الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كشك ... فارس منابر الطائفية والكراهية والظلام والديماجوجية الدينية!

عمرو المصري

2017 / 3 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما تبرز صورة هذا الرجل ذو العمامة الأزهرية والنظارة السوداء التي تخفي عيونا انطفأت فيها الأنوار بعد أن انطفأت في القلب، تتمتم الشفاة بأدعية الرحمة لهذا الذي أسموه ب "فارس المنابر" .. وللحق هو خطيب مفوه لو شئنا أن نطلق على التهييج السياسي خطابة ويمتلك ناصية اللغة العربية، ويعرف كيفية استخدامها جيدا مع نبرات صوت تعلو وتنخفض لإحداث التأثير المطلوب في سامعيه الذين اعتقدوا أن الرجل نوراني شفاف لا يوجد شئ يحجب الطريق بينه وبين الله!

إنه عبد الحميد كشك، الذي كان يحتقر كل شئ وأي شئ غير إسلامي من وجهة نظره...يهاجم السياسيين والفنانين والمفكرين والعلماء والأدباء بالإسم بلا أي حرج في مسجد عين الحياة بشارع مصر والسودان بمنطقة حدائق القبة، ذلك المسجد الذي بدأ فيه الإمامة والخطابة في عام 1962 وظل يخطب به قرابة العشرين عاما.

هذا الرجل الذي ولد في عام 1933 بمحافظة البحيرة ودرس في كلية أصول الدين بالأزهر وأصبح أستاذا بها في عام 1957 ولم يلق إلا محاضرة واحدة فقط بها ثم اتجه للمنابر والخطابة حيث التأثير الأقوى، وأعطى لنفسه الحرية في انتقاد جميع رؤساء الجمهورية بشكل فج ساخر لأنهم لم يطبقوا شرع الله من وجهة نظره، حتى بلغ به الأمر لأن ينعت السادات ب "الظالم" ليتم القبض عليه وسجنه، بل اتهم الحكومة المصرية ب "خيانة الإسلام" وظل يهاجم الدولة و "فسادها" بحدة كبيرة مع معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل حتى سجن في عام 1981 مرة أخرى في إطار اعتقالات سبتمبر الشهيرة، كما سجن أيضا في عصر عبد الناصر في عام 1965 ليقبع في غياهب السجون في طرة وأبو زعبل والقلعة لعامين ونصف العام.

لم يكن هذا الكشك خطيبا عاديا كغيره من الخطباء، ويمكن القول إن هذا الرجل الذي كان يملأ قاعات المساجد صراخا وعويلا بصوته المفرط في القبح ومحاولاته البائسة في أن يكون "فكاهيا" كان بحق رائد عصر جديد من الديماجوجية الدينية وسار على نهجه التعس العديد والعديد ممن يسمون أنفسهم ب "الدعاة" ...يطلق قذائفه الرعناء يمينا ويسارا يهاجم الجميع، يسخر من الجميع، رجالا ونساء، بلا أي أدب أو تحفظ في الكلام بلسان لا ينطق إلا بفحش القول وقلة الأدب والتطاول بلا وازع من تربية أو أدب!

كان يعطي لنفسه الحق في انتقاد المواطنين المصريين المسيحيين ورجال الكنيسة وعلى رأسهم البابا شنودة، حتى قال يوما في إحدى خطبه "إن لم تؤدب النصارى يا شنودة سنعلمكم الأدب" بسبب ما زعمه من أن بعض المسيحيين قد ألقوا قطعة من الخشب على المسجد "فتحت رأس أحد المصلين" أو أنهم يقوموا بتشغيل "موسيقى الجاز الصاخبة" للتشويش على المصلين، وهي مزاعم ليست مؤكدة أو حقيقية، ولكن التهديد يحمل كراهية شديدة لا تستطيع أن تستتر من فرط فجاجتها.

وفي موضع آخر، هاجم هذا الكشك البابا شنودة بصورة قاسية في خطبة علنية بالمسجد، حيث قال "مصر ليست لأتباع شنودة، بل هي للمصريين المسلمين ويعيش تحت ظلهم غير المسلمين" في نبرة صوت لا تنطق إلا بالطائفية والكراهية وسط تهليل مريدي هذا الأعمى البصيرة قبل البصر وفي عدم اكتراث كامل بأي مبادئ الدول الحديثة أو المواطنة أو قيم المؤاخاة بين أفراد الشعب الواحد بغض النظر عن دينهم أو معتقدهم أو جنسهم أو لونهم.

وعندما تنظر إلى أيديولوجيات الرجل لو افترضنا أن هذا العقل المظلم الطائفي بطبعه به أي أيديولوجيات لوجدته يكيل الثناء والمديح على زعيم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية حسن البنا ويلحق اسمه ب "رضي الله عنه" وكأنه من الصحابة مثلا أو من التابعين، وفي مواضع كثيرة كان يستطرد في مدح سيد قطب، المنظر الأول للإرهاب ومؤسس أيديولوجيته التي سار على نهجها تقريبا كل جماعات الإرهاب المتأسلم والتي تتلخص في نظرية الحاكمية والجاهلية، وحتى هذه لم يأت بها سيد قطب بل نقلها عن المتشدد الإسلامي أبو الأعلى المودودي.

ولا يوجد ما ينفي أو يؤكد انتماء كشك تنظيميا لجماعة الإخوان الإرهابية، ولكن الإرهاب لا يحتاج لبطاقة عضوية، فيكفي أن ينتمي الشخص فكريا لمثل هذه الجماعة حتى يكون إرهابيا طائفيا محرضا، وقد تم اعتقاله في عام 1965 مع الإخوان في الحملة الناصرية الثانية على جماعة حسن البنا، مؤسس الإرهاب ومدشنه في مصر، وهو أيضا مثل كشك قد أتى من مستنقع التطرف المسمى ب "البحيرة"، والإرهابيون على أشكالهم يقعون!

كان هذا الكشك الغوغائي المظلم يحاول في كثير من الأحيان أن يكون طريفا، وهناك على الإنترنت الكثير من الصفحات تسمى "طرافات كشك" أو "لطائف كشك" وقد تصفحتها ولم أجد أي طرافات أو لطائف، بل وجدت نوعا من ثقل الظل الشديد في أشياء لا يصح فيها التندر ومواقف لا تقبل السخرية، بل تستدعي الرثاء والبكاء على حال مصر، حيث قال في إحدى المرات أثناء إمامته لصلاة الجمعة "المباحث في الصف الأول يتقدموا علشان إخوانهم المصلين في الخارج"، أو قوله "في السجن جابوا لنا سوس مفول"، و "كان بيحقق معايا ضابط جديد، فقال لى: ما اسمك، فقلت: عبدالحميد كشك، فقالى: بتشتغل إيه، فقلت له مساعد طيار"، وتطاول على الأدباء والمفكرين حيث قال "توفيق الحكيم، حيث لا توفيق ولا حكمة»، منتقدا الأديب الراحل توفيق الحكيم، ومتهكما على الفنانين الذين لم يسلموا من لسانه الزالف بلا أي سبب أو مبرر، حيث قال "كنا نبحث عن إمام عادل آم طلعلنا عادل إمام"، وامرأة في الـ70 من عمرها تقول خدني لحنانك خدني.. يا شيخة خدك ربنا"، متحدثًا عن كوكب الشرق أم كلثوم، وقال أيضا "هذا العندليب الأسود عندنا ظهرت له معجزتين، الأولى يمسك الهوى بأيديه والتانية يتنفس تحت الماء".

ثم قال في خطبة أخرى داخل المسجد عن الفنانة نبيلة عبيد "إحدى الممثلات بطلة فيلم وسقطت فى بحر العسل، أسقطها الله فى بحر جهنم"، وهو ما يستدعي للذاكرة القريبة هذا الغوغائي الجاهل عبد الله بدر الذي هاجم الفنانة إلهام شاهين بصورة تنبي عن انعدام الأخلاق لرجل فضلا لمن يسمي نفسه ب "الداعية"، فهذا العبد الله بدر هو صورة حية معاصرة للمدرسة الكشكية الديماجوجية.

ولا عجب أن يأتي هذا الكشك من الريف مثله مثل غيره من الدعاة كالشعراوي، حيث الانغلاق والتحفظ المبالغ فيه والتنطع في الدين والجهل والأمية وانعدام الثقافة وغياب التفتح، فهؤلاء لا يأتون من الريف ليندمجوا في مجتمع المدينة بل ينظرون للمدينة على أنها أماكن فسق ولهو ويقاومون بكل ما أوتوا من قوة ثقافة وأضواء المدينة ويحاولون ترييفها وفرض بيئتهم الريفية عليها، فمحصلة البيئة الريفية المصرية بالإضافة إلى الانفعال الإيجابي بالوهابية هي كارثة بكل المقاييس، وهي ما تنتج لنا هذا الكشك وأمثاله من كارهي الحياة، وناشري الطائفية، وملوك التهييج agitation السياسي والديني.

وهذه النوعية لا تبالي بشئ اسمه المواطنة ومبادئ الدولة الحديثة، بل هم بطبعهم راديكاليون، وكما قال مهدي عاكف، المرشد السابق لجماعة الإخوان الإرهابية، في إحدى أحاديثه الصحفية "طز في مصر واللي جابوا مصر"، قالها هذا الكشك أيضا بمعنى مختلف، حيث ذكر في إحدى "لطائفه" البائسة قائلا "هما بيقولوا دي مصر أم الدنيا، والنبي صلى الله عليه وسلم بيقول ده الدنيا ملعون ما فيها، تبقى مصر أم الملاعين"!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أشهد أن لا إله إلا الله
حماده ولعه ( 2017 / 3 / 6 - 19:13 )
وأن محمدا عبد الله ورسوله

عمرو
وعند الله تجتمع الخصوم
تذكرها.


2 - سأتذكرها
عمرو المصري ( 2017 / 3 / 6 - 19:20 )
نعم يا سيدي ...كل الاحترام بالطبع لرأيك ولم أشأ أن أحذفه بل نشر رأيك كاملا كما هو لأثبت لك احترامي لرأيك ..ولكنني لم أتجن على هذا الرجل، ولم أكذب في معلومة، ولم أظلمه ...في رأيي الشخصي هو رجل طائفي أذكى نيران الفتنة بين المواطن المصري وأخيه في الوطن لا لشئ سوى اختلاف المعتقد الديني وإذا لم تصدقني فارجع الى خطبه التي هاجم فيها الأقباط ومعتقداتهم وبث نيران الكراهية بين الناس من على منابر المساجد
وأؤكد احترامي لرأي سيادتك مرة أخرى


3 - هذا الكشك الغوغائي المظلم...
سيد مدبولي ( 2017 / 3 / 7 - 11:49 )
هذا الكشك الغوغائي المظلم...
مولانا الغوغائي كشك هو مثال حى لما تلفظه لنا كليات أصول الدين والشريعة والفقه الازهرية... وانا مش عارف مين الاهبل ابن الاهبل اللى اطلق على احد بؤر الجهل والتخلف كلية؟؟ او على مشيخة الازهر جامعة؟؟.... دة لو سعادتك دخلت الجيش وكان من حظك الهباب ان دفعتك بقت ضباط احتياط حتكتشف الكارثة لما تشوف خلال فترة كلية الضباط الاحتياط تلك النوعية -اللى يُطلق عليها مجازأ- من البشر فاقدة للزمن والمكان!!! تفتقد الادب والاحساس والثقافة و... كل مؤهلتها قال الله وقال الرسول...ودة يديك احساس انها ناس تخطت حاجز الزمن و جاية من 1400 سنة زيارة بس عجبها الاحوال راحة قاعدة.... يا استاذنا مصر محتاجة شوية تطهير فكرى واول خطوة هى غلق المخروبة الازهر اللى بقى رمز للارهاب والسفالة... يا راجل دة لما الامريكان قتلوا الارهابى ابن لادن صلوا صلاة الغائب على روحه الطاهرة فى التحرير... ولا الارهابى اللى جثته جت من امريكا عملوا له جنازة الفاتحين... يخرب بيوتهم البعدة...


4 - تحياتي وتقديري
عمرو المصري ( 2017 / 3 / 7 - 14:36 )
الأستاذ المحترم سيد مدبولي...
دائما أسعد بتعليقات سيادتك التي تنم عن عقلية متفتحة ..وقلب حزين مثل قلبي على بلادنا التي لا تستحق ذلك ...وقد دعوت في أكثر من مناسبة بغلق مفرخة الإرهاب هذه المسماة ب -الأزهر- ويا لهول الردود التي سمعتها ...فالأزهر في عقول البسطاء له قداسة خاصة مع أنه في الدستور منصوص عليه أن الأزهر مؤسسة علمية ..مع اني لا أعلم أي علوم إنسانية مسماة ب -الجرح والتعديل- وعلم -الرجال- ...هذه أشياء متخلفة لا تفيد الإنسانية في شئ ..فالعلم من صفته شمول الفائدة ..فهي لا تفيد العالم في شئ ولا حتى تفيد عامة المسلمين في شئ ..فالشيعة على سبيل المثال لن يستفيدوا شئ من هذه الأشياء التي أجد حرجا كبيرا في وضع صفة العلم عليها ...
وأتفق مع سعادتك تماما يا أستاذ سيد على أن مصر في حاجة إلى تطهير فكري ..بل ثورة فكرية كبيرة ...وهذه بحق ستكون في رأيي المتواضع أشرف الثورات جميعا
كل التحية والتقدير لسيادتك وأشكرك على تعليقك الجميل