الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة الى بشار الاسد 7

ماجدة منصور

2017 / 5 / 12
المجتمع المدني


ها أنا أعود ثانية كي أكتي لك يا ابو حافظ..حفظه الله من شر المارقين.
أكتب لك الآن عن قضية شخصية...قضية تهمني فما أكتب عنه هو إبن أختي و اسمه محمد.
أنت بالطبع لا تعرف من هو محمد و لا يهمك من هم اللذين خلًفوا محمد فهو بالنسبة لك عدم...عدم محض.
لكن محمد بالنسبة لي هو إبن أختي الذي رأى النور على يديً أنا...فقد حملته الى صدري من لحظة ولادته.
لما أكتب عن محمد فقط علما بأن لدي آلاف من أقاربي قد استشهدوا أو قتلوا أو سجنوا أو تشردوا في عهدك الميمون يا بشار؟
محمد له وضع خاص جدا في قلبي ...أتدري لماذا؟
لأنه كان يعاني من مرض الصرع منذ ولادته.
أنت تعيدني بالذاكرة الى حلب...حلب التي كنت أعتقد أنها قد ماتت في ذاكرتي...لكن إستشهاد محمد قد أعادني إليها غصبا عني.
كان محمد هو ثالث طفل يُولد لأختي الكبرى فقد جاء الى الدنيا بعد ميلاد فتاتين لها.
اللعنة...ها أنا أرى ظل محمد أمامي مباشرة و هو يمد لي سبابة يده و يقول لي أنك باطل و عهدك باطل..و أنك شر خلق الله.
حين إبتدأت الثورة السورية اليتيمة ،كان لدي أسرة كبيرة...ولكني كنت أهتم بشأن إخوتي و أخواتي و كنت أحثهم على ترك سوريا كي لا يتورط أحدهم بدم أخاه السوري سواءا أكان معارضا أم
مواليا...كنت أحاول أن ابعدهم عن التورط في الدم..لأن الدم حرام حرام حرام.
لا أخفي عليك أنني كنت أمدهم بالمال كي يواصلوا العيش في جمهورية الصمود و التصدي...هههه...ها أنا أضحك غصبا عني يا بشار ،حين أذكر جمهورية الصمود و التصدي.
معظم أفراد أسرتي كانوا يرفضون الهجرة ( التشرد) وكيف لا و هم أسياد المدينة العتيقة حلب.
لكن مع إشتداد المعاناة و زيادة التكاليف التي كانت تُلقى على عاتقي...فقد إبتدأوا يدركون قسوة العيش في سوريا...فقرروا الهجرة.
هاجروا الى تركيا بشق الأنفس و من ثًم تفرقوا الى القارة العجوز ..أوربا.
تركوا ديارهم و بساتينهم و مصانعهم فارغة إلاً من الغربان و العث و طيور البوم.
ها أنت،،و بظل قيادتك الحكيمة،،قد شردت أسياد المدينة و فرغًت حلب ،،قلب سوريا النابض،،من أهلها و سكًانها الأصليين.
هاجر و تشرد معظم أفراد أسرتي...ما عدا محمد ابن أختي.
كان محمد قد كبر في الوقت الذي كنت قد طفشت الى قارة أخرى لا تلفظ إسمك و لا تمجد الأب القائد.
هاتفت محمد أكثر من 600 مرة أرجوه فيها الذهاب مع أمه،،و التي هي أختي،،لكنه رفض بإصرار عجيب...فقد كان محمد قد تزوج و اصبح لديه 5 أولاد.
حاولت أنا و أختي و بقية اخوتي أن نقنعه بضرورة مغادرة سوريا...لكنَ مبادراتنا بائت بالفشل فقد كان يرفض مغادرة سوريا و لن أنسى جملته حين قال لي: هنا ولدت و هنا سأعيش وهنا سأموت.
قلت لك في المقدمة أن محمد كان يعاني من مرض الصرع منذ ولادته...و لم يكمل تعليمه فهو بالكاد يفك الخط و لكنه كان عاشقا لسوريا...إنه عاشق من الطراز الأول.
كان محمد يعشق الأرض و يهوى الزراعة و قد إشترى له والده قطعة أرض صغيرة كي يعيش من ريعها هو و زوجته و أطفاله.
هذه الأرض الزراعية كانت تبعد عن حلب 35 كلم من جهة الشرق.
أحب محمد و زوجته تلك الأرض و زرعها بيديه بكافة أنواع الزرع التي تجود بها الأرض السورية....وعاش حياته مزارعا بسيطا...لا يبغي من الدنيا سوى إدارة شؤون زوجته و أولاده.
منذ اسبوع كان ينقل بعربة نقل خضروات و فواكه الى مدينة الطبقة السورية...إن لمحمد زبائن كثر...في محيطه.
أوصل محمد الخضروات و الفواكه لأحد تجَار الجملة و همً بالرجوع الى مزرعته و أرضه و لكن السيارة توقفت فجأة و حين نزل ليرى ما العطب الذي اصاب السيارة..فإذ بقناص من
شبيحتك الأبرار...يقنصه برصاصة قد إنطلقت و اصابته براسه من الخلف.
لقد قتلته يا بشار.
هنيئا لك موت الأبرياء....ومبارك هو الدم السوري الذي غطًى أرضنا المباركة.
محمد كان مريضا بالصرع و هو لم يؤذ نملة و لم يحمل سلاحا و لم يكن يحمل فكرا معاديا لمنظومتك البعثية و لم يكن متطرفا و لم ينتمي لأي فصيل من فصائل الوحوش التي ربيتها في
سجونك الكريهة و لم يحمل سلاحا و لم يكرهك ولم يبغضك ...فلم قتل شبيحتك محمد؟؟
لم تقتل الأبرياء يا بشار؟؟
الحق الحق أقول لك أنه لن ينقضي دهرك و دهري دون أن أراك في محكمة العدل الدولية فدمنا حرام عليك و أعراضنا ليست مستباحة فنحن أصحاب الدم و أصحاب الأرض.
سوف نحاكمك يا بشار...أنت و زعرانك ..وسيأتي اليوم الذي أراك فيه في قفص المجرمين لأنك هدرت دمنا و شردتنا و ظلمتنا فإذا كان للباطل جولة...فإن للحق جولات كثيرة.
إنك قد تستطيع مقاتلة فصيل أو قطيع أو حزب أو مجموعة...ولكنك لا تستطيع أن تحارب شعبا بأكمله.
بعد حين ..لن يبقى لك ذكرا..وستتوقف مأساتنا..و ستبقى وحيدا خائفا مذعورا من محمد...فسوف يمد سبابة يده في عينك...و يقول لك بأعلى صوته..بشار..بشار...لما قتلتني.
لنسيم سوريا أسرار أنت لا تدركها.
خذها كلمة من إمرأة سورية حرة...لا تتطلع لثروة و لا تخاف من خسارة....إنك ساقط ساقط ساقط...لا محالة.
خذها كلمة من إمرأة سورية حرة...ليس لديها رغبات و شهوات...إنك قاتل قاتل قاتل...مهما جمًلك الطغاة.
حياتك نفسها قد أصبحت صفقة رخيصة يتداولها زعران الكرة الأرضية.
ها أنا...وها هو شعب سوريا..وها هو محمد البسيط...سوف ترانا في أسوأ كوابيسك يا ابو حافظ.
خذها نصيحة من إمرأة لا تخشاك أيها المزيف..إحزم أمتعتك...و اهرب لأول حفرة تراها في دربك الأسود.
هنا أقف و من هناك أمشي
للحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل


.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل




.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق