الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية الاخلاق في عقيدة الحياة المعاصرة الجزء الثالث

رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)

2017 / 3 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


احاديث وافكار في نظرية الاخلاق لعقيدة الحياة المعاصرة :
1ـ العدالة الاجتماعية صورة من صور الاخلاق في عقيدتنا ، التباين الكبير في المستوى المعيشي بين الاغنياء والفقراء يؤدي الى حدوث تصدع في الكيان الاجتماعي نتيجة الشعور بالظلم ، ومثل هذا الوضع لا يمكن ان يصنع مجتمعا صالحا ، الظلم الاجتماعي يؤدي الى التطرف الذي يؤدي بدوره الى العدوان دائما ، الظلم الاجتماعي يخلق العنف والاجرام من جهة ، وفسادا للذمم من جهة اخرى ، هناك ترابط بين قسوة الحياة وتطرف النفوس ، فكلما كانت المعيشة أقسى كلما كانت النفوس اشد تطرفا ، الدعوة الى العدالة الاجتماعية تعني الدعوة الى الحفاظ على منظومة القيم الاخلاقية في المجتمع ، الدولة تتحمل المسؤولية الاولى في توفير العدالة الاجتماعية وضمان مستويات معقولة في تفاوت الاوضاع المعيشية بين افراد المجتمع .
2 ـ نؤمن بالعدالة ونؤمن بالمساواة كقيم اخلاقية تعكس مباديء الحق ، ولكن ليس من العدالة ان نساوي بين المختلفين او نفرق بين المتساوين ، لا نؤمن بالمساواة بين الحق والباطل لان الحق أعلى من الباطل ، ولا المساواة بين الخير والشر لان الخير أسمى من الشر ، ولا بين الصالح والفاسد لان الصالح أنبل من الفاسد ، ولا بين الجيد والرديء لان الجيد أرقى من الرديء ، ولا بين النافع والضار لان النافع أرفع من الضار ، الحقوق لا تخضع للمساومة ولا تخضع للميول والامزجة ، اذ لكل شيء ثمنه ولكل صاحب حق حقه ، من يشتري يدفع ومن يبيع يقبض ، وكل بائع مسؤول عن مبيعاته ، وكل شاري مسؤول عن مشترياته .
3 ـ الجهل والضعف من اكثر الاسباب في ضياع الحقوق ، فالجهل بالحقوق يكون سببا في ضياعها وفقدانها ، كما ان الضعف هو الاخر سبب من اسباب فقدان الحقوق وضياع الممتلكات ، لان من كان ضعيفا لا قدرة له على حماية حقوقه وممتلكاته فان الطامعين بها سوف يتجرأون لسلب الحقوق واغتصاب الممتلكات ، وكلما يطول زمن الضياع او الاستلاب كلما يصعب استرداد الحقوق الضائعة او المسلوبة ، اذ ان الزمن سيصنع واقعا جديدا تذوب فيه الحقوق القديمة ويبرز واقع جديد ، لذا المعرفة والقوة كلاهما ضروريان للمحافظة على الحقوق وعدم فقدانها .
4 ـ ليس بالنوايا الطيبة ولا بغصن الزيتون ينتصر الخير على الشر ، ان النوايا الطيبة والاخلاق الفاضلة تصلح للتعامل مع الناس الخيرين الطيبين المسالمين الوديعين الذين يحترمون حقوق الاخرين ، اما الاشرار فيجب الانتباه والحذر من تصرفاتهم ، لا تأمن الذئب ان دعاك الى السلم قبل ان تجرده من أنيابه ومخالبه ، هكذا هي طبيعة الصراع مع الشر وهكذا هي قوانين الصراع في الطبيعة ، الاشرار عادة يعملون ويتحركون في الظلام لانهم يخافون الضوء الذي يفضحهم ويكشف قذارتهم ، ليس للاشرار ما يردعهم سوى قوة الحق وقوة الخير ، فلا خير في الحق اذا كان ضعيفا ، ولا فائدة ترتجى من الخير اذا كان ضعيفا ، هل يظن أحد بان القضاء على الجراثيم الموجودة في جسم الانسان المريض يكون عن طريق رش هذا الانسان بالعطور والزهور أم أن القضاء على هذه الجراثيم يكون بتوجيه أسلحة المضادات الحيوية المناسبة لها ؟ وهل يظن أحد أن مكافحة الفطريات والآفات الزراعية التي تصيب المزروعات تكون عن طريق قراءة الادعية وتلاوة الايات أم تكون المكافحة باستخدام المبيدات الزراعية ؟ ان المجرمين الارهابيين الظالمين يستغلون قيم الخير وقيم الانسانية وانجازات الحضارة والتكنولوجيا لتحقيق أهدافهم الشريرة ، ويستغلون البشر الابرياء كدروع بشرية ليحموا أنفسهم من العقاب ومن ملاحقة سلطة العدالة ، الاشرار يشكلون خطرا حقيقيا على أمن المجتمع وعلى حرية الانسان في كل مكان ، لذا يجب ضربهم بكل شدة ، واقتلاع جذورهم ومنابعهم ، وليكن معلوما ان الشر الصغير اذا ترك دون ردع ودون عقاب فانه سيكبر وحينئذ سيتطلب مجهودا كبير للقضاء عليه .
5 ـ حقوق الانسان الاساسية ثلاثة : 1) حق الحياة : وهو حق مقدس ، وقدسيته متأتية من كون الانسان يتمتع بهذا الحق لمرة واحدة فقط خلال حياته ولن يتكرر هذا الحق عندما يغادر الانسان الحياة .. لذا لا يجوز بتاتا الاعتداء على حياة اي انسان الا في حالة الدفاع عن النفس ، وان توفر الأمن والأمان في اي مكان هو دليل عملي على احترام هذا الحق . 2 ) حق الكرامة : ويقصد به احترام القيمة الانسانية . 3 ) حق الحرية : ويشمل حرية الارادة وحرية الانتماء وحرية التعبير ، حقوق الانسان الاساسية هي جوهر حقوق الانسان العامة وعمادها ، واستنادا الى هذه الحقوق الاساسية فاننا نعتبر عقوبة الاعدام انتهاك بليغ لمباديء حقوق الانسان ، كما ان اساليب امتهان كرامة الانسان من خلال استخدام وسائل الارهاب أو التعذيب البدني أو النفسي تعتبر مرفوضة رفضا قاطعا مهما كانت الاسباب والمبررات ، وكذلك عقوبات الحرمان من الحرية لمدد طويلة كالسجن لمدة تزيد عن عشرة سنوات ومن ضمنها السجن المؤبد ، يجب ان تكون عقوبة الحرمان من الحرية لمدة قصيرة بهدف تقويم السلوك وتنمية الشعور بالمسؤولية وليس للعقاب ، ويجوز في الظروف الطارئة المهددة للامن اللجوء الى تعليق الحريات العامة ولكن بشرط ان يكون التعليق لمدة قصيرة ، لان الحريات روح الحياة .. بتعطيل الحريات تفسد الحياة .
6 ـ ان اساليب اذلال الانسان او ابتزازه مقابل عدم الاعتداء على حقوقه الاساسية هي اساليب مرفوضة ، كما ان اساليب حرمان الانسان من حقوقه الاساسية مقابل عدم الاعتداء على كرامته هي ايضا اساليب مرفوضة ، لان كرامة الانسان وحقوقه مكملين لبعضهما ولا ينفصلان ، الاعتداء على حقوق الانسان ظلم ، والاعتداء على كرامة الانسان ظلم ولا قيمة للحياة في ظل حق مغتصب او كرامة مهانة ظلما وعدوانا .
7 ـ الخير قيمة ايجابية يستفيد منها الجميع .. الاخيار منهم والاشرار ، بينما الشر قيمة سلبية لا يستفيد منها الا الاشرار ، لا يمكن للاخيار العيش في بيئة الشر لكونها لا تصلح الا للاشرار ، بينما يستطيع الاشرار العيش في بيئة الخير لكونها بيئة صالحة للعيش للجميع ، اعمال الخير دافعها المصلحة العامة بينما أعمال الشر دافعها الكراهية وغايتها الضرر ووسيلتها العنف ، ولكي يكون التصدي للاشرار فعالا ومؤثرا يجب ان يكون التصدي بنفس اساليبهم وادواتهم ، فاللغة مثلا وكما هو معروف ما هي الا وسيلة للتفاهم مع الاخرين ، ولكي يفهمك المقابل يجب ان تخاطبه باللغة التي يفهمها ، وكذلك التعامل مع الاشرار يجب ان يكون باللغة التي يفهمونها ويتداولونها ، ان طيبة الاخيار وصلاح اعمالهم وسلامة نواياهم كثيرا ما تستغل من قبل الاشرار وهذه من الاخطاء التي يقع فيها الاخيار ، على الاخيار أن يكونوا على درجة عالية من الحيطة والحذر تجاه الاشرار ولا يجوز ان يكونوا سذجا فيسهل خداعهم او استغلالهم .
8 ـ ليس هناك خير دائم وليس هناك شر دائم ... مفاهيم الخير والشر مفاهيم نسبية تتأثر بالظروف المكانية والزمانية ، التغير في الزمان او المكان قد يغير الخير الى شر او الشر الى خير ، الاعمال الخيرية يجب ان تخضع للتقييم والمراجعة باستمرار ، لا يجوز الاحكام المطلقة في تقييم سلوك الاشخاص ، ما هو صالح في الوقت الحاضر قد يفقد صلاحيته في المستقبل اذا ترك ولم يتم اخضاعه للمراقبة والتقييم والتوجيه والمعالجة المستمرة ، رب شر اليوم قد يتحول الى خير غدا ، ورب خير اليوم قد يتحول الى شر غدا ، كما ان ما هو خير في هذا المكان قد لا يكون خير في مكان اخر ، وما نراه اليوم صالحا قد لا يكون صالحا غدا ، وما نراه اليوم مسكينا يستحق العطف والشفقة قد لا يكون غدا مسكينا يستحق العطف والشفقة .
9 ـ من يزرع الخير يحصد رضا الناس ومحبتها ، ومن يزرع الشر لا يحصد سوى غضب الناس ونقمتها ، نؤمن بقيم السلام والحرية ، ولكننا في الوقت نفسه نؤمن بان لا سلام مع المعتدين والاشرار ولا حرية لهم ، من لا يحترم حقوق الاخرين لا يستحق ان تحترم حقوقه كانسان ، من يبيع الضرر لا يستحق المنفعة ، من يغشنا لا يستحق ثقتنا ، ومن يرمينا بالحجر لا يستحق ان نحرص على زجاج بيته ، مبدأ التعامل بالمثل مبدأ حق ، هذا هو منطق العدالة .
10 ـ لكي يتحول الفكر الى فعل او تصرف فانه يحتاج الى الارادة ، كل فعل يقوم على ركيزيتن هما الفكر والارادة ، الفكر يعتبر السبب .. والفعل يعتبر النتيجة .. اما الارادة فهي القوة التي تحوّل السبب الى نتيجة ، فعل الشر لن يتحقق بوجود فكر شرير فقط بل لابد من وجود ارادة لفعل الشر ، كما ان المعيار في الحكم على السلوك هو في السلوك ذاته ان كان على شكل افعال او على شكل اقوال ، ولا يجوز اعتبار مصدر هذا السلوك هو المعيار ، فليس كل ما يصدر عن الاخيار هو خير .. وليس كل ما يصدر عن الاشرار هو شر ، المعيار هو السلوك ذاته بغض النظر عن مصدر هذا السلوك ، هذا هو الحق ان كنا نبتغيه ، لانه من الظلم ان تحكم على كل ما يصدر عن الاشرار او الاعداء بانه شر من دون ان تخضعه لمعايير الحق والخير ، ومن الظلم ايضا ان تحكم على كل ما يصدر عن الاخيار او الاصدقاء بانه خير من دون ان تخضعه لمعايير الحق والخير .
11 ـ الاسلوب الصحيح للتعبير عن الافكار والمعتقدات يجب ان يكون اسلوب الحوار والنقاش وتبادل الرأي وليس اسلوب فرض الرأي بالعنف والتهديد ، يجب ان نحترم عقول الناس فلا نفرض وصايتنا على عقولهم باساليب التهديد والوعيد لان في ذلك اهانة للقيمة الانسانية ، كل انسان له الحرية في ما يؤمن وما يعتقد ولكن ليس له الحرية في فرض معتقداته على الاخرين عنوة ، ان الذين يدعون لافكار خاطئة او منحرفة او ضارة يجب التصدي لهم باسلوب الحوار والنقاش وتوجيه النقد والنصيحة بكل هدوء واحترام ، ولا يجوز اتباع العنف مع الاخرين حتى وان كانوا مخطئين في افكارهم او تصرفاتهم طالما التزموا جانب السلم ، اما الذين يمارسون العنف والارهاب للدعوة لافكارهم فيجب مواجهتهم بالعنف والحزم والصلابة ، وعدم التهاون ابدا في استخدام القوة لردعهم ومكافحة افكارهم الارهابية ، اننا نؤمن بالسلام ولكن ليس على حساب الحق ولا على حساب الخير ، فلا سلام مع الباطل ، ولا سلام مع الشر ، ولا سلام مع العدوان ، ولا سلام مع الظلم ، ومن اعتدى يجب عليه دفع الثمن ، حتى تعود الحقوق الى اصحابها ، وينتهي الشر واصحابه ، اننا نؤمن بان مباديء حقوق الانسان هي مباديء عظيمة ولكننا نظلمها كثيرا عندما نمنحها لمن لا يستحقها ولا يقدر قيمتها.
12 ـ الأمن حق من حقوق الانسان ، السلام قيمة انسانية ، من حق كل انسان ان يعيش في أمن وسلام ، وان من يعتدي على الاخرين من خلال اشعال نيران الحروب ظلما وعدوانا فكأنما يعتدي على البشرية جمعاء ، الحروب بين البشر يجب ان تنتهي ، صراع الانسان ضد اخيه الانسان يجب ان ينتهي ، فالطريق الحقيقي لحل المنازعات بين البشر هو في الحوار والتفاهم وفقا لمباديء الحق والعدل ، وان على كل طرف ان يعرف ما هي حقوقه وما هي حقوق الاخرين وان يحترم هذه الحقوق . يتبع الجزء الرابع والاخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال