الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفكير الناقد/المنطقي عند الأطفال

ناجح شاهين

2017 / 4 / 2
التربية والتعليم والبحث العلمي


التفكير الناقد/المنطقي عند الأطفال
ناجح شاهين
احذروا الأطفال: إنهم "كائنات" خطيرة قادرة على التشكك والنقد والقيام بالعمليات المنطقية الضرورية لاكتشاف حقيقة ما يجري. باختصار يمكن أن يكتشفوا بسهولة "التمثيليات التضليلية" التي نقوم بها معشر الكبار.
إنليل طفل في الصف الثالث الابتدائي. سمع منذ أيام عدداً من أبناء صفه يتحدثون عن شتم المعلمة لهم بعبارات قاسية من قبيل "قرفتوني سماواتي، يلعن سماوات أهلكم...الخ".
كان إنليل غائباً عن المدرسة في ذلك اليوم. وقد سألني إن كان يمكن للمعلمة أن تتلفظ بهذه المفردات، فأجبت بأنني لا أستطيع أن أجزم.
لاحظوا أن الطفل تشكك في الحادثة، ثم تساءل عن إمكانياتها الواقعية. شيء يذكر بفكرة ابن خلدون عن طبائع العمران.
لم يستطع إنليل أن يهدأ بالا بدون أن يجد جواباً مقنعه لشكه فيما نسب إلى المعلمة.
عاد إنليل اليوم من المدرسة وبادرني بسرعة وحماسة: "المعلمة ما سبت على حدا لما كنت غايب." سألته كيف توصل إلى هذا الاستنتاج فأخبرني بأنه قال لعدد من زملائه إنه غاب حصة اليوم التي تخص المدرسة المعنية. ثم سألهم إن كانت قد كررت شتم التلاميذ فقالوا إنها شتمت الصف بشكل أسوأ من المرة السابقة.
هنا كما يقول إنليل يتضح أن التلاميذ يلفقون التهم للمدرسة ما داموا قد نسبوا إليها الشتم هذا اليوم وهو يعرف بحكم حضوره أنها لم تفعل.
استخدم إنليل –دون أن يعرف بالطبع- قياساً يدعي قياس المقارنة ليتوصل إلى أن المعلمة لم تفعل ما نسب لها. ومثلما نلاحظ فإن الطفل قد بدأ بممارسة الشك والنقد وهما من عناصر التفكير الناقد ثم انتقل إلى القياس والاستنتاج وهما من عناصر التفكير المنطقي.
بالطبع الأطفال غالباً ما يستخدمون مهارات ناقدة ومنطقية في تقييمهم للأسرة والأصحاب والمدرسة والمجتمع، ولديهم على الأرجح عقول حادة قادرة على التحرك بثقة وسرعة وذكاء.
نعمل من جانبنا في البيت والمدرسة والأغنية والمسلسل على تدمير تلك الاستعدادات عن طريق تحويل الأطفال إلى ماكينات للحفظ في امتحانات المدرسة وفي الأنشطة المجتمعية المختلفة. بالطبع نحن لا نلوم الكبار لأنهم يفتقرون هم أنفسهم لمهارات التفكير، وفاقد الشيء لا يعطيه.
السياسة والاقتصاد والموروث وغيرها تتطلب إنتاج عقول غير ناقدة، غير منطقية، وغير مفكرة، لذلك لا بد من وأد قدرات الأطفال على التفكير. أما إذا كنا نريد العكس فلا بد من وقف نظام التلقين والتسميع فوراً. ولا بد من إتاحة الفرصة للأطفال للتفكير والتعبير كما يحلو لهم دون قمع ولا أستذة ولا سخرية ولا كلل ولا ملل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة