الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طفولةٌ في خطر

أفراح جاسم محمد

2017 / 4 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



جامعة بغداد / كلية الآداب / قسم علم الاجتماع
على الرغمِ من صدورِ العديد من التشريعاتِ والاتفاقيات التي تنادي بحقوقِ الانسان الدولية والتي تُدين زواج الاطفال ، بدءاً من الاعلانِ العالمي لحقوقِ الانسان عام (1948) وما أُدرج في هذهِ الاتفاقيات من بنودٍ عديدة تنص على وصفِ زواج الاطفال بأنه ممارسة ضارة ، وتنص كذلك على حمايةِ حقوق الاطفال من كلِ صور وأشكال العنف والاستغلال المختلفة ، الا ان المتتبع لواقعِ المجتمع العراقي وما يحمل في طياتهِ من مزيجٍ لأشكالِ قهر الانسان يُلاحظ ان حقوق الطفل العراقي ما زالت حبراً على ورق وما زالت تُنتهك ، والواقع وما يمر به المجتمع اليوم يمكن ان يُشير الى ذلك وما هي الازمات التي تتعرض لها هذهِ الشريحة .
فزواج القاصرات في المُخيماتِ صورة من صورِ انتهاك حقوق الانسان تُمارس ضد الاطفال من الاناثِ ، وذلك بفعلِ كل الظروف العصيبة التي مر بها المجتمع العراقي واوصلته الى هذهِ المرحلة التي تشرَّد بها عدد كبير من الاسرِ بفعل الحرب الدائرة فيه ، وكذلك ظناً من أسرهن ان ممارسة مثل هكذا عمل يحميهن من دائرةِ الفقر وضعف المستوى المعاشي داخل المُخيم ، ومن العنفِ الجنسي والاغتصاب الذي قد يتعرضن له في ظلِ النزاعات المُسلَّحة التي تطال البلاد .
اذ تعرضت المرأة العراقية لمركبٍ مُعقَّد من القهرِ في ظلِ النزاعات المُسلَّحة من تهجيرٍ واغتصاب وتشويه وبيع اجسادهن وبوحشيةٍ لم تشهدها البشرية الا في عصرِ الجاهلية ، بحيث يُستخدم الاغتصاب كسلاح ، والى جانبِ الاضرار البدنية والنفسية الخطيرة للعنفِ الجنسي والخوف من الحمل غير الشرعي او غير المرغوب فيه ، والاصابة بفيروس نقص المناعة البشرية ( الايدز ) ، كان على ضحايا العنف الجنسي كذلك محاربة وصمة العار المُرتبطة بالاغتصابِ ، فلا تجرؤ العديد من النساءِ على التحدَّث عن ما تعرضن له او حتى طلب المساعدة ، خوفاً ان يتخلى عنهن ازواجهن ان كُن متزوجات او تنبذهن مجتمعاتهن بعد ثبوت تعرضهن لحالاتِ الاغتصاب ، وكذا الحال مع الطفلةِ العراقية وما لحق بها من اكراهاتٍ ادَّت الى تشويهِ واقعها وهويتها وبالتالي سلب طفولتها بفرضِ الزواج عليها قسراً ، لتصبح بعد ذلك ذات هوية حائرة بين الحرب وتناقضاتها وعالم الكبار الذي فرض عليها مثل هذهِ الامور .
لذا نجد العديد من الاسرِ العراقية في المخيمات تُقدم على جريمةٍ مسكوت عنها بحقِ اطفالهن من الاناثِ وتزوجهن وهن قاصرات ، لتلافي حدوث مثل هذه المشكلات لهن وللتخفيفِ عنهم دون تحمل مسؤولياتهن وفق الظروف المحيطة بهم، مع عدم مراعاة اعمارهن وتحملهن للمسؤوليةِ وحالاتهن النفسية .
وللحيلولةِ دون استفحال مثل هذهِ المشكلة التي تؤثر على نسيجِ وتماسك المجتمع العراقي ، لابد من اعادةِ تأهيل الاسرة العراقية من جديد بالصورةِ التي تمنحها حقوقها وواجباتها وما يجب عليها ان تعلَّمه لأطفالها ، وبناء وعي نوعي بمخاطرِ مشكلة زواج القاصرات والنتائج المترتبة عليه ، وتجديد الوعي بحقوقِ الطفل، مع تفعيلِ دور منظمات المجتمع المدني ومنظمات حماية ضحايا العنف واتفاقيات حقوق المرأة ، دون الاكتفاء بها كبنود ليست مُطبَّقة على ارضِ الواقع ، وتفعيل جهاز لمتابعةِ تطبيق البنود ، وتأهيل المنظومة الثقافية ونظرتها للمرأةِ بصورةٍ أخرى، بحيث يؤدي ذلك الى تغييرِ النظرة الدونية لها وما تتعرض له من مشكلات، أي ان المسألة تحتاج الى تظافرِ جهود مجتمع بأكملهِ لإنقاذ هذا الكيان من الخطر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا