الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملحد العربي .. بين الحقيقة وظلم المتدينين

راضي العراقي

2017 / 4 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثيراً ما يتهم الملحد العربي بأنه صنيعة الغرب او متأثر بأفكار الغرب .. وفي احسن الاحوال يتهم بأنه لم يقدم شيء للبشرية مثلما قدم الملحد الغربي .. ولمناقشة هذا الموضوع اود ان اقول ان الالحاد ليست ايديولوجيا او فكر تنظيمي كما هي الماركسية .. بل هي مجموعة من الافكار والتصورات والقناعات الخاصة العابرة للحدود التي من خلالها يجد الانسان نفسه غير مؤمن او مقتنع بالالهة او الاديان .. كما ان الالحاد لا يرتبط بقومية معينة ، لان الالحاد مرتبط بالدين اساساً وليس بالقومية .. لذلك ينبغي ان نتجاوز هذا المصطلح الى مصطلح ملحد من اصول اسلامية .. عندها سيكون اصح واعم .. ويبدو ان ارتباط العرب بالرسالة الاسلامية جعلهم يتحملون الوزر الاكبر في مسألة الالحاد .. وكثيرا ما يتصور الكثيرين ان الالحاد وخاصة في العالم الاسلامي هي ظاهرة حديثة .. ويجهلون ان الالحاد ليس وليد الحاضر .. بل ولد مع اختراع الالهة والاديان .. فكثير من البشر اختلفوا مع الالهة والاديان التي كانت تقدسها مجتمعاتهم .. فالالحاد في الدين الاسلامي نشأ منذ ان ظهر الدين الاسلامي في القرن السابع الميلادي .. فكان رفض قريش لنبوة محمد تمثل المرحلة الاولى للالحاد .. وبعد فتح مكة وفرض الامر الواقع .. ودخول عرب الجزيرة للاسلام كخيار لا مفر منه .. ثم جاءت الخلافات والنزاعات التي تلت وفاة ( النبي ) محمد وارتداد الكثير من القبائل عن الاسلام لتعلن مرحلة اخرى من الالحاد بمعناه الواضح .. وبعد ان اخضعت هذه القبائل المرتدة بقوة السيف وتشديد العقوبات على المرتدين اصبح الالحاد يأخذ شكلاً اخر .. وهو الالتزام الظاهري بالاسلام واستغلاله كنهج سياسي في الحكم .. كما فعل بنو امية عندما استلموا السلطة واستغلوا الاسلام لتحقيق حلهم بالملك .. فهذا يزيد ابن معاوية يعلنها صريحة في القصيدة المنسوبة اليه والتي يقول في احد ابياتها
لعبت هاشم بالملك فلا ...
خبر جاء ولا وحي نزل
فهو ملحد بوضوح .. لانه يشكك بالوحي .. ثم تأتي مرحلة التمرد التي قادها المعتزلة الذين كانوا منطقيين في تناولهم قضايا الدين ان لم يكونوا ملحدين في بعض ما جاءت به النصوص الدينية .. ولتتبعها سلسلة من الافكار والتصورات التي بقيت حبيسة الخوف من التنكيل والتعذيب الذي يتعرض له كل من يتناول الدين بالشك والريبة .. فكان ابن الراوندي وابن المقفع وابن الرازي وابن سينا وصولاً الى ابن رشد وغيرهم من الاعلام الذين يعتبرون علامات فارقة في التاريخ الاسلامي ..
عليه نقول ان الالحاد ( العربي ) ليس ظاهرة طارئة كي تنسب الى الالحاد الغربي .. اما ماذا قدم الملحدين ( العرب ) للعالم .. فأظن انهم قدموا الكثير .. فكما قلنا ان الكثير من العلماء الذين ينسبون الى الاسلام مثل ابن الرازي وابن سينا وابن الهيثم وغيرهم قد قدموا في وقتهم ما عزز عجلة التطور العلمي الذي نعيش اجواءه اليوم .. اما في العصر الراهن .. فأعتقد ان اوربا التي كانت تعيش في ظلام القرون الوسطى بسبب التخلف الديني وسيطرة الكنيسة .. استطاعت ان تأخذ زمام المبادرة خاصة بعد ان اعادت رجال الدين الى كنائسهم واديرتهم .. لتبدأ الثورة الصناعية الكبرى .. وتتقدم اوربا والغرب عموما بخطى ثابته .. فيما عاد العرب والمسلمين الى الوراء بعد تم تكفير من تجرأ من العلماء على نقد الموروث الديني .. حتى يقال ان نيران كتب ابن رشد التي احرقت .. اضاءت سماء اوربا التي استلهمت من فكره الشيء الكثير في ثورتها العقلانية بعد سنوات الانحطاط في القرون الوسطى ..
واذا كان الملحد ( العربي ) لم يقدم شيء للبشرية كما يدعي البعض .. فأن ذلك ناجم عن الظروف البائسة التي تسود المجتمعات العربية والاسلامية .. فالموروث الديني المتخلف الذي يمنع الكثير من المبدعين في ابراز مواهبهم وافتقار الدول العربية والاسلامية الى مراكز البحث والجامعات والمناهج الرصينة .. تقف حجر عثرة امام التطور .. فالبحث عن الحلال والحرام بكل ماهو جديد .. والاهتمام بالمواضيع الدينية.. والبحث عن اوهام الاعجاز العلمي في القرآن والسنة .. جعل من الصعب ان يجد الباحث والمبدع مكاناً له في عالم يخطو الى الامام بخطوات متسارعة .. فالغرب مسك زمام المبادرة منذ زمن بعيد ولن يعطيها لغيره .. لان سيادة العالم تكمن في البحث العلمي وليس بالدعاء والاستخارة ..
لذلك من الاجحاف والظلم ان يعامل او يوضع ما يسمى ( الملحد العربي ) مع اقرانه في الغرب ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب


.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت




.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق


.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با




.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط