الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطرٌ ناعمٌ – إبداعٌ وسخرية ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2017 / 2 / 28
التربية والتعليم والبحث العلمي


مطرٌ ناعمٌ – إبداعٌ وسخرية ..
كالنار في الهشيم ، انتشر فيديو على اليوتيوب، صوّرته معلمة عربية من مواطني دولة إسرائيل، أثناء
تدريسها لطلابها في مدرسة ابتدائية .. درساً في اللغة العبرية .
كلُ شيءٍ عادي، ما عدا اسلوب التدريس والتقنيات التعليمية التي استعملتها المعلمة والتي خرجت من مربع التدريس التلقيني ، المُمل والقاتل .
أحضرت المعلمة معها طبلة (دربكة)، وقامت كعازفة ايقاع ماهرة، وعلى ايقاع الطبلة بالإنشاد (الغناء)، بكلمات قصيدة عبرية بسيطة ،سهلة، موزونة ومُقفّاة، والطلاب يرددون وراءها الكلمات المُموسقة .
أثناء تدريسها للقطعة الشعرية بمصاحبة الضرب على الطبلة، طلبت المعلمة من احدى الطالبات ان تقوم بتصوير الدرس، حتى تستطيع لاحقا من مشاهدة إدائها للقصيدة وللدرس بشكل عام .
لا يهم الآن كيف ومن قام بنشر الفيديو على العلن، لكنه تحول وخلال ساعات معدودة، الى "بيست سيلر" بين اليهود أساسا وبين العرب في اسرائيل .
كلمات القصيدة بسيطة واللحن خفيف ومرح. وكلمات القصيدة تقول:
مطرٌ ..مطرٌ يتساقط
مطر...مطر يا للمتعة ..
حصلتُ على معطف جديد
سأرتديه غدا ..
وفقط لنتذكر أن الكلمات موزونة ومقفاة بالعبرية . مما سهّل على الطلاب حفظها، فهم معانيها، وزيادة ثروتهم في اللغة العبرية ، وكل ذلك بطريقة لطيفة وممتعة ..
تم تناقل الفيلم على شبكات التواصل، واظن بأن لا أحد في اسرائيل، ممن لهم حسابات تواصل على الشبكة لم يحصل على الفيديو ..
وبما أن طريقة التعليم مُبتكرة ، وخرجت من "صندوق" التقليد الأعمى لمعلمي القرون الوسطى، فقد أثار هذا الفيديو سخرية كبيرة ، وقام العديد بتقليد هذا الفيديو مستعملا نفس الكلمات وبشكل ساخر من شكل المعلمة ومن لكنتها العربية الواضحة والتي تُعرّف بها.
ولكن بالمُقابل فقد استضافت القناة التلفزيونية الثانية (بالعبرية)، المعلمة وأجرى معها أحد كبار الصحافيين لقاء في أحد أشهر البرامج الاخبارية المسائية ..!!
ومن ضمن الافلام التي قلدت درس العبرية للمعلمة العربية ، برزت جوقة من الجنود، رجال إطفاء، فرقة راب شبابية ، نزلاء فندق في ايلات خرجوا الى الممرات وانشدوا مع بعض انشودة "مطر ..مطر"، إضافة الى بعض المغنين والمغنيات الكبار في اسرائيل، الذين غنوا في حفلاتهم الانشودة وبمصاحبة الجمهور .
وأخيرا وليس آخرا ، فقد قام البرنامج الساخر في القناة الثانية ، والذي "يتمنى" كل سياسي في اسرائيل، أن يقوم هذا البرنامج بتقليده بشكل ساخر، لأن هذا يعني الشهرة.. قام هذا البرنامج بتقديم فقرة عن المعلمة (طبعا قام بتمثيل دورها ممثل محترف)، وأنشدوا المقطع الأول كما هو ، ثم اضافوا نصا شعريا ساخرا عن التمييز العنصري ضد العرب في اسرائيل ..
نعم، هناك من استغل الانشودة، الكلمات واللحن للسخرية من المعلمة ، ومن ضمن هؤلاء الكثير من العرب، الذين هاجموا المعلمة ، والكثير من اليهود الذين تهكموا على اللكنة العربية – العبرية .. لكن ، وكما قال أحدهم ،بأن المعلمة رغبت بتعليم طلاب صفها انشودة عبرية ، لكنها نجحت بتعليم الدولة بكاملها هذه الانشودة ..
الخلاصة ، فالمعلمة أرادت الخروج على "التقاليد الموروثة" في طرق التعليم ، وحاولت أن تبتدع طريقة تكون أكثر فعالية في تعليم اللغة العبرية ، ولم تستح أن تحضر طبلة وتضرب عليها.. فقوبل ابداعها بموجة من السخرية .. وهذا هو حال المبدعين دوما، الخارجين على التقاليد .
واثبتت المعلمة كذلك بأن الاخلاص في العمل يقود صاحبه الى تجاوز كل الصعوبات وابتكار وسائل تساعده على تأدية واجبه بشكل جيد ..
قد تكون السخرية جارحة ، لكنها تدل ايضا على "النفسية " التي تعاني من خلل ..
وفي هذه اللحظات وأنا أكتب هذه الكلمات، ويأتيني صوت التلفزيون في البرنامج الاخباري الصباحي بالعبرية ، ويقدم الراصد الجوي توقعاته لحالة الطقس خلال اليوم ... وبدأ فقرته بالبيت الأول من القصيدة ..
مطر ..مطر يتساقط .. كل هذا وبعد مرور أكثر من اسبوع على انتشار الفيديو.
وربما يكون أول الغيث قطر ، يُنعش جهاز التعليم العربي في اسرائيل الذي يحتاج الى غرفة انعاش وبشكل عاجل ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الواقعة لطيفة ولكن:
أفنان القاسم ( 2017 / 2 / 28 - 17:48 )
الابتكار شيء والإخلاص شيء والفائدة شيء، فهل عادت هذه الضجة الإعلامية على المعلمة بالمنفعة؟ أنت لم تذكر حتى اسمها!!!


2 - العزيز الغالي الاستاذ افنان القاسم
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 2 / 28 - 18:36 )
بونسوار
شكرا ونورت الموقع بعد غياب
الرابح الأكبر من هذه الضجة وفي رأيي المتواضع هي المعلمة والتي أصبحت بين ليلة وضحاها -نجمة- مشهورة .. واسمها المعلمة جيهان. فرغم انها تعرضت للاستهزاء من البعض الا ان غالبية المتابعين قاموا بالثناء عليها ، بما في ذلك اليهود والعرب.بل وقامت بلدية مدينة الطيبة (بلدها) بتكريمها في احتفال رسمي .

نعم، وهو كما ذكرت، فهناك فرق كبير بين الابتكار والاخلاص، لكنها وفي رأيي بعملها هذا اثبتت بأنها قادرة على الابتكار . كما وأنه من المرجح ان تكون القصيدة العبرية البسيطة التي تعلمها لتلاميذها هي من تأليفها.
أتمنى لك دوام الصحة والسعادة


3 - هذا تقرير بالألمانية عن المعلمة
قاسم حسن محاجنة ( 2017 / 3 / 3 - 18:13 )
https://www.facebook.com/tagesschau/videos/vb.193081554406/10155137785904407/?type=2&theater

اخر الافلام

.. كبسة سعودية على أصولها تحضير الشيف عمر ????


.. ا?شهى وا?سرع سندويشات بطريقة الشيف عمر ????




.. قصف وعمليات عسكرية إسرائيلية موسعة في رفح.. ولكن؟


.. القمة العربية في البحرين: هل ينجح -إعلان المنامة- في وقف إطل




.. -حنين إلى موسوليني-.. مجموعات الفاشية الجديدة تنتشر في إيطال