الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في نص خلافي/الفاتحة نموذجا(2).

ماجد الشمري

2017 / 2 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


انتهى التجاذب والنزاع،وحسمت قضية سورة-دعاء(الحمد)بأنتصار الخليفة عثمان وكتبة قرآنه،وهزيمة وصمت الصحابي ابن مسعود وتهميش نسخة قرآنه!.ودونت(الفاتحة)كسورة رسمية مقررة ومعترف بها في مصحف عثمان المعتبر والوحيد في رسمية التدين والتعبد والقراءة..واتلفت بقية المصاحف والقراءات الاخرى،واحرقت كل النسخ المخالفة لدى بقية الصحابة والقراء ومن دون آيات وسور نطق بها محمد على مدار23 عاما -زمن نبوته..لتتفرد(الكافية)متصدرة بداية المصحف الجامع كأول سورة للقرآن المحفوظ،وامه...كانت سورة(الوافية) رقم(1)وفاتحة الكتاب،في حين كان ترتيبها هو الخامس حسب النزول في السور التي قالها او نطق بها محمد..وحتى بعد اعتبار(ام القرآن)سورة رسمية ظل هناك خلافا ساريا بشأنها:عدد آياتها..مكان وزمن نزولها..عدد مرات نزولها!.و(الفاتحة)تقليديا وكما اتفق عليه تتكون من سبع آيات بضمنها البسملة،ويتفق اغلب القراء والمفسرين والفقهاء بعد تدوينها بأمر السلطان-الخليفة كنص قرآني سماوي تنزل وحيا الهيا،على انها سورة مكية ترتيبها:السورة الخامسة في النزول،والغالبية اعتبرتها(7)آيات.وشذ بعض الفقهاء عن ذلك،وعدوها(8)آيات بفصلهم:"صراط الذين انعمت عليهم"عن"غير المغضوب عليهم ولا الضالين".وقال البعض الآخر منهم:بل هي(6)آيات بعدم احتساب(البسملة)آيه من ضمن السورة!.واختلفوا ايضا في مكان قولها الاول بين مكة ويثرب،او نصفها مكي ونصفها الآخر يثربي!.او نزلت مرتين في مكة ومرة في يثرب!.وحتى في اسباب نزولها اختلف الفقهاء وتخبطوا،وخرجوا بأجتهادات وتآويلات وتفسيرات فردية متناقضة ومختلفة تبعا للهوى والقصد والتمذهب او الانحياز لطرف ضد طرف.فهم لفوا وداروا،وادلوا بآراء،وذكروا اخبارا،وفيركوا احداثا،ولكن ليس هناك من سبب للنزول محدد ودقيق ومشهود عيانا من قبل حاضرين فردا او جماعة،لااحد!.وما جاءوا به من خبر هو متهافت وغامض وغير مقنع،او جدير بالتصديق او الالتفات.فكل الروايات تتحدث وتعتمد على ما زعم ان محمد ذكره،ودون توثيق او شهادات من الصحابه.فليس هناك من سبب فعلي او حادثة تقف وراء سورة-دعاء الحمد كمبرر تاريخي وظرفي يستدعي تنشيط الوحي لانتاج هذا النص!.فنحن لانجد الا مداورة ومناقلة ضعيفة وخاطفة وغامضة لآخبار نزولها دون سبب او علة...وهاكم مثلا واحدا من عدة روايات وكلها تنويع لتدرج لوني واحد يكرر نفسه بلا ملل،وبأسانيد واهية تفتقر للتوثيق..
قال الواحدي في أسباب نزول فاتحة الكتاب:حدثنا أبو عثمان سعيد بن أحمد بن محمد الزاهد قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو عمرو الجبري قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث وعلي بن سهل بن المغيرة قال: حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة أن رسول الله كان إذا برز سمع منادياً يناديه: يا محمد فإذا سمع الصوت انطلق هارباً فقال له ورقة بن نوفل: إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك قال: فلما برز سمع النداء: يا محمد فقال: لبيك قال: قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ثم قال: قل الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ الرَحمَنِ الرَحيمِ مالِكِ يَومِ الدينِ حتى فرغ من فاتحة الكتاب وهذا قول علي بن أبي طالب.هذا كل ما ورد في اسباب نزول سورة الفاتحة فهل هو مقنع لذوي الالباب؟!.
ان نصا بحجم(الفاتحه) اثار هذا الكم الهائل من اللغط والخلاف والتنافر في التصورات والاجتهادات والتأويلات والاراء لدى جمهرة كبيرة من الفقهاء والمفسرين والقراء بهذا الوسع والترامي،فما بالكم ببقية المدونة المقدسة ومدى موثوقيتها التاريخية،وحقيقة ومصداقية حدوثها او ورودها كوقائع خبرية لتاريخ لايرقى اليها الشك او المراجعة لحيثيات الاسناد الوثائقي العلمي الصارم؟!..كان تثبيت (الحمد)كسورة رسمية ناجزة بدأت بها المدونة العثمانية للمصحف المعتمد قراءة وعبادة،هو تحصيل حاصل لاعتبارها وعدها ،وحيا منزلا ثابتا بيقين،لا دعاءا بشريا ارضيا كما زعم ابن مسعود الصحابي المغضوب عليه من قبل الخليفة عثمان!.واصبحت كما قال عنها محمد-او كما نسب اليه!-:"اعظم سورة في القرآن".تم تداولها بكثرة والحاح في:الصلوات والمناسبات الدينية والاجتماعية،وعلى رأس الادعية الدينية المتلوة:فى المآتم والاحزان ،وفي الاعراس والافراح،وفي كل صغيرة وكبيرة من شؤون الحياة اليومية للمؤمنين والمتعبدين بدين محمد!.
هذه السورة-الدعاء:الفاتحة..الحمد..القرآن العظيم..الكافية..الوافية..الخ.مامدى مافيها وماتحتويه من كلم خارق ومعجز من بيان ومعاني مضمرة،وميتالغة تحتاج لتفسير عميق،يملكه الراسخون في العلم. وهي في الاعتبار فوق مستوى وعي ولغة الناس،فما الذي جعلها بتلك الاهمية المركزية وفي صلب الكلام الالهي الموحى به لمحمد؟!.
لنقرأ متن النص قراءة سريعة،ونرى ماجاء فيها من كلمات:"بسم الله الرحمن الرحيم،الحمد لله رب العالمين،الرحمن الرحيم،مالك يوم الدين،اياك نعبد واياك نستعين،اهدنا الصراط المستقيم،صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين".فماذا نجد ونفهم؟!.الذكر الغزير لاسماء الله_هل هي اوصاف للذات السامية؟.ام هي اوصاف ابتدعها واطلقها محمد على ربه؟!...الرحمن..الرحيم..رب العالمين..مالك يوم الدين..هذه الاسماء هي ليست مجرد اسماء لذكر الله فقط،بل هي تمجيد وتنزيه،واعلاء وتفخيم لمكانة الله الاعظم،واقرار لاشك فيه بعبودية المؤمنين لربهم الواحد الاحد.وضرورة تفرده وامتيازه بالعبادة والاستعانة،واليه وحده يجب التوجه ليمنحهم الهداية والارشاد الى الصراط المستقيم.ويقينهم المصدق بالبعث والحساب والحياة الاخرى،ورجائهم من ربهم ان يمن عليهم بما من على الذين من قبلهم بنعمته وهداهم ونجاهم من مصير الاقوام والجماعات البائدة العاصية والمنحرفة عن استقامة الدين وخرق اوامر وتعاليم الرب،الذين غضب الله عليهم،ومن ضلوا عن دياناتهم وخرجوا عليها وحرفوها وجحدوها...هذا بأختصار هو كل ما يخرج به القاريء لسورة الفاتحة.فالسورة بشكل عام تحض على العمل الديني الصالح والالتزام بقوام الدين المستقيم،وشكر الله على نعمته بعباده،وحمده والثناء عليه،"الحمدلله"والاخلاص له:"اياك نعبد"والانتساب للجماعة المؤمنة السعيدة:"صراط الذين انعمت عليهم".وذكر اسماء الله الحسنى:"الرحمن الرحيم".والحث على الاستقامة:"اهدنا الصراط المستقيم".والتذكير بيوم الآخرة والمعاد:"مالك يوم الدين"..هذا كل ماهناك،وماتنطوي عليه السورة-الدعاء-الحمد...
كلمات بسيطة يعيها ويفهمها جميع المؤمنين المتعبدين بدين محمد و دون وسيط او مفسر..ولكن المفسرين والفقهاء-حراس العقيدة،وكهنة المعبد-بالغوا في تضخيم وتفخيم وتقعير وتوليد المعاني الخفية والدلالات الباطنية المزعومة،واغوارها العميقة وبعد مراميها التي لاتتكشف الا للراسخين في العلم من (عدماء) الدين اياهم!.فجعلوا من حمولتها البيانية اعجازا مدهشا تنوء تحت ثقله اللغة وتقصر،بل تعجز عن اللحاق بأذيال سمو ورفعة مايكمن خلف النص من درر السوبر لغة من لاهوت كوني،عجز العقل عن فهمه وادراك معمياته،واستحالة الوصول الى اطلاقه وكماله
مخيال نبوي منفلت ولده وعززه وبنى عليه ومنه الخيال الاسلامي لتكتمل دائرة المطلق والمقدس.الم يرفع ويعلي محمد الرسول من قيمة وشأن(الفاتحة)وبالغ في مدحها،وهول من تعظيمها بتطرف لامزيد عليه؟!.فجاء اولئك وهؤلاء ليزاودوا في تأويلاتهم وشرحهم وتفسيرهم المتقعر،ليشطحوا ويغالوا لاثبات مركزية وقطبية تلك السورة ومكانتها كعمدة وبؤرة لدائرة الايمان والعبادة،كسورة من7آيات ولكن معادلة لنصف الوحي القرآني المنزل بمعيار النبي.بل هي(القرآن العظيم)ب(ال)التعريف وبأطلاق غير مستثني!.وماكان مجرد دعاء يردده محمد وألسن المؤمنين عبر القرون كأبتهال وتضرع ورجاء وطلب الهداية والرحمة والسداد،بات اليوم ركنا بالغ الاهمية من اركان الصلاة،ولاتجوز او تصح الصلاة بدونه!.فأذا لم تقرأ الفاتحة في صلاتك عدت تلك الصلاة باطلة!.كما روي عن ابي هريرة عن محمد انه قال:"من صلى صلاة لم يقرأ فيها ام القرآن فهي خداج ثلاثا"!!.وابتلع حوت السورة قمر الدعاء!..
.......................................................
وعلى الاخاء نلتقي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من قال سورة الفاتحة الله ام محمد
صباح ابراهيم ( 2017 / 2 / 26 - 19:16 )
هل نص كلمات الفاتحة هو من كلام الله لنبيه او لعباده ؟ فكيف يقول الله اياك نعبد واياك نستعين ؟
وان كانت موجه من الله لمحمد ليقولها كدعاء على لسانه و لسان المؤمنين ، فهي تخلومن كلمة (قل) الشائعة في الكثير من الايات الاخرى .
فما اصل هذا النص وما هي اسباب نزوله ان كان منزلا من الله ؟

المفروض ان كل ما جاء بالقرآن هو كلام الله موجها للناس عبر نبيه ورسوله ، ولكن كيف يقول الله اياك نعبد واياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم .
هل يكلم الله نفسه ؟

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah