الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في نص خلافي/الفاتحة نموذجا(3).

ماجد الشمري

2017 / 3 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل الولوج لسورة-دعاء-الحمد،لنخوض في كلماتها تفحصا وتحليلا،لرؤية طبيعة الخطاب الشفاهي ودلالاته للسامع،واعتماله وتفاعله بين اطراف الخطاب المعنيين،واتجاه اشارته المصدرية:من اين؟والى من؟...نطرح نقاطا ثلاث كملاحظات تستوجب البسط والتوضيح والتبيان،ليتسنى للقاريء العزيز:الاحاطة بالصورة البانورامية الكاملة والشاملة لهذا النص الاشكالي-الخلافي،وتحديد هويته التصنيفية-نسبه،من اباه؟!الله ام محمد؟-محل الخلاف-من خلال استعراض بنية وطبيعة الخطاب القولي-الشفاهي،وسيرورة الكلام المنطوق واتجاهاته الموزعة على المستقبلين.الرسالة..المرسل-الراسل..رسول الرسالة-المرسل اليه الذي يبث وينشر ما انتدب اليه،من كشف فحوى الرسالة-السورة-الدعاء..
ولمرة اخيرة نعري سطح النص من جلده المتقرن السميك.ليبقى الحكم للقاريء المتأمل والمتمعن في حيثيات الفاتحة اولا واخيرا،فنحن لانصدر احكاما ولانقطع بشيء.فهو عرض وقراءة لااكثر..والنقاط الثلاث ضرورية ولابد منها لما سنتناوله لاحقا.وهذه الملاحظات الثلاث هي:
1-الضمائر المتشابكة وتعددها:في كل المدونة القرآنية-العثمانية التي انجزها عثمان وحملت اسمه نسبا-قرآن عثمان-كناشر للكتاب المقدس.لانجد ضمير الله (أنا)المتكلم واحدا ثابتا مستمرا على شاكلة مستقرة في سرد النص الالهي كما هو مفترض في كلام صادر من ذات الله كمرسل ومتكلم مع نبيه عبر وسيطه الملائكي(جبريل).فحتى يكون مضمون وشكل السرد المقدس متسقا ومنسجما مع نسق النص الذي يتحدث فيه الاله مع مبعوثه ونبيه،يجب ان يكون القول على وتيرة واحدة لاتتغيير.فهذا يتفق مع بلاغة التعبير ويسر ايصاله للمتلقي في كل النثر الادبي،فما بالك بالقول القداسي المرسل من الله؟!.فبدلا من هذا نجد:كم من الضمائر المتعددة المتصادمة والمتزاحمة في فوضى اعتباطية عارمة لافي السور وحدها،بل وحتى في الآيه الواحدة،بين الله-محمد-جبريل!.فالخلط حاضر وموجود في اغلب الآيات بفضل او سبب التداخل والتقاطع والقفز بين الضمائر واشتباكها،بين ضمير:المتكلم..المخاطب..الغائب.في كل مقطع وآيه،فيغيب عن الفهم،ويضيع التمييز،وينعدم التباين والاختلاف بين تعدد الاصوات وتنوعها وانزلاقها من ضمير لاخر،فيزداد غموض الخطاب والرسالة وازدواجية صوت الله ومحمد وجبريل فلا تعرف من المتكلم:هل هو الله او محمد ام جبريل؟!..
فهم يتبادلون ادوار الضمير المنقسم والمتشظي دون صعوبة وكأنهم واحد يتعدد صوته ويتنوع!.تلك الضمائر التي تنتقل وتتبادل الاماكن والازمنة،بين:ضمير متكلم مفرد،وضمير متكلم للجمع!.ومن ضمير الحاضر الى ضمير الغائب!.وتجري لعبة الذوات المتكلمة من قبل متكلم لايدرك انزلاقه في تقمص الادوار والانوات على طول وعرض المدونة القرآنية التي ختمت واغلقت الى الابد كتابو لايمس..هذه الظاهرة الملموسة والتي يدركها كل قاريء للقرآن-المؤمن لايلتفت اليها ابدا،فهو يمر عليها مرور الكرام لانها كلام الله طبعا،فهي محل ايمان لانقد!-نرى اشتباك ضمير ال(نحن):"نحن خلقناكم"بضمير ال(انا):"اني أنا الغفور الرحيم".بضمير (يا)المتكلم:"واذا سألك عبادي فأني قريب".بضمير ال(ألف):"أنا نحن نزلنا الذكر".بصيغة(الغائب):"هو الذي ارسل رسوله بالهدى".بضمير المخاطب ب(التاء):"ومارميت اذ رميت ولكن الله رمى".وبصيغة ال(الكاف):"ما ودعك ربك وماقلى".وبالخطاب المباشر كنداء:"ياليها المؤمنون"او:"يا ايها النبي".او:"ياايها الذين آمنوا".او للعموم:"يايها الناس".او بأستخام لفظ(قل):"قل ان صلاتي ونسكي".وغير ذلك الكثير من التنويع في الصيغ المعقدة في تشكيل ضمائر الوحي الالهي التي نقلها الساعي الملائكي ونطق بها محمد النبي المتلقي كما وصلته دون تدخل كقناة اتصال ناقلة و محايدة!.-وكأن الله متعدد وليس واحد!-..
2-مفردة"قل"وكثرة استخدامها:هناك الكثير من السور المكية التي ورد في بدايتها لفظ(قل).بعض هذه ال"قل"كان مناسبا لسياق السورة،والبعض الآخر كان نافلا لالزوم له فهو مقحم على النص وشاذ كما في سورة(الكافرون) فقد كانت هذه ال(قل)مربكة وغريبة-تحدثنا عن ذلك في مقالنا عن سورة الكافرون ولن نكرر ماجاء فيه هنا-.فمشكلة لفظ ال(قل) هو نطقها الاعتباطي،وورودها الجزافي في صدر اغلب السور المكية،وتذبذب استعمالها.فهي تحشر في سورة كنافلة لالزوم لها،وتغيب عن سورة تحتاجها بالحاح حتى ينسجم قولها كضرورة لبدء السورة،كما في سورتنا قيد التأمل-الفاتحة- مثلا،والتي كان يجب ورود مفردة"قل"في بدايتها حتى تتحقق كسورة منزلة وحيا -وفقا للتصور الديني الايماني-.،فهي هنا منطقية لأستقامة المعنى اللاحق لنصها او قولها،فتكون على هذا النحو:قل الحمد لله رب العالمين...الى اخره.فلو كانت الحمد على هذا الشكل والصيغة لمنعت من الخلاف عليها والتجاذب حولها بين ان تكون سورة او دعاء.فذكر"قل" يحسم المسألة،فهو تأكيد على ان الخطاب الالهي هو فعلا موجه لنبيه.فتكون السورة مثالية في قداستها مدعومة بأمر الله:"قل".ولكن باختفائها يصبح من المنطقي لغويا وعقليا ان يكون القول نوعا من الخطاب الصاعد من عبد لمعبود،من مؤمن الى اله،من انسان الى المطلق لا العكس!.
ومع ذلك كان هناك بعض من هذا القول-الفعل(قل)يأتي متسقا مع نص السورة كنداء وأمر او طلب لمحمد للقيام بواجب التبليغ والاخبار وتوصيل رسالة الهدايةالالهية الكاملة للناس.
3-ماهية الدعاء وطبيعته:تتميز الادعية بطابعها البشري المحض،والمنطلق من عالم البشر السفلي-الارضي المرفوع-الصاعد بأتجاه العالم العلوي-السماوي.نتيجة الخاصية الذهنية الدينية،وماهية النوازع المتواكلة والقاصرة والمتسمة بالتسليم والعجز والجبريةpredestination في الطبيعة الانسانية،وتوسلها واعتمادها على قوى ماوراء العالم الارضي الخارقة الحامية.فألادعية هي دائما وحصرا ترتفع وتصعد وتنطلق من ارواح وافئدة وعواطف البشر المنصاعين المستسلمين لمشيئة وقدرية الفوق السماوي البعيد ولكن المتحكم والمقرر للمصائر.لذا من غير المنطقي ان يكون الدعاء نازلا او منحدرا من الاعلى الى الاسفل،من الله الى عباده!.فالعكس هو الصحيح.
هناك أدعية هي فعلا أدعية بأمتياز كالمعوذتان.ولكن اقحم على هذين الدعائين كلمة(قل)لتصبحا قسرا سورتان رغم الطبيعة الدعائية الواضحة فيهما:لطرد الارواح الشريرة والشياطين،والعوذلة كنجاة من الحسد والنفث في العقد.الخ.والاستعاذة بالله هي دليل واضح على انهما دعائان بشريان لاغير..صحيح ومعروف ان هناك الكثير من السور المكية واليثربية تحفل بألادعية المرفوعة لله على ألسن شخوص وانبياء محددين بأسماءالعلم الخاصة بهم،ولكنها تبقى أدعية فردية-ذاتية وتجارب خاصة شخصت تلك الذوات التي دعت ربها واعلنت ماترومه وتتمنى تحقيقه:كالذرية،والملك،ورفع الضر،والطمع بالغفران والانتصار..الخ.وكأمثلة على تلك الايآت الداعية للاله طلبا للعون وتحقيق الاماني،مثل:مخاطبة ابراهيم لربه:"رب هب لي من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء"/ابراهيم-40.وزكريا ايضا خاطب ربه داعيا بنفس امنية ابراهيم ونفس المفردات-آل عمران-38.وآدم دعا ربه:"ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين"/الاعراف-23.ودعاء نوح:"اني مغلوب فأنتصر"/القمر-10.ودعاء سليمان:"رب اغفر وهب لي ملكا لاينبغي لاحد من بعدي انك انت الوهاب"/ص-35.ودعاء ايوب:"وأيوب اذ نادى ربه اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين"/الانبياء-84.وغي ذلك من ادعية وردت في آيات الدعاء.ولكن تبقى هذه الادعية كرجاء وطلب فردي لشخص معرف ووحيد يسعى لخير او هدف خاص به لايشمل غيره.في حين ان سورة-دعاء(الحمد)هو دعاء عام جماعي-جماهيري مطالبه عامة وتجريدية بلا تحديد مادي خاص،وينطبق ساريا على جموع المؤمنين المجهولين افرادا وجماعات،ممكن ان يكون دعاءا خاصا وفي نفس الوقت عاما شاملا،وفي اي زمان او مكان.وايضا لان الفاتحة كلها هي خطاب تمجيد وتعظيم للذات الالهية،ودعاء ورجاء واستعطاف واسترحام،مناجاة وصلاة،ابتهال ونفثة مكلوم عاجز،من اولها الى اخرها.ولم تقتصر على آيه واحدة،او على اسم مجرد لمن دعى بالفاتحة.هذه هي النقاط الثلاث التي اردنا تبيانها قبل ان ندخل على السورة-الدعاء متفحصين كلماتها بتجرد عقلي ومنطقي،ودون تحيز او تعسف في التفسير او التأويل...
........................................................................
وعلى الاخاء نلتقي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran


.. 72-Ali-Imran




.. 73-Ali-Imran