الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمدا تقدم الآخرون وتأخر المسلمون ؟

كريم بوكيان

2017 / 4 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بعد السبات العميق الذي داما ألف سنة، ستستيقظ الامة الإسلامية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على صوت دوي المدافع الأوروبية، لتجد نفسها أمام عالم قد تطور وتحول بشكل كبير، وتجد نفسها أيضا أمام قوة أوروبية إمبريالية لم يسبق لها مثيل، فكانت صدمة لبعض الدول التي انهارت جيوشها التقليدية بسهولة أمام جيوش حديثة وبتقنيات جديدة، فكان التخلف العسكري الرهيب هو أول اكتشاف لمدى تخلف ألمسلمين، ليبدأ المفكرون الاسلاميون في اكتشاف تخلفهم في مختلف المجالات والاعتراف بيه، وطرح سؤال من طرف المهتمين بالشئون الفكرية مفاده ومحركه الأساسي هو: لمدا تقدمت دول أوربا ولم نتقدم نحن؟ و لمدا تطور العالم الغربي على جميع الأصعدة ونحن لم نتحرك من مكاننا بل انغمسنا في تخلفنا؟ ونفس السؤال سيظهر في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، مع أهم رواد الإصلاح في العالم الإسلامي، من أمثال جمال الدين الافغاني ومحمد عبده ومحمد الحجوي وغيرهم في مختلف الدول الإسلامية، الذين حاولوا أن يشخصوا مكامن الخلل، وينبهوا شعوبهم الى ضرورة تجاوز مسببات التخلف والتأخر التي تعيشها الامة الإسلامية، وحملوا مشعل الإصلاح والتجديد والانفتاح على التفكير العقلاني الذي ضل مغيب لمدة طويلة من الزمن، ولم يكن هؤلاء المصلحون هم أول من انتبه الى الانحدار الذي يعيشه العالم الإسلامي حيث أن ابن رشد على سبيل المثال، كان ينادي في عز تخلف المسلمين الى ضرورة تحكيم العقل والعلم، لكنه همش وعزل وحرقت كتبه بسبب دعوته الى تبني الفكر العقلاني، لأن الفكر الاسلامي الفقهي عظم نسق العلوم الشرعية وأغلق نسق العلوم العقلية، واعتبرت علوم غير نافعة واستغل التفكير الفقهي نسبية العقل ليجعله تابع للنص لأنه مطلق، ومهمة العقل هي تطبيق النصوص الدينية، ولم يكن ابن رشد وحده من تعرض للإبعاد بسبب دعوته الى تشغيل العقل الاسلامي و اعطائه حريته، فهناك العديد من العلماء والفلاسفة الذين عاشوا منبوذين، وثم تكفيرهم بسبب تبنيهم للفكر العقلاني والاشتغال على العلوم العقلية، ويكفي الرجوع الى محنة علماء الاسلام لمعرفة حجم الوصاية التي مورست على العقل وهدا ما جعل العقل محدود القيمة وأيضا من بين الاسباب التي جعلت المسلمين متخلفين على المستوى العلمي والمعرفي.
اليوم بعد حوالي مئة سنة من طرح سؤال لمدا نحن متخلفون وبعد استقلال دول العالم الاسلامي لم يعد هدا السؤال يطرح بشكل قوي بل على العكس، ويرجع السبب بالأساس الى ظهور جماعة الاخوان المسلمون في بداية القرن العشرين، وانتشار هدا النمط الفكري في بقاع العالم الاسلامي أدى الى تخريب مشروع زعماء الإصلاح، فعوض ان نقول الاخر متقدم ونحن متخلفون وسبب تقدمه هو العقل والعلم وحقوق الانسان وقع العكس من ذالك، وقالو الغرب منحل ومنحط ولأننا نحن مسلمون نحن أفضل من الجميع لسبب واحد هو أننا نعتنق دين الاسلام دين الحق، رغم التخلف العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والسياسي إلا أننا أفضل من حفدة القردة والخنازير فالغرب كافر في ضلال ونحن على طريق الصواب ونستحق الفردوس المنشود، هدا من جهة أولى ومن جهة اخرى كان للأنظمة المتشكلة بعد الاستقلال نصيبها في ترسيخ بنيات التخلف، فكل الدول الإسلامية نظرت الى كل ما يأتي من الغرب على أنه استعمار جديد، ورفضت تحديث نفسها مع التطورات الجديدة اعتقادا منها ان هدا يهدد وجودها فحافظت على أسسها الراسخة القديمة، فعادة هذه الدول الى سابق عهدها قبل ألاستعمار، عادة الى استبدادها و أصبحت داخل الدولة الواحدة دولتين، دولة تحمل صفات الدولة الحديثة بمؤسستها و أجهزتها وغيرها من المظاهر الخارجية لترويج صورتها أمام العالم، ودولة داخلية عميقة تحمل نموذج الدولة التقليدية القديمة والتي تتحكم في كل شيء بشكل مطلق كما كان الحال قديما، هده الدول تستقبل إنتاج العالم الغربي في مختلف المجالات فهي تفتح أبوابها لمنتجات التفكير العقلاني والعلمي تكنولوجية كانت أو غيرها لكنها في نفس الوقت ترفض بشكل مطلق افساح المجال للعقل وللتفكير العلمي أن ينتشر داخل المجتمع بل تحاول جاهدة إقصاءه وفي المقابل تشجع وتدعم تغلغل الدين و تصوراته وتخصص ميزانيات ضخمة له، فنجد دعما للتصورات الدينية وإهمال لميزانيات البحث العلمي في مختلف الدول الاسلامية، وهدا مزاد من ترسيخ بنية التخلف داخل المجتمعات الاسلامية التي ربطت وجودها وهدفها بيوم القيامة وغيرها من الغيبيات، فأصبحت تعتبر الغرب هو المتخلف بقوانينه وتشريعاته الوضعية وان تقدمها في رجوع الى دين، فتجد المسلمين يرغبون في دستور إسلامي يستمد قوانينه من النصوص المطلقة وفي نفس الوقت لا يعتبر دولة الخلافة في العراق والشام ممثلة للإسلام، وهو لا يعلم عن قصد أو غير قصد أنها تطبيق لما جاء في نصوص المقدسة عنده، وهكذا أصبح العالم الاسلامي يعيش مرحلة أزمة وتخلف على جميع الاصعدة تخلف تتشارك وتتقاطع فيه مجموعة من المسببات كل سبب له نصيبه من استمرار الانحدار، ويبقى سؤال رواد الإصلاح لمدا تخلفنا وتقدم غيرنا سؤلا يعيد صياغة نفسه ويتجدد بشكل مستمر تبعا لظروف التي تفرض نفسها عندما ترى دول مرت بنفس تخلفنا، لكنها حققت نهضة فكرية وعلمية في جميع المجالات ونحن لازلنا نعيش على أطلال الماضي الغابر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الغرب تقدم بالاحتلال والاستغلال والارهاب
عبد الله اغونان ( 2017 / 4 / 14 - 00:03 )

بم تقدم بريطانيا وفرنسا واسبانيا وحتى الويلات المتحدة؟

باستعمار جل العالم ونهبه وشن حروب عالمية حتى بينهم

لن يدعونا نتقدم

بريطانيا وفرنسا احتلا كل العالم تقريبا وتدخلوا في رسم الخرائط كما يريدون بل عينوا بعض العملاء لهم وقاموا باثارة حروب بالوكالة وانقلابات وجاسوسية وأعمال قذرة
ومهدوا لاسرائيل في احتلال فلسطين والتحكم في دول عربية بالحرب واتفاقيات الاستسلام
ينتقدم سريعا عندما نملك القرار


2 - خزعبلات عبد الله أغونان
مولود مدي ( 2017 / 4 / 14 - 12:36 )
تدّعي أن الغرب تقدم بالاحتلال و غيرها من الأكاذيب ... هذه دلالة على انك لا تعرف شيئا عن تاريخ النهضة الاوروبية و تاريخ الفكر الاوروبي ... اسألك و اجبني و لا تغش و تستعمل محرك البحث لينقذك من المأزق .. منذ متى ظهرت النهضة الاوروبية و كيف و في أي بلد؟؟ هل الاكتشافات العلمية الغربية قاموا بها في ايفريقيا المحتلة ؟؟ هل نيوتن عندما صاغ اول قوانين الميكانيك صاغها في سوريا المحتلة ؟؟؟ هل هيغل و كانط و سبينوزا دعوا الى الاحتلال و فرض الجزية و المسلمين صاغرون ؟؟ ام هل تريد ان اذكرك بحملات المسلمين على الفرس عندما وجدوا !كتب العلم و الفلك و الرياضيات اتلفوها بحجة ان القرأن اهذى منها جميعا ؟ هل تعلم أن تطور الفكر الاوروبي و ظهور النظريات الاقتصادية في اروبا و ضعف و هوان الامبراطورية العثمانية الفاشلة التي لم تقدم اي شيء يذكر للانسانية سوى الاحتلال و التخلف هي التي جرت العالم الاسلامي الى ان يحتل من طرف اروبا ؟؟ من وقّع على اتفاقية لوزان الت اسقطت العالم الاسلامي في يد الغرب ؟؟ هل بمنطق تعني اننا المسلمون نحن انبايء العصر لم نستعبد اي أحد بخرافة الفتوحات اما العرب فهو المنحط و القبيح و المتخلف ؟


3 - التاريخ القديم والحديث حكم
عبد الله اغونان ( 2017 / 4 / 14 - 18:52 )

لو كنت فعلا منصفا وتعرف التاريخ القديم والراهن ففيه الجواب والحجة القاطعة وهو ارتباط تقدم الغرب والاتحاد السفياتي البائد بالغزو والاستعمار والاستغلال والامبريالية والرأسمالية المتوحشة الربوية وهو ما يشكل أزمة مالية واجتماعية في العالم الذي تسمونه متقدما

دعنا من الجدل وطريقة وان قلت أنت قلت أنا
ولاتخلط الأمور ففرق بين من كرسوا أنفسهم للعلم وبين سياسات استعمارية تبني تقدمها على خراب بلدان
ومع ذلك فكثير من العلماء الى يومنا هذا قل منهم من استنكر ماتقوم به دولهم وشعوبهم في حق دول وشعوب أخرى بل ساهم كثير من المستشرقين في توطيد الاستعمار وتبرير سلوكه

اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف