الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيكولوجية الإنسان العربي الكاذب

ماهر رزوق

2017 / 5 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


سيكولوجية الإنسان العربي الكاذب




لنبدأ نقاشنا ببعض الأسئلة الضرورية :

لماذا نكذب ؟؟ و هل هناك مبررات للكذب ؟؟ لماذا لا تكون الحقيقة كافية في بعض الأحيان ، و يكون الكذب هو الحل الأمثل ؟؟

أولاً : لماذا نكذب ؟؟

لا أعتقد شخصياً أن هناك أشخاص كاذبون بالفطرة ، بما معناه أن مسألة الكذب ليست أمراً جينياً أو عادة متوارثة ... إنما هي خاصية و صفة يكتسبها الإنسان ، من الأهل ربما ، أو من الوسط الاجتماعي المحيط (كالأصدقاء و الزملاء ...الخ(
أغلب الأحيان نكذب لننقذ أنفسنا من ورطة ما ، و أحيانا لتحقيق هدف ما (ربح مادي أو نصر معنوي) ... لكن ما الذي يدفعنا إلى الاستمرار بالكذب حتى في بعض الحالات التي لا تكون طمعاً بربح أو خوفاً من خسارة أو ورطة ما !!
هل لأن الكذب قد يتحول إلى عادة ثم إلى طبع يصعب التخلص منه فيما بعد !!؟

كان أبي دائماً يردّد حديثاً للنبي محمد يقول فيه : " أن المؤمن قد يسرق أو يقتل أو يزني ... لكنه لا يكذب "
غاية الحديث : أن الذي يكذب ، قادر على فعل كل ما سبق ... أما الذي لا يكذب فإنه لن يفعل كل ما سبق ، لأنه طبعاً سيتوقع أن يسأل عن ذلك الفعل ، و لن يكون قادراً على نكران فعلته !!

ثانياً : هل هناك مبررات للكذب ؟؟

كثيراً ما نجد أن الكاذب دائماً ما يبحث عن مبررات لكذبته ، إن كان ذلك بهدف الحصول على راحة الضمير أو بهدف تفادي انتقاد الآخرين ، إذا ما كشفت الحقيقة و عرف الجميع أنه كان كاذباً !!
و غالباً ما يكون المبرر ، أنه كان مجبوراً على الكذب ، و أنه كان خياره الوحيد لينجو بروحه أو بعمله أو بسمعته حتى !!

عندما كنت صغيراً ، و في الطريق إلى قريتنا ، كنت أنا و والدي فقط ، نتجه على دراجته النارية إلى قريتنا التي تبعد مسافة نصف ساعة بالدراجة عن منطقتنا التي نعيش فيها ... و عندما وصلنا إلى مدخل القرية ... شاهد أبي راعي أغنام يرعى غنمه قريباً من تخوم أرضنا ، و بدى له أن الرجل قد تجاوز التخوم ، و أغنامه تلتهم زرعنا ... فانحرف أبي بسرعة عن الطريق و اتجه نحوه غاضباً و صارخاً ... و عندما وصل إليه ، خاف الرجل من أبي الذي كان مسلحاً بمسدّس يحمله دائماً ... و أخبره أنه مجرد عبد مأمور و أن فلاناً من الناس أمره أن يرعى الأغنام هنا ...
لم يتوانى أبي عن الذهاب مباشرة إلى ذلك الرجل (و ذهبت معه طبعاً) ... حيث ركن الدراجة بجانب الطريق و أمرني أن أنتظرهُ ... و توجه إلى الرجل صارخاً و شاهراً مسدسه في الهواء ... كان هنالك العديد من الرجال الذين شهدوا الحدث ... حيث لم يخف ذلك الرجل من أبي و تحداه حتى أطلق أبي طلقتين في الهواء ... فخاف الجميع و هربوا من أمامه و انتهى الموقف بعودته هائجاً و قيادته الدراجة بسرعة كبيرة إلى منزل عمي ... حيث اختفى هناك و ظل غائباً عني لساعات و أنا أنتظر مع أولاد عمي ... إلى حين قدوم الشرطة لتسأل عن أبي ... هنا أتى عمي إلي و أخبرني بأن رجال الشرطة قد يسألوني عما حدث ... و أنني يجب أن أكذب عليهم و أخبرهم بقصة مخالفة و إلا سأكون السبب في سجن أبي و اتهامه بالشروع في القتل !!
أبي نفسه الذي اعتاد أن يملي عليّ حديث النبي الذي يدعو إلى اعتبار الكذب خطأ كبيراً لا يغتفر ...!!

في موقف كهذا ، و كطفلٍ صغير لا يميز الخطأ من الصواب بشكل واضح ... و مصير والده بين يديه ، ما هو الفعل الصحيح ؟ هل كان كذبي مبرراً ؟؟ هل ذلك المبرر كان مقنعاً ؟ هل كنت مجبراً أم مخيراً ؟؟

أحياناً أن تكون مخيراً ، هو الأمر الأصعب ، و خاصة في مجتمع يحترم الفوز و السلامة ، أكثر من المبادئ التي ينادي بها !!
لذلك قد يقول البعض أن الحقيقة غير جيدة أحياناً ... و أن الكذب أنجى و أفضل !!
الذي ينتصر أو الذي يسلم من أمر ما ، غالباً لا يسأل عن مبررٍ لكذبه ... يكفيه أنه حقق الغاية ... و يكون مقتنعاً أن الكذب كان تصرفه الأمثل ...
غالباً لا نسأل عن البذرة التي نزرعها في نفوس أطفالنا ، الذين يراقبون تصرفاتنا و يتعلمون منها ... الذين تعلق في أذهانهم تفاصيل قصصنا و طريقة تعاملنا معها ...
ثم نتساءل لماذا مازال مجتمعنا يفرز كثيراً من الشخصيات المريضة بالنفاق و المتقنعة بالكثير من المبررات و الحجج الواهية ... بهدف الحصول على الهدف بأي ثمن ... أو الخروج من مأزق ما ، بأقل الخسائر !!



MAHER RAZOUK








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني