الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهجرة و الفصام الاجتماعي

ماهر رزوق

2017 / 5 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الهجرة و الفصام الاجتماعي


الهجرة قضية مطروحة دائماً في عالمنا العربي ، و السبب في ذلك هو المستوى المعيشي المتردي الذي تكابده أغلب شعوب المنطقة العربية ...
لكن هذا النوع من الهجرة غالباً ما يكون باختيار المهاجر و ليس أمراً اجبارياً فرض عليه ، و إنما اختاره هو ليثور على وضعه المعيشي و يتغلب على لعنة الفقر الموروثة ...
وفي هذه الحالة قد يكون المهاجر (انسان الهجرة الاختيارية) أكثر قدرة على التأقلم مع البلد الذي ينتقل إليه ، و أكثر قدرة على تقبل عادات و تقاليد ذلك البلد و التي ربما تختلف مع عادات و تقاليد بلده الأصلي ، خاصة أنه غالباً ما يهاجر وحيداً بلا عائله و يبني لنفسه عائلة هناك في بلده الجديد
أما النوع الثاني من الهجرة ، الأصعب ربما ، و الأكثر انتشاراً في الآونة الأخيرة ... هو الهجرة الاجبارية المفروضة على الانسان العربي ، بسبب الحرب الدائرة في بلده و تردي اقتصادها ... و خطر التعرض للقتل لأسباب دينية أو طائفية أو سياسية ...
انسان الهجرة الاجبارية يواجه خيارين لا ثالث لهما ... إما البقاء و الانخراط في الحرب الأهلية التي تلتهم كلا الخصمين و لا تنتج إلا الخسارة ...
و إما اللجوء إلى بلدان أخرى ، عربية ربما أو أوروبية ...

المهاجر الذي يختار الدول العربية ، ربما لا يواجه الصعوبات التي قد يواجهها المهاجر إلى الدول الأوربية ، إلا إذا كان هذا المهاجر ذو خلفية ليبرالية و عقلية علمانية ، هنا قد يتعرض الى نوع خاص من الفصام ، قد يكون الأصعب ، لأنه يكون وحيداً في بلدان كمصر و الأردن و دول الخليج ... حيث يفتقد الدعم المعنوي من أبناء بلده الذين يندمجون بسهولة في هذه المجتمعات ذات الخلفية الاسلامية و العقلية الدينية ...
أما المهاجر الذي يلجأ الى الدول الأوربية ، فإنه يتعرض مرة ثانية لخيارين لا ثالث لهما ...
الأول : أن يتعلم لغة المجتمع و يندمج فيه ، و هذا ليس بالأمر السهل طبعاً ...
الثاني : أن يتقوقع على نفسه و ينخرط في تجمعات صغيرة تضم أبناء بلده و بلدان أخرى ربما ، تتفق معهم بالخلفية الثقافية الاسلامية ... كالأتراك مثلا ... حيث يتم لقاء الصنفين في الجوامع و تجمعات الذكر و الموائد الرمضانية ... الخ

انسان الهجرة الاجبارية للدول الاوربية يتعرض لصدمة ثقافية ربما ، فهو أمام صعوبات التأقلم مع الحرية الجنسية و الدينية ...
كذلك هو أمام خيارين آخرين : أن يربي أولاده على تقاليد و عادات بلده الأم ، و هذا يتطلب متابعة كبيرة و حثيثة و انعزال تام عن الوسط المحيط ... و هو ما قد ينتج عنه الفصام الاجتماعي الذي يكون له أحياناً عواقب خطيرة جداً كالتطرف الفكري الذي ينتج الشخص الارهابي ، أو ردة فعل عكسية كالانحلال الأخلاقي !!
الخيار الثاني هو أن يربي المهاجر أولاده تربية أوروبية تناسب المجتمع الذي يعيشون فيه و تجعلهم مؤهلين للتفاعل و الانتاج و الاستفادة من نعم الحرية و التقدم التي ينعم بها المجتمع الأوروبي ...
السلبية الوحيدة التي يتعرض لها المهاجر عندما يقرر الاندماج و الانصياع لعادات المجتمع الجديد .. هي القطيعة الثقافية بينه و بين أهله في الوطن ... و بينه و بين أبناء بلده المهاجرين الذين لم يتقبلوا الاندماج و تكتلوا في تجمعات صغيرة شاذة ...
هنا يصبح المهاجر بلا جذور، و عليه أن يواجه مشكلة تجاهل الماضي بآلامه و مشاكله و أفراحه و عاداته و تقاليده !!
هذا النوع أيضاً قد يواجه أزمة الفصام الاجتماعي لكن ربما في عمر متقدم ... أي بعد أن يكبر أولاده و يغادرون المنزل (على الطريقة الأوروبية) و يبقى لوحده بلا ماضٍ يملأ عليه فراغ الشيخوخة و يرطب قسوتها ...

MAHER RAZOUK








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ