الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحجاب بين الفرض والفضل

لمياء يسري

2017 / 4 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قال الدكتور يوسف زيدان في أول محاضرة من محاضرات عام بناء المفاهيم ( إن الإحتلال الكولنيالي الكولنيالي انتهى منذ زمن، وإن الاحتلال الأكبر والأعظم حاليا هو الاحتلال العقلي، لشعب أو أمة بعينها، والتحكم في تفكير المجتمعات، وتوجيهها إلى حيث أراد المحتل ).
_ نفهم مما سبق أن المحتل بالفكرة، يجعل الآخرين المحتلين عقليا، بمثابة الإنسان الآلي بين يديه، يستطيع أن يحركه كيفما شاء، بالإضافة إلى أنه _ المٌحتَل_ يوهم هؤلاء
المحتلين بأنهم أصحاب قرارهم، والحقيقة بالطبع غير ذلك.
لكن هل الإحتلال بالفكرة، يأتي من الخارج فقط ؟
_الحقيقة أنه لا لأننا عانينا ونعاني من الإحتلال الداخلي
سواء على المستوى الإعلامي، لتوجيه المجتمع نحو فكرة ما يروج لها لصالح السلطة، أو حتى على مستوى رجال الدين للتحكم في فكر المجتمع باسم الله، والله بريء من هذا التعنت والتصلب في الرأي، لكن ما حدث ومازال يحدث أن بعض رجال الدين، صدروا فكرة واحدة وصادروا غيرها فحدثت أزمات لم ننتهي منها بعد وأصبح من يحاول طرح أيًا من تلك الموضوعات المقدسة للنقاش، مشكك بالضرورة في صحة الدين، وإذا أنكر عليهم فتواهم أو آرائهم ، يصبح منكر معلومًا من الدين بالضرورة ، فتحلل دمائه ، فتأتي علينا لحظات متكررة ، لم ننتهي منها بعد، تكون فيها عقول مفكرينا قربانًا للإله . فتٌنحر رقابهم بدماء باردة ، وارتياح عجيب، وهكذا تُحتل العقول بالأكاذيب، والخوف، والرعب ، والتعصب الداعشي بالضرورة .
و سنرى هذا التعنت في موضوع الحجاب وهو النموذج الذي سوف نتناوله هنا في مقالنا هذا .
_ لقد خرجت مؤخرًا دعوات كثيرة، تدعو لإعادة النظر في الحجاب، وأن الفتوى القائلة بفرضيته تحتاج منا إعادة نظر،
فحدثت انقسامات في الآراء ما بين مؤيد ومعارض، وهناك فتايات استطعن خلعه وآخريات تم تشويههن من قبل أهلهن بسبب التعنت الفكري وعدم تقبل الرأي الآخر .
إذن أصبح لدينا الان موضوعا من الموروثات في محط النقاش ولذلك يتوجب علينا بعد ظهور آراء مختلفة حول موضوع ما أن نعيد النظر في الموضوع بحيادية تامة، حتى نسطيع أن نفكر بنفسنا ، ونتخذ قرارتنا بكامل إرادتنا الحرة، دون تدخل من أحد، لنقرأ الرأي والرأي الآخر، فنقف على رأي نرتاح له، عاملين بقول الرسول في رده على رجل سأله حول الأثم والبر ( استفت قلبك ولو أفتوك الناس ) .
هل الحجاب فرض أم فضل ؟
_بالعودة إلى الستينات والسبعينات فترة قبل انتشار الحجاب في مصرنا الحبيبة، سنجد أن الزي الطبيعي في المجتمع
المصري، هو الميني جيب والميكرو جيب والفساتين القصيرة، وأماهتنا وجداتنا كن يرتدين هذه الملابس، بكل أريحية حتى بالمدن الصغيرة .
وفي أحد الحوارات الصحفية للشيخ سيد النقشبندي، سأله الصحفي
«عندك بنات كبار يا شيخ سيد؟!».. قلت له وقد ظننته سؤالا ويمر: «أى نعم، تلاتة.. اتنين متجوزين، والثالثة صبية تلميذة فى الرابعة عشرة».. سأل: «بيلبسوا إيه؟!» قلت فى دهشة: «يعنى إيه بيلبسوا إيه؟!.. بيلبسوا ملابس طبعاً».. قال: «ما أنا عارف إنهم بيلبسوا ملابس.. أقصد أى نوع من الملابس؟!».. قلت وقد أدركت ما يرمى إليه بسؤاله: «فهمت قصدك.. يرتدين العادى جداً الشائع من الملابس الحديثة فى الوقت نفسه، يعنى على الركبة فى حدود المعقول .
كما نرى في العديد من الصور للشيوخ ورجال الدين زوجاتهم وبناتهم يظهرون بدون حجاب ومنهن من كانت ترتدي نصف كم أيضًا.
فقد ظهر الشيخ الباقوري في لقاء صحفي مع أسرته وبناته بدون حجاب .
وكانت أخت الإمام حسن البنا _ الإخواني_ غير محجبة، وابنة الإمام محمود علي البنا. وهنا نذكر أن جمال البنا كان له رأي مختلف حول الحجاب وقال أن كلمة الحجاب لم تأتي في القرآن الكريم بمعنى الملابس أبدًا .
وكانت زوجة الشيخ مصطفى إسماعيل غير محجبة، وكذلك زوجة الشيخ أبو العنين شعيشع .
فهل هؤلاء الشيوخ جميعهم، لم يعرفوا الدين ؟.
ولأن المسألة لها جوانب متعددة، ولأن الفتوى من علوم الزمان كما قال دكتور يوسف زيدان، ولأننا لم نجدد دينا منذ أكثر من مائتي عام، رغم أن الرسول قال (يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها).
فقد خرج الدكتور سعد الدين الهلالي مؤخرًا، لكي يوضح أن زي المرأة مختلف فيه، وأنه يوجد عدة آراء للمذاهب الفقهية، وأن الإعلاء لرأي على حساب رأي آخر ليس من أمر الدين، والمرأة لها الحق في أن تختار ملابسها، ولها الحق في اختيار ارتداء الحجاب من عدم ارتدائه، لأن مادام الله سيحاسبنا على أفعالنا، فهي لها الحق أن تختار بين الآراء المختلفة، لتقرر شأنها بنفسها، فهي إنسان له عقل وله الحق في الاختيار والقرار .
فقال الدكتور _ أستاذ الفقه المقارن_ حول عورة المرأة أن الواجب ليس كله سواء وبعضه أوجب من بعض، وأن أضعف الواجبات هو غطاء الرأس.
وأن الإمام أبو حنيفة قال، يجوز إظهار القدمين.
وبالطبع لم يسلم الدكتور من الإعلام، وهو أستاذ الفقه المقارن ، بالإضافة إلى أنه لم يقطع بأي من الآراء الفقهية ، فقط أظهر ما تعمد الآخرون إخفائه عن الجميع ، لأسباب في أنفسهم . وتم الهجوم عليه كعادة ما يحدث في بلادنا تجاه الآراء غير المعتادة . والتي تكون في جملتها ، دفاع عن الآراء الفقهية المعتادة ، والشتم والسب لصاحب الرأي المخالف ، والنادر منها إن وجد ، نقاش وتفنيد لرأيه وحجته .
إذن يلزم هنا أن نسأل، لماذا تم اخفاء هذه الآراء؟، ولماذا غير مسموح لنا الاختيار ما دام الله سيحاسبنا في النهاية على أفعالنا؟
لكن للأسف أصبح المشهد وكأن عقولنا احتلت بفكرة واحدة، وتمت مصاردة الأفكار الآخرى، وهذا ليس على مستوى الحجاب فحسب بل امتد للعديد من القضايا الإسلامية الآخرى، والتي تمت مصادرة الآراء المختلفة فيها، كما حدث مع الدكتور علي عبد الرازق حول رأيه عن الخلافة الإسلامية.
_ وبالتالي يمكننا إذا تأملنا وضعنا فسنجد أنه ليس الحجاب فقط الممنوع من النقاش بل الكثير من القضايا الدينية ، غير القابلة للنقاش ، كالمواريث، الحدود، الزنا، الإسراء والمعراج، الخلافة ، النسيء، الآيات الشيطانية والقائمة تطول .
بل موضوع الدين ككل ، ليس قابلًا بأي حال من الأحوال النقاش حوله ، وبذلك يفنى الاجتهاد ويبقى احتلال العقول والسيطرة على المجموع، وتوجهيهم إلى حيث أراد صاحب السلطة .
ويستلزم هنا سؤال ضروري ، ما فائدة وجود هذه الآراء المختلفة للفقهاء ، ما دمنا سنفرض رأيًا واحدًا، ونشهر سيف الكفر والإلحاد وإنكار المعلوم من الدين بالضرورة ، والقول بسوء النهاية والعذاب والنار ، بحجة الإجماع ، أو مخالفة قول الفقهاء ،بل لماذا تستمر جامعة الأزهر إلى اليوم بالتدريس ؟ ، ما فائدتها إذن ؟
هل الفائدة تقتصر على تخريج جيل من المدافعين عن حجة الإجماع ؟!!!!
فلو كان الهدف هو الوقوف عند الإجماع أو آراء فقهية بعينها وعدم الخروج عنها، فلا داعي لهذا التعليم بالأساس ، لأن الهدف منه ، قد انتهى ولم يعد موجودًا منذ مئات السنين، وعلى العقول المستنسخة السلام .
....ملحوظة حوار الشيخ سيد النقشبندي مأخوذ من مقال للأستاذ مكاوي سعيد منشور بالمصري اليوم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج