الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعتذار زائف

رفعت عوض الله

2017 / 5 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



اعتذار زائف
يوم الأربعاء الموافق 3 /5 /2017 أستضافت قناة القاهرة والناس الأستاذ الدكتور احمد حسني طه رئيس جامعة الأزهر . في الحلقة حكم رئيس جامعة الأزهر علي الباحث في الإسلاميات إسلام البحيري بالإرتداد عن الإسلام ، ووصفه بانه اخطر من داعش .
سبب حكم رئيس جامعة الأزهر حرجا لشيخ الأزهر ومؤسسة الأزهر ، خصوصا بعد زيارة البابا فرانسيس لمصر وللأزهر ، فطُلب بل أُمر الرجل أن يقدم اعتذارا عن وصفه للباحث إسلام بالمرتد
فاعتذر رئيس جامعة الازهر .
فهل هذا الاعتذار يعكس رجوعا عن الإتهام بالردة ، وعن كون الباحث اخطر من داعش ؟
في ظني أن الرجل لم يكن صادقا في اعتذاره . رئيس جامعة الازهر عبر بعفوية وصدق عما يراه الأزهر والازهريون مشيخة واساتذة وطلابا في كل من يحاول أن يعمل عقله ويتناول التراث والأحاديث وكتب الفقه القديمة بنظرة نقدية عقلانية تحاول أن تقيم مصالحة بين الإسلام وروح العصر وافكاره ومبادئه ، تحاول أن تنزع العنف والجبر والقتل والتكفير من الإسلام ، وتسعي لتقديم إسلام يحترم الحرية ، ويقر بحقوق الإنسان . وأن تعيد النظر في الفقه القديم الماضوي . وتنزع القداسة عن الأئمة القدامي والصحابة والتابعين . وتنظر لهم علي أنهم بشر يصيبون ويخطئون . ان اجتهادهم الفكري هو ابن عصرهم وظروفهم الحضارية ، التي هي مباينة ومختلفة الى حد بعيد عن عصرنا وظروفنا . ومن ثم لا يصلح ما قالوا به لنا نحن أبناء العصر الحديث والقرن الحادي والعشرين .
الشيخ علي عبد الرازق حاول أن يقول هذا . طه حسين حاول بالمثل . خالد محمد خالد حاول . كذلك الشهيد فرج فودة دفع حياته ثمنا لمحاولته قول هذا . سيد القمني حاول كذلك . الشيخ خليل عبد الكريم حاول ايضا . المستشار محمد سعيد العشماوي له ايضا محاولات جادة في هذا السياق . نصر حامد ابو زيد ، الشيخ محمد عبد الله نصر ، وإسلام البحيري .
كل هؤلاء حاولوا التجديد في الفكر الديني الإسلامي ، والنظرللإسلام من خلال العقل ومعطيات العصر، ولكن للأسف وقف الازهر ومعه الأ صوليون بالمرصاد لتلك المحاولات النبيلة ولاصحابها فكفروهم ، وشوهوا صورتهم لدي عامة المسلمين ، وحكموا بخروجهم عن الإسلام . وكانت ذروة مأساتهم قتل الشهيد فرج فودة . وكان يمكن أن يُقتل جميعهم خصوصا بعد تصويرهم علي انهم اعداء للإسلام .
رفض الأزهر والازهريون لما يقول به باحث مثل إسلام البحيري يرجع إلي ان الازهر كمؤسسة ،ورجال يعيشون في العصور الوسطي . يعيشون ما قال به الأشاعرة ، والأئمة الأربعة ، وابن تيمية ، وابن القيم الجوزية ، وابن الصلاح . وينظرون لصحيح البخاري ،ومسلم نظرة تقديس . وكأن ما قالا به وحي من السماء . وأن العالم ينقسم لدارين : دار السلام والإيمان ، ودار الحرب والكفر . وان المؤمنين الحقيقيين هم فقط المسلمون الذين يرضي عنهم وعليهم الله ، وباقي الخليقة كفار ومشركين . والعلاقة بين المعسكرين علاقة حرب وتناقض .
وأن اليهود والمسيحيين الذين يعيشون في ديار المسلمين ذميون لا حقوق لهم ، عليهم تُفرض القيود والمهانة والإحتقار بل والإضطهاد احيانا .
هذا هو الإسلام الذي يؤمن به الأزهر مؤسسة وشيوخا واساتذة وطلابا . ويرون انه إسلام وسطي ،ولا يقبلون نقدا له .
في المقابل كوكبة المفكرين المستنيرين سالفة الذكر تقدم إسلاما جديدا متصالحا مع العصر . وتنظر نظرة نقدية عقلانية للتراث الماضوي المنتمي لعصر غير عصرنا .
النظرة لغير المسلمين علي أنهم كفار ومشركون . بالإضافة الى رفض الحضارة الإنسانية الحديثة وقيمها ، ٌولد الإرهاب الأسود الذي يهدف لقتل الكفار وتقويض الحضارة المارقة المتناقضة مع عقيدتهم
فأمثال إسلام البحيري يسعون لفك الإرتباط بين الإسلام والإرهاب بنقدهم للتراث وما يحويه من لا عقلانية وماضوية وتكفير وحث علي القتل .
لذا في ظني أن اعتذار رئيس جامعة الأزهر ليس إعتذارا صادقا ولكنه لرفع الحرج عن مشيخة الأزهر التي تري في إسلام البحيري انه مرتد وأخطر من داعش . ولكن بنظر الازهر ليس من اللياقة البوح والكشف عن ما هو بالنفس . فالحكمة تقتضي الإدعاء وعدم الصدق وعدم الكشف عن ما يرونه .
الذي أفصح عنه رئيس جامعة الأزهر هو نفس ما يدور في عقول وقلوب الأزهريين . وهو الذي يفرخ الإرهاب ويوقع ضحايا ابرياء كل يوم . ويقف عقبة كؤود في زجه الإنسانية والحضارة والتقدم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا


.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4




.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه