الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعراسُنا واعراسهم ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2017 / 5 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أعراسُنا وأعراسهم ..
عادت زوجتي من حفل زفاف لابنة أحد اصدقاءها القُدامى جدا، وهو يهودي من أصل أمريكي كان وما زال ناشطا في مجال السلام والمُساواة بين اليهود والعرب الفلسطينيين، مواطني دولة اسرائيل . أما لماذا لم أُرافقها لحفل الزفاف هذا؟ لأنهُ لم تتم دعوتي،وذلك لأن عدد المدعوين مُحدد سلفا..!! ستةٌ من المدعوين من طرف الأم ومثلهم من طرف الأب، عدا عن المدعوين من طرف عائلة العريس ومن العروسين .. فالحفلة تُقام في أحد المطاعم والأماكن معدودة .
لم تتوقف زوجتي عن المُقارنة بيننا وبينهم، وخصوصا في ما يخص الطقوس المتبعة . فعندهم قرأوا أشعارا، وحصل كل مدعو على هدية صغيرة من السيراميك، مرفقٌ بها اسمه.. ألقى والد العروس كلمة وكذا الأم والأُخوة .
رغم أن والدي العروس مطلقان ، إلّا أنهما ما زالا صديقين حميمين ..!! وين إحنا ووين هُمّي؟ (أين نحن وأين هم)، هكذا رددت زوجتي بإندهاش واستغراب .
وفي نفس هذا الوقت(عرس اصدقاء زوجتي )، كنتُ أشارك في زيارة "الأسبوع" ، لابنة أخي التي تزوجت. ودار حديث بين الحضور من الرجال طبعا (نتيجة الفصل بين الرجال والنساء)، عن الأعراس وتقاليدها.. وذكر أحدهم عَرَضا بأن جاره، وجّه الدعوات لستة ألف شخص لحضور فرح ابنه ..!!
العُرس عندنا أصبح مناسبةً للإنتفاخ الكاذب والتباهي بعدد المدعوين، وعدد الذبائح من عجول وخراف، والتي ذُبحت في هذه المناسبة "العظيمة" ..
وإذا كانت قراءة الاشعار والقاء الكلمات الشخصية، جزءا من طقس الزواج الذي شهدته زوجتي، فإن إطلاق النار هو السِمةُ البارزة في أعراسنا.. وخصوصاً عندما "يمدح" الحدّاءُ (المغني الشعبي) أحد الحضور من "الوجهاء"، فيُسارع هذا "الوجيه" أو أحد المحسوبين عليه بإطلاق صلية من سلاح ناري ، كتعبير عن "تحية" للشاعر الشعبي وكتأكيد على وجاهة الممدوح . وكم من ضحية وقعت نتيجة اطلاق النار العشوائي، ليتحول الفرح الى ترح.
وهذا، ناهيك عن التبذير والبذخ الكبيرين في اعراسنا، بحيثُ تحظى الكلاب والقطط السائبة، بوليمة ملوكية من الطعام الذي يتم هدره .. ولعل هذا الأمر هو افضل ما ينتج عن حفلات الأعراس في مجتمعنا .
ولكن، أكثر ما يقض مضاجع الأجيرين عندنا، هو موسم الأعراس، بما يتطلبه من "تقديم نقوط" للعريس، وهي هدية نقدية توضعُ في مغلف عليه اسم مقدمها .. لذا لا يستطيع مقدم النقوط ان يضع مبلغا رمزيا، بل يُضطرُ الى تكليف نفسه عبئا ماليا كبيرا ، خلال هذه الموسم ، والذي كان ،في ما مضى، موسم فرح ليصبح موسم ضيق وضائقة .
طبعاً ولكي يظهر العريس وعائلته، ولو كان فقيرا، (يعيش من يوم ليوم) بمظهر لائق أمام المجتمع ، فإنه يضطر للإستدانة. وهكذا يقضي الزوجان الشابان السنوات الأولى من حياتهما الزوجية وهما يسددان الديون المتراكمة التي خلفها حفل الزفاف السعيد جدا جدا .
ولقد كان أكبر إنجاز لعائلتنا الممتدة ، وفي عرس أحد أحفاد أخي الكبير، بأننا استطعنا ان نُقيم حفل زفاف، دون أن تُطلق طلقة نارية واحدة .. وبهذا تتباهى أرملة أخي المرحوم .
هم يحتفلون في جو انتيمي عائلي، ويشعر كل واحد بأنه "صاحب الفرح" ، يقرأون شعرا، يُلقون كلمات شخصية تُعبر عن عمق مشاعرهم ويتبادلون الطرائف والمداعبات اللطيفة.... بينما نحنُ ،نُحول اعراسنا الى ساحات حرب، بذخ ، نفخة كاذبة ، والأنكى من كل ذلك الى "شر لا بُد منه" ، للمدعوين الذي يضطرون في أحيان كثيرة الى استدانة النقوط من جار أو صديق ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟