الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هامش على الصعود الإخواني الأخير

هاني نسيره

2006 / 1 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن ما شهدته الساحة المصرية في الانتخابات البرلمانية كان جديدا في كل جوانبه وكان أكبر من توقعات من توقعوا بعض مشاهده ، كان فرزا حقيقيا لمشهد سياسي وثقافي سجالي ملئ بالضجيج الأيدولوجي والدعائي ، عرف كل من خاضوا مضماره حجمه الحقيقي أفرادا ومؤسسات وقوى سياسية . فقد حكم الشارع حين غاب الأمن المركزي وتدخل الشرطة بشكل كبير وملموس ، وحكمت الناس حين التزمت الحكومة بدرجة كبيرة ومقبولة – تستحق الشكر عليها – رغم وجود التجاوزات هنا وهناك – و من الجميع - ! . فقد عرفنا نائب الظرف في المرحلة الأولى كما عرفنا نائب البلطجة في المرحلة الثانية وظل نائب الوطن " صاحب البرنامج " مختفيا فلم يخاطب أحدا هذا الشارع ببرنامج في حملاته الانتخابية ولكن فقط اعتمد على شيئين لا ثالث لهما :
1- المزايدة على حاجات الناس سواء بإغرائهم بالمال وشراء الأصوات أو المزايدة على أزماتهم باستنفار سوء أوضاعهم الحياتية والمعيشية وتحميل الحكومة والحزب الحاكم كل المسئولية !
2- المزايدة على العواطف وبرز فيها شعار الإخوان " الإسلام هو الحل " الذي اختاره الغالبية في دوائر ترشحهم ، حيث كان شعارا خلاصيا ومهدويا هروبا من الشعور بالاغتراب حين تتحكم الواسطة والشلة ويزكم الفساد الأنفاس ويسمعون عن رواتب بالملايين يتقاضاها فلان رغم ثبوت فساده فيما بعد وهو ليس واحدا ولكن أحاد ! وبين الطريقين في غياب الطريق الثالث " الفكر المدني " والدعوات العلمانية الذي تمثله الأحزاب القائمة ، وضعف حوامله سواء في الصحف او الجامعة أو الشارع ، وانشغال كثير من ممثليه بمنح الرضا والتفرغ وصراع الكراسي والهبات من هنا وهناك سواء كانت كوبونا ت صدام أم كوبونات غيره ! فقد أثبت " الإخوان المسلمون " بشعارهم واستراتيجيتهم – التي كانت وحيدة في هذه الانتخابات – في التعبئة الجماهيرية التي استثمروا فيها قدراتهم ومختلف منابرهم وتدوير كوادرهم بينما ظلت في الأحزاب المدنية الأخرى مجرد خطاب – بلا استراتيجية للتمكين والتعبئة – وكذلك ثبات مقيت في النخب تستمر لعقود دون استبدال ، وتركيز محض على هبات السلطة وصراعها دون تركيز مواز على الشارع وعلى الوعي العام للجماهير ، مما جعل النخب العلمانية – في كثير من القوى السياسية المختلفة نخبا رخوة – بلاجذور في الأرض – أو نخبا فاسدة في أحيان أخرى . إن أبرز دلالات هذه الانتخابات الماضية هو تفوق النخب والأفكار الدينية – التي لا ننكر استنارة كثير منها – على النخب والأفكار المدنية التي تشكو الشيخوخة وضعف البنية وحاجتها لإعادة الهيكلة سواء كانت الحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة ، هم بحاجة لنضالية مختلفة تجاهد من أجل الأفكار المدنية مثلما يجاهد الإخوان من أجل الأفكار الإسلامية ، وأخلاقية مختلفة تقر الالتزام الحزبي تمنع من انشقاق من لا يصبه الدور أو بيع الشريك من أجل النجاة بالنفس كما يحدث في انتخابات النقابات وهذه الانتخابات .. لماذا لانعرف منشقا إخوانيا في الانتخابات .. مجرد سؤال !
نريد نخبا مختلفة تحترم حق التعبير وحق الاختلاف وتقدر أي تطور إيجابي عند الآخرين دون تكرار واجترار لمقولات واسطوانات محفوظة عن " الحظر والمنع " فقد أخذ الإخوان صك شرعية من الشارع ، فرغم إيماني بخطورة الدوجما والنسق المغلق عموما – وبخاصة الديني منه – إلا أن ما نشاهده من هشاشة الفكرة المدنية وفساد كثير من نخبها يؤكد عندي ضرورة إنتاج نخب بديلة . لنتجاوز الهشاشة التي تمارسها مؤسسات وحوامل الوعي المدني والحضاري في بلادنا .. فحين يكتب في كبرى جرائدنا القومية من لا يمكن أن يكون خلفا لطه حسين والعقاد وزكي نجيب محمود ولويس عوض ، وفقا لمعايير مغايرة لمفهوم الكتابة والثقافة أساسا ، فإننا نقتل الفكرة المدنية ونغتال التنمية الثقافية والإنسانية المطلوية ونعطي الوعي لساحة التقليد ودعاتها يكسبونها متى شاءوا ! وحين يخلف أحمد بهاء الدين وإحسان عبد القدوس من لم يكتبوا كتابا واحدا نكون في خطر ! وحين يكون صراع المكاسب والهبات هو الغالب لا تطوير الأفكار نكون في خطر !
والأهم أنه حين لا نستطيع صوغ مشروع مدني متكامل يستلهم الإسلام ولا ينغلق عليه ويصنع كوادره وجنوده في الشارع – وليس فقط مستفيدين منه في أروقة وغرف مكيفة – يمكن أن نواجه به – مواجهة شريفة - مشروع الإخوان السياسي فالنخب العلمانية في أزمة لا يمكن إنكارها ! حين لا نرى عوارنا بينما نحمل غيرنا العار .. نقول نحن في حاجة أكيدة لنخب بديلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا