الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشكلة في الاسلام وليس في المسلمين

حسين ديبان

2017 / 4 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ن قلت لمسلم كيف لتنظيم الدولة الاسلامي الإرهابي "داعش" ان يقتل الناس نحراً وتفخيخاً وتفجيراً وحرقاً قال لك أن داعش لا تمثل المسلمين ولا علاقة لها بالإسلام من قريب أو بعيد، وإن قلت له كيف لتنظيم القاعدة الإرهابي أن يقود الطائرات المدنية باتجاه الأبراج السكنية والتجارية وتفجيرها بمن فيها بتلك الأبراج والتسبب بقتل آلاف الأبرياء قال لك أيضاً ان تنظيم القاعدة مثل داعش صناعة أمريكية غربية لا علاقة للإسلام بأفعاله وجرائمة ليعود ويقول لك بأن "عملية كبرى" بحجم عملية سبتمبر الإرهابية لا يمكن لتنظيم بحجم القاعدة أن يخطط لها ويفعلها وهو بذلك ينسى و"يلحس" كلامه قبل لحظات من أن هذا التنظيم وغيره من الحركات الإرهابية من إنجاز وصناعة أجهزة استخبارات عالمية كبرى.. بعد ذلك يؤكد لك أن الاسلام بريء من كل جرائمه في نيويورك وواشنطن ومدريد ولندن وغيرها من عواصم ومدن العالم، وان دين السلام والمحبة والتآخي والتسامح لا يمكن أن يكون مرجعاً بأي حال من الأحوال لأفعال وجرائم بشعة كهذه.

استراتيجية الإحتفاء بجرائم الحركات الإسلامية الإرهابية والتهليل لها ومباركتها ومن ثم التهرب والتبرؤ منها هي استراتيجية قام عليها الاسلام كله في العقود الأخيرة تحديداً وإن كان هذا هو حال المسلمين في كل الأوقات، فكما أن أفعال داعش والقاعدة لا علاقة لها بالإسلام كما يزعم المسلمون فإن كل الأفعال البشعة والجرائم الإرهابية التي إرتكبها مسلمون عبر التاريخ لا علاقة للإسلام بها.. على هذا المنوال يحتفي المسلم بغزوات الاسلام ويفتخر بها بذات الوقت الذي ينكر فيه وبكل وقاحة أن الاسلام لم ينتشر بالقوة وبحد السيف، وعلى ذات المنوال فكل جرائم خلفاء المسلمين وولاتهم لا علاقة لها بالإسلام، وكل جرائم الخلفاء الراشدين لا علاقة لها بالاسلام، وإن كان هناك من جريمة تتداولها الألسن دوماً بسبب إيرادها في أغلب المناهج الدراسية العربية بدءاً من المرحلة الابتدائية تحت عنوان حرب الردة. فإن الخطاب الإسلامي هنا يرتجف ويتلعثم ويحاول إيجاد مبررات ليست واهية فحسب بل إنها تزيد الطين بلة والجريمة بشاعة فوق بشاعتها.

فأبو بكر هنا قد شن حرب الردة وقتل الناس واستباح أرواحهم وممتلكاتهم فقط لأنهم رفضوا أن يدفعوا الزكاة مثلاً بعد وفاة محمد وهذا حسب التاريخ الاسلامي وحسب ما يردده المسلمون على انه أسباب مقنعة ووجيهة لتلك الحرب والمجازر دون أن يوضحوا للناس أي دين ذلك وأي إله هذا الذي يقنع بعض الناس بقتل بعضهم الآخر لأنهم يرفضون دفع بعض الأموال.. إن ارتجاف المسلم بعد ذلك وترديده أنه كان على أبو بكر أن يفعل ذلك وإلا انتهى الاسلام يفرض سؤالاً قبل الحديث عن أثر محمد ودينه في من تركهم من مؤمنين هو كيف يدعي المسلم أن الاسلام أبداً لم ينتشر بالقوة وحد السيف والجريمة والقتل والإنتهاك والاقصاء والاستئصال ويردد بذات الوقت أن الخليفة الراشدي الأول عقب محمد كان عليه أن يستعمل القوة مع من عاصر محمد ليحافظ على الدين فكيف الحال مع الآخرين.

يستطيع المسلم أيضاً بكل صخب وعنفوان أن يحتفي بالإسلام بوصفه دين الحرية والتعايش وقبول الآخر المختلف دينياً وفكرياً ولكنه هو ذاته يحتفي بقتل الصحفيين والفنانين الذين يرى انهم قد سخروا من دينه ونبيه، وهو ذاته أيضاً يحذر الآخرين من التجاوز على ما يسميهم رموزاً إسلامية قد تبدأ بمحمد ولا تنتهي بشيخ مبتدأ قد تخرج للتو من مدارس الشريعة للتجهيل والتمييز والحض على العنف والكراهية، وهو ذاته ولا أحد غيره يرفض أي فكرة تتعارض مع ما أتى به القرآن ويرفض أي معلومة لا تنسجم ومعلومات القرآن. هذا إن كان أصلاً من أفكار ومعلومات في القرآن، وكذلك فإن كل العلوم التي تتجاوز الاسلام لا يمكن أن تكون حقيقية حتى وهو يراها بعينه فلا حقيقة إلا حقائق القرآن ولا علوم إلا ما ورد في القرآن من علوم يتخيلها المسلم الذي يجزم بكل ثقة في ظاهرة غريبة أن كل العلوم والاختراعات في هذه الدنيا مصدرها الاسلام والقرآن وأن كل علماء الشرق والغرب الكفار لدى كل واحد منهم نسخة من القرآن يسرقون منها الاختراعات والعلوم وينسبوها لأنفسهم.

كل ما ورد أعلاه هو في حقيقته مشاكل إسلامية يتحمل مسؤوليتها النص الإسلامي عموماً والنص القرآني خصوصاً، والمسلم هنا هو فقط مجرد ضحية لتلك النصوص غالباً ما يجد نفسه بين نارين نار الحقيقة المؤكدة التي تلسعه وتلسع نصوصه وتنسفها من أساسها وجذورها ونار هشاشة تلك النصوص الواهية التي تلقاها من خلال ما تربى عليه في بيته على يد أهله وتتلمذ في مدرسته وتلقى عبر شيخه وآلاف الشيوخ في عصر الفضائيات والإنترنت يسيطرون على ملايين المنابر الممولة بالمال الوهابي ومال المسلمين الغلابى الفقراء أنفسهم.

فالنصوص الدينية والقرآن في مقدمتها هو من حض ودعا علناً وقبل مئات السنين من مسلمي اليوم "دواعش ومعتدلين ونص نص وعلى الريحة" الى قتل الآخر إن لم يصبح مسلماً أو يدفع الأتاوة للعصابة التي سيطرت على أملاكه ومقدراته يسميها المسلم الحداثوي خجلاً من حقيقتها ضريبة وبعضهم ما بعد حداثوي يستعمل الكلمة الانكليزية تاكس، والرسول نفسه قام بفعل القتل والإبادة والنهب والترانسفير البشري قبل أي مسلم آخر.

والقرآن ذاته من يقول إن الدين عند الله الاسلام ومن ابتغى غيره فلن يقبل منه في أكبر ظاهرة إقصاء في التاريخ البشري، ومحمد نبي الاسلام بعينه وبشحمه ولحمه هو من قال لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ومن بدل دينه فإقتلوه.

والقرآن ذاته من يؤكد على أن الاسلام هو حقيقة الحقائق ولا حقيقة بعده ومحمد النبي الذي يؤكد القرآن على أحقية في كل شيء هو ذاته من قتل كل من تناول ذكره بالهجاء والنقد في ظاهرة دينية تبدو معها الظواهر العادية الإجرامية والإقصائية رحيمة في عنفها وغشيمة في إجرامها.

بعد مرحلة الإسلام المحمدي الأولى وكذلك الراشدي وأستطيع القول حتى بداية الدولة الأموية كان المسلم وعلى الدوام منذ ذلك الوقت ضحية تلك النصوص وذلك الدين ونبيه وهو الذي وضع كل بيوضه التي توصله الى الجنة في سلتها.. لقد صادر الدين عقله فلم يعد قادراً على التفكير والتمييز والاختيار، وصادر قلبه فلم تعد تعرف الرحمة والمحبة والتسامح أي طريق لذلك القلب.. انطبق هذا على غالبية المسلمين الغالبة بينما القليل الذي تبقى منهم وهم طبقة رجال الدين فقد تعاملوا مع النص والدين عموماً كتجارة رابحة جداً لا رأسمال مطلوب فيها سوى بعض النصوص ودشداشة قصيرة ولحية وسبحة وما الى ذلك من عدة النصب والاحتيال على المساكين.

حتى يتخلص المسلمون ومعهم العالم من التأثيرات الضارة والمدمرة لتلك النصوص فما على العالم إلا توجيه سهام نقده نحو تلك النصوص بالدرجة الاولى وليس نحو المسلمين ضحايا تلك النصوص.. يستطيع العالم النجاح في ذلك الهدف طالما نجح في التمييز بين حق المسلم في أداء شعائره الإيمانية من صلاة وصيام وحج وغيرها وحق العالم في السلام والطمأنينة والأمان من شرائع الاسلام بوضعها خارج دائرة تداول العامة وتجميدها في عصرها وزمانها الذي أتت به بعكس ما تريده تلك النصوص وما يريده المسلم من العالم بإعادته قروناً الى الوراء حيث مضارب الاسلام الأول.. مضارب الغزو والقتل والسلب والنهب والغدر.

الى اللقاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي