الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رأي

صباح مطر

2017 / 5 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




كنت ومازلت أتجنب الخوض في دائرة المقدس وما يمنعني هو ليس الخوف وحده لكنه اليأس وبصراحة قصوى هي افتقاد الكارزما التي تستجمع الناس حول صاحبها وبرغم أنني لا أريد كسر ما ألزمت به نفسي تجاه ذلك المقدس لكنني سأمسه مساً خفيفاً ليناً ظناً مني بأنه (أي المس) سيكون ذا فائدة للمقدس نفسه ومن خلاله تعم الفائدة على الجميع.
ما أريد قوله أنني لا أنكر فضل الحوزات العلمية الدينية وخاصة حوزة النجف في العراق في الحفاظ على الدين والمحافظة عليه على مدى القرون والأزمنة التي سادها حكم الطواغيت والأعداء والمعاندين فظلت معيناً ينهل منه الظامئون يرتشفون من ريه الروي ويتعلمون تفاصيل دينهم ويعلمونها وقد رفدتنا هذه المدارس (الحوزات) بأسماء لامعة ظلت محفورة في ذاكرة الأجيال بمآثرها العلمية ومواقفها المشرفة على مختلف الصعد.
واعتزازاً منا بهذا الإرث الذي نريد له الاستمرار بما يواكب العصر ولا يبقى تقليدياً يستنسخ ما قبله وكأن الزمن توقف على الأولين الذين مع كل احترامنا لهم كانوا أبناء عصرهم الذي واكبوه ونحن أبناء عصرنا الذي هو بكل تأكيد غير عصرهم وأبناء زماننا الذي هو غير زمانهم ولا يمكن لنا أو لغيرنا مقارنة إمكانيات اليوم بإمكانيات القرون السالفة، فنظم التعليم والتدريس تطورت بشكل مذهل بأساليبها ومناهجها وآلياتها فحلت المدارس الحديثة والمعاهد والجامعات محل حلقات الدرس وحلّ الأساتذة والأكاديميون محل الملالي والروضخونيون ولم تعد الحوزات بأساليبها التي اعتادتها منذ القدم تجاري حداثة المدارس والمعاهد والكليات وما فيها من نظم وطرق حديثة توائم العصر وتسايره.
ولو أردنا أن نكون أكثر صراحة فلا بد من القول أن الحوزات العلمية بوضعها الحالي أصبحت ملاذاً للكثير من الفاشلين دراسياً والهاربين من مواجهة الحياة ليستظلوا بفيئها مستفيدين من ميزتين رئيسيتين تمنحهما لهم تلك الحوزات فهي تكسبهم القداسة عن طريق عمائمهم وتوفر لهم عيشاً سهلاً فيما بعد حين يتخذون من الدين وسيلةً للكسب ومهنة يرتزقون من خلالها بلا كدٍ أو تعبٍ أو نصبٍ أو عناء.
وبالنظر لكون الحوزات العلمية كانت ضرورة يراد منها الحفاظ على الدين والمحافظة عليه في ظل ظروف قاهرة سادت على مدى مئات السنين فان الحال قد تغير الآن ولم يعد بوسع الأنظمة مهما كانت درجة استبدادها أن تحجر على فكر أو دين بذاته فأصبح بالإمكان إذن أن تتغير هذه المنهجية المتخلفة أو لنقل القديمة وتستبدل بما هو حديث وأن تتحول إلى أكاديميات أو كليات يمكن دخولها فيما بعد الدراسة الثانوية يعمل للتدريس فيها أساتذة متخصصون من حملة الشهادات العليا لتمنح طلابها وخريجيها الرصانة العلمية لا أن تخلع عليهم القدسية التي تهبها الحوزات لمريديها والتي قد لا تكون هي السبب في هذه الخلعة وإنما هو عرف ساد في المجتمع على أن الحوزة العلمية لا تخرج إلا الصالحين والعلماء في حين هي على وضعها الحالي وباستثناءات بسيطة لا تخرج غير أشباه الأميين المتجلببين بجلباب العلماء وطلاب العيش السهل إضافة إلى أنها تستنزف موارد المرجعيات الدينية بتحويلها إلى رواتب وخدمات لهؤلاء الطلبة والتدريسيين الذين يمكن زج المؤهلين منهم في الجامعات أو المدارس الأكاديمية ليكون المتخرجون لا مقدسون وإنما متعلمون تعليماً رصيناً وفق مناهج حديثة توائم العصر وتأتي بمردودات فكرية قد تغني الساحة بما هو مفيد ونافع للدين وأهله وقطع الطريق أمام الأغبياء والفاشلين دراسياً من التسور على الدين وقطع الطريق أمامهم. لا بد من الاعتراف أن الإصلاح أو التغيير أصبح أمراً متعسراً الآن بعد ما فعله هؤلاء الذين أشرنا إليهم من إشاعة الفئوية وتعدد الولاءات التي جاءت من تقديس الأفراد على حساب العقيدة وتشويه العقيدة لحساب الأفراد ولكن الأمر على عسره مازال صدعاً يمكن رأبه واعوجاجاً يمكن تقويمه ولو بصعوبة قد تكون بالغة جداً جداً، إنه رأيٌ وحسب.
ِِِ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن في مواجهة الخطر الإيراني الذي يهدد سيادته عبر-الإخوان


.. مخططات إيرانية لتهريب السلاح إلى تنظيم الإخوان في الأردن| #ا




.. 138-Al-Baqarah


.. المقاومة الإسلامية في العراق تدخل مسيرات جديدة تمتاز بالتقني




.. صباح العربية | في مصر.. وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنائز