الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا عندنا فقط هيبة الدّولة مفقودة ؟؟

الأستاذ الأسعد بنرحومة

2017 / 4 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ليس من العجيب القول أنّ الديمقراطية التي يرفعونها شعارا في بلادنا هي عينها الاستبداد والدكتاتورية , وهي الظلم والقمع , فلا يمكن أبدا , و يستحيل وجود الديمقراطية بدون هذا القمع و هذا الظلم ,بل من الوهم والزيف الفصل بين الديمقراطية والدكتاتورية.
وذلك أنّ الذي يجمع الناس هو المصلحة , وهذه المصلحة حتى لا يحدث الاختلاف حولها والتقاتل من أجلها لا بد من وجود وحدة النظرة لها , والتي تعيّنها الأفكار المنبثقة عن قاعدة أساسية يؤمن بها مجموع الناس وهي العقيدة .ولا بد من وجود نظام واحد منبثق عن هذه القاعدة لمعالجة أي اختلاف يمكن أن يحصل عند الانتفاع من هذه المصلحة .فالأفكار المنبثقة عن العقيدة هي التي تعيّن مجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات عند الناس أو الشعب .وعلى أساسها تتم رعاية شؤونه .
أما الجهة التي تتولى رعاية هذه الشؤون فهي السلطة , وهي أي السّلطة ليست القوة , اذ السلطة هي الجهة التي ترعى الشؤون , وأما القوة فهي أداة تنفيذ لا غير.وحتى تكون السلطة مقبولة عند الناس حاصلة على الرضى والاجماع كان لا بد من أن تتولى رعايتهم حسب ما يحملون من مجموعة أفكار منبثقة عن عقيدتهم , لذلك ترى الشعوب تصمت وترضى حتى على مغتصبي السلطة اذا قاموا برعاية شؤونهم على أساس عقيدتهم.
ففي هكذا سلطة تكون هيبة الدولة حاضرة في أذهان الناس ولا يحتاج الأمر لقوة الجندي والبوليس وصرامة القانون , لأنّ السلطة سلطتهم , والدولة دولتهم , وتجري في عروقهم وهي المترجمة لما يحملون من أفكار.
وفي حالنا نحن اليوم , وأنت تمشي في الشارع أو تعمل في مؤسسة أو ادارة ,أو تتجول في الأسواق لا ترى في عيون الناس الا ازدراء الدولة واحتقارها ,وهم مستعدون لفعل أي شيء حتى لا يوفون بأي التزامات تجاهها , بالمراوغة أو الكذب أو التمرد والرفض , وترى الشوارع مزدحمة ولكن ليس بالبشر بل بالأوساخ التي تكدست بالأطنان , وأصبح لا حديث عند الساسة و الأحزاب والمنظمات الا "هيبة الدولة" , ورفع الكثير هذا الشعار في حملاتهم الانتخابية , والبعض الآخر دعا لزيادة عدد قوات الأمن من شرطة وحرس وحتى الجيش معتقدين أن القوة يمكن أن تحفظ للدولة هيبتها.
قلنا ان السلطة غير القوة ,فالسلطة هي الجهة التي ترعى شؤون الناس بحسب القواعد الأساسية التي يحملها مجموعهم ويؤمنون بها , ومادامت السلطة كذلك فان هؤلاء الناس مستعدون لتقديم الغالي والنفيس للمحافظة على هذه السلطة وهذه الدولة لأنها الترجمان لأفكارهم ومعتقداتهم وتبقى مهمة البوليس والشرطة هو توفير الأمن والسهر على حسن سير هذه الرعاية
أما اذا كانت السلطة لا تستند لعقيدة الشعب في الحكم ورعاية شؤونه , وهي تسقط عليهم أحكاما وقوانين لا تنبثق عن هذه العقيدة فلا تكون مترجمة لما يحملون من قناعات ومفاهيم ومقاييس فحينها تكون هذه السلطة فاشلة وعاجزة عن الاستمرار وعلى حيازة رضى الناس , وتكون الدولة غريبة عن الشعب مصطدمة معه بشكل دائمي ...ولن يكون هناك من دافع لاحترام قوانين هذه الدولة ولا دستورها لأنهما منبتان كمولودين ولدتهما مومس على قارعة الطريق.ولن يكون أمام الحاكم الا استعمال القوة بحجة فرض القانون وفرض هيبة الدولة , مع أن القوة لن تحقق الى مزيدا من الظلم والاستبداد والقمع , ولن تزرع في الشعب الا مراحل متقدمة من القهر والألم تجعله يتحين الفرصة تلوى الأخرى للتمرد والثورة.
والديمقراطية تقوم على فكرتين لا علاقة لهما بالعقيدة الاسلامية لا من بعيد ولا من قريب وهي "فصل الدين عن الحياة" و"الحرية " , و السلطة تقوم برعاية شؤون الناس على أساس ما انبثق عن هذه الفكرة الأساسية التي تناقض العقيدة الاسلامية ,فتكون راعية لشؤون الشعب وفق أفكار غريبة عنه وهي أفكار الحضارة الغربية.
ودولة هذه حالها ,وسلطة هذا واقعها لن تجد قبول عند الناس ويظل حكامها يبحثون عن "هيبة الدولة " ولن يجدوه حتى ولو جندوا الآلاف من الجيوش ومن الشرطة
وتصبح الدكتاتورية والاستبداد والقمع وسيلة يحفظون بها استمرارهم باسم هيبة الدولة , وتكون ديمقراطيتهم ودولتهم سقطت مع قانون الطرقات ومع كل ضوء أحمر يقع تجاوزه ما دام لا يوجد معه شرطي أو بوليس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟