،ويلجأ الى الصمت بعد تعرضه لضغط السلطة الخليفية،ليستجيب مرغما للاكراه الملزم.فساد قرار وخيار السلطة الرسمي والذي لاخيار غيره، بتثبيتها كسورة في فاتحة الكتاب-- نسخة عثمان الوحيدة - المدونة القرأنية الخالدة التي لاتتبدل ( فالله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرأن ) ! فالسلطة الغاشمة هي من تحسم الامور دائماً !. و السؤال: هل كانت الفاتحة هي سورة من اللوح المحفوظ ، و من الخطاب القداسي الالهي الموحى و المنزل على محمد النبي الذي نطقه كقرأن؟! . أم كان العكس دعاءاً مبتكراً وابداعا ملهماً صدر عن ذات محمد و ذهنيته المتخيلة كرجاء .. صلاة.. ابتهال ..دعاء لطلب الهداية و تسديد الخطى على درب الايمان و تمجيد الله و الاستقامة و أقراراً مطلق بالوهية الله و توحيده التجريدي المنزه ؟ هذا السؤال لم يعد بذي أهمية أو اعتبار بعد أن دخلت الفاتحة و تجذرت في المدونة القرأنية . و أيضاً ان الامر سيان بين السورة و الدعاء - فكلاهما يتقارب و يتماهى في الخطاب القرأني من حيث الاسلوب و النهج فأسلوب النص المقدس : الأية .. السورة لايختلف عن شكل الادعية و الاحاديث القدسية و التضرعات و الابتهالات و حتى في المحتوى المضموني لا يوجد تميز أو اختلاف كبير . فكل الخطاب المحمدي ينبع من مصدر واحد هو المخيال النبوي -الاكثر خصوبه وغرائبية وانفتاح على الفانتازيا الخارقة للمألوف- في اتساعه و نموه و تأثره و هضمه و أقتباسه لما سبقه من تجليات الاديان و حنيفيته المحلية المكية - و الفارق الوحيد هو الغرابة و الغموض في استخدام الضمائر و اللبس بين الدعاء و السورة . فالدعاء هو نداء بشري صاعد نحو الاله في حين ان الاية أو السورة هو تنزيل و وحي هابط من الله الى النبي و من ثم المؤمنين . الدعاء هو توجه من العابدين لمعبودهم في حين أن السورة أو الاية هي رسالة و تبليغ من المعبود الالهي لعبيده البشر . و مع ذلك فالخلط و التداخل يخترق كل الخطاب النبوي بسبب اشتباك و تقاطع و فوضى الضمائر ، و عدم التحديد لصيغة المتكلم و عائديتها،التي خلقت غموضا و ضبابية في تشخيص هوية القائل . الفاتحة في برهة جمع القرأن العثماني ، اثارت لغطاً و مشاحنة ، حول هويتها و ماهيتها الرسمية الدينية بين كونها ( دعاء ) محض أو ( سورة ) قرأنية منزلة . كان طرفها الاول : عبدالله بن مسعود ، الصحابي العتيد المخضرم ، و من اوائل من أسلم في مكة . و كان محدثاً و فقيها و قارئاً تميز بالجراءة و الثبات في اعلانه عن اسلامه في فترة الضعف المكية ، و عندما كانت الدعوة تراوح في مكانها و قلة عدد من أمن بها . و كان واسع الاطلاع في اسباب النزول و التفسير ، و من الحفاظ الاوائل للقرأن الشفاهي. و كان مرجعاً وحجة في النص المقدس المتلو ، و هو واحد من اربعة اشار اليهم محمد كمرجع و ذاكرة للقراءة و السؤال و التفسير بالنسبة للقرأن . هذا الصحابي البارز و الذي اعترض على احراق المصاحف ، وأنكر ان تكون الفاتحة أو المعوذتين جزءاً من الوحي المنزل كقرأن قطع عنه الخليفة عثمان عطائه - وفرض عليه الاقامة الجبرية في يثرب . ابن مسعود هذا هو من قال بأن الفاتحة ليست من القرأن بل هي مجرد دعاء خالص لاعلاقة له بالقرأن . ورأيه هذا يشمل المعوذتين ايضاً . فهما كما قال : هي مجرد ادعية لدفع الشر و الحسد . و رقى يرقى بها من وسوسة الشيطان و الاستعاذة من شره . و اردرجهما عثمان في مصحفه كسورتان ايضاً في مدونته الرسمية المغلقة . البعض رفض ذلك ، و قبله البعض من الصحابة مع تعليلات و حجج لا تصمد للتمحيص ، و البعض الاخر أقر صحتها مع حفنة من التبريرات و التفسيرات لموقف بن مسعود و كمحاولة للتوفيق و الجمع بين الاراء . ابن مسعود الذي كان يردد بأصرار: " لاتخلطوا بكتاب الله ما ليس فيه" لم يؤخذ كلامه على محمل الجد . مع ان الجميع يتفق على ان مصحف ابن مسعود كان اوثق المصاحف . الا ان الجمع الاعتباطي الفوضوي لسور و ايات القرأن و خلط المكي باليثربي من قبل الخليفة عثمان جعل من مصحفه الرسمي هو العمدة المعتبر لكتاب الله( القرأن) و ألغى و اتلف بقية المصاحف التي كانت موجودة لدى بعض الصحابة . و ما يؤكد اعتقاد أبن مسعود هذا انه حتى في صحيح البخاري المعتمد من قبل المؤمنين ، ينكر محمد كون الفاتحة من القرأن : أنها لم تنزل في القرأن و ليس لها ان تكون من القرأن . و لكن في احاديث اخرى - أن صحت !فقد لفق ونمق وانتحل الكثير الكثير من الاحاديث التي نسبت لمحمد !- يبالغ محمد في الرفع من شأن الفاتحة بأعتبارها : أم الكتاب ! و أعظم سورة في القرأن!.وهذا الزعم الاخير اخرس المعترضون.واضفى اليقين الكامل بشرعية الفاتحة كسورة،فقد دمغت بختم الرسول القولي القاطع،والذي لاينطق عن الهوى!!..اليست السلطة الدينية النبوية هي من يقرر ماهو:الوحي المنزل،وما هو الحديث القدسي،وماهو الحيث النبوي،وماهو الكلام العادي؟!.يأتي بعده السلطة الخليفية-الزمنية-الدينية،ثم سلطة الفقهاء وحراس العقيدة،سلطة الكهنوت التي اختزلت ومركزت سلطة وكلام الله الذي تنطق به وحدها ويردده القطيع المؤمن!!...
..................................................................................................
وعلى الاخاء نلتقي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل سورة الفاتحة
شاكر شكور ( 2017 / 2 / 16 - 22:39 )
معظم الدلائل تشير الى ان سورة الفاتحة هي مجرد دعاء من منزلة ادنى الى منزلة اعلى ، فالله لا يقول لنفسه عبارة (الحمد لله) كما ان السورة لا تبدأ بكلمة (قل) ، الحقيقة فحوى دعاء الفاتحة هو عبارة عن طلب محمد من الله ان يهتدي الى صراط الذين انعم الله عليهم ، فمن هم الذين انعم الله عليهم ؟؟ معظم المفسرين يقولون استنادا الى سورة النساء 69 هم النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ-;-) ، والسؤال هنا ، لو كانت سورة الفاتحة من القرآن وليست دعاء ، فكيف يطلب الله من خلائقة ان يطلبوا الأهتداء بصراط مجموعة بشرية لم تصدر تزكيتهم الا بعد الهجرة لأن النساء 69 مدنية ؟ إذن من هم الذين كان محمد يطلب الأهتداء الى صراطهم ؟ لو راجعنا معتقدات اهل الكتاب فأهل الكتاب يسّمون العهد القديم بعهد الناموس اي عهد شريعة موسى وبعد مجيئ السيد المسيح سمي عهده بعهد النعمة ، فالمقصود بالذين انعمت عليهم هم من كان قبل محمد اي اهل الكتاب ، اما عبارة المغضوب عليهم ولا الضالين فهم عبادي الأصنام والمشركين ، ولكن المفسرين القوا التهمة بالتدليس على اليهود والنصارى لخلط الأوراق وخلق الكراهية ، تحياتي استاذ ماجد

اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في