الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الافتقار للعدالة الاجتماعية

فائز تركي القريشي
(Faiz Turky)

2017 / 4 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


منذ طفولتي وانا اعي وادرك مشكلة العراق الاساسية التي لطالما شغلت تفكيري ولم استطع حينها ان اعبر عن ما يجول بخاطري من افكار وتحليلات ولم تتمخض في حينها الصياغة المطلوبة لقلة الخبرة والثقافة التي كنت امتلكها ولكن بمرور الزمن ايقنت ان هذه المشكلة كانت وما زالت تنخر في قلب مجتمعنا ولابد ان تتم الاشارة اليها رغم ان الكثيرين قد اشاروا لها ونظر الكثيرين في هذا المجال واغلبهم من هم في مجال الاختصاص الدقيق اكثر مني لتحديد المشكلة ودراستها ووضع الحلول لها الا انني رأيت ان اكتب ما يجول الان وبالتحديد ما بعد المصائب التي لحقت ببلدنا ، لا اريد الاسهاب في تقديم الموضوع ولذلك سادخل في صلب القضية ان ما عاناه العراق ومنذ عهود بعيدة كان السبب الاساسي فيه هو افتقار العدالة الاجتماعية ولعل افضل طريق لايضاح الفكره هو ان اقدم تعريفاً علميا للعدالة الاجتماعية انا اعتبره افضل تعريف يجمل المفهوم بشكل مختصر وهو تعريف حزب الخضر الكندي حيث يعرفها على انها (توزيع الموارد بشكل متساوٍ لضمان حصول الجميع على فرصٍ متكافئة ، لضمان التطور الإجتماعي والشخصي) ، يمكننا ان نقيم وضعنا الاجتماعي والاقتصادي وفقا لهذا التعريف فنبدأ اولا بتوزيع الموارد هل يتم توزيع الموارد بشكل متساوي على ابناء الشعب بالطبع كلا لا يوجد توزيع للموارد بشكل متساوي اذ ان مجتمعنا حاليا ً ترسخ فيه التقسيم الطبقي وازدادت الهوة بين الطبقات الغنية والفقيرة لا بل ظهرت تقسيمات جديدة لطبقات المجتمع انسحق تحتها نسبة كبيرة من المجتمع وازداد الكثيرين فقراً وبالمقابل ازدادت الطبقات الغنية غناً ولعل من مظاهر التقسيمات الجديدة هو الفوارق الخيالية في الرواتب والمخصصات ما بين الموظف العادي والموظف الذي يعمل في مناطق النفوذ والسلطة العليا في البلد وابسط مقارنة تثبت ما اقول هي ان راتب عامل الخدمة في مجلس النواب العراقي يبلغ مليونان ونصف في حين ان موظف بدرجة مدير قسم في أي دائرة حكومية عادية وحاصل على شهادة اولية راتبه نصف راتب عامل الخدمة المذكورولربما اقل من النصف ليس انتقاصا من عامل الخدمة ولكن هذا مظهر واضح من مظاهر الافتقار الى العدالة الاجتماعية وان اتيت بمقارنة اخرى سيشيب راس البعض مما ساقول ، ناتي الان الى الجزء الثاني من التعريف وهو ضمان حصول الجميع على فرص متكافئة وهذا ايضا نفتقر له في العراق مع الاسف فالفرص تاتي للكثيرين تحت اعتبارات ومعايير غير صحيحة منها العلاقات والفوائد المترتبة من العلاقات المتبادلة والانتماءات الحزبية والعرقية والوساطات والمحسوبية وصلة القرابة الخ من الامور التي ابعدت البلد عن اختيار الكفاءات والاختصاصات المهمة والمعايير الدقيقة في توفير الفرص بعدالة ضمانا للتطور والتقدم مما ادى الى هجرة الكثير من العراقيين الى الخارج وان الكثير من خريجين الكليات لا يجدون فرص عمل الا في الاجهزة الامنية والحراسات والكثير منهم يعملون بمهن دخولها ضعيفة جدا في القطاع الخاص ولا تتناسب مع ثقافتهم ووضعهم الاجتماعي ،.ان فقرنا للعدالة الاجتماعية والاقتصادية افضى بنا الى المشاكل التي نعيشها كالوضع الامني وتفشي الطائفية والعرقية والمناطقية ، واكاد اجزم ان العراق عبر تاريخه القديم والمعاصر لم ينعم شعبه يوماً بالعدالة الاجتماعية رغم توفر الثروات الطبيعية فيه وان السبب الاساسي للافتقار المذكور هو طبيعة الانظمة السياسية التي حكمت العراق في الماضي والحاضر ولقد تجسد الافتقار للعدالة في زمن الطاغية اوضح تجسيد وكنا نعتقد ان نظام الحكم الديمقراطي الذي جاء بعده سيفضي الى توفير العدالة الاجتماعية بمفهومها المذكور في التعريف اعلاه الا اننا صدمنا بجدار اخر بعد الجدار الذي وضعه الديكتاتور وايقنا ان الطريق سيطول ولربما سنموت ولن نحصل او نرى العدالة المنشودة ، من جانب اخر ينظر البعض الى العدالة الاجتماعية على انها فكره فنتازية من غير الممكن تحقيقها او الوصول اليها ولكن في المجال التطبيقي هنالك امثلة امام اعيننا لدول حققت ما تصبو اليه شعوبها رغم افتقار تلك الدول للموارد الطبيعية والثروات منها اليابان والمانيا ودول نموذجية اخرى من الشرق والغرب ولكني تعمدت ان اذكر اليابان والمانيا بالتحديد لخطورة ما مر به البلدين المذكورين من ظروف كادت ان تنهي كل شئ ولكن الدولتين خرجتا من الازمات العصيبة واصبحتا افضل من الدول التي حاربتهم اذا الفكرة قابلة للتنفيذ ان توفرت ارادة حكومية وشعبية لتحقيقها وما زلت اعتقد ان الوقت لم يفت وبامكاننا ان نغير الكثير ابتداءا من انفسنا وبالتالي في المجتمع من خلال التوعية والتذكير الدائم بضرورة العدالة الاجتماعية واهمية توفيرها لننعم بالراحة والامن والرفاه الاقتصادي وعلى اصحاب القرار ان يبدأو بدراسة الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلد لتوفير الحلول المناسبة قبل ان يدخل البلد في مخططات جديدة بعضها مرسوم له من الخارج ولربما حتى من الداخل ولن ينفع الندم بعد فوات الاوان اذ ان الله سبحانه وتعالي نجانا واقتربنا من النصر على الارهاب الداعشي بغيرة وسواعد ابطالنا وشهدائنا الابرار ونحن بحاجة للنصر على انفسنا الامارة بالسوء ولم يعد شعبنا قادر على تحمل ازمات جديدة او عثرات جديدة وليس امامنا الا البناء والتقدم ولن نحصل عليهما بالامنيات وانما بالعمل والتفكير الصحيح وتحقيق العدالة بكافة مظاهرها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع