الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من قصص العرش - الله وسورة التّكاثر

مالك بارودي

2017 / 2 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من قصص العرش - الله وسورة التّكاثر
.
كان الصَّمتُ يُخيِّمُ على عرْش الله وضواحيه. وفَجْأة دوَّى صوَّتٌ وتردَّد صدَاهُ طويلا. كان الصَّوتُ صوْتَ جبريل.
جبريل: "يا الله، أين أنت؟"
وأجابهُ على الفور صوتٌ غاضبٌ من جهة العرْش.
الله: "نعم، ماذا هناك أيّها الأحمق؟ ألم أقُل لك ألف مرّة أنّه من غير اللّائق أن تصيح بجانب عرشي؟ صوتُك بشعٌ جدًّا."
جبريل: "عفوًا، لقد نسيتُ. لكن أين أنت؟"
الله: "أنا هنا."
رأى جبريل يدًا تمتدّ خارجة من تحت العرش تلوِّح لهُ.
جبريل: (ضاحكًا) "ماذا تفعلُ هناك، جلّ جلالك؟ هل تختبئ من شيء ما؟"
الله: "كفاك تهريجًا. أنا أبحثُ عن قطعة شكلاطة سقطت منّي... لكن، قل لي: ما الذي أتى بك في هذا الوقت؟ ألم أقل لك أن تبقى لمراقبة قُريش؟"
جبريل: "لقد أتيتُ لشرب القليل من الخمر."
الله: (غاضبًا) "ماذا؟"
جبريل: (ضاحكًا) "إنّي أمزحُ معك."
الله: "تمزحُ؟ الواضحُ أنّ وجودك في مكّة قد أفسد عقلك. من علّمك أن تمزح معي، يا إبن الملعونة؟"
جبريل: (ضاحكًا) "كم إشتقتُ إلى شتائمكَ، جلّ جلالك! في الحقيقة، بعثني إليك قُثُم يريدُ منك سورةً جديدةً."
يخرجُ الله من تحت العرش، وهو يمسك قطعة شكلاطة.
الله: "لقد وجدتها." (يضعُ قطعة الشكلاطة في فمه)
جبريل: "هنيئًا لك، جلّ جلالك. هَاه. ماذا قُلتَ؟ هل ستُعطيه سورة جديدة؟"
الله: "من؟"
جبريل: "وهل لديك غيرُه؟ قُثُم."
الله: "قُثُمْ؟ ألم أُقل لك ألف مرّة أنّ إسمهُ محمّد؟ محمّد... ألا تفهم، يا أحمق."
جبريل: "حاضر. حاضر. لا تغضب... لن أسمّيه إلّا كما تريدُ وتشتهي."
الله: " "متى بعثتُ لهُ آخر سورة؟"
جبريل: "منذُ أسبوعين."
الله: "وما مواصفاتُ السّورة التي يريدها؟"
جبريل: "لم يحدّد لي شيئًا يُذكر."
الله: "اللّعنة. ماذا سأكتب له؟ لا أجدُ كلامًا يمكنُ أن يكوّن سورة..."
جبريل: (ضاحكًا) "هل تعطّلت قريحتك، جلّ جلالك؟ لا بُدّ أنّ هذا بسبب إدمانك على الشكلاطة..."
الله: "إخرس أيّها الأبله... لستُ مدمنًا على الشكلاطة... الله لا يمكن أن يكون مدمنًا. أنا أحبُّ طعمها فقط."
جبريل: "ما رأيك في كتابة سورة عن الشكلاطة؟"
الله: "ماذا؟"
جبريل: "أليست فكرة جيّدة؟"
الله: "لا."
جبريل: "ولماذا؟"
الله: "لأنّ قريشًا لا تعرفُ معنى الكلمة."
جبريل: "هذا ليس سببًا لعدم كتابة سورة الشكلاطة... المعنى سيخترعُه قثم وأتباعه... أقصد: محمّد وأتباعه. سيقولون له: ما الشكلاطة؟ وسيقضي اللّيل يفكّرُ ثمّ يقولُ لهم: الشكلاطة نهرٌ من أنهار الجنّة. أم أنّك تريدُ منه أن يُخبرهم بمعنى الكلمة الحقيقي...؟"
الله: "الفكرة تروق لي..."
جبريل: "فكرة أن يقرأ عليهم سورة الشكلاطة أم فكرة أن يسألوه عن معناها؟"
الله: "لا، بل فكرةُ صُنعِ نهرِ شكلاطة في الجنّة. وأجعلُ حور العين يسبحن فيه قبل أن أتذوّقهنّ... أحسنت، يا جبريل... سأشيّد مصنعًا للشكلاطة في طرف الجنّة وأملأ النّهر بها..."
جبريل: (محدّثًا نفسه) "اللّعنة!" (بصوت عالٍ) "ماذا قُلت؟"
الله: "بخصوص ماذا؟"
جبريل: "السّورة، جلّ جلالك... السّورة..."
الله: "ماذا تقترحُ أن أقول فيها؟"
جبريل: "أتسألني أنا؟ أنت صاحبُ الوحي، يا حبيبي..."
الله: "يا حبيبي...؟ لقد فسدت أخلاقُك فعلًا، يا جبريل. الله تقول له: يا حبيبي؟ إذا واصلت على هذا المنوال، أخافُ أن يأتي يوم تقول لي فيه: يا الله، تعال أنكحك...!"
جبريل: (متمتمًا) "لو توفّرت الفرصة، لن أضيّعها."
الله: "ماذا قُلتَ؟"
جبريل: "قُلتُ: ماذا لو أعفيتنَا من موضوع النّكاح وركّزت قليلًا على السّورة؟"
الله: "آه، السّورة..."
جبريل: "نعم، السّورة، جلّ جلالك."
الله: (وهو يحكّ شعر رأسه الأبيض) "السّورة... السّورة... لعنتي على ربّ السُّورْ... لا أجدُ شيئًا يصلُح... ما رأيك في: الشكلاطة، ما الشّكلاطة، وما أدراك ما الشّكلاطة...؟"
جبريل: "جميل..."
الله: "صحيح؟"
جبريل: "أنت تعرفُ أنّ من تبعُوا رسولك لم يتبعوه لأنّ كلامه جميلٌ أو عميقُ المعاني، فأنت الذي جعلتهم يتبعونه، وبالتّالي فهُم مستعدّون لقبول أيّ شيءٍ يقوله لهم محمّد، ولو كانت سورة الخراء..."
الله: "صحيح... أنا الذي جعلتهم يتبعونه ويقتنعون بما يقوله، ولن يتغيّروا إلّا إذا شئتُ أنا..."
جبريل: "والذين كذّبوه أيضا، أنت الذي جعلتهم يكذّبونه... ولو تركت للجميع حرّيّة الإختيار لما تبع أحدٌ محمّدًا ولو عاش ألف ألف عامٍ..."
الله: "صحيح... يجبُ أن أوفّر الحطب لجهنّم... تدفئة العرش تحتاجُ للكثير من الحطب..."
جبريل: "أكمل السّورة ودعنا من هذه الحكايات..."
الله: "الشكلاطة، ما الشّكلاطة، وما أدراك ما الشّكلاطة، على بلاطة، هي أصلُ البساطة، تذوب في الفم كالبطاطا..."
جبريل: (ضاحكًا) "وهل يعرف محمّد وأتباعه البطاطا؟"
الله: "أوه... مللتُ من التّفكير... أنظر في كومة الأوراق هناك، لعلّك تجدُ شيئًا يصلُحُ لتكوين سورة... أو قُلْ لمحمّد أن يعتمد على نفسه قليلًا... لا يُعقلُ أن أقوم بكلّ شيء وحدي..."
جبريل: "لكنّك الله..."
الله: "ولو؟ أليس لي الحقّ في الرّاحة..."
جبريل: (يذهب إلى كومة الأوراق بجانب العرش ويبدأ في فرزها) "هذه لا تصلح لشيء... وهذه... آه... قصيدة... لا تنفع... عقد بيع... لا... وهذه أيضًا، لا تنفع... ماذا؟ ما هذا؟ صورة نجوى فؤاد؟ وبلباس الرّقص؟"
الله: "نعم... أليست جميلة؟ لقد فكّرت أن أجعل كلّ حور العين نسخة منها... وأجعلهنّ يُجِدْنَ الرّقص مثلها..."
جبريل: (متمتمًا) "يا لك من مراهق! وتقولُ لي أنّ أخلاقي قد فسدت؟ عجبي!"
الله: "ماذا؟"
جبريل: "لا شيء... لم أجد شيئا ذا قيمة حتّى الآن... فاتورة الكهرباء... فاتورة الماء... بطاقة شحن هاتف... آه... هذه جيّدة... ما رأيك؟"
الله: "في ماذا؟"
جبريل: (يقرأ من الورقة، بصعوبة) " ألهاكم التّكاثر حتى زرتم المقابر كلّا سوف تعلمون ثمّ كلّا سوف تعلمون كلّا لو تعلمون. اللّعنة... خطّك سيّء جدّا، جلّ جلالك."
الله: (وهو يلعبُ بشعر لحيته) "لا يهمّ الخطّ... لن أشارك في حفل توقيع كتاب..."
جبريل: "وما هذا التّكرار المملّ؟"
الله: "وما المشكلة في التّكرار؟"
جبريل: "حتّى أهل قريش يكرهون التّكرار ويتجنّبونه..."
الله: (بعصبيّة) "وما علاقتي بقريش؟ أنا الله. والله لا يستحي أن يكرّر كلامه آلاف المرّات."
جبريل: "صحيح... عفوًا... نسيتُ أنّ الله لا يستحي... لا يستحي من شيء..."
الله: "هل هذا كلّ ما وجدت في الورقة؟"
جبريل: "لا... هناك المزيد... كلّا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثمّ لترونها عين اليقين ثمّ لتسألنّ يومئذ عن النّعيم. تكرار... تكرار... أوف! إنتهى النّصّ..."
الله: "هل أعجبتك؟"
جبريل: "يمكن أن تفي بالغرض..."
الله: "إحملها لمحمّد وأبلغه سلامي..."
جبريل: (وهو ينشر أجنحته السّبعين) "سمعًا وطاعة، جلّ جلالك... لكن، إحرص على كتابة بعض السّور الجديدة، للمرّات القادمة."
يطيرُ جبريل، ويجلسُ الله على العرش... ثمّ يرتفعُ شخيره، جلّ جلاله...
.
-----------------
الهوامش:
1.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّناته:
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
http://ahewar5.blogspot.com
2.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي خرافات إسلامية:
https://archive.org/details/Islamic_myths
3.. صفحة مالك بارودي على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/malekbaroudix








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انا كفيناك المستهزئين
عبد الله اغونان ( 2017 / 2 / 18 - 10:44 )

ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ماكانوا به يستهزءون
ا
قل استهزءوا ان الله مخرج ماتحذرون

وما ياتيهم من نبي الا كانوا به يستهزءون

يااااا حسرة على العباد ماياتيهم من رسول الا كانوا به يستهزءون

الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون

انا أعطيناك الكوثر

فصل لربك وانحر

ان شانئك هو الأبتر


سبحان ربك رب العزة عما يصفون

وسلام على المرسلين

والحمد لله رب العالمين

وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون


2 - Malek Baroudi : مالك بارودي صديقي أنت ضعيف
خليفة عبدالله القصيمي ( 2017 / 2 / 18 - 22:21 )
Malek Baroudi : مالك بارودي
صديقي موقع الحوار المتمدن يرى أنك ضعيف ولهذا لم يجرؤ على نشر هذه المقالة

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=196129740869013&id=100014159656435

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال