الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
نظرية الدور ومفهومها
بشير النجاب
الكاتب الدكتور بشير النجاب
(Dr. Basheer M Alnajab)
2017 / 5 / 12
السياسة والعلاقات الدولية
تهتم هذه النظرية بدراسة سلوك الدول بوصفها "أدواراً سياسيّة" تقوم بها على المسرح السياسي الدولي. وتوجه نظرية الدور في كثير من الأحيان الصورة المتشكلة في ذهنية النخب وصناع القرار. هذا بالإضافة إلى أن تشكيل الدور ناتج في الأساس عن نسق من العوامل والمحددات الموجهة لهذه النخب، وعلى رأسها الهوية الاجتماعية في الدول، والقيم السائدة بين أفرادها، وخصائصها القومية من الأيديولوجيا والتاريخ والقدرات السياسيّة والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ودراسة بنيتها وتركيبها السوسيولوجي. كل ذلك لأن الدور هو في الأساس "موقف واتجاه سياسي، ناتج عن منظار تتداخل في تشكيله جملة من المحددات الأساسية منها هوية المتجمع ووصفه السياسي والاجتماعي وبنيته والقيم السائدة فيه، ومدى استجابة الأفراد لهذه البنية في تدعيم الاستقرار السياسي للمجتمع والدولة" (Cambell, 1999).
وبسبب اختلاف هذا المنظار تختلف أدوار الدول على المسرح السياسي العالمي، وتتمايز بعضها عن بعض تبعاً لمنظار كل واحدة منها للظواهر والحوادث السياسية المختلفة، إذ يعتبر منظار الدور The Role Perspective، الموجّه الأساسي لتشكيل مواقف الدول من القضايا العالمية، وادوار هذه الدول على الساحة الدولية، وتحديد الاتجاهات التي تتبعها النخب السياسية المسؤولة عن صناعة القرار السياسي فيها، عبر وضع إطار عام محدد لهذا السلوك. كما أن أداء الدور The Role Performance، يتشكل نتيجة لرؤية سياسية واضحة لمصالح الدولة وأهدافها الوطنية، في حدود ما توفره إمكاناتها والقدرات التي هي في حوزتها.
ويعتبر تشكيل جوهر الدور The Role Essence العامل المحدد لمدى قدرة النخب في الدولة على توظيف قدراتها لتشكيل الدور وبناء إطاره وهيكله، وتعبر عن مدى نجاحها في إدراك دور دولتهم المتناسب مع تلك الإمكانات(Issam1982.maktoobblog.com).
لقد درس المفكرون السياسيون من أمثار (جورج ميد) و(جوزيف مورينو) نظرية الدور من حيث ارتباطها بالطابع السلوكي والوظيفي الذي تقوم بها الدول لحل مشاكلها، تماماً كما يفعل الأفراد. كما قاموا بإضافة العوامل النفسية التي تتحكم بصانع القرار السياسي، لذلك أناطوا، في كثير من مقارباتهم، تشكيل الدور بكونه جملة من المواقف والسلوكيات السياسية التي تتخذها النخب السياسية المسؤولة عن إدارة الدولة داخلياً وخارجياً، حيث تقود هذه القرارات الصادرة عن الصور المتشكلة في أذهان صناع القرار إلى رسم دور الدولة وتشكيله. بينما ذهب آخرون إلى القول بأن الدور هو موقف وطني وعليه فإن العبرة منه هي في نتائجه، والمكانة التي تحدد المواقف والمفاهيم الصادرة عن الدولة عبر أداء الدور (Cambell, 1999). أما المفكر (بروس بيدل) فيرى أن الدور يعبّر عن مجموعة من التصرفات والقرارات والسلوكيات الصادرة عن النخب السياسية والهيئات الرسمية في الدولة، والتي تحدد المواقف والمفاهيم الصادرة عنها عبر أداء الدور (Cambell, 1999). كما تبرز أهمية تحديد قدرة الدولة على إدراك نتائج قيامها بدور ما أو جملة أدوار معيّنة، بحسب قدرتها على إدراك الدور Cognitive Role وحساب نتائجه، والاستعداد للتعامل مع جميع الاحتمالات الناتجة عنه (Walker, 1987).
وفي مقاربتنا للقيام بالدور فهناك ثلاثة أشكال رئيسية لدور الدولة وهي، تغيّر الدور Role Change وتطور الدور Role Evolution وصراع الدور Role Conflict. وهنا من يضيف الدور المفرط The Role Overload، ويعني ذلك عدم تقديم أصحاب القرار فرصة لبناء أدوار عقلانية تحافظ على المصالح المتبادلة مع الطرف الآخر، وبالتالي يغلب على مواقف هذه الدول الطابع الراديكالي والغلو المفرط بشكل يصعّب عملية التفاهم وقيام التعاون. كما يضيفون "غموض الدور" The Role Ambignity عندما لا يفهم الدور نتيجة غموض شكله العام وطبيعته، بحيث يصعب على المحلللين والمراقبين تصنيفه. أما تشوّش الدور The Role Confusion فهو عندما يتحوّل الغموض إلى حالة متقدمة من الارتباك، الأمر الذي يضاعف من احتمالات الوقوع في الخطأ، سواء من هذه الدولة أم تجاهها.
ونتيجة لاستخدام نظرية الدور فإنه أصبح بالإمكان توقع أدوار الدول، وذلك اعتماداً على تحليل المعطيات والبيانات حول المحددات المتوفرة لديها والتي تسمى مصادر الدور Role Sources ، وهذا يقود إلى تحديد الدور وتوصيفه The Role Perception (Walker, 1987).
لقد برزت أهمية دراسة "عامل الشخصيّة" في إدارات الدول وأثرها في النظام الدولي، بعد الحرب العالمية الأولى، وذلك بعد أن ظهرت مجموعة من القيادات والزعامات (نابليون، بسمارك، لينين، هتلر، موسوليني، ستالين، ايزنهاور، شارل ويغول، ويلسون، تيتو، نهرو وغيرهم) التي أدت قراراتها إلى إحداث تغييرات كبيرة على الساحة الدولية وعلى العلاقات بين الدول، سواء كان ذلك سلباً أم إيجاباً. ومن هنا برزت إثراءات نظرية الدور في مجال دراسة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي، وعلم النفسي السياسي. وعليه فإن مجالات استخدام نظرية الدور في علم السياسة المعاصر تتضح من خلال مستويين من التحليل؛ أولهما يبحث الأدوار السياسية في إطار الانساق الإنسانية في داخل الوحدة السياسية (الدولة) وذلك عبر محور تحليل أدوار صانع القرار السياسي وعلاقته وتفاعلاته مع أبنية النسق، ومحور دراسة علاقات الأدوات وتوزيعاتها وتفاعلاتها بين أبنية هذا النسق، ومحور دراسة أثر التركيب الاجتماعي وانعكاساته على أداء الأدوار السياسية. أما المستوى الثاني فيبحث في الأدوار السياسية في إطار النسق السياسي الدولي. وقد بدأ التنظير لهذين المستويين في حقبة الستينيات من القرن العشرين عبر علم النفس السياسي واهتماماته الرئيسية بنظرية الدور. في حين جاء مجال نظرية الدور والسياسة العالمية متأخراً وبصورة بطيئة في حقية الثمانينيات من القرن الماضي، حيث ركز (الموندوباول) اهتماماته على دراسة علاقات الدوار وتوزيعها وتفاعلاتها في العملية السياسية، ودراسة أثر التركيب الاجتماعي على حركة العملية السياسية. في حين ركز (آلان اسحق) على أثر شخصية صانع القرار في أدائه لأدواره داخل النسق السياسي. بعد ذلك بدأ التنظير نحو بناء نظرية للدور السياسي. أما (جيمس روزناد) فقد تناول في دراسته سيناريوهات الدور في السياسة الخارجيّة، وركز في تحليلاته، متفقاً مع (جورج ميد) على أن دور الفرد أو الدولة لا يوجد من دون وجود الأدوار الأخرى (disam.maktoobblog.com).
وهكذا فإن نظرية الدور تقوم في الأساس على وجود تفاعلات وتوجهات ونشاطات ورغبات وعلاقات تقوم الدولة بالالتزام بها في إطارها الإقليمي أو الدولي (Holsti, 1977).
ويمكن اعتبار مفهوم الدور من منظور صانعي السياسات بالأطر العامة للقرارات التي تلائم دولهم. أما مفهوم الأدوار الوطنية فيرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتوجهات والقواعد الأساسية، ويعكس شكل الميل نحو العالم الخارجي.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ترامب يتوجه إلى بالم بيتش بفلوريدا لإلقاء كلمة أمام مؤيديه
.. ما تأثير الفوز المحتمل لترامب على الحرب في أوكرانيا وعلى الع
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024: الأكثر تكلفة في التاريخ
.. نشرة خاصة: ترامب على أبواب البيت الأبيض.. ما العوامل والأسبا
.. عاجل | رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن فوز ترامب بالانتخابات