الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجيل الرّابع من الحروب ودور المنظّمات الأمريكية في تسخير الشّعوب

الأسعد بنرحومة

2017 / 3 / 30
المجتمع المدني


مع ثقل تبعات الاحتلال الأميركي للعراق وأفغانستان , وارتفاع التكاليف الباهضة ماليّا وعتادا وجنودا , قرّرت الولايات المتّحدة الأمريكية تغيير أسلوب الاستعمار من خلال تسخير الشعوب نفسها في الاطاحة بالحكّام المستبدّين تحت عنوان " الثورات الجماهيرية " وهو ما أطلق عليه بالجيل الرّابع من الحروب .ولتنفيذ هذا الأسلوب فقد أوكلت مهمّة صياغة الرأي والمواقف والأهداف لمجموعة من المنظّمات التّابعة لها حتّى صارت هي المراقب الحقيقي لسير المشروع وحسن تنفيذه .
لقد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية لا تقيم وزنا للعملاء الحكام ,لأنهم لم يعودوا فعليا هم من يمسك بالبلاد ولا الحكم , ووصل الأمر في هذه البلاد أن تصاغ القرارات السيادية ومشاريع القوانين والتعيينات والعزل وغيرها في المقاهي والكباريهات ومنازل السفير الأميركي . حتى صار كل من البرلمان والحكومة والرئاسة مجرد ديكور تطبع هذه الاجراءات بطابع الدستور , أو ساحة تهريج ملئت بالمهرجي الديمقراطية وممثّلي الحرية .
نعم لم يعد هؤلاء الحكّام لوحدهم هم الضمانة لاستمرار هيمنة أميركا والغرب ولا لنجاح أهدافها ومخططاتها , وبالتالي استمرار الاستعمار والهيمنة واذلال الأمة , وأنما صارت تعوّل على منظّماتها مباشرة في السيطرة على البلاد وعقولها من خلال أخطبوط متشعّب من المعاهد والمنظمات الأمريكية التي ترعى آلاف الجمعيات والمنظمات الأخرى وفي جميع مجالات الحياة , لا يخلو ميدان واحد من وجودها وتغلغلها فيه , ومازاد في تعقيد المسألة أنّها تعمل برعاية أجهزة الدولة وبالتنسيق الكامل مع مؤسساتها ووزاراتها وفي المقدمة وزارة الشباب والطفولة ووزارة البيئة ووزارة الطاقة ووزارة العدل والداخلية ,وغيرها , بل وحتى البرلمان صار جزء من هذا الأخطبوط واقتصر دوره على تزيين ما يخرج عن هذه الدوائر الاستعمارية من مشاريع قوانين وتنقيحات .
هذه المنظمات الأمريكية لا تعود بالنظر الى السفارة الأمريكية في البلاد , فالسفارة لها أعمالها الأخرى التي لا تقلّ خطرا عنها , بل ترجع بالنظر والمتابعة والرعاية الى وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة استخباراتها مباشرة , وتوضع أعمالها وتقاريرها تحت نظر الكنغرس الأميركي .
وتعمل هذه المنظمات الأمريكية تحت عناوين برّاقة وشعارات خدّاعة مثل : التنمية ” البشرية أو الاقتصادية أو غيرها ” و النهوض بالمرأة , والتعليم والثقافة , الشباب القيادي , تجديد الفقه , حوار الأديان والحضارات , الشباب الريادي , الفنّ , الاعلام الحرّ ” وغيرها من العناوين الكثير .
أما أخطر هذه المنظمات الأمريكية في البلاد والتي يوجد أثرها وأثر أعمالها في كل مجال وفي كل ولاية ومعتمدية وبلدية حتى في مجلس البرلمان وفي قصر الحكومة وفي الرئاسة وحتى داخل المنظمات الشغيلة كالاتحاد العام أو منظمة الأعراف , وهي حسب ترتيب درجة خطورتها :
& الوكالة الأمريكية للتنمية
& المركز الدولي للتحوّل الديمقراطي
& المعهد الديمقراطي الأميركي
& المركز الأميركي للسلام
& هيئة الديمقراطية الأمريكية
& المعهد الجمهوري الدولي
& مركز الاسلام والديمقراطية
& منظمة رياكتيف الأمريكية
& معهد النقابات الحرة
& مركز الشركات الخاصة الدولي
& المركز الكندي للتنمية البشرية
وسنتناول بالبحث والكشف كل منظمة على حدة في مواضيع لاحقة ان شاء الله تعالى ,
كيف تعمل هذه المنظمات الأمريكية ؟
لن ترى عنوانا ولا اعلانا عن ندوة أو مؤتمر أو محاضرة وهي مختومة باسم من أسماء هذه المنظمات أو برعايتها الا نادرا , ولكنها تعمل من الخلف عن طريق دفع غيرها من المنظمات والجمعيات والمنتديات المحلية التابعة لما يسمى منظمات المجتمع المدني ولا فرق في هذا بين الجمعيات الخيرية أو الثقافية أو غيرها أو بين فكرية كالمنتديات الحوارية كمنتدى الفرابي أو الجاحظ أو التميمي أو المركز الدولي لحوار الأديان أو مؤمنون بلا حدود , أو تحت اشراف الدولة وبرعاية احدى وزاراتها كالمنتديات التي تشرف عليها وزارة الشباب والطفولة ولكن برعاية منظمة رياكتيف الأمريمية ورئيسها بول تورنور والتي ابتدأت أعمالها فعليا منذ مدّة وخاصة في ولاية منّوبة والقصرين .
وتعتبر الوكالة الأمريكية للتنمية ” اليوسايد ” هي الممول الرئيسي لجميع برامج المعهد الديمقراطي والمعهد الجمهوري الأمريكيين في تونس .
فمثلا : قد يتوهّم البعض أن ما حدث في البلاد من تواتر ” الانجازات ” نتيجة حراك شعبي أو نخبوي من أهل البلد , هذا الحراك هو الذي أنتج المجلس التأسيسي ثم انتخابات 2011ثم الانتخابات الرئاسية والتشريعية وقبلها كتابة الدستور والآن اعداد القوانين , ولكن الحقيقة غير التي تظهر في الصورة , فان جميع هذه الخطوات انما هي تنفيذ دقيق ومتسلسل لبنود وردت سابقة في قائمة مشروع الشرق الأوسط الكبير تحت عنوان ” الحوكمة الرشيدة ” أو ” الانتقال الديمقراطي ” بما في ذلك انشاء الهيئات كهيئة الانتخابات التي يرأسها شفيق صرصار أو هيئة الاتصال السمعي البصري الهايكا , أو هيئة العدالة الانتقالية .
وقد تمّت هذه المرحلة في تونس تحت اشراف مباشر ومراقبة دقيقة من :
& مديرة مكتب المعهد الديمقراطي الأميركي نيكول روسيل
& مدير المعهد الجمهوري الدولي دجورجي تودوروفيتش
& مدير لجنة أنتبرغ درير والمستشار السابق لعدد من أعضاء الكنغرس براد سميث
& المسؤولة الأولى عن انتخابات ولاية ميستوري روبن كارناهان
& مع نائبة رئيس البرلمان الأوروبي سابقا ايزابيل دورون
طبعا دون نسيان فضيحة نوح فلدمان وصديقه الذان كانا يباشران عملهما داخل المجلس التأسيسي قبل انكشاف أمرهما ,
اليوم يوجد نشاط خطير وكبير لأنه عمل مقصود وموجه للشباب وللنساء باسم صنع قادة من الشباب وتنويع قدراتهم وصقل مواهبهم , ولكن الهدف الحقيقي هو دمغجة عقول هؤلاء بمفاهيم معينة وترويضهم عليها حتى يقبلوها فيخرج جيل مقتنع بثقافة الغرب ومفاهيمه وعقيدته , ومحتقر لتاريخه وحضارته وقيمه وعقيدته ,ويكون هذا الجيل الجديد هو المحرقة ووقود المرحلة القادمة في حرب الغرب وأميركا ضد الاسلام والمسلمين .
وتتولى منظمة ” رياكتيف ” الأمريكية جزءا كبيرا من هذا العمل الممنهج ,وهي تعمل بالتنسيق الكامل مع وزارة الشباب والطفولة في تونس , وقد انطلقت تجربتها من ولاية منوبة والقصرين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب يفتح بحثاً قضائياً للتحقيق في تعرض مواطنين للاحتجاز و


.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م




.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف


.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال




.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي