الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حاجة السوريين إلى آليات تفكير مختلفة
معتز حيسو
2017 / 5 / 22مواضيع وابحاث سياسية
يجد «أصحاب القرار» في ميادين الصراع العسكرية والسياسية، صعوبة في إجراء مراجعة نقدية لآليات تفكيرهم واشتغالهم، وأيضاً لأهدافهم ومآلاتها. ولذلك علاقة مباشرة بنمط تفكيرهم وتحوّلهم إلى أدوات وظيفية في حرب دولية وإقليمية غيرت ملامح سوريا ومستقبلها. وجميعها يكشف عن ممارسات سلوكية ترتبط بأشكال تفكير تميل إلى التعصب والتمذهب. ما أدى إلى انتشار مظاهر الاستقطاب وبشكل خاص المتعلق منها بالعصبية الطائفية.
ونتيجة لذلك، بات من الضروري، العمل على إعادة إنتاج منظومة تفكير جديدة تؤسس لتدعيم حقوق المواطنة. ما يستدعي دراسة أشكال التفكير السائدة، والدوافع الكامنة خلف تحوِّلها إلى حالات عصبوية ومذهبية يزداد انغلاقها كلما استطال أمد الصراع. ويندرج في السياق ذاته إجراء مراجعة نقدية لشكل وطبيعة العلاقات الاجتماعية والسياسية السائدة.
إن تفاقم انتهاك حقوق الإنسان، وتدهور الأوضاع الإنسانية يرتبط بجانب منه بارتفاع مظاهر القتل والتنكيل والخطف، والتشبيح وممارسات أخرى قهرية. وجميعها باتت تهيمن على هامش كبير من ذاكرتنا وتفكيرنا. ومعلوماً إن تداعيات فوضى السلاح، وشعور أعداد كبيرة من المسلحين باختلاف انتماءاتهم السياسية وأماكن تواجدهم، بأنهم فوق القانون والبشر، وأنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة. له علاقة بوعي هؤلاء وثقافتهم، وأيضاً باشتغال الجهات المسؤولة على توظيفه لغايات مختلفة وأحياناً متناقضة، دون النظر لآثارها الراهنة وتداعياتها المستقبلية على بنية المجتمع. وتساهم المظاهر المذكورة، في ارتفاع منسوب الاحتقان والحقد والخوف، وتدفع إلى التقوقع على الذات الطائفية والجهوية والعائلية.
من جانب آخر، فإن ارتفاع مستوى الاستقطاب والتناقض يكشف عنه اتساع الفجوة بين نمطين من التفكير. أولاً: نمط تفكير إقصائي قائم على التناقض والتناحر. ويعتمد من يتبناه آليات تفكير جبهية. أمَّا أهدافه فإنها تتدرج من تهميش الآخر مروراً بإلغائه وصولاً للقضاء عليه. ويتجلى النمط المذكور من خلال آليات اشتغال أطراف الصراع. ما يحمل على التأكيد بأن العقل الأحادي الإلغائي ليس حكراً على نظام الحكم. فالفصائل المعارضة المسلحة تحديداً، والسياسية نسبياً تحمل ذات البنية الذهنية الأحادية الإلغائية. ما يعني إن تمكين نظام حكم ديمقراطي دونه كثير من المعيقات السياسية والفكرية والأيديولوجية.
ثانياً: نمط تفكير«متوازي» ينطلق من ضرورة تمكين وتطوير لغة حوار تفاعلية وتراكمية تقوم على ترسيخ الحقوق السياسية والمدنية لجميع السوريين. ويرى أنصار هذا النمط إن تجاوز الاستعصاء السوري يمكن أن يتحقق بوقف القتال أولاً، وإطلاق مؤتمر وطني للحوار السياسي تحت مظلة أممية، يشارك فيه كافة القوى السياسية والمنظمات المدنية والحقوقية ومثقفين مستقلين، وشخصيات من الحكومة. لكن تحوُّل سوريا إلى ميدان لصراعات دولية وإقليمية مباشرة، وارتباط مصالح وأهداف أطراف الصراع الداخلية منها والوافدة بأجندات الدول المشاركة في الحرب السورية المعولمة. يقلص من إمكانيات حسم الصراع عسكرياً. وبذات الوقت يساهم في وأد نمط التفكير «الموازي». وجميعها أسباب تُفشل الحلول سياسية، وتعزز دور الأطراف الخارجية مقابل تراجع دور السوريين.علماً إن الاستقرار السياسي لن يتحقق إلا بجهود السوريين ومشاركتهم الفاعلة.
وإذا كان أنصار «الثورة» يرون في آليات وأشكال نمط التفكير المتوازي تفريطاً بـ«الثورة». فإن من يقف في الطرف المقابل يرى فيه تفريط بالسلطة. ويمتدد ذلك إلى تجّار الحروب الغاصبين لدماء السوريين وأرزاقهم. وأمثال هؤلاء يطفون على المشهد السوري وحيثياته. ويُدرك هؤلاء أن استمرار سطوتهم يرتبط باستمرار الصراع وتلاشي دور الدولة والقانون.
بناءاً على ما سبق فإن شرائح واسعة من السوريين لهم أراء تخالف السلطة وأيضاً المعارضة، وبشكل خاص المسلحة. أولاً: فيما يتعلق بالثورة، يرون أنها يجب أن تعبِّر عن مصالح السوريين كافة، دون تمييز عرقي، ديني، طائفي، مذهبي. وإن تجلت بأشكال تخالف ذلك. فإن على من يدِّعي احتكار تمثيلها، إعادة النظر في مقدماتها وحواملها وأيضاً مآلاتها. فحقوق السوريين وتماسكهم من وجهة نظر هؤلاء، هي الفيصل.
ثانياً: فيما يخص الدولة، فإن المحافظة على استقرارها وتماسكها وقوتها، يشكِّل مطلباً عاماً. لكن أن تتحول الدولة إلى مجرد سلطة تلتهم الدولة والمجتمع، والدفاع عنها أي الدولة، ينزاح إلى حقل الدفاع عن بنية السلطة التسلطية، ومصالح المتنفذين فيها. فإن في ذلك ظلماً للسوريين، ودماراً للدولة والمجتمع.
ثالثاً: فيما يتعلق بتجار الأزمة والمتعيشين عليها، فإن دونهم المحاكم أولاً والسجون ثانياً.
وبغض النظر عن تموضعات السوريين. فإن الغالبية منهم باتوا يدركون إن آليات تفكير زعماء الصراع وأهدافهم ومصالحهم، لا تُعبِّر عن مصالح السوريين وأهدافهم. ما يدفعهم للتأكيد على أهمية تفكيك وتجاوز آليات التفكير السائدة. تحديداً القائمة منها على التناقض الاستئصالي. والتأسيس لنمط تفكير متوازي تفاعلي وتبادلي، يساهم في تمكين لغة للحوار تلحظ مبدأ التراكم، وتقطع مع آليات العنف، المحمول على أدوات سياسية وفكرية وأيديولوجية سلطوية عززت وما تزال، تمزيق سوريا وارتهانها الوظيفي لأطراف دولية وإقليمية متناقضة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فصائل المعارضة السورية المسلحة تسيطر على حماة | الأخبار
.. كيف سقطت حماة بأيدي الفصائل المسلحة؟.. مدير المرصد السوري يج
.. الدموع تغلب مراسل سكاي نيوز عربية على الهواء أثناء نقله لصور
.. هل أوقفت روسيا وإيران دعمهما للنظام السوري في مواجهة المعارض
.. رفعت الشموع.. مسيرة صامتة في شوارع ليدن الهولندية للتضامن مع