الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة بين ابن كثير والقرطبي وبولس وبطرس

ممدوح الشمري

2017 / 5 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سورة Sura النساء An-Nisaa آية Aya 34

الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)

تفسير ابن كثير :
يقول تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ) أي : الرجل قيم على المرأة ، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت ( بما فضل الله بعضهم على بعض ) أي : لأن الرجال أفضل من النساء ، والرجل خير من المرأة ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال وكذلك الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه وكذا منصب القضاء وغير ذلك .
( وبما أنفقوا من أموالهم ) أي : من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه ، وله الفضل عليها والإفضال ، فناسب أن يكون قيما عليها ، كما قال ] الله [ تعالى : ( وللرجال عليهن درجة ) الآية [ البقرة : 228 ] .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( الرجال قوامون على النساء ) يعني : أمراء عليها أي تطيعه فيما أمرها به من طاعته ، وطاعته : أن تكون محسنة إلى أهله حافظة لماله . وكذا قال مقاتل ، والسدي ، والضحاك .
وقال الحسن البصري : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستعديه على زوجها أنه لطمها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " القصاص " ، فأنزل الله عز وجل : ( الرجال قوامون على النساء ) الآية ، فرجعت بغير قصاص .
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم ، من طرق ، عنه . وكذلك أرسل هذا الخبر قتادة ، وابن جريج والسدي ، أورد ذلك كله ابن جرير . وقد أسنده ابن مردويه من وجه آخر فقال :
حدثنا أحمد بن علي النسائي ، حدثنا محمد بن عبد الله الهاشمي ، حدثنا محمد بن محمد الأشعث ، حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد ، حدثني أبي ، عن جدي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي قال : أتى النبي رجل من الأنصار بامرأة له ، فقالت : يا رسول الله ، إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري ، وإنه ضربها فأثر في وجهها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس ذلك له " . فأنزل الله : ( الرجال قوامون على النساء [ بما فضل الله بعضهم على بعض ] ) أي : قوامون على النساء في الأدب . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أردت أمرا وأراد الله غيره " .
وقال الشعبي في هذه الآية : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) قال : الصداق الذي أعطاها ، ألا ترى أنه لو قذفها لاعنها ، ولو قذفته جلدت .
وقوله : ( فالصالحات ) أي : من النساء ( قانتات ) قال ابن عباس وغير واحد : يعني مطيعات لأزواجهن ( حافظات للغيب ) .
قال السدي وغيره : أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله .
وقوله : ( بما حفظ الله ) أي : المحفوظ من حفظه .
قال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا أبو صالح ، حدثنا أبو معشر ، حدثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك " . قال : ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( الرجال قوامون على النساء ) إلى آخرها .
ورواه ابن أبي حاتم ، عن يونس بن حبيب ، عن أبي داود الطيالسي ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، به مثله سواء .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا ابن لهيعة ، عن عبيد الله بن أبي جعفر : أن ابن قارظ أخبره : أن عبد الرحمن بن عوف قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " .
تفرد به أحمد من طريق عبد الله بن قارظ عن عبد الرحمن بن عوف .
؛؛؛؛
- قال القرطبي في "تفسيره"(5/172):"(واضربوهن) أمر الله أن يبدأ النساء بالموعظة أولا ثم بالهجران فإن لم ينجعا فالضرب فإنه هو الذي يصلحها له ويحملها على توفية حقه، والضرب في هذه الآية هو الضرب غير المبرح وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة كاللكرة ونحوها فإن المقصود منه الصلاح فلا جرم [أي: لا شك] إذا أدى إلى الهلاك وجب الضمان وكذلك القول في ضرب المؤدب غلامه لتعليم القرآن والأدب". وقال (5/173):" قوله تعالى: (فإن أطعنكم) أي تركوا النشوز (فلا تبغوا عليهن سبيلا) أي لا تجنوا عليهن بقول أو فعل وهذا نهي عن ظلمهن بعد تقرير الفضل عليهن والتمكين من أدبهن، وقيل المعنى : لا تكلفوهن الحب لكم فإنه ليس إليهن. العاشرة : قوله تعالى: (إن الله كان عليا كبيرا) إشارة إلى الأزواج بخفض الجناح ولين الجانب أي إن كنتم تقدرون عليهن فتذكروا قدرة الله فيده بالقدرة فوق كل يد فلا يستغل أحد على امرأته فالله بالمرصاد فلذلك حسن الاتصاف هنا بالعلو والكبر. الحادية عشرة : وإذا ثبت هذا فاعلم أن الله عز وجل لم يأمر في شيء من كتابه بالضرب صراحا إلا هنا وفي الحدود العظام فساوى معصيتهن لأزواجهن بمعصية الكبائر وولى الأزواج ذلك دون الأئمة وجعله لهم دون القضاة بغير شهود ولا بينات ائتمانا من الله تعالى للأزواج على النساء".
وقال أيضا (15/213):" إنما أمره الله [قلتُ: أي أيوب عليه السلام] بذلك [يعني بقوله تعالى:"وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث"ص] لئلا يضرب امرأته فوق حد الأدب، وذلك أنه ليس للزوج أن يضرب امرأته فوق حد الأدب ولهذا قال عليه السلام:"واضربوهن ضربا غير مبرح".".
قال إمام المفسرين ابن جرير الطبري في "جامعه"(5/67):" القول في تأويل قوله تعالى:"واضربوهن": يعني بذلك جل ثناؤه : فعظوهن أيها الرجال في نشوزهن فإن أبين الإياب إلى ما يلزمهن لكم فشدوهن وثاقا في منازلهن واضربوهن ليؤبن إلى الواجب عليهن من طاعة الله في اللازم لهن من حقوقكم. وقال أهل التأويل صفة الضرب التي أباح الله لزوج الناشز أن يضربها : [الضرب غير] المبرح(7):"أصل التّبرح المشقَّة والشدة, يقال: بَرَّح به إذا شقَّ عليه. س ومنه الحديث ضرْباً غيرَ مُبَرِّح أي غير شاقً".).".
وقال (5/69):" القول في تأويل قوله تعالى: (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) يعني بذلك جل ثناؤه : فإن أطعنكم أيها الناس نساؤكم اللاتي تخافون نشوزهن بعد وعظكم إياهن فلا تهجروهن في المضاجع فإن لم يطعنكم فاهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن راجعن طاعتكم بعد ذلك وفئن إلى الواجب عليهن فلا تطلبوا طريقا إلى أذاهن ومكروههن ولا تلتمسوا سبيلا إلى ما لا يحل لكم من أبدانهن وأموالهن بالعلل وذلك أن يقول أحدكم لإحداهن وهي له مطيعة:"إنك لست تحبيني وأنت لي مبغضة". فيضربها على ذلك أو يؤذيها، فقال الله تعالى للرجال: فإن أطعنكم أي على [أي : مع] بغضهن لكم فلا تجنوا عليهن ولا تكلفوهن محبتكم فإن ذلك ليس بأيديهن فتضربوهن أو تؤذوهن عليه.
وقال ابن الجوزي رحمه الله في "زاد المسير"(2/76):" وقال جماعة من أهل العلم الآية على الترتيب : فالوعظ عند خوف النشوز، والهجر عند ظهور النشوز، والضرب عند تكرره واللجاج فيه، ولا يجوز الضرب عند ابتداء النشوز، قال القاضي أبو يعلى: وعلى هذا مذهب أحمد، وقال الشافعي: يجوز ضربها في ابتداء النشوز".
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى"(30/37-38):"عمن عليه حق وامتنع هل يجب إقراره بالعقوبة؟ فأجاب : حكم الشريعة أن من وجب عليه حق وهو قادر على أدائه وامتنع من أدائه فإنه يعاقب بالضرب والحبس مرة بعد مرة حتى يؤدى سواء كان الحق دينا عليه أو وديعة عنده أو مال غصب أو همام أو مالا للمسلمين أو كان الحق عملا كتمكين المرأة زوجها من الاستمتاع بها، وعمل الأجير ما وجب عليه من المنفعة، وهذا ثابت بالكتاب والسنة والإجماع قال الله تعالى:"واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن" فأباح الله سبحانه للرجل أن يضرب المرأة إذا امتنعت من الحق الواجب عليها من المباشرة وفراش زوجها".
وقال (30/275):" فالمرأة الصالحة هي التي تكون قانتة أي مداومة على طاعة زوجها فمتى امتنعت على إجابته …كانت عاصية ناشزة وكان ذلك يبيح له ضربها كما قال تعالى:"واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرونهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا" وليس على المرأة بعد حق الله ورسوله أوجب من حق الزوج حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لو كنت آمرا لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة تسجد لزوجها لعظم حقه عليها"، وعنه أن النساء قلن له:"إن الرجال يجاهدون ويتصدقون ويفعلون ونحن لا نفعل ذلك فقال: حسن فعل إحداكن بعد ذلك"، أي أن المرأة إذا أحسنت معاشرة بعلها كان ذلك موجبا لرضاء الله وإكرامه لها أن تعمل ما يختص بالرجال والله أعلم". وقال (30/278) جوابا:"عن رجل له زوجة وهي ناشز تمنعه نفسها فهل تسقط نفقتها وكسوتها وما يجب عليها؟ فأجاب : الحمد لله تسقط نفقتها وكسوتها إذا لم تمكنه من نفسها وله أن يضربها إذا أصرت على النشوز ولا يحل لها أن تمنع من ذلك إذا طالبها به بل هي عاصية لله ورسوله". وانظر كذلك (30/278-281.
________________

الكتاب المقدس - العهد الجديد
رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس
الفصل / الأصحاح الحادي عشر

1 كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ.
2 فَأَمْدَحُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ عَلَى أَنَّكُمْ تَذْكُرُونَنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَتَحْفَظُونَ التَّعَالِيمَ كَمَا سَلَّمْتُهَا إِلَيْكُمْ.
3 وَلكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ كُلِّ رَجُل هُوَ الْمَسِيحُ، وَأَمَّا رَأْسُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ الرَّجُلُ، وَرَأْسُ الْمَسِيحِ هُوَ اللهُ.
4 كُلُّ رَجُل يُصَلِّي أَوْ يَتَنَبَّأُ وَلَهُ عَلَى رَأْسِهِ شَيْءٌ، يَشِينُ رَأْسَهُ.
5 وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغُطَّى، فَتَشِينُ رَأْسَهَا، لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ.
6 إِذِ الْمَرْأَةُ، إِنْ كَانَتْ لاَ تَتَغَطَّى، فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا. وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ، فَلْتَتَغَطَّ.
7 فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ.
8 لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ، بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ.
9 وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ، بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ.
10 لِهذَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ يَكُونَ لَهَا سُلْطَانٌ عَلَى رَأْسِهَا، مِنْ أَجْلِ الْمَلاَئِكَةِ.
11 غَيْرَ أَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنْ دُونِ الْمَرْأَةِ، وَلاَ الْمَرْأَةُ مِنْ دُونِ الرَّجُلِ فِي الرَّبِّ.
12 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ هِيَ مِنَ الرَّجُلِ، هكَذَا الرَّجُلُ أَيْضًا هُوَ بِالْمَرْأَةِ. وَلكِنَّ جَمِيعَ الأَشْيَاءِ هِيَ مِنَ اللهِ.
13 احْكُمُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: هَلْ يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى اللهِ وَهِيَ غَيْرُ مُغَطَّاةٍ؟
14 أَمْ لَيْسَتِ الطَّبِيعَةُ نَفْسُهَا تُعَلِّمُكُمْ أَنَّ الرَّجُلَ إِنْ كَانَ يُرْخِي شَعْرَهُ فَهُوَ عَيْبٌ لَهُ؟
15 وَأَمَّا الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ تُرْخِي شَعْرَهَا فَهُوَ مَجْدٌ لَهَا، لأَنَّ الشَّعْرَ قَدْ أُعْطِيَ لَهَا عِوَضَ بُرْقُعٍ.
16 وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُظْهِرُ أَنَّهُ يُحِبُّ الْخِصَامَ، فَلَيْسَ لَنَا نَحْنُ عَادَةٌ مِثْلُ هذِهِ، وَلاَ لِكَنَائِسِ اللهِ.
17 وَلكِنَّنِي إِذْ أُوصِي بِهذَا، لَسْتُ أَمْدَحُ كَوْنَكُمْ تَجْتَمِعُونَ لَيْسَ لِلأَفْضَلِ، بَلْ لِلأَرْدَإِ.
18 لأَنِّي أَوَّلاً حِينَ تَجْتَمِعُونَ فِي الْكَنِيسَةِ، أَسْمَعُ أَنَّ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٍ، وَأُصَدِّقُ بَعْضَ التَّصْدِيقِ.
19 لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَكُمْ بِدَعٌ أَيْضًا، لِيَكُونَ الْمُزَكَّوْنَ ظَاهِرِينَ بَيْنَكُمْ.
20 فَحِينَ تَجْتَمِعُونَ مَعًا لَيْسَ هُوَ لأَكْلِ عَشَاءِ الرَّبِّ.
21 لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْبِقُ فَيَأْخُذُ عَشَاءَ نَفْسِهِ فِي الأَكْلِ، فَالْوَاحِدُ يَجُوعُ وَالآخَرُ يَسْكَرُ.
22 أَفَلَيْسَ لَكُمْ بُيُوتٌ لِتَأْكُلُوا فِيهَا وَتَشْرَبُوا؟ أَمْ تَسْتَهِينُونَ بِكَنِيسَةِ اللهِ وَتُخْجِلُونَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ؟ مَاذَا أَقُولُ لَكُمْ؟ أَأَمْدَحُكُمْ عَلَى هذَا؟ لَسْتُ أَمْدَحُكُمْ!
23 لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا: إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزًا
24 وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي».
25 كَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلاً: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي».
26 فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ.
27 إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ.
28 وَلكِنْ لِيَمْتَحِنِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَهكَذَا يَأْكُلُ مِنَ الْخُبْزِ وَيَشْرَبُ مِنَ الْكَأْسِ.
29 لأَنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بِدُونِ اسْتِحْقَاق يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ دَيْنُونَةً لِنَفْسِهِ، غَيْرَ مُمَيِّزٍ جَسَدَ الرَّبِّ.
30 مِنْ أَجْلِ هذَا فِيكُمْ كَثِيرُونَ ضُعَفَاءُ وَمَرْضَى، وَكَثِيرُونَ يَرْقُدُونَ.
31 لأَنَّنَا لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لَمَا حُكِمَ عَلَيْنَا،
32 وَلكِنْ إِذْ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا، نُؤَدَّبُ مِنَ الرَّبِّ لِكَيْ لاَ نُدَانَ مَعَ الْعَالَمِ.
33 إِذًا يَا إِخْوَتِي، حِينَ تَجْتَمِعُونَ لِلأَكْلِ، انْتَظِرُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.
34 إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَجُوعُ فَلْيَأْكُلْ فِي الْبَيْتِ، كَيْ لاَ تَجْتَمِعُوا لِلدَّيْنُونَةِ. وَأَمَّا الأُمُورُ الْبَاقِيَةُ فَعِنْدَمَا أَجِيءُ أُرَتِّبُهَا.

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القس أنطونيوس فكري
كورنثوس الاولى 11 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى

وضع الرجل والمرأة
كانت تغطية رأس المرأة عادة شرقية، علامة على خضوع المرأة لرجلها، ومع التحرر الذي نادت به المسيحية، وأن المرأة مثل الرجل في الرب. ظنت السيدات أنهن تحررن من كل شئ، فخلعن غطاء الرأس، فثار الرجال وأرسلوا لبولس شكوى بخصوص هذا الموضوع. وهنا نجد الرسول يؤيد تغطية المرأة لرأسها لا لأهمية غطاء الرأس بل لأهمية خضوع المرأة لرجلها. وهذه كانت مشكلة محلية خاصة بكورنثوس ولم يفرضها على كل الكنائس. وبولس يرى دائماً الإمتناع عن التمرد، والثورات الإجتماعية، (وهكذا تعامل مع موضوع العبيد، وطلب من العبيد الخضوع لسادتهم ليس لأنه يؤيد موضوع العبيد، بل لأنه ضد التمرد على الأوضاع الإجتماعية لكنه يطلب أيضاً من السادة أن يعاملوا عبيدهم كإخوة، ومع إصلاح الداخل بالحب إنتهت قصة العبيد في المسيحية تماماً). وهنا نجد أن غطاء الرأس عادة شرقية ولكننا نجد الرسول يؤيدها طالما لا تتعارض مع الإنجيل، وستكون سببا في الإستقرار العائلى. وكانت النساء الشريفات يغطين رؤوسهن في ذلك الوقت. ومفهوم الرسول أن المسيحي عليه أن يراعى قواعد المجتمع، فليس كل تقليد في المجتمع خاطئ، ما دام يتناغم مع تعاليم وتقاليد الكنيسة. وفي تحليل الرسول للمشكلة، وجد أن الخضوع بالمحبة منهج لاهوتى أصيل، فنراه موجودا بين المسيح والآب، ووجد أن الملائكة تغطى وجوهها أمام الله، ووجد أن تغطية المرأة لشعرها يجلب السلام والهدوء للأسرة، إذاً فلتخضع المرأة لزوجها في محبة وتغطى رأسها. ولاهتمام الرسول بإستقرار الأسرة سمح للطرف الذي آمن من أسرة وثنية (رجل أو إمرأة) ألا يترك الطرف الذي رفض الإيمان حتى لا يضيع إستقرار الأسرة ويتشرد الأطفال.
ونلاحظ أنه كانت هناك عادة في المجتمعات الأممية أن المرأة المنحلة تترك شعرها دون غطاء. ومن هنا جاء المثل الشرقي عن المرأة المنحرفة أنها "دايرة على حل شعرها" وظهر مع فريق النساء اللاتى خلعن غطاء الرأس، فريق من الرجال أرادوا هم أيضاً التحرر فأطالوا شعور رؤوسهم آية 14. وربما كان هؤلاء وأولئك (نسوة ورجال) من الفريق الذي أدعى أنه تبع المسيح ورفضوا طاعة الرسول أو أي رسول(1كو 1: 12). هؤلاء أساءوا فهم المسيحية والحرية المسيحية، وخالفوا السلوك الوقور بحسب قوانين المجتمع آنذاك.
آية 2:- فامدحكم ايها الإخوة على انكم تذكرونني في كل شيء و تحفظون التعاليم كما سلمتها إليكم.
تحفظون التعاليم = التعاليم هنا تعني التعاليم الشفهية وأصلها شيئًا يسلم يدًا بيد أي التقاليد، وهي تعنى العقائد والطقوس وخبرات الحياة التي عاشها الآباء القديسين وفقًا لتعاليم الكتاب وسلموها لنا، وهي تظهر في طقوس الكنيسة وصلواتها وتعاليمها (هذا يُظهر أهمية التقاليد). وفي هذه الآية نجد الرسول يمدحهم رغمًا عن معرفته بانحرافهم ليشجعهم قبل أن يهاجمهم فيطيعوه.
تذكرونني = تذكرتم أنني صاحب سلطان رسولي وأرسلتم إلىَّ تسألونني.
آية 3:- و لكن اريد أن تعلموا أن راس كل رجل هو المسيح واما راس المراة فهو الرجل وراس المسيح هو الله.
نلاحظ هنا الآتي:-
الموضوع الذي يهتم به الرسول ليس غطاء الرأس بل خضوع المرأة لزوجها. فغطاء الرأس مشكلة خاصة بكورنثوس وخضوع المحبة فضيلة مسيحية أساسية.
الرسول لم يرد مباشرةً على سؤالهم حول نزع غطاء الرأس للمرأة. بل بدأ برسم صورة سماوية رائعة، نرى فيها طاعة المسيح (كإنسان) لله وخضوعه له (كرأس للكنيسة). فيقتنعون بموضوع خضوع المرأة لزوجها. ونرى في ذلك أن المسيحية ليست قوانين جامدة بل لها مفاهيم روحية ولاهوتية وراء كل نظام. هنا نرى أن الرسول يرى في خضوع المرأة لرجلها أنه صورة للحياة السماوية حين تخضع الكنيسة كلها لله رأسها. نرى في هذه الآية الأساس الذي يبنى الرسول عليه حديثه فيما بعد. ويحدد فيه موقف كل عضو في الكنيسة من بقية الأعضاء. فيقول أن المسيح كخالق لكم جميعاً فهو إذن رأسكم، أي له السيادة والسلطان عليكم ليقودكم لمجده. ولأنه يحملكم جميعاً في جسده، وبكون الآب رأساً له، فهو يحملكم في جسده إلى طاعة أبيه طاعة كاملة. وبهذا نفهم أن الحرية في المسيحية ليست هي التمرد بل هي خضوع الحب، خضوع المرأة لرجلها في حب وخضوع الكنيسة للمسيح في حب، وخضوع المسيح بكونه رأساً للكنيسة لله أبيه.
خلق الله الإنسان في صورة مثالية، هي صورة الحب المتبادل. فالله يحب آدم، وآدم يحب الله. وعلامة حب الله لآدم، أنه خلقه في جنة إستمر الله في إعدادها له ألاف الملايين من السنين، وفي بركاته التي يفيض بها عليه. وعلامة حب آدم لله خضوعه التام لله وطاعته في حب لله. وعلى نفس النمط يجب أن تكون صورة العائلة المسيحية، فالرجل يفيض حبا وبذلا لإمرأته، وهي تخضع له بالحب، وبركة هذه الصورة السماوية تظهر في خضوع الأولاد للأم وطاعتهم لها، وخضوعها هي وأولادها للأب.
ولما خالف آدم هذه الصورة المثالية تجسد المسيح ليوحدنا فيه، ويقدم كرأس لنا الخضوع لأبيه ليُعِيدْ هذه الصورة المثالية (1كو 15: 28). وصارت علاقة المسيح بكنيسته صورة لعلاقة الرجل بإمرأته (أف 5: 23) فكما تخضع الكنيسة للمسيح هكذا تخضع المرأة لرجلها، وكما أحب المسيح كنيسته وبذل نفسه عنها، هكذا على الرجل أن يحب إمرأته ويبذل نفسه عنها، بهذا يكون للبيت المسيحي الصورة السماوية. وكما يأخذ المسيح كنيسته ليقدم الخضوع للآب، هكذا يأخذ الرجل زوجته وأولاده وبيته ليقدم الخضوع لله. بهذه المقدمة العجيبة في هذه الآية، وهذه الصورة السماوية التي رسمها الرسول ليس للمرأة أن تتذمر إذا قال لها الرسول عليكِ أن تخضعى لزوجك، فالإبن نفسه خاضع لأبيه، وهما من ذات الجوهر. وكما تخضع كل أعضاء الجسم للرأس هكذا فليخضع كل إنسان للمسيح، وكما يقود الرأس كل الجسد، هكذا فليخضع كل إنسان للمسيح ليقوده. وهكذا فلتخضع كل إمرأة لرجلها. ونفهم أن خضوع المسيح للآب هو خضوع الجسد الذي أطاع حتى الموت، موت الصليب(في2: 8) أمّا لاهوتياً فنفهم أن الآب والابن لهما إرادة واحدة ومشيئة واحدة. ولنضع أمامنا آيتين لشرح الفكرة في معنى طاعة الابن للآب:-
1) لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إلاّ ما ينظر الآب يعمل (يو 5: 19)
2) أنا قد حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته (يو 15: 10)
والرب لكي يشرح فكرة وحدة الآب والابن استخدم هنا تعبير ينظر ليشير للتطابق في كل شيء بينهما. لكن الآب يريد والابن هو أقنوم التنفيذ. فالفكرة والإرادة عند الآب ينفذها الابن الذي يراها. فهو واحد مع أبيه. وهما واحد بالمحبة التي هي طبيعة الله.
أنا في الآب والآب فيَّ= أنا أحب الآب، الآب يحب الابن= كما أحبنى الآب = أنا والآب واحد
(يو14: 10) (يو14: 31 + يو5: 20) (يو15: 9) (يو10: 30)
من كل هذا نفهم أن طاعة المسيح ناشئة عن الوحدة التامة والتطابق التام مع الآب وهذا ناتج عن المحبة. وعلى نفس النمط نحن نتحد بالمسيح ونثبت فيه بالطاعة والمحبة (يو14: 23 + يو 15: 9، 10). وعلى نفس النمط تخضع المرأة لزوجها بالمحبة.
الْمَسِيحُ رَأْسَ كُلِّ رَجُل = المسيح رأس الخليقة كلها بمعنى أنه بداية كل شيء في الخليقة بصفته خالقها. فبه كان كل شيء. وهو صار رأساً لكل عضو في الكنيسة خلال بذله لذاته في تجسده وفي صليبه، وصار يحمل الكنيسة كلها في جسده، ويعنى هذا أنه يقود كل مؤمن إلى طاعة أبيه لينهى التمرد على الله الذي صار بالخطية، وليُعِيدْ الصورة السماوية المفقودة (1كو15: 28) . ويقال هنا أن المسيح رأس كل رجل لأنه خلق آدم أولاً. وكان آدم في الابن الخالق، والابن في الآب. هذا كان في البدء. ولما سقط الإنسان إنفصل عن الله وتجسد الابن ليعيد الصورة كما أرادها الله، ولذلك يطلب منا المسيح "إثبتوا فىَّ". وخرجت حواء من آدم، إذاً هي كانت في آدم. وحقاً المسيح أيضاً رأس للمرأة ولكن الرجل رأس للمرأة قريب ومنظور، والمسيح رأس لها بعيد وغير منظور.
رَأْسُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ الرَّجُلُ = فهي أخذت منه وخلقت لتكون معيناً نظيره، وعندما خالف آدم هذه القاعدة وتبع إمرأته سقط وإذ أراد الرب تصحيح الوضع عاقب الرب آدم قائلاً "لأنك سمعت لقول إمرأتك" وعاقب حواء قائلاً "إلى رجلك يكون إشتياقك وهو يسود عليك" (تك 3: 16). ولكن إن أراد الرجل أن يقول أنا رأس المرأة كما أن المسيح رأس الكنيسة فعليه أن يقدم الحب والبذل لإمرأته كما قدم المسيح لكنيسته، فالمسيح صار رأساً للكنيسة بصليبه. وإذا لم تستطع المرأة أن تخضع لرأسها المنظور فلن تستطيع الخضوع لله غير المنظور.
وَرَأْسُ الْمَسِيحِ هُوَ اللهُ = لاهوتياً المسيح الابن والآب جوهر واحد، وعندما يقال أن الله رأس المسيح فهذا من باب التمايز الأقنومى بين الآب والإبن، فالإبن مولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مساوٍ للآب في الجوهر. وكلمة الآب تعنى المصدر فالابن يولد من الآب والروح القدس ينبثق من الآب. وجسدياً فالمسيح يحمل كل الكنيسة في جسده، يُكمِّل طاعتها لله أبيه (1كو 15: 28)، كما أنه ينقل إليها فكر أبيه.
وهذا ليس معناه أن المسيح ليس له علاقة بالمرأة (غل 3: 27، 28). أو أن علاقة المرأة بالمسيح تكون من خلال رجلها. ولكن الرأس معناها القيادة والإتحاد فعندما نقول الرجل رأس المرأة فهذا يعنى أن المرأة كانت في آدم، وخرجت من آدم وهي بالتالي واحدا مع آدم. وكما كان في البدء، أن الله يحب آدم وعلامة المحبة عطاياه لآدم، وكان آدم يحب الله وعلامة المحبة خضوع آدم لله بالمحبة، هكذا ينبغى أن تكون الصورة السماوية للأسرة المسيحية. الرجل يحب إمرأته ويبذل نفسه عنها، والمرأة تخضع لقيادته في محبة. والرسول هنا يقصد معنى الخضوع بالحب الواجب توافره لقيام حياة الشركة الزوجية بين الرجل والمرأة. ومثال لهذا الخضوع، خضوع الإنسان للمسيح والمسيح للآب. وصلة المرأة بالمسيح لا تعنى إلغاء أو نفى علاقتها بزوجها وخضوعها لزوجها. ولا مبرر للزوجة أن تقول أنا مثل الرجل في المسيح، فالمسيح خضع للآب وهما جوهر واحد. والعلاقات الثلاث التي يشير لها الرسول "علاقة المرأة بالرجل، والرجل بالمسيح، والمسيح بالله" هي علاقات توجد فيها شركة حياة. ويهدف الرسول إلى أن يصل، أن على المرأة أن تخضع لرجلها فهو رأسها، وخضوعها يكون بالحب. ورأسها هنا ليس معناه أن يسود عليها في إذلال وعبودية، بل بمفهوم المحبة فعليه أن يبذل نفسه كما فعل المسيح لعروسه الكنيسة وصار رأسا لها. سيادة الرجل للمرأة هي سيادة تنظيمية تقتضيها الحياة الزوجية.
آية 4:- كل رجل يصلي أو يتنبا وله على راسه شيء يشين راسه.
بولس الرسول في تحليله للمشكلة التي أمامه ومحاولة إقناع أهل كورنثوس بالتصرفات السليمة لضمان سلامة الأسرة، إتخذ عدة محاور. فرأينا في الآية السابقة أنه تأمل في الخضوع بالمحبة التي تعلمناها من علاقة المسيح بالآب. وهنا في هذه الآية يلجأ الرسول للمفاهيم الإجتماعية السائدة في كورنثوس فهم يفهمون أن غطاء الرأس علامة خضوع. وهنا يتساءل... وإذا غطى الرجل رأسه فلمن يخضع؟ إذاً هذا لا يصح. وكما أن هذا لايصح أن يغطى الرجل رأسه، فنستنتج أن على المرأة أن تغطى رأسها فهي يجب أن تخضع لرجلها، فهما معا الرجل والمرأة يمثلان صورة للمسيح مع كنيسته (أف5).
كُلُّ رَجُل يُصَلِّي أَوْ يَتَنَبَّأُ = يتنبأ هنا تشمل قيادة الصلاة والتسابيح وشرح عقائد الإيمان وإعلان مشيئة الله، هنا الرجل يقوم بعمل قيادي في الكنيسة، في العبادات الكنسية، أو هي نبوة فعلاً كما كان أغابوس يتنبأ وبنات فيلبس يتنبأن (لاحظ أنه في آية 5 أنه قيل عن المرأة أيضاً تصلى وتتنبأ. فلا فرق في المواهب بين الرجل والمرأة).
يَشِينُ رَأْسَهُ = 1) قد تفهم رأسه على أنه المسيح، وهو كرجل له أن يمثل المسيح في السلطان والسيادة ويحمل صورة الله ومجده، والمسيح لايخضع لأحد، وبالتالي تحمل هذه التغطية للرأس معني رمزي، هو أن الرجل هنا كمن يشعر بالخجل عندما يخدم المسيح ويعبده، وكأنه بهذا أنكر السلطان الذي أعطاه إياه المسيح، من حيث أنه يحمل صورة الله ومجده، ويجب أن يُظهر هذه الصورة وهذا المجد ولا يعمل على إخفائه.
2) وقد تفهم أنه بهذا يهين نفسه فهو رأس وله ولاية فلماذا يغطى رأسه ولمن يخضع وهو رمز للمسيح.
ملحوظة:- كان اليوناني الذي يقضى وقتاً طويلاً في الفلسفة يطيل شعره ويضع أغطية على رأسه. وربما أن بعض رجال كنيسة كورنثوس قلدوهم فأطالوا شعورهم (آية 14) وغطوا رؤوسهم. ولكن معنى الآية أن الرسول ليشرح فكرة خضوع المرأة لرجلها بالمحبة يعقد هذه المقارنة، أي الرجل لا يغطى رأسه فهو غير خاضع لأحد لكن على المرأة أن تغطى رأسها فهي لا بد أن تخضع لزوجها. ولاحظ أن الرسول يأخذ عدة محاور لإقناع النساء في كورنثوس بالإلتزام بتغطية رؤوسهن ففي هذا سلام وإستقرار للأسرة. وهذا كان هدف الرسول في الرسالة حينما أمر الطرف الذي آمن (رجل أو إمرأة) من الأسرة ألا يترك الطرف الآخر الذي لم يؤمن، وذلك للحفاظ على إستقرار العائلات
غطاء رأس الكاهن = في بعض الأحيان يغطى الكهنة رؤوسهم (بالشملة) وذلك لأن الكاهن هنا يمثل الكنيسة رجالاً وسيدات، فهو بغطاء رأسه يمثل خضوع الكنيسة كعروس للمسيح رأسها العريس. ولكن في معظم الأحيان يضع الكاهن على رأسه إكليلاً في القداس إذ يشعر أنه بذبيحة الصليب قد توج ملكاً روحياً.
تاج البطريرك = يخلع البطريرك تاجه أثناء قراءة الإنجيل لأن المسيح يتكلم وهو الرأس الحقيقي غير المنظور في الكنيسة، وبهذا يعلن الأب البطريرك أن السيادة المطلقة في الكنيسة للرب يسوع. وفي كل العالم يكشف الرجل رأسه في حضرة من هو أعظم منه في الرتبة (كما في الجيش) أو المركز (أمام الرئيس أو أمام الملك).
آية (5-6):- "وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغُطَّى، فَتَشِينُ رَأْسَهَا، لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ. 6إِذِ الْمَرْأَةُ، إِنْ كَانَتْ لاَ تَتَغَطَّى، فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا. وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ، فَلْتَتَغَطَّ. "
أمّا المرأة التي تصلى وتتنبأ دون أن تغطى رأسها مقلدة الرجل، فأنها في الواقع تشين رجلها (أي رأسها)، فهي تظهر بهذا أنها لا تحترم زوجها وهي تعلن أنها غير خاضعة لرجلها أمام كل الناس، وكأنها تستنكر سلطانه عليها، وغير مهتمة بغضبه، وغير مهتمة بإستقرار أسرتها، فهكذا يفهم شعب كورنثوس الأمر. وهذا عار للمرأة أن تقف في موقف تحدى لرجلها وللمجتمع، ويكون هذا كأنها حلقت شعر رأسها.
وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغُطَّى = من تغطى رأسها فهي تعلن إحترامها لزوجها وخضوعها له، وفي هذا سلام للأسرة وإستمراراً للمحبة. والمرأة بهذا تظهر أنها لا تزال تحترم وتخضع لترتيب الخليقة الأولى، لأن الله خلق الأنثى خاضعة للرجل. حتى بالرغم من حصول المرأة على كامل حريتها في المسيح، وخلاصها وفدائها ومساواتها للرجل. وهنا نرى أن الرجل والمرأة متساويان في المواهب (فهي تصلى وتتنبأ). الفرق الوحيد هو تغطية المرأة لرأسها تعبيرا عن خضوعها لزوجها، وفي هذا رجوع لترتيب الخليقة الأولى.
لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ = الله هو الذي جعل الرجل رأساً للمرأة، فتكون خاضعة له، ورفض المرأة لهذا القانون الإلهي:-
فيه تمرد على قانون وضعه الله .
وفيه تمرد على زوجها. وأن تحلق المرأة شعرها لهو شيء غير مقبول ولكنها عبارة فيها حث للمرأة أن تطيع الوصية. والرسول يقصد:-
1) هي إرتضت أن تظهر بمظهر الرجال أي بغير غطاء للرأس رافضة الخضوع لرجلها،2) إذن فلتندفع إلى أقصى مظهر للرجال وتقص شعرها كالرجل،3) وإن كان هذا طبعاً قبيحاً للمرأة (فالشعر الطويل هو جمال المرأة) فلتغط شعرها.
4) عدم تغطية المرأة لرأسها متشبهة بالرجال إعلان عن عدم إعتزازها بجنسها كإمرأة،5) فتريد أن تتشبه بالرجال.
ج) المرأة المتزوجة لو زنت يحلقون شعرها علامة عار، فهي لا تستحق أن يكون لها زوج. ومن ترفض الخضوع لزوجها ولقانون الله فهذا أيضاً عار عليها. والرسول يتهكم عليها بقوله هذا على من تفعل ذلك، فمن وجهة نظره لا فرق بين الإثنين.
آية (7):- "7فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ. "
الرجل لا ينبغي أن يغطى رأسه لأنه من البدء خُلِقَ ليمثل سلطان الله على الأرض، فهو خُلِقَ أولاً وأخذ الكرامة أولاً (تك 1: 26). وإذا كانت المرأة هي أيضاً صورة الله ومجده إلاّ أن هدف خلقتها هو أن تكون معينة للرجل. ومن الطبيعي أن تختفي في الرجل وهذا بطبيعة تكوينها النفسي والجسدي. فالرجل لا يغطى رأسه علامة إعتزازه بالسلطة التي وهبها له الله. الرجل ليس له رئيس منظور يحتشم منه فيقف مكشوف الرأس أمام الله.
الْمَرْأَةُ مَجْدُ الرَّجُلِ = أي هي بطاعتها وعفتها تكون سمعة طيبة لرجلها. وتظهر رجولة الرجل في خضوع زوجته له، وهي تصير مجداً للرجل إذا حققت إرادة الله في خلقتها وكانت معينة لزوجها، تربى أولاده حسناً، خاضعة لرجلها، وخضوعها علامة على عدم رغبتها في الإستقلال عن زوجها. وكما أن الرجل هو صورة مجد الله لأنه خُلِقَ على صورته، فالمرأة هي مجد الرجل لأنها مأخوذة منه.
آية 8:- لان الرجل ليس من المراة بل المراة من الرجل.
الرجل يتسلط على المرأة لأن الرجل لم يأتي في البدء من المرأة بل العكس.
آية 9:- ولان الرجل لم يخلق من أجل المراة بل المراة من أجل الرجل.
المرأة خلقت لتساعد الرجل وليس العكس. لذلك ففي الكنيسة لا ترأس المرأة الرجل، ولا تُؤخذ نساء في الكهنوت.
ء) الكاهنات الوثنيات كن يكشفن شعورهن المنكوشة علامة حلول الوحي عليهن حين يقدن الإجتماعات الوثنية. والرسول رأى أنه من العار أن يتشبه النساء المسيحيات بكاهنات الأوثان.
آية 10:- لهذا ينبغي للمراة أن يكون لها سلطان على راسها من أجل الملائكة.
لَهَا سُلْطَانٌ عَلَى رَأْسِهَا = سلطان = هي عمامة مزينة تلبسها السيدات المتزوجات على رؤوسهن، وهي غير غطاء الرأس للبنات. ويسمونها سلطان علامة على رئاسة المتزوجات وسلطانهن على البنات.
مِنْ أَجْلِ الْمَلاَئِكَةِ = تأمل جديد للرسول يرى فيه الملائكة يغطون وجوههم أمام الله:-
1- والملائكة يحضرون معنا العبادة، كما نقول في القداس الغريغورى "الذي ثبت قيام صفوف غير المتجسدين في البشر" وفي نهاية القداس يقوم الكاهن بصرف ملاك الذبيحة الذي كان موجوداً طوال القداس.
والملائكة كما قيل في سفر إشعياء 6: 2 أنهم يغطون وجوههم أمام مجد الرب رمزاً لخضوعهم. والملائكة تفرح بصورة الكنيسة وقد إستعادت صورتها السماوية الأولى بخضوع المرأة لرجلها وخضوع الجميع لله. والرسول يقصد أن يقول أن على المرأة أن تتشبه بالملائكة، وتُفَرِّحهمْ وتُعيد الكنيسة للصورة التي يريدها الله.
2- الملائكة وهم مخلوقات رائعة الجمال يغطون وجوههم أمام الله فأمام الله كلِّيْ الجمال يخفي الملائكة وجوههم فلايظهر سوى جمال الله. كأنهم يقولون "جمالنا يا رب هو أنت"، هم لا يتفاخرون في حضرة الله بجمالهم فهم يعلمون أن الله مصدر هذا الجمال. وهكذا على المرأة في الكنيسة أن تغطى شعرها علامة جمالها فلا تتفاخر بجمالها أمام الله، بل تفعل ما يفعله الملائكة. ولاحظ أنه في العهد القديم ذُكِرَ كثير من النساء الجميلات وكثير من الرجال الأقوياء أما في العهد الجديد فلم نسمع عن أي إمرأة أنها جميلة، ولم نسمع عن أي رجل أنه قوى، وهذا لأن ربنا يسوع المسيح صار هو جمالنا وقوتنا.
آية 11:- غير أن الرجل ليس من دون المراة ولا المراة من دون الرجل في الرب.
قارن مع (غل 3: 27، 28). وهذه حتى لا يتمادى الرجال في فرض سيطرتهم على النساء. وليفهم الرجل أنهُ وُجِدَ بالمرأة أي والدته. لكن مفهوم الكلام أن الرسول يريد أن تستقيم البيوت في نظام بلا تشويش.
في الرب = فَكِلاَ الرجل والمرأة يختفيان في المسيح الرب ويعملان معًا خلال الرأس الرب يسوع لأجل بنيان الكل.
آية 12:- لانه كما أن المراة هي من الرجل هكذا الرجل أيضًا هو بالمراة ولكن جميع الاشياء هي من الله.
المرأة جاءت من الرجل، والرجل مولود من المرأة. إذن كلاهما في مستوى واحد. وبهذا يصبح مفهوم رئاسة الرجل هو التزام وبذل وحب الرجل لامرأته، هو تنظيم داخل الأسرة ويصبح مفهوم خضوع المرأة هو تعاون وحفظ روح الوحدة
ولكن جميع الأشياء هي من الله =
1) كل المخلوقات تدين في وجودها وفي أصلها لله، خالق الكل، فلا معنى لانتفاخ أحد على الآخر أي الرجل على المرأة.
2) ليس من حق أحد أن يعترض على مشيئة الله، أي على الهيئة التي وُجِدَ فيها رجل كان أو امرأة، أو يعترض على القوانين التي أوجدها الله لنسير عليها.
آيات 13، 14، 15:- احكموا في انفسكم هل يليق بالمراة أن تصلي إلى الله وهي غير مغطاة. ام ليست الطبيعة نفسها تعلمكم ان الرجل أن كان يرخي شعره فهو عيب له. و أما المراة أن كانت ترخي شعرها فهو مجد لها لأن الشعر قد اعطي لها عوض برقع.
هَلْ يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ... = أي هل يليق بالمرأة التي تقف لتصلى أن تكون في وضع ثورة على التقاليد والأنظمة التي وضعها الله والتي يؤمن بها مجتمع كورنثوس، وهل تستطيع أن تقف المرأة أن تقف لتصلى وهي تعلم أنها أشعلت نيران الغضب في قلب زوجها. لكن على المرأة التي تصلى أن تقف في وقار أمام الله والناس، خاضعة لله ولزوجها صانعة سلاما في بيتها. لا تبحث عن أن تظهر جمالها وزينتها بل تقف في إحتشام مخفية جمالها فيظهر جمالها الإلهي، وتظهر عليها نعمة الله. ونلاحظ أنه حتى النساء اليونانيات الوثنيات غطين رؤوسهن، فهل لا يفعل هذا النساء المسيحيات.
الرَّجُلَ يُرْخِي شَعْرَهُ = (راجع تفسير آية 4) بعض الرجال فعلوا هذا بدعوى التحرر.
فَهُوَ مَجْدٌ لَهَا = شعر المرأة قد أعطى لها كغطاء طبيعي تغطى به رأسها، شعر المرأة هو جمالها لذلك يجب تغطيته حين تقف أمام الله، معلنة أن الله هو جمالها الحقيقى، وحتى لا تلفت الأنظار وقت الصلاة فتكون سبب عثرة وتشتيت للموجودين.
عِوَضَ بُرْقُعٍ= فالمرأة الصلعاء لا منظر لها ويجب أن تضع برقعاً أي غطاء على رأسها. لكن مجد المرأة وزينتها يمكن أن تعبر عنه المرأة بشعرها، والمرأة التي تقصد من إرخاء شعرها دون أن تغطيه التزين والبهرجة، فهذا الأمر لا يليق ببيت الله. فأمام الله يجب أن يشعر الرجل بضعفه ولا يقف ليتفاخر أو شاعرا بقوته، وهكذا على المرأة أن لا تشعر بجمالها أمام الله. فليتباهى الرجل بقوته إن أراد أمام البشر، ولتتباهى المرأة بجمالها أمام زوجها، لكن نقف جميعا في إنسحاق أمام الله فهو قوتنا وجمالنا.
آية 16:- و لكن أن كان أحد يظهر انه يحب الخصام فليس لنا نحن عادة مثل هذه ولا لكنائس الله.
يحب الخصام = يقصد الجدال لإثبات حق المرأة في كشف شعرها بعد ما قلناه، إن كان بينكم من لا زال يريد كثرة المباحثات والانقسام في هذا الموضوع الواضح، ففي كنائس الله لا توجد لنا مثل هذه العادة في الشقاق وكثرة الجدال والخصام. بولس الرسول رسم الصورة الصحيحة ويقول... من هو غير مقتنع ويريد الشجار، فانا أقول لهُ ونحن لم نتعود علي ذلك.. من أراد أن يقبل فليقبل.


رسالة بطرس الرسول الأولى 3
1 كَذلِكُنَّ أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، كُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِكُنَّ، حَتَّى وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ لاَ يُطِيعُونَ الْكَلِمَةَ، يُرْبَحُونَ بِسِيرَةِ النِّسَاءِ بِدُونِ كَلِمَةٍ،
2 مُلاَحِظِينَ سِيرَتَكُنَّ الطَّاهِرَةَ بِخَوْفٍ.
3 وَلاَ تَكُنْ زِينَتُكُنَّ الزِّينَةَ الْخَارِجِيَّةَ، مِنْ ضَفْرِ الشَّعْرِ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَلِبْسِ الثِّيَابِ،
4 بَلْ إِنْسَانَ الْقَلْبِ الْخَفِيَّ فِي الْعَدِيمَةِ الْفَسَادِ، زِينَةَ الرُّوحِ الْوَدِيعِ الْهَادِئِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ.
5 فَإِنَّهُ هكَذَا كَانَتْ قَدِيمًا النِّسَاءُ الْقِدِّيسَاتُ أَيْضًا الْمُتَوَكِّلاَتُ عَلَى اللهِ، يُزَيِّنَّ أَنْفُسَهُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِهِنَّ،
6 كَمَا كَانَتْ سَارَةُ تُطِيعُ إِبْرَاهِيمَ دَاعِيَةً إِيَّاهُ «سَيِّدَهَا». الَّتِي صِرْتُنَّ أَوْلاَدَهَا، صَانِعَاتٍ خَيْرًا، وَغَيْرَ خَائِفَاتٍ خَوْفًا الْبَتَّةَ.
7 كَذلِكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ، كُونُوا سَاكِنِينَ بِحَسَبِ الْفِطْنَةِ مَعَ الإِنَاءِ النِّسَائِيِّ كَالأَضْعَفِ، مُعْطِينَ إِيَّاهُنَّ كَرَامَةً، كَالْوَارِثَاتِ أَيْضًا مَعَكُمْ نِعْمَةَ الْحَيَاةِ، لِكَيْ لاَ تُعَاقَ صَلَوَاتُكُمْ.

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القس أنطونيوس فكري
بطرس الأولى 3 - تفسير رسالة بطرس الأولى

آيات 2، 1:- كذلكن ايتها النساء كن خاضعات لرجالكن حتى وأن كان البعض لا يطيعون الكلمة يربحون بسيرة النساء بدون كلمة. ملاحظين سيرتكن الطاهرة بخوف.
لما جاءت المسيحية تنادى بالحب، ظن بعض النساء أن في هذا فرصة لأن يتحررن من سلطة أزواجهن. ولاحظ أن الشريعة الرومانية كانت تبيح للرجل أن يتسلط على زوجته كجارية. لذلك يوضح الرسول هنا أن المسيحية تدعو الزوجة للخضوع لزوجها. فالطاعة تدفع الرجل لحب زوجته المطيعة وحب الرجل يدفع المرأة لطاعة زوجها بالأكثر وهكذا يحل السلام بالأسرة. وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ لاَ يُطِيعُونَ الْكَلِمَةَ = فالمسيحيات كن يتزوجن رجال وثنيين والرسول يقول أن سيرة المرأة المسيحية قد تجذب زوجها غير المؤمن فنحن لسنا كلنا قادرين أن نعظ باللسان ولكننا كلنا قادرين أن نعظ بسيرتنا . وهذا الكلام موجه لنساء متزوجات من رجال سواء كانوا وثنيين أو مسيحيين لكن أزواجهن عنفاء معهن. ولكن مع هذا يطلب الرسول أن يخضعن لرجالهن العنفاء. مُلاَحِظِينَ سِيرَتَكُنَّ الطَّاهِرَةَ بِخَوْفٍ = الخوف هنا هو خوف الله، فلتكن سيرتنا طاهرة خوفا من الله وليس من إنسان.
آيات 4، 3:- ولا تكن زينتكن الزينة الخارجية من ضفر الشعر والتحلي بالذهب ولبس الثياب.بل إنسان القلب الخفي في العديمة الفساد زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن.
من المؤكد أن الزينة غير ممنوعة، ولكن الممنوع هو لفت الأنظار أو الاهتمام بذلك، فعلى كل واحد أن يهتم بما يرضى الله لا الناس.
فهناك من صارت الزينة لهن صنما يعبدونه، والله أعطى لنا وزنة هي المال، والبعض يضيعون المال في أشياء ترضى غرورهم وتستجلب مديح الناس، وتسبب المرارة والحسد عند الغير. ويطلب الرسول أن يهتموا بالزينة الداخلية كالوداعة والقداسة والهدوء والمحبة والطاعة والطهر هذه ترضى الله وتكون مصدر جذب للأزواج غير المؤمنين.
ولبس الثياب = الغالية والخليعة والملفتة.
إنسان القلب الخفي = أي اهتموا بأن تكون زينتكن هي قداسة داخلكن، القداسة الباطنية التي تستلزم الروح الوديع الهادئ. ومن له هذا يحيا في سلام بلا ارتباك، وبروحه الوديعة يحتمل بصبر كل الضيقات في العديمة الفساد = عديمة الفساد هي النفس غير القابلة للموت والتحلل مثل الجسد. أي لا تهتموا بزينة الجسد الذي هو بطبعه فانٍ بل اهتموا بزينة العديمة الفساد = زينة الروح الوديع الهادئ = وهذا قدام الله كثير الثمن = أجرة من يهتم بزينة الروح أي بقداستها، كبير هنا على الأرض وفي السماء.
آيات 6، 5:- فانه هكذا كانت قديمًا النساء القديسات أيضًا المتوكلات على الله يزين انفسهن خاضعات لرجالهن. كما كانت سارة تطيع إبراهيم داعية اياه سيدها التي صرتن أولادها صانعات خيرا و غير خائفات خوفا البتة.
هنا نفهم أن الزينة لم يمنعها الرسول منعا مطلقا، لكن هي مسموح بها على أن تكن في حدود اللياقة وليس المغالاة، وفي حدود طاعة الزوج والخضوع له = خاضعات لرجالهن وان تكون لإرضاء زوجها وليس لإرضاء الغرباء. ويضرب الرسول مثلًا بسارة ويذكر مميزاتها:
1. متوكلات = متكلة على الله، لا تبالي سوى برضائه.
2. خاضعات لرجالهن حتى أنها كانت تقول له سيدها.
3. صانعات خيرا.
4. غير خائفات من أحد من البشر أو حتى الشياطين، بل في حب المسيح والناس.
إذًا تمثلن بسارة فتكونوا بناتًا لها. ولتكن لديكن رغبة في كل عمل حسن.
آية 7:- كذلك ايها الرجال كونوا ساكنين بحسب الفطنة مع الاناء النسائي كالاضعف معطين اياهن كرامة كالوارثات أيضًا معكم نعمة الحياة لكي لا تعاق صلواتكم.
بعد أن وجه نصائحه للنساء، ها هو يوجه نصائحه للأزواج.
بِحَسَبِ الْفِطْنَةِ = يترجمها البعض "حاولوا أن تفهموا المرأة الجنس الأضعف". والفطنة هي التصرف السليم المبنى على فهم سليم.
الإناء النسائى كالأضعف = هنا يشبه الرسول النساء بإناء هش ضعيف، يحتاج للترفق، وتشبيهه بالإناء لأنه يحمل داخله الأطفال. ويطلب الرسول من الرجل أن يعطى كرامة لزوجته فهي سترث معه في ملكوت السموات.
لكي لا تعاق صلواتكم = إن أقل خطية أو عناد أو سوء تفاهم أو عدم مودة، أو غلظة في التعامل كفيل بأن يعيق الصلوات، هذه كلها ثعالب صغيرة تفسد الكروم، كروم الشركة مع الله، كما أن الذين لا يعرفون روح التسامح لن يختبروا غفران الله عن تعدياتهم. والرسول هنا يشير لما ذكره ملاخى (13:2).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا