الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماركسية النيتشوية فى روسيا

رمضان الصباغ

2017 / 3 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



الماركسية النيتشوية فى روسيا

جورج ل. كلاين

ترجمة : د. رمضان الصباغ

يعتبرنيتشه، مثل ماركس، مفكر ما بعد الهيجلية على نحو حاسم . كلا المفكرين وضع التركيز في المقام الأول على التاريخ البشري، على الرغم من أن كلاهما -في تناقض واضح مع هيجل – بالتركيز على المستقبل، وليس الماضي والتاريخ. تم تضليل طلاب نيتشه في بعض الأحيان من خلال مقالته "مناستخدام وإساءة للتاريخ من أجل الحياة YomNutzen und Nachteil der Historiefur das Leben " فى عام (1874) – وقد ترجم العنوان عادة ت ببساطة باعتباره استخدام وإساءة للتاريخ، ولكن بشكل أكثر دقة باعتباره "عن مزايا وعيوب من الوعي التاريخي للحيوية الثقافية ". و" العيب "الذي يراه نيتشه في الوعي التاريخي متضخما هو أن النفوذ"الميت" للماضي يخنق الإبداع الثقافي الحالي . ولكن بالنسبة لنيتشه من هذا القبيل الإبداع ليس غاية في حد ذاته. بالأحرى ، إنه يخدم التاريخ في المستقبل، ويعمل على إثراء الثقافة التراكمية وهي في طريقها إلى أن الصيرورة .
تمثل المعارضة ا التقليدية لكل من نيتشه وماركس باعتبارهما الفردانى والجمعي، على التوالي، نصف الحقيقة . لنيتشه ل قيمة أو كرامة للفرد الاباعتباره مبدعا للقيم الثقافية التي تخدم ابداعيا التاريخ في المستقبل، وتثرى التقليد العام للثقافة العالية. بالنسبة لنيتشه، لدى الافراد فقط قيمة فعالة من الناحية التاريخية. ولكن وظيفتهم الأساسية هي، ،أنهم، ليسو لجان أوجماعات ، وخلق ثقافة تاريخية. (بعض من الروس "الماركسيين النيتشويين" نفى ا الطبيعةالفردية للإبداع الثقافي، مؤكدا أن التجمعات التاريخية هي المبدع الحقيقي للفن والعلوم والفلسفة.

يحدد ماركس القيمة الأساسية ليست للأفراد ولا للثقافة التاريخية ، بل للمجتمع التاريخي. ومع ذلك، ثقافة نيتشه الوسطية "المتمركزة "تنطبق على كل من الحاضر والمستقبل، في حين تمركز المجتمع بالنسبة لماركس يتم تفسيره (على الرغم من أن النصوص ضئيلة وغير حاسمة بشأن هذه النقطة) على أنه ينطبق فقط على الحاضر التاريخى والمستقبل القريب . تمركز الإنسان، بمعنى الاعتراف بقيمة وكرامة الفرد البشري، قد تنطبق على المستقبل ما بعد الرأسمالي. في هذه القراءة، يمكن للمرء أن يقول ذلك، لماركس، سوف تتحقق القيمة الجوهرية فقط لعدم اغتراب ، وابداع الأفراد بالمجتمع الشيوعي المستقبلي. حتى ذلك الوقت فللأفراد قيمة فقط مفيدة من الناحية التاريخية: أولئك الذين يعملون لتحقيق المجتمع الشيوعي هم من يجب أن يحترموا كأشخاص. أولئك الذين يرفضون أو فشلوا في القيام بذلك تتم معاملتهم على أنهم مجرد عقبات على طريق التقدم التاريخي.
وهكذا، يمكن للمرء أن يقول أن ماركس يقدم انسانية أخلاقية، ربماحتى فردانية اخلاقية ، والمثل الأعلى للمستقبل، على الرغم من أنه من الواضح أنهيرفض المبادئ الإنسانية الأخلاقية، والفردية من الناحية الأخلاقية، بالنسبة للحاضر. يقوم نيتشه بفعل شيء من هذا القبيل : انه يرفض المبادىءالأخلاقية باعتبارها قيودا على الإبداع الحر في الحاضر، ويقدم المثل الأعلى - الجمالى، ليكون بالتأكد بدلا من الأخلاقية - للفرد المبدع في المستقبل.
.
2- تأثير نيتشه فى روسيا

من ما قيل القول بأنه كان واضحا أن "النيتشوية الماركسية"تمثل موقفا فكريا جديرا بالاحترام. في الواقع، كان العديد من المثقفين الروس الشباب ، في مطلع هذا القرن، تيجذبون إلى الماركسية كما ينجذبون الى النيتشوية . لكن قبل النظر في محاولاتهم للتوليف بين ماركس ونيتشه،اسمحوا لي أن أقول بضع كلمات عن التأثير التاريخي للفكر النيتشوى في روسيا.
بدأ تأثير نيتشه في روسيا في عام 1890، وفي الوقت نفسه أ أصبح مؤثرا في ألمانيا وفرنسا . مثل كانط في ثمانينات القرن التاسع عشر ، نيتشه في فى تسعينيات القرن التاسع عشرحلا على نطاق واسمحل كل من الهيجيلية Hegelianism والوضعية مالمضادة للهيجلية اللتين كانا مهيمنين على الفكر الأوروبي خلال الربعين الثاني والثالث من القرن التاسع عشر.
ظهرت الدراسة الأولى من فلسفة نيتشه في روسيا، من قبل الأستاذ بريوبراهنسكى Preobrazhensk i V.، في مجلة موسكو لمشكلات الفلسفة وعلم النفس Voprosy filosofii i psikhologii في نوفمبر عام 1892. وأعقب ذلك في عام 1893 ثلاثة من المقالات في المجلة نفسها (منالبروفيسوراستافيفجروت Professors Astafiev Grot , والبروفيسور لوباتين Lopatin ) في عام 1894 بترجمة الروسية من كتاب ماكس نورداو Max Nordau "انحطاط"(Entartung)، مع فصلين عن نيتشه، وفي عام 1898 من ترجمة لتعليقات نيتشه من" ريل Riehl "و"سيمل Simmel" . والترجمة الروسية من "ليتشنبرجر Lichtenberger" ل "فلسفة نيتشه التى ظهرت في عام 1901 .
خلال العقد الأول من هذا القرن قدم المؤلفون الروس سلسلة من الكتب والمقالات المخصصة للجوانب الأدبية والثقافية، والفلسفية لعمل نيتشه. ونشرت المجلات الروسية للفلسفة واللاهوت عددا من المقالات حول نيتشه، معظمه نقدية حادة، قدمها الكتاب الأجانب وكذلك الكتاب الروس.
وقد ترجم نيتشه على نطاق واسع إلى اللغة الروسية. بين 1895 و1910وتقريبا كل أعماله ظهرت في تلك اللغة. عشرة مجلدات من أعماله المختارة نشرت في عام 1900. الأعمال الكاملة (حررها كل من س ل. فرانك S. L. Frank وج. راشينسكىG. Rachinski) بدأت تظهر في عام 1908، ولكن توقفت الطباعة خلال الحرب العالمية الأولى ولم تتم أبدا.
هذا هو دليل واضح على اهتمام واسع النطاق بفكر نيتشه.ولكن هل كان نيتشه موضة نهاية القرن في روسيا، وكان الاختلاف علىموضوع الانحطاط الأدبي والثقافي؟ انه شيء أكثر خطورة وقد اتضح من خلال مصادر مختلفة على نطاق واسع .وقداعترفت بذلك مجلة"ن. ك.ميخائيلوفسكى N. K.Mikhailovski " الشعبوية اليسارية " Russkoye Bogatstvo " ، في حين استنكرت الاهتمام الكبير والإثارة التى أثارتها الأفكار النيتشوية، خصوصا بين شباب المثقفين .وقد جمعت الصحيفة المحفظة سياسيا طموسكو نيوز Moskovskiye Vedomosti نيتشه مع ماركس (والمثير للاهتمام، تولستوي!) كمصدر للسم الفكري الذي يفسد الدين والأخلاق للشباب الروسي . وأعلن أحد النقاد الروس في وقت مبكر من 1901أن نيتشه كان يمارس بالفعل تأثيرا قويا على الفكر الروسى، ولم يعد من الممكن استبعاده بوصفه نزوة فكرية عارضة .

3. " الماركسية النيتشوية" في روسيا

تمت المراجعة الكانطية للماركسية في روسيا، بواسطة كل من "بردائيف Berdyaev" ، و"بولجاكوف Bulgakov "، و"ستروف Struve "، وازدهرت بين عامى 1896 و 1902. وظهرت النيتشوية الماركسية في روسيا في حوالي عام 1903، لا سيما فى المصنفات المنشورة في العقد 1903-1912 من قبل أربعة من الشبان الموهوبين :"فولسكي" Volski،و"لوناراشسكى Lunacharski"، و"بوجدانوف Bogdanov ، و"بازاروف Bazarov " كان بوجدانوف، أكبر سنا من الأربعة، ولد في عام 1873. وكان فولسكي أصغرهم سنا، وقد ولد في عام 1880. كل منهموصل إلى مرحلة النضج الفكري قبل فترة وجيزة من بداية القرن.
وقد تميز هؤلاء المفكرون الأربعة من بين أوائل الماركسيين الروس بحقيقة أنهم كانوا إما كتابا مبدعين ونقاد للأدب، أو أسلوبهم النثرى كان ممتازا . كانت موهبتهم الأدبية حقيقية ، وقد أشارمكسيم جوركي - إليهاحد النقاد الروس باعتبار أن "" نمامنزلنا النيتشوى" - وكان لفترة مرتبطة ارتباطا وثيقا ب هذه المجموعة.

كتب"لوناراشسكى "Lunacharski الشعر والمسرحيات والقصص القصيرة، والاسكتشات بالإضافة إلى الأعمال الهامة والنظرية. أما بازاروف ،وفولسكي، بقدر ما يمكننى التحديد ، فقد كتبا أدبا محضا ، مؤثرا و رائعا، نيتشويا تقريبا، واسلوبه في كتاباتهم الفلسفية. وكان بوجدانوف ربما أقل الموهوبين فى الطريقة الأدبية، ولكن حتى انه حاول ،مع نجاح معتدل، كروائي . وكتب فنتازيا يوتوبية اشتراكية، (النجم الأحمر Krasnaya zvezda )، ورواية الخيال العلمي،"المهندس مينى" Enzhiner Menni .

وهكذا كان كل الماركسيين النيتشويين حساسين لمشكلات الإبداع الفني والحرية. وكان من الطبيعي أن يكونوا قد وجدوا في نيتشه - الفيلسوف الشاعر، "الذواقة"، والناقد الغاضب من الأخلاق المعيارية - دعما ملائما لمراجعاتهم الخاصة للماركسية.

مثل المراجعين الماركسيين الأخرين (بما في ذلك الماركسيين الكانطيين)، ركز الماركسيون النيتشويون تدقيقهم النقدي وابتكارهم المذهبى في اثنين من "المناطق غير المتطورة " فى الماركسية الكلاسيكية:الأخلاق ونظريةالمعرفة . وسأركز على وجهات نظرهم في تفسير الاخلاق على نطاق واسع بما فيه الكفاية ليشمل الفلسفة الاجتماعية وفلسفة الإنسان . أنا لن أناقش وجهات نظرهم المعرفية - على الرغم كل الأربعة كتبوا بغزارة فى نظرية المعرفة - لسببين: (أ) في هذا المجال كانوا أقل أصالة (ووقدمنحوا استثناءا جزئيا من خلال التوجه الاجتماعي للمذهب الاحادى التجريبى "empiriomonism" ل "بوجدانوف") وكنوا خاضعين ومعتمدين على مصادر غربية. (ب) ولم تكن مصادرها من نيتشه، ولكن من كتابات"ماخ Mach و"أفينريوس " Avenarius النقدية التجريبية "empiriocritical" .

وعلى النقيض من اعتمادهم على الخيال الضيق عموما للموضوعات النقدية التجريبية ، كان استيعابهم للموضوعات النيتشوية حرا وبناءا . تضمن كل واحد من الأربعة واستغل رؤى نيتشه والتمييزات بطريقة مختلفة.

ولعله كان من الطبيعي أن المعجبين ب"نيتشه" ينبغي أن يكونوا منشقين، وذلك ابعد من ان يشكلوا مجموعة متجانسة، وهكذاكان ينبغي أن يكون المفكرون الأربعة أحرارا فى الحركة للغاية في طرقهم الجمع بين ماركس ونيتشه. كل منهم يتبع نيتشه فيرفض علم الأخلاقl أوالأخلاق المعيارية (وخاصة كانط) . كل منهم معنى بتحرير المبدعين من "طغيان ما "يجب ought". وأصروا على أن "بروليتاريا "ماركس، مثل"سوبرمان Obermensch نيتشه تقف "وراء خير وشر (البرجوازية المسيحية) .

وأكد كل منهم الاراده الحرة، والرغبة،والإبداع. لكنهم اختلفوا بشدة على مسألة ما إذا كان الإرادة والإبداع يجب أن تتخذ أشكالا فردية أو جماعية . كان الأكثر فردية (وبالتالي أكثر نيتشوى ارثذوكسى) من بينهم فولسكي ولوناراشسكىi. والأكثر جماعية (وبالتالي أكثر ماركسى ارثذوكسي )،بوجدانوف وبازاروف. ومع ذلك، فإن "الجماعية" كإسم كانت أخيرا، -بدلا من علم الاخلاق hg[lhunl أو الالزام الأخلاقى الجماعى في وقت لاحق للينينيين والستالينيين - كان من المفترض أن تكون طوعية وغير إلزامية . حافظت الجماعية النيتشوية التي تحت اشتراكية الأفراد على الرغبة الحرة لإخضاع الابداع الفردى الفردية للإبداع الجماعي. ويصراللينينيون والستالينيون(بما في ذلك الماركسية اللينينية السوفيتية المعاصرة ) على أن الأفراد ، سوف يكون،من واجبهم إخضاع مصالحهم للمصالح الجماعية.

بترتيب السلسلة من الأكثر الى الأقل فردية، فان الماركيين النيتشويين يكونوا كالآتى: فولسكي، ولوناراشسكى ، وبوجدانوف، وبازاروف. وسوف ينظر فيهم في هذا الترتيب .

ولكن قبل القيام بذلك، وأود أن أقدم المزيد عن ملاحظة أولية واحدة . بالنسبة للماركسيين النيتشويين، كما بالنسبة لنيتشه نفسه، فإن بلاغة وعاطفة التعبير تعدان أسايتان . يمكن للمرءإ اعادة صياغة الماركسيين الكانطيين (أو كانط نفسه) دون خسائر فادحة في المضمون؛ لكن إعادة صياغه النيتشويين (أو نيتشه) يبدو لي أنه يترتب عليها خسارة كبيرة . وبالتالي، في ما يلي سأقتبس كثيرا كلامهم مباشرة - إذا كانت الترجمة غير كافية. هذا سوف يسمح أيضا بالحكم العادل على قوتهم، وكذلك ضعفهم ككتاب . جميعمنهم كانوا رومانتيكيينن، وإلى حد ما، طوباويين. ونثرهم في أفضل حالاته قوي وعاطفي . وفي أسوأ حالاته هو مبالغ فيها ووجدانى .

4. ستانيسلاف فولسكى
كان اسمه الحقيقي "فولسكي اندريه فلاديميروفيتش سوكولوفAndrei Vladimirovich Sokolov". ولد في عام 1880، وتوفي حوالي عام 1936، خلال عمليات تطهير ستالين، في ظروف لم يتم توضيحها. وكان قد طرد من جامعة موسكو في عام 1899، وقد كان بلشفيا نشطا حتى مارس 1917، عندما حطم بحزم مع لينين . خلال عام 1920 وعام 1930 كان قد خفض إلى دور منظم للمسابقات الادبية والترجمة . ولكن في عام 1909كان قد نشر المقال الأطول والأكثر منهجية عن الأخلاق في الأدبيات الماركسية الروسية قب السوفيتية . جعل عنوانه فلسفة الصراع : مقال في الأخلاقيات الماركسية ، ووصفه بأنه تحقيق لمختلف أشكال صراع الفرد مع البيئة الطبيعية والاجتماعية معبرة عن نفسها. يمكن أن يطلق على الموقف الذي يطوره كتاب فولسكي " الأخلاقية الفردية المتعددة ".

يؤكد فولسكي على أن المجتمعات تنتمي للأفراد، وخادمة لهم مثل الأسلحة أو الأدوات في صراعهم مع البيئة الطبيعية . ولكن في المجتمع "البرجوازى" (يقوم على ما يدعوه فولسكي التقسيم الثابت للعمل) والفرد حر في التطوير فقط في حدود ضيقة من التخصص. فهو مغترب ذاتيا ، وممتثل، قصير النظر. تفرض البرجوازية كطبقة المطابقة وتقويض أي أصالة قد يسعى أفرادها لتحقيقها .

في المقابل، فإن المجتمع اللا طبقي في المستقبل (على أساس تقسيم"متغير"اللعمل) ستتكون من المنشقين ، وحق الأفراد فى تقرير المصير.في معارضة حادة للبرجوازية ، وسوف لا تخشى البروليتاريا في المستقبل من الأنانية، وتكون ذات أصالة .

بالنسبةللتاريخ الحالى ، يعترف " فولسكي" بأن التضامن الطبقي والانضباط ،لذي يقيد الفردية، يعد شرطا أساسيا تكتيكيا للفوزفي الصراع الطبقي . تستخدم جميع الطبقات المعايير الأخلاقية كأدوات للقوة. لكي تكون فعالة، يجب أن تكون أخلاق الطبقة حصريا - صالحة فقط لفترة معينة من التاريخ البشري ولفئة محددة. والأخلاق الحية "المكثفةأ للحظة التاريخية الحالية "لم تظهرأبدا منقبل ولن تظهر مرة أخرى . والوظيفة المؤقتة ولكنها الضرورية للأخلاق البروليتارية هى لترسيخ وتنشيط البروليتاريا. في هذا المعنى، يؤكد "فولسكي" على أن الإيثار الأخلاقي هو أداة تدمير(النظام القديم)، وليس خلق (نظام جديد). "فمن أجل المعركة لا بد من صياغة سيف جيد ودرع جيد [أى الأخلاق البروليتارية.] – بعد أ، تنتهى ا لمعركة ، يتركا يصدآن في متحف الإنسان الجديد. ويصر على أن جميع المعايير الإلزامية ، سوف تختفي في نهاية المطاف. مع هزيمة الرأسمالية، فإن الفرد، الذي صدر عن "النمط المخدر للمعايير القسرية "وأخلاقيات الواجب -" والرفيق الذى لا مفر منه فى المجتمع البرجوازي "- سيكون حرا لجعل م نفسه" شخصية متكاملة ومنسجمة مع نفسها . يكتب "فولسكي " سوف ترى الطبقة " فى نفسها شيئا يجب أن يتلاشى ، [في] التأكيد على الفردية . لقد أعلنت البرجوازية، أنها حررت الفرد في ساعة الثورة (أي في 1789) فقط لكى تستعباده عند انتصارها .تقود البروليتاريا الفرد في ساعة ثورتها فى (المستقبل)الثورة لتحريره في ساعة انتصاره ا.

ستكون منظومة القيم التي تم إنشاؤها من قبل الأفراد الأحرار في المجتمع اللا طبقي معفاة كليا من العقوبة الطبقية - أو في الواقع من أي عقوبة فردية أخرى ذكرت سابقا . ويضيف "فولسكى" أنه في عملية إنشاء هذه القيم، تكون "التنشئة الاجتماعية بأساليب [العلم على سبيل المثال ] مصحوبة بالأهداف الفردية . ويكون العلم وسيلة بحتة، يعرفها الفرد رغبة فى أن يكون أكثرقوة . (وقد افترضت هذه الصيغة من لوناشارسكى Lunacharski.) . فالأهداف النهائية أو المثل العليا متعددة ومتنوعة، ولكن وسائل تحقيقها واحدة، وتركز على التطبيق الموحد للطاقات الاجتماعية. ويكتب "فولسكى "إن الوعي الأخلاقيل لنضال البروليتاريا ، سوف يبدو ليس باعتباره ترنيمة الكنيسة الرتيبة [أي، في انسجام تام]، بل باعتباره سيمفونية قوية من أكثرالآلات تنوعا ، جنبا إلى جنب في انسجام فريد مع قوى عاصفة التاريخ العفوية ، ولكن مع الحفاظ على الوفاء الكامل والعمق لكل ذات افردية. ومع ذلك، فإن البروليتاريا" ليس المشرع للبشرية، ولكنها طليعة البشرية فحسب ... مرحلة انتقالية، ونارا مطهرة ، وتربة لحصاد المستقبل، أداة للإبداع البشري العالمي . وفي المستقبل البعيد (فولسكي يتحدث أحيانا عن المستقبل ألف سنة من الآن) يكون جميع الرجال مبدعين. وسوف يتخللالإبداع الحقيقي "نثر وشعر الحياة، ووضع بصمته على كل مظاهر الفكر الإنساني ".

يعترف "فولسكى" بأن المثل الأخلاقية النهائي للاشتراكية، يمكن في الوقت الحاضر أن نفكر فيها بشكل خافت فحسب . فشكلها غير واضح. لكن "بالتحديد هناك،،في الأبعاد الضبابية للمستقبل، ويكمن ما هو ثمين ومقدس بالنسبة للفرد. ... فقط هناك الإنسان الفخور، والقوي ، والجرىء ولعادل؛ وفقط هناك، انسجام الشعور والعرفة الشاملة ، سوف تنمو السيطرة على الكون،لأولئك الذين يكون واقعنا المعاصربمثابة الأساس .

ويرتبط الحاضر القاتم بالمستقبل المضىءباستمرارية الصراع . ويهتف "فولسكى " بان "النضال" "هو فرح الوجود"، و "الاشتراكيةهي حرية النضال . كل ما يزيد من النضال يعد جيدا . وكل ما يقللمن يعد أمرا سيئا ". هل هذاالنضال لا يشبه كلياالتنافس فى المجتمع البرجوازي ؟ ؛هو التنافس ولكن ليس على ما هو كائن بل على ما يجب أن يكون . إنه صراع المثل العليا والقيم (الثقافية)؛ وهومصدر يكمن في شعور الفرد الذى يفيض بالطاقة الإبداعية.

مطورا رؤية نيتشه أن "العدو" لا يعني "الحقيرvillain" ولكن
"الخصم، " يكتب "فولسكي ": فأن أمنح الحرية الكاملة للشخص الذي بشكل مثالي يعتر معاد لى ؛ وأنا أسعى جاهدا لجعله "شخصية متكاملة أوالعمل معه لإزالة المعوقات الخارجية الفاصلة بيننا والتصادم الواضح. في صراعه معي إثراء لي. انه ينشط قيمتى الاسمى ، ويدفعها دائما إلى الأمام . انه يقدم لي خبرة"كثافة كبيرة للإرادة ، نشوة كبيرة، عندما اتطير النفس مع فرحة النصر – تطير فوق الأرض مثل زوبعة، تواقة للعقبات من أجل تدميرها . وهكذا يبطش بها الشرر منى ويوقد الشعلة حيث جعلتها شعلة بشرية مشتعلة . وويصيح " فولسكى "إذا كان ينبغي أن أكون المهزوم في هذا النضال، أريد أن أتعرف في عيون المنتصر "نفس العاطفة، وبنفس القوة، ونفس التعطش الكبير للحياة، الذي ألهمه لي ".

يؤكد "فولكسى على أن "كل هؤلاء الذين يحيطون بي، الأثمن،والأهم هو أنن معه أناضل من أجل الحياة والموت . إنه الصديق والعدو ؛ فأن أريد قهره والحفاظ علىه. لتدعيم نفسي لا بد لي من تقويته ومن همأمثاله." وهكذا، يخلص فولسكي، " تعد أخلاقية" الصديق العدو "- أخلاقية المستقبل.

فى الواقع ،في المستقبل، صار على خلاف ذلك تماما. وكان كتاب فولسكي واحد من الدفاعات الفردية الأخلاقية الاخيرة(على أساس علماني) التى ظهرت في روسيا . وقد كان اللينينييون نافذى الصبر مع مراجعات "نيتشه" للماركسية، ولا سيما تلك التى تشبه مراجعات " فولكسى " والتىتحمل الطابع الفردي بقوة.

5 أ. ف. i لوناشارسكى

أناتولي ألكسندروف لونارشارسكى ( 1875 -1933 ) انضم الى الحزب الروسي الاشتراكي الديمقراطي (الماركسي) في عام 1892. ونظرا للانشطة الراديكالية السياسية في المدرسة الثانوية، فإنه لم يكن مسموحا له بالتسجيل في الجامعة الروسية. وانه حضر محاضرات في جامعة كييف وفي جامعة زيوريخ، حيث درس في 1894-1895 تحت إشراف " ريتشارد أفيناريوس Richard A venavenarius. هذه التجربة تركت فى نفسه الاعتناق الدائم لنظرية العرفة النقدية التجريبية
"empiriocritical" .

عاد "لوناشارسكى Lunacharski " إلى موسكو في عام 1897، تم نفيه إلى" فولوجدا Vologda " (1899-1902)، وقضى عدة سنوات بين (1904 و 1917 ) في أوروبا الغربية . وكان المفوض الشعبي الأول للتعليم (1917- 1929) . لو لم يكن قد توفي وفاة طبيعية في عام 1933، يبدو من المرجح أنه كان سوف يشارك في مصير المثقفين القدامى البلشفيين الآخرين الذينتم تطهير خلال الفترة المتاخرة من ثلاثينيات القرن العشرين 0

تعد نظرية "لوناشارسكى " الأخلاقية والاجتماعية نظرية لنيتشوية أساس "ومضادة للكانطية " anti-Kantian. (ومع ذلك ، فإن نظريته فى القيمة ، تعتبر وضعية بشكل أساسى، ومستوحاة أساسا من أفيناريوس Avenarius.) كما تسمى "اللا أخلاقية الجمالية aesthetic amoralist". وقد رفض مقولتى الواجب والإلزام، مؤكدا على الإبداع الحر دون قيود "فنية" تشكل الغايات والمثل العليا .

وكان يسخر من الأخلاق الكانطية، على الرغم من أنه اعترف بأنها"أنتجت النظام الأخلاقي الأعمق للبرجوازية .أعلن" لوناشارسكى" أن كانط، ، من شأنه أن يفسر تصرفات الدجاجة في حمايةأ فراخها بافتراض أن "هناك فيها بارقة إلهية، وهذه االبارقة، من خلال ضرورة حتمية ، تسبب لها القيام بدور كل دجاجة يتعين عليها أن تتصرف في مقامها ".

دعا "لوناشارسكى" موقفه الأخلاقي ب"جماليات الممارسة aesthetics of practice " أو "جماليات الحياة aesthetics of life " وتجنب مصطلحى "الأخلاق"والأخلاقية ،الذي له كان له نكهة كانطية قوية. للتأكد، وقال انه استخدم مصطلح"علم الجمال" بمعناه الواسع وغير التقليدى ullconventional، أي ما يعادل " النظرية العامةللتقويم . "واضاف" اننا نعترف بجمالية الحياة "ويعلن لوناشارسكى أن"فناني الحياة، لمبدعي المثل العليا. ويعد نيتشه مبدعا للمثل "25" .

وقد كتب "لوناشارسكى "فى اشارته بالتحديد إلى العلاقة بين الماركسية ولنيتشوية : "رافضا الأخلاق، أو بالأحرى الاعتراف بأن مكانها فقط هو الأخلاق دون التزام أو عقوبة ...، بعض الماركسيين وجدوا فى نقد نيتشه للأخلاق، والكثير من المذاهب الوضعية "فيلسوفا بمطرقة" ذا أهمية كبيرة. العبارة الفرنسية، بطبيعة الحال، هو من Guyau *- عنوان عمله الرئيسي.

بالنسبة ل "لوناشارسكى " الوظيفة الوحيدة من التزام أخلاقي، وبالتالي من المعايير الأخلاقية، هى دور أساسي واحد: تكون فيه بمثابة وسيلة للإرضاء الوافر للشهوة، ومظهر من مظاهر أكمل إرادة، في كلمة واحدة ، لزيادة "التمتع بالحياة" .

وكتب " لوناشارسكى "في عام 1903 "، لقد دافع نيتشه وجميع النقاد الآخرين لخلاق واجب، عن استقلالية الفرد ، حق الفرد في أن يسترشد في حياته الخاصة برغباته فحسب ومضى الى رفض القوانين والأعراف، وحتى" لمثل الإنسان ية العالمية باعتبارها قيودا مفروضة على الفرد الحر.

يمكن أن يولد التلقين الأخلاقي، وفقا ل " لوناشارسكى " العبيد فحسب . في المقابل، "الإرشاد الجمالي لل[فرد]، مثل الحياة لايولد التزامات جديدة. ولكن الجديد الاحتياجات الأسمى . وينبغي اعتبار أن المثالية "لا تطالب باعتبارها أمرا باتا ، ولكن باعتبارها إثارة لصوت رائع في المجمع الداخلي للدوافع، وتظهر بصفتها قوة منتصرة ..من خلال قوة العاطفة الجمالية المباشرة،... لا يبشر "لوناشارسكى" بالمثالية المذكورة سابقا ، "ولكن" بالمثالية المقبلة "(في التاريخ)، والمثل الأعلى للسويرمان Übermensch – للتمتع الذاتى المؤكدبلحياة "، مزدهرة، منتصرة وخلاقة .

وكتب "لوناشارسكى ""لم نضع حدودا أيا كان"، لإرادة لقوة والحب بعيدة ، أي، السعي لتحقيق مثل المرء بأوسع نطاق .... والاكثر مبالاة ... والفردالأكثر تضحية ذاتية والذى يستنفذ طاقاته في سبيل أفكاره - ونحو الأفضل .

يعارض " لوناشارسكى " محاولة - من قبل "بوجدانوف Bogdanov " و"بازاروفBazarov "، من بين أمور أخرى - ل "تحويل الفرد إلى خلية من خلايا اكائن الحى الاجتماعية ". ويتحدث عن النظام الاجتماعي في المستقبل والذي سوف يوفر" الأساس الأوسع الأساس للنمو المترف بلا حدود لأكثر الشخصيات الفردية تنوعا ". ومع ذلك كان تفضيله الخاص للفردية" النفسية الشاملة أو واسعة النطاق على النفسية ضيقة النطاق ، يبدو أنه مستفز تجاه الرأى "الجماعى".

كما يكتب : إن "الكلمة الأكثر من رائعة في لغة الإنسان"، "هوكلمة "نحن". "هذه"الأولى الأكر "تجعل من الممكن بالنسبة لنا أن" نبتهج بالانتصارات التي ستتحقق بعد قرن بعد موت الأقل، لعيش حياة أجيال ماتوا منذ زمن بعيد، واللذين كانوا أيضا جزءا من نحن ، . ويكتب : الأولى عن الفردانية النفسية الشاملة ، قد حددت مع نحن الواسعة والدائمة .

التأكيد المميزة ل " لوناشارسكى " على الاستمرارية التاريخية للمبدعين للثقافة كان على صلة مع الأخلاق لفلسفته الاجتماعية وفلسفته للدين.
"، كما أعلن في عام 1904 أن إيمان الإنسان النشيط ،" هو الإيمان بمستقبل البشرية؛ دينه هو مجموع تلك المشاعر والأفكار التي تجعل منه مشاركا في الحياة البشرية، حلقة في السلسلة التي تمتد نحو السوبرمان Übermensch نحومخلوق جميل وقوي، وكائن كامل .

لا أستطيع أن أدخل هنا في المزيد فى مناقشة "الدين عن البروميثيوسية Prometheanمن بناء الله God-building (bogostroitelstvo)** الذي وضعه لوناشارسكى واحتفل به جوركي خلال عقد قبل 1917 . مثل هذا الموقف، رغم أن لديه جذورا في هيجل، وفيورباخ، وأوائل ماركس، هو في الأساس أكثر نيتشوية من الماركسية. وقد تنصل منه بفظاظة لينين وأتباعه .


6. أ. أ. بوجدانوف

"بوجدانوف Bogdanov" ، واسمه الحقيقي كان الكسندر ألكسندروفيتش مالينوفسكى Alexander Aleksandrovich Malinovskii(1873-1928)، تم تدريبه في الطب النفسي في كلية خاركوف Kharkov الطبية ، شغل منصب جراح الجيش خلال الحرب العالمية الأولى، وكان واحدا من المؤسسين (في عام 1926) لمعهد موسكو لنقل الدم . (توفي نتيجة لتجربة نقل أجراها على نفسه في ظل الظروف التي تشير إلى الانتحار) . وأصبح ماركسيا في عام 1896 وقسم طاقاته البالغة بين السياسة البلشفية ووضع وتعميم الاقتصاد الماركسي، والفلسفة،وعلم الاجتماع . انه ربما اشتهر بneo-Machian empirio monist . ونظرية المعرفة والخبرة، وهو موقف هاجمه بعنف لينين في الماديةوالذهب النقدى التجريى Materialism and Empiriocriticism فى عام (1909) ز

أسهم بوجدانوف مع بازاروف، وزملائه الذين يجمعون بين الماركسية النيتشوية ، والتوتر المذهبي الأساسي . كان كلاهما بشكل حقيقى يهتمان بتحرير الفرد من قيود الأعراف القسرية والتقي بالالتزام؛ ومع ذلك شرعا فى حل "تتحرر"الفرد في الجماعية الاجتماعية اللا شخصية.

يعترف بوجدانوف بالوظيفة إلايجابية للمعايير، حتى المعايير القسرية ، في التنظيم الاجتماعي . ويكتب : بدونها المجتمع "من شأنه أن تيتفكك، مثل الكائن البشري المحروم من تنظيم، وتوحيد نشاط جهازه العصبي المركزي . وبدون المعايير ، والتبادل الاقتصادي من شأنه أن يتحول إلى النهب المتبادل الذى لا هوادة فيه . وسوف تصبح المنافسة إبادة جسدية للمنافسين . الصراع الطبقىسوف يتخذ شكل "حرب قاسية ودموية.
ومع ذلك، فإن المعايير - باعتبارها "أشكالا للحياة" - هي من نوعين مختلفين جذريا . بوغدانوف يدعو لهم، على التوالي، "القواعد القسرية coercive norms" (normy prinuzhdeniya ) " ، والمعايير النفعية " expediency norms" (normy tselesoobraznosti) . هذا قد يكون أقل تضليلا من دعوتهم "التبريرية" و "والمعايير الوسيلية "، على التوالي . علي أي حال، فإنها تتوافق مع المقولة الكانطية والحتميات افتراضية .

كل المعيير تعد"تنظيما للتكيف للحياة الاجتماعية للكائنات البشرية. فتنظيم الحياة الاجتماعية ينطوي على تنظيم وتكييف مظاهرها المختلفة. وإما أن يكون هذا التنظيم قسريا أو غير قسري، أي ما تقوم به المعايير النفعية هو مجردحديد الوسائل التى التكيف الأفضل لتحقيق غاية معينة (مختارة بحرية ) . شكلها هو: "إذا كنت ترغب فى ( x)، فيجب عليك القيام ب (أو اختيار) ( y) .

وفقا ل "بوجدانوف فإن "لأعراف القسرية، تفرض بالقوة دون إعطاء الأسباب أو تحليل الظروف ذات الصلة؛ فهي جامدة وغير مرنة ، ومستثناة من الانتقادات . في المقابل، تعتبر المعايير النفعية غير قسرية، مرنة ومفتوحة للنقد . ونموذجها هو القاعدة الفنية أو العلمية.

ويكتب " بوجدانوف " : "معايير الإكراه الخارجي" ، " تفرض هداف الإنسان ذاتها، أو على الأقل حدود تلك الأهداف . تترك المعايير النفعية اختيار الأهداف مفتوحا .

ويعتبر بوجدانوف المعايير النفعية مقبولة على نطاق واسع في العلوم والتكنولوجيا، ولكن لم يتم قبولها في العلاقات الاجتماعية والسياسية، أو الاقتصادية . وكتب فى عام (1905) النظام الرأسمالي المعاصر، أصيب بالكامل من قبل المعايير القسرية. و[والقانون القسري] وتشكل معايير الملكية والتبعية التعاقدية روح الرأسمالية.

يصر بوجدانوفعلى أن الاشتراكية ستضع حدا ل"الشهوة الجنسية الكبيرة" للمعايير القسرية . سوف يتم العمل فى المجتمع الاشتراكي بالكامل من خلال المعايير النفعية . الهدف العام لهذه المعايير الذي سينص على وسائل محددة هي "الحد الأقصى للحياة" بالنسبة للمجتمع ككل، وبالتزامن مع الحد الاقصى لحياة كل عضو من أعضائه . لا يكون الإنسان في ظل الاشتراكية جنينيا بل كائنا يجري تطويره، وليس مجزأ ولكن إنسانا متكاملا . في مقال له عام 1906 بعنوان "تكامل الإنسان "- وضع فى مقدته قول نيتشه المأثور،"الإنسان هو الجسر إلى السوبرمان" - وخطط بوجدانوف للمثل الأعلى الجمعي" الإنسان المتكامل،" سيد "واحديه العلم master of the "monism of science " سوف يكون متحررا من كل المعايير القسرية والتخصص الوظيفي .

وسوف يكون إبداعه جماعيا . كما اعلن بوجدانوف في عام 1920 "إن أهم مهمة ثورية في التاريخ "، ، هى" الانتقال من ... الإبداع الفردى إلى الإبداع الجماعي ". وكان بوجدانوف قد أكد في وقت سابق أن كل الإنجازات الثقافية في الواقع كانت جماعية. فلم يكن فاوست إبداعا فرديا ل "جوته"، أو نظرية التطور اكتشافا فرديا ل " داروين" . كلا الرجلين كانا مجرد واضعين للمسات النهائية على جهد جماعي موسع .

وسوف يكون المجتمع الاشتراكي في المستقبل ظهورا جديدا ، "في شكل أسمى ، من تلك " الشيوعية البدائية التي "لم تفصل المصلحة الفردية عن المصلحة الجماعية ...، وينصهر الإنسان عضويا مع الكل ،مع المجموعة أو المجتمع، كما وتنصهر الخلايا معا فى الأنسجة الحية . في مثل هذا المجتمع على الفرد، أن يكون واعيا بنفسه باعتبارهجزءا لا يتجزأ من كل أكبر، يعيش حياة متصلة مع حياته ، ...وسوف تفقد فكرة الأنانية، والأهداف الفردية الضيقة . في الوقت نفسه، فإن المعايير القسرية التي تنظم تعارض تلك الغايات سوف تصبح زائدة عن الحاجة ".

وينفي بوجدانوف أن جماعيته الثقافية الماركسية النيتشوية تستلزم القضاء على الفروق الفردية. "ففي الجماعية كل فرد يكمل الآخرين .... لكنه يمكن أن يكملهم فقط للحد الذى يجعله فريدا من نوعه و... مستقلا ".

ومع ذلك، تشير رواية الخيال العلمي " النجم الأحمر The Red Star" ل "بوجدانوف" إلى أن الفروق الفردية سوف تختزل إلى الحد الأدنى . افتراضه بأن السكان المثليين بالمريخ - الذين يتمتعون بالجماعية "الاشتراكية" لأجيال عديدة - يكادون أن يتطابقوا في المظهر الجسدي. أنه من الصعب التمييز بين الجنسين عندهم . (وأسماء المذكر والمؤنث لا يمكن تمييزها.) ويعيش ويعمل بطل أبناء الأرض مع الطبيبة من سكان المريخ لعدة أشهر قبل أن يكتشف أنها أنثى . وعندما يتم ذلك يقع على الفور في حبها .

كان في هذا العمل لعام 1908 بوجدانوف يقدم التعبير الأكثر حدة للتمييز بين الأخلاق النيتشوية عن الرغبة الحرة ولأخلاق الكانطية عن الواجب. يتناقض موقف البطل الماركسي النيتشوي مع وجهة نظرزوجته "الماركسية الكانطية ؛ فهى دخلت الثورة تحت راية الواجب والتضحية، وأنا دخلت تحت لواء الرغبة الحرة .... تعتبر الأخلاق البروليتارية بالنسبة لها مقدسة بحد ذاتها؛ وأنا اعتبرها مفيدة للتكيف، اللازم للطبقة العاملة في النضال، ولكنها عابرة، مثل النضال نفسه ونمط الحياة الذي ولدت فيه .. .. وأنا اعتبر أن الشعور الاشتراكي، الذي يجعل الناس رفاقا في العمل والفرح والمعاناة، ستضع في الحرية الكاملة فقط عندما يلقي بعيدا الولع بكل الأخلاق ".
والغريب أن بوجدانوف لم يعثر على تأييد اللينينيين والستالينيين وكان مشغولا بإقامة هيكل ضخم من لمعيير القسرية المتشابكة التى نصبت نفسها بنفسها على" القانون الاشتراكي "و" الأخلاق الشيوعية !.

7. ف. أ.بازاروف

بازاروف، واسمه الحقيقي كان" فلاديمير ألكسندروفيتشرودنيف Vladimir Aleksandrovich Rudnev" (1874-1939) تم تدريبه كخبير اقتصادي . وإن كان أقل انخراطا في السياسة منكل من بوجدانوف أو لوناشارسكى ، وكان عضوا بارزا في الجناح البلشفي بين 1904 و 1907. عمل بعد عام 1922 بوصفه الخبير الاقتصادي في هيئة تخطيط الدولة السوفياتية، ونشر أوراق التقنية حتى أواخر عشرينيات القرن العشرين . ألقي القبض عليه في عام 1930، يفترض أنه مات في معسكر العمل القسري، في سبتمبر 1939.

شن "بازاروف "، في عام 1904، هجوما على الأخلاق المعيارية التي لديها القليل من التشابه مع الغرب، إلى جانب نيتشه نفسه، ويمكن أن تتم مقارنته فقط مع ثورة "شستوف Shestov " و "برديائيف Berdyaev "في وقت لاحق من بين المفكرين الروس . أول مقالة له في الأخلاق تحمل عنوانا مميزا " الميتافيزيقيا الاستبدادية والفرد المستقل ذاتيا Authoritarian Metaphysics and the Autonomous Individual". يعترف " بازاروف " فقط بالمعايير المفيدة (الفعالة)، والمعايير التي تكون بمثابة وسائل لتحقيق مباهج الحياة . وتعد المعايير غير الفعالة بالنسبة له" ميتافيزيقية "و"استبدادية". وهو يهاجم "المعتوه، والممل،والنفس الراضية نظبالم الأخلاقية التي من خلالها تظهر الحياة في مقفرة .. .. قد تكون الحياة فيما يبدو شيئا مبتذلا ميؤوسا منه على وجه التحديد لأنه ينظر إليها من خلال الزجاج الباهت للمعايير الأخلاقية .... لاغتنام مسر الحياة، يجب على المرء أن يثور ضد المعايير التى على هذا النحو .يعلن" بازاروف" ، إن مانحتاج إليه هو رفض القانون نفسه، وجريمة بروتوس ، والزاهد، " والقديس" المجرم، مثل راسكولينكوف (بطل دستويفسكي في رواية الجريمة و العقاب Crime and Punishment ) .

كانت أخلاق بازاروف الخاصة عن "أخلاق المتعة"، مع مبدأ "الانسجامالحر للخبرة،" هو مزيج غريب من "فيناريوسط و"نيتشه". تلتزم أخلاق المتعة "بأن تطلب من النفس في مثل هذه الطريقة التي تكون فيها القيم الجديدة ... ملتصقة بالقيم القديمة مع الحد الأدنى من الاحتكاك : مبدأ انسجام قيم المتعة المعطاة يجب في نفس الوقت أن يمهد الطريق لتحول القيم . نوع مذهب المتعة عند بازاروف ، كما يبدو واضحا ، هو متميز تماما عن مذهب النفعية utilitarianism، من جهة، و" الدافع الديونيسوسى الطقسى العربيدى "، من جهة أخرى .

هنا اتفق "ماركس" و"نيتشه على أن الخير الأسمى ليوجهة بشكل آمن نحو التمتع السلبي، ولكن الحياة موجهة بحرية نحو الإبداع النشط. لكى تبدع عليك أن تخاطر، حتى إلى المحكمة ، والألم والخسارة . ويعلن "بازاروف "بأن "الاشتراكية"، "أعلى من الرأسمالية، ليس لأنها تزيل المعاناة، ولكن لأنها تقضي على المعاناة امهينة .

يعد الذهب الأخلاقى الفردى ل "بازاروف" (كما لزميله الجمعي بوجدانوف)، مذهبا رجعيا ، على الرغم من أنه فى فترات سابقة كان مصدرا للتقدم الاجتماعي . في المجتمع البرجوازي يعتبرالفرد رسميا هو الأسمى ، لكنه فارغ وعاجز فعلا - مجرد " بناء نظري "، ولد مبواسطة مؤسسة الملكية الخاصة .

التركيز في المجتمع الاشتراكي في المستقبل سوف يقع على عاتق الزمالة "sobornost،" M الجديدة ، بناءا على موضوعية ، والإبداعية الاشتراكية المباشرة، التي سوف يتم فيها إخماد فكرة "الفرد ومصالحه... والحواجزالأفقية والعمودية التى لا يمكن اختراقها والتي تمر معنى بناء الحياة الجماعية[ لجميع الرجال ... "يجب أن يتم القضاء عليها." الاشتراكية فقط هى خلق السيف الذي، في نهاية المطاف، الصيارفة في المعبد "للإبداع اللا شخصي البشري عاميا " -سيتم طردهم .

يعترف " بازاروف "في الوقت الحاضر، "الفرد عالم الإنسان العالمى ، هذا العالم هو الهدف المباشرة أي ليس خارج الجدران في خلايا صغيرة بائسة من للأفراد المكتفين ذاتيا، ولا يمكن إلا أن تكشف فقط كوجهة للتنمية . ولكن في واقع الأمرالعلاقة الحميمة للعشاق لا تقدم سوى صورة "باهتة" تلميحا خافتا لذلكالمزيج من كل النفوس البشرية التي ستكون نتيجة حتمية للنظام الشيوعي .

عند نقطة واحدة فقط تظهر جماعية "بازاروف" على الحافة تجاه "المعياري" أو "deontological". وأكد على أن فناني البحث الفردي غير المنظم "سيتم الاستعاضة عنهم ب" الفنانين في المدارس التي تتحرك من خلال خطة [planomerno] نحو هدفهم . هذه" الحركة وفقا للخطة "تدل على وجود عنصر القسرية، أو على الأقل اللا معيارية التي تعد أجنبية على تفكير بازاروف بشكل عام . انها ذات بسياسة الفن السوفياتي وبوضوح شديد تحتاج إلى التعليق .

السمة الأكثر نيتشوية هى ادعاء بازاروف أن الاشتراكية "ستحرر روح الإبداع الثقافي، وتبدع لللمرة الأولى إمكانية وجود "ثقاف مكتفية ذاتيا، وليست تابعة لاهتمامات خارجية للأفراد أو الجماعات ".

تستثنى جماعية "بازاروف" صراحة أي اعتراف بالقيمة الجوهرية وكرامة الفرد البشري . وهو يصيح "انها حقا شيء مذهل، لأنه، لأغراض الحيوانية وبعض التصنيفات الأخرى، وهو مناسب للإشارة إلى و لشخص معين بنفس المصطلح، "رجل" ... أن الرجل على هذا النحو ينبغي أن يصبح أعلى مهمة في حياتي، وأنني يجب أن أكون ملزما بالتعرف على الصلاحية العامة للأخلاق العملية بين نفسي وكل كائن معين عملى بشري . وأضاف "بازاروف "في وقت لاحق، مع التركيز على الجماعية والتضامن البروليتاريا كطبقة :"والاعتراف" بالفرد "كمبدأ مطلق دائم ، وسوف يكون دائما، غريب عن البروليتاريا ".

ان يكن لدى ماركس أي خلاف مع هذا البيان .وكذلك بالنسبة لننيتشه (باستثناء الإشارة إلى البروليتاريا) . ولكن، منذ الاعترافات الصريحة المحرجة (في الإرهاب والشيوعية Terrorism and Communism) (1920) ، كان لدى الماركسيين اللينينيين النفاق أيضا بأن يعترفوا بأنهم ، مثل بازاروف، تنصلوا من المبدأ المطلق - أو حتى القيمة الجوهرية- للإنسان الفرد.

8. الخاتمة

استرت "الماركسية النبتشوية " الروسية أكثر أو أقل قوة فكرية متماسكة ما يزيد قليلا على عقد من الزمان . وكان أي مزيج من نيتشه وماركس، بطبيعة الحال، يعاني من التوتر: حول قضية فرد مقابل الإبداع الجماعي، اولنخبوية مقابل المساواة، وما إلى ذلك ولكن، كماأشرت في البداية، هناك أيضا العديد من الروابط العقائدية بين نيتشه وماركس .

ومع ذلك، تدين الماركسية اللينينية السوفيتية المعاصرة بالكثير ل "إنجل" و"لينين" من دينها ل "ماركس" نفسه. فقد كان لكل من ا إنجلز و لينين حساسية عالية للأفكار النيتشوية . (فقد توفى ماركس في عام 1883، قبل أن تظهر الأعمال الرئيسية لنيتشه . كيف يمكن أن يكون لديه رد فعل؛ وبالنسبة لهم يمكننا تخمين ذلك فقط.) يوضح تحيز إنجلز، ولينين السبب فى اهمال نيتشه تقريبا تماما من قبل الفلاسفة السوفيت ، ولماذا، عند ذكره في أى مرة، فإنه يتم رفضه مع الألقاب القياسية :"البورجوازي الصغير"، "والظلامي"، "والرجعي".

والسبب الرئيسي لاختفاء تأثير نيتشه في الماركسية السوفياتية بعد عام 1917، كما أعتقد، هو التركيز (غير مقبول بشكل قاطع على لينين وأتباعه) حيث وضع أربعة من الماركسيين النيتشويين بناء على الرغبة الجامحة ، والنضال الحر، والإبداع الثقافى الحقيقى - سواء كان فرديا أو جماعيا .

الهوامش

*جان مارى جويو Jean-Marie Guyau ( 1854-1888 ) - فيلسوف فرنسي والشاعر. كانت أعماله مستوحاة من فلسفة أبيقور، أبكتيتوس، أفلاطون، إيمانويل كانط، هربرت سبنسر، وألفريدفوييه Alfred Fouillée، وشعر وأدب بيار كورناي، فيكتور هوغو وألفريد دي موسيه.
ومن أعماله :
Essai sur la morale littéraire. 1873.-
-Mémoire sur la morale utilitaire depuis Epicure jusqu à l ecole anglaise. 1873
Première année de lecture courante. 1875.-
Morale d Epicure. 1878.-
-Morale anglaise contemporaine. 1879.
Vers d un philosophe-.
Problèmes de l esthétique contemporaine. 1884-.
Esquisse d une morale sans obligation ni sanction. 1884-.
-Irréligion de l avenir. 1886, engl. The Non-religion of the future, New York 1962
L Art au point de vue sociologique. 1889.-
Education et Heredite. Etude sociologique. Paris 1902

.** بناء الله، God-building (bogostroitelstvo) وهي فكرة اقترحتها بعض الماركسيين البارزين في وقت مبكر في الحركة البلشفية فى حزب العمال الاشتراكى الديمقراطي الروسي، وكانت مثيرة للجدل للغاية. مستوحاة من "دين الإنسانية" لودفيغ فيورباخ، وكانت فى السابق في الثورة الفرنسية مع "عبادة العقل". اقترحت فكرة أنه مع إلغاء الدين، يجب أن يكون هناك سياق ديني فوقي حيث اعتبرت الأديان في المقام الأول ذات تأثير نفسي والتأثيرالاجتماعي للطقوس، والأسطورة، والرمزية، والتي حاولت تسخير هذه القوة للأهداف الموالية للشيوعية، سواء عن طريق خلق طقوس جديدة ورمزية، وإعادة تفسير الطقوس والرموز الموجودة في السياق الاشتراكي. وعلى النقيض من الإلحاد لينين، اتخذت بناة الله موقفا رسميا من اللاأدرية.


د. رمضان الصباغ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التخويف بالمحاكمة القضائية وبالتغريم المالي في ألمانيا - كيف


.. لين أبو شعر و كريم أمام جهاز كشف الكذب




.. إيران: الغاضبون.. يوميات شخصيات تحدت الخوف والقمع


.. الرئيس الروسي يهنئ ترامب على فوزه بالرئاسة.. بوتين: مستعدون




.. مقابلة خاصة لسكاي نيوز عربية مع نائب رئيس مجلس النواب اللبنا