الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهازل الجامعة المغربية:المفتشية العامة لوزارةالتعليم العالي: هي هي محاولة لرد الاعتبار لداعش؟

سعيدي المولودي

2017 / 3 / 25
التربية والتعليم والبحث العلمي


مهازل الجامعة المغربية:
المفتشية العامة لوزارة التعليم العالي هل هي محاولة لرد الاعتبار ل"داعش" !
يبدو أن تراجع وتقهقر القيم والتقاليد الجامعية راهنا أصبح أمرا واقعا وحقيقة صارخة، تكتسب يوما عن يوم أشكالا متباينة تقود إلى حافة الانهيار المتدرج والسريع، وتسهم في تغذية هذا الوضع عوامل شتى لعل في مقدمتها هيمنة وغلبة الخيارات الارتجالية والعشوائية المتبعة في مواجهة المعضلات التي يعاني منها التعليم العالي ببلادنا، وغياب رؤية استراتيجية وطنية ناجعة تتيح الفرصة أمام منظومة التربية والتكوين، على العموم، لاستعادة جاذبيتها وفعاليتها ودورها الاجتماعي والثقافي والحضاري.
ونشير في هذا المجال إلى بعض السلوكات التي تعكس الوضع المأزوم الذي يوجد فيه التعليم العالي، وساهمت في تفاقمه سلسلة الإخفاقات المتتالية للإصلاحات المفروضة التي يذهب ضحيتها الطلبة والخريجون بدرجة أقسى والأساتذة الباحثون حطب كل هذه المبادرات المتعثرة.
من جملة هذه السلوكات، مثلا، ما أقدمت عليه المفتشية العامة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر في الآونة الأخيرة،تجاه أحد الأساتذة الباحثين بإحدى المؤسسات الجامعية بناء على شكاية كائدة من رئيس المؤسسة التي ينتمي إليها، وقد أهلت المفتشية نفسها لتنهض بدور " قاضي التحقيق" ووجهت الاستدعاء للأستاذ المعني قصد "الاستنطاق" و"الاستماع" والبحث ومساءلته حول طبيعة "جرائم" أو"مخالفات" لا تخلو من هالة غرائبية وعجائبية ومن إدراك سخيف لأبعادها، وتتمثل في :غياب لمدة ساعة ونصف في حصة امتحان..عدم تدريس مادة.. رفض تقديم الملف الوصفي للمسلك.. السب والقذف في حق المدير.. وهذه جميعها قضايا في تقديرنا ( إذا صرفنا النظر عن زيفها وعدم مشروعيتها وموضوعيتها) لا تستوجب التدخل السريع للمفتشية العامة واستنفار هيئاتها لهذه الدرجة القصوى، خاصة وأن النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالتعليم العالي تتضمن آليات ومساطر الحسم والبث والبت في مثل هذه القضايا، وكان من اليسير أن يعمد إليها رئيس المؤسسة المعنية لمواجهة أية ممارسات يرى فيها تجسيدا للإخلال بالمهام والواجب المهني، وتتيح له المجال الأوسع للانتقام من خصمه بدون القفز المتعالي والمتعمد على المساطر والإجراءات الجاري بها العمل.
الجدير بالإشارة هنا هو أن الهيئة الوحيدة المخول لها حق تأديب الأساتذة الباحثين و"معاقبتهم" هي اللجنة العلمية للمؤسسة المعنية بعد استطلاع رأي اللجان المتساوية الأعضاء، كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من المادة 17 من القانون 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي. ولذلك لا نرى أي مبرر لتدخل المفتشية العامة ، ومحاولة إخضاعها الأساتذة الباحثين لمشيئتها وفرض الرقابة عليهم ووضع سيف التهديد والترغيب على رقابهم، ومهامها، كما هو معلوم، محددة بمقتضيات المرسوم رقم 2.11.112 بتاريخ 23 يونيو 2011 في شأن المفتشيات العامة للوزارات، ولا تتضمن فيما يخص وزارة التعليم العالي مثلا "استنطاق" الأساتذة الباحثين أو إخضاعهم لتقييمات أو تفتيش أو مراقبة أو محاسبة خاصة، حتى المهمة التي تشير إليها إحدى فقرات المادة الثانية من المرسوم والتي تهم "التحري في الشكايات والتظلمات الموجهة إلى الوزارة من المواطنين..،" لا تحيل بالضرورة إلى اعتبار المفتشية العامة "جهازا قضائيا" أو "شرطة قضائية" أو هي امتداد لهما بمعنى من المعاني، تتولى البحث عن مرتكبي "الجرائم" وضبطهم وتقديمهم ومتابعتهم، خاصة حينما يتعلق الأمر بأوجه الشطط في استغلال آليات الشكوى باطلا وتوظيفها لترسيخ النزوع الانتقامي وتصفية الحسابات. والحقيقة أن رئيس المؤسسة المعنية الذي اقترف مبادرة الشكوى( باعتباره رئيسا وليس مجرد مواطن)، هو واحد من اثنين، إما أنه جاهل للمقتضيات التشريعية الخاصة بمنظومة التعليم العالي، أو متجاهل عن عمد، واختار الصعود لشرفة المفتشية العامة ليعزز سلطته وعجزه بتوجيهات مراكز القرار.
المدهش في "استنطاق" المفتشية العامة، والمثير للاستغراب الأكبر، هو مطالبة الأستاذ الباحث المعني بمعطيات ومعلومات حول كتابة عبارة ( "لعنة الله على داعش" في ورقة التصويت أثناء الاقتراع على اللجان المتساوية الأعضاء سنة 2015 ) ويبدو أن هذا الطلب يحمل في ثناياه دلالة ملغومة وخطيرة، ويطرح أسئلة عميقة حول طبيعته والغاية أو الهدف منه، فهل إسناد اللعنة إلى "داعش" يعد عملا "إجراميا"، وأي معيار نعتمده في تصنيف هذا الإسناد؟ وهل الكتابة في ورقة الاقتراع بالمناسبة يعتبر بدوره عملا "إجراميا"؟ وهل تم وضع الورقة في مكان عام وظاهر بحيث يكون بمقدور أي كان في الطريق العام أن يراها ويتأثر بمضمونها، وهل يتوفر لها ركن العلانية والجهر والصياح بها أو تشهيرها، مع أن الأمر يتعلق بالاقتراع السري؟ وما هي الجهة المتضررة من هذا الإسناد، هل هي المؤسسة المعنية أو الوزارة أم الدولة..إن سياق الطلب يحيل إلى أن ثمة مقصدية محددة متوخاة من طرحه، تؤشر في بعض عناصرها الدلالية إلى ما يمكن أن نعتبره مسا بالنظام أو الأمن العام، أو وجها للتحريض على الكراهية، أو مسا بالمقدسات أو اعتداء على الحرمات أو الإساءة إلى دولة شقيقة وخدش كرامتها وانتهاك مقوماتها الوطنية والعقدية... كما يحمل السياق أيضا ظلال مؤشرات التأييد و التعاطف المضمر مع داعش، ومن ثم سيكون من باب محاولة رد الاعتبار لها محاصرة كاتب العبارة بتهمة الإهانة والقذف والسب والشتم والتجريح في حق "دولة صديقة وشقيقة".. !!!
إن كثيرا من الأسئلة على هذا المنوال يمكن طرحها كذلك في ما يخص العناصر أو الاتهامات الأخرى الموجهة للأستاذ المعني، و هي في النهاية تلخص الوضع بأن مثل هذه الممارسات التي لا تحترم الحدود الدنيا للتقاليد والأعراف الجامعية والأكاديمية هي مؤشر طبيعي على مستوى الانحطاط والانحدار الذي بلغته الجامعة المغربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض