الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انهار لا تجف

ايمان عبد الستار عطاالله

2017 / 2 / 23
المجتمع المدني


انهارٌ لا تجف

يعود سبب تسمية العراق ببلاد الرافدين الى الاغريق, عندما اطلقوا عليه اسم (ميزوبوتاميا) للدلالة على (الأرض التي يوجد فيها أكثر من نهر)، وفي اللغة السريانيّة سميّ العراق بـ(بيت نهرين) نسبة الى نهري دجلة والفرات, ويبدو ان الاغريق والسريان غفلوا عن وجود نهرٍ ثالثٍ جارٍ منذ القدم لم يأت على ذكره التاريخ رغم حضوره الدائم, هذا النهر ظل متدفقا دافئا, لازمته السرمدية التي ترافقت مع شقيقيه (دجلة والفرات) ورغم الاتفاق على توزيع الادوار بين الاشقاء في سقي الارض وارواءها تعمد هذا الثالث الوصول الى كل شبر في ارض الرافدين لاشباعها بل واغراقها, ليس هذا وحسب بل تجاوزه الى حدِ ان يفيض الى الاراضي التي حوله ليجود بما منحه الله من دفق وطهارة, وبدلاً من ان يصب في شط العرب كأخويه كان مصبه أي ارض عربية عطشى لمياهه, ليبقى جاريا منذ اول جريمة لابناء سيدنا ادم الى الان, فكان كل رافدٍ (ميزوبوتامي) يولد يوصف بانه مشروع تطوعي للارواء, حتى وان كان جريانه مستقراً فهو مجندٌ للسقيّ, كي تحيا ارضٌ اخرى لا تجود بمياه انهارها كما يجود هذا (الميزوبوتاميّ), ربما كان السبب زواج مقدس بين قطرات مياهه وذرات التراب التي تلفظ أي مياه غيره, بعد ما تذوقت عذوبته وتمتعت في تلقفها, وربما لان بلاد الرافدين معطاءة في كل شيء... ربما وربما! اشياء واشياء! اسباب واسباب لنتيجة حتمية في سرمدية النهر الثالث التي جعلت سكان بلاد الرافدين لم يبادروا بالحفاظ على مياهه عن طريق وضع سدود وموانع, كما فعلت دول الجوار مع شقيقيه من بناء لسدود وخزانات ضاربة بذلك كل قوانين المياه الاقليمية, ولم يفكر سكان الرافدين في استثمار مياهه في مشاريع البناء وانتاج المحاصيل الخضراء لانه كما قلنا سابقاً (مشروع تطوعي للري)... ذلك هو الدم العراقي الذي كان وما يزال نابعاً متدفقاً في كل مكان وفي كل زمان وتحت أي ظرف ولاي سبب فمن لم يمت هنا في هذا الانفجار ذهب شهيدا لاحتجاجه الصامت او الناطق في هذه البقعة او تلك وتحت ذرائع ومسميات سياسية اوطائفية اومذهبية او قومية كاذبة.
لماذا كتب علينا القتال بالنيابة والموت بالنيابة ليحيا غيرنا بالاصالة؟ لماذا نتبرع بزهورنا كقرابين لاجل ان تحيا ادغال لا نفع فيها سوى انها تكسو الارض بالحشائش؟ لماذا قوافلنا تحج الى السماء جماعة بلا عودة بينما يحج البعض الى اوربا واستراليا, والبعض الاخر الى الديار المقدسة ليعود الى اهله سالما محملاً بالهدايا والافراح؟ لماذا امنا ثكلى من دون الامهات؟ لماذا يكبر شبابنا وهو يرى نهايتة تلوح في الافق قبل ان يرى حلمه في مستقبلٍ واسرة لا ايتام فيها ولا ثكالى, لا اطفال يُتاجر بهم في الطرقات لبيع مناديل, او مسح نوافذ السيارات, بعد ان استبدلوا مقاعد الدراسة بالرصيف ليعودوا الى بيوتهم حاملين ما يجلب اللقيمات الى عشوائيات ومساكن يكاد بيت العنكبوت يفوقها صلابة وقوة؟
سؤال يدور في الذهن باستمرار وربما اكتسب هو الاخر صفة السرمدية بعد ان ايقن الاجابة في ان هذه حتمية قدرية لكل من يحمل هوية ميزوبوتيمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأونروا تحذر من استمرار توقف دخول المساعدات من معبر رفح


.. تونس...منظمة مناهضة التعذيب تحذر من تدهور الوضع الصحي داخل ا




.. الأونروا مصممة على البقاء..والوضع أصبح كارثي بعد غلق معبر رف


.. كلمة أخيرة - الأونروا: رفح أصبحت مخيمات.. والفلسطينيين نزحوا




.. العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة