الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل التّكفيريّون والإرهابيّون لا يمثّلون الإسلام فِعلًا؟

مالك بارودي

2017 / 5 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل التّكفيريّون والإرهابيّون لا يمثّلون الإسلام فِعلًا؟
.
للمسلمين في الدّفاع عن دينهم مقولة أصبحت اليوم على كلّ لسان، فلا يكادُ يمرّ يومٌ لا تسمع فيه هذه العبارة: هؤلاء لا يمثّلون الإسلام... بعد كلّ عملٍ إرهابي يتّضحُ أنّ مرتكبه مُسلمٌ، يُسارعُ المسلمون، شيوخًا وأناسًا عاديّين للقول: هؤلاء لا يمثّلون الإسلام. حدث هذا آلاف المرّات، وحتّى بعضُ رؤساء الدّول ردّدوا نفس العبارة، مثل الرّئيس الأمريكي باراك أوباما الذي أصبح من حيث لا نعلمُ عالمًا في الإسلام وعارفًا بخباياه وقد نسمعُ في يوم من الأيّام أنّ المملكة العربيّة السّعوديّة قد إنتدبته في خطّة مفتي المملكة أو إمام الحرمين أو أنّهُ تمّ تعيينه خلفًا للإرهابي يوسف القرضاوي على رأس الإتّحاد العالمي لعلماء المسلمين أو أنّ مصر إنتدبته على رأس مشيخة الأزهر...
.
للوهلة الأولى، قد يتبادرُ للذّهن أنّ هذه المقولة صحيحة. فالكلّ يعرفُ أنّ التّطبيق يختلف دائمًا عن النّظريّة. نظريّا، المسلم هو المعتنق للإسلام والملتزم بتعاليمه والعامل بما في كتبه، لكن عند التّطبيق قد يتغلّبُ طبعُ المسلم على التعاليم، وقد تدخُلُ المصالح في اللّعبة فتجرفُ المسلم بعيدًا عن معنى النّصوص، وقد يكون المسلمُ مسلمًا بالإسم فقط ولا علاقة له بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد، وقد يكون جاهلاً بالنّصوص والتّعاليم يكتفي فقط ببعض الفرائض ولا يعرف عن البقيّة شيئًا... في هذه الحالة، نظريًّا، سيكون من الظّلم أن نقول أن هذا المسلم يمثّلُ الإسلام ويمثّل حجّة على دينه، فتصرّفاته هي في الحقيقة تصرّفات فرديّة وشخصيّة، نابعة من شخصه هو وتعبّر عن تفكيره هو بعيدًا عن النّصوص والتّعاليم التي في دينه. لكن... كيف يمكننا التّحقّق من أنّ المقولة صحيحة أم لا؟
.
للإجابة على السّؤال يجبُ علينا تفحّصُ النّصوص وفهمها، بعيدًا عن النّزعات المثاليّة والعاطفيّة والتّجميليّة المتفشّية عند أغلب المتديّنين في علاقتهم بدينهم (أيًّا كان هذا الدّين) وبعيدًا عن التّبريرات الواهية التي يردّدونها والتي لا تمثّل في حقيقة الأمر سوى كومة من المغالطات المنطقيّة، ثمّ مقارنة هذه النّصوص بأفعال المسلم المراد تبرئة الإسلام منها... فإن كان ما تقوله النّصوص بعيدًا ومختلفًا عمّا يأتيه المسلم من أفعال، فيجب علينا أن نُقرّ بصحّة المقولة وبأنّ المسلم ليس حجّة على الإسلام، أمّا إذا توافقت النّصوص مع الأفعال، ففي هذه الحالة تُصبحُ المقولة فارغة وخاوية ولا معنى لها ومن حقّنا، رغم المقولة والمتشبّثين بها، الجزم بأنّ هذا المسلم هو في الحقيقة والواقع حجّة على الإسلام وعلى ما فيه، لأنّه ينطلقُ منه ولا يخالف تعاليمه.
.
في الحقيقة، عند تفحّص النّصوص الإسلاميّة، بداية من القرآن، يتّضحُ لنا بما لا يدعُ مجالًا للشّكّ أنّ تعاليم الإسلام نفسها ليست بريئة ممّا يفعله المسلمون، وخاصّة الإرهابيّين والتّكفيريّين ودعاة الكراهيّة والقتل. فالنّصّ القرآني مشحونٌ بشحنة كبيرة من الهمجيّة والعدائيّة والكراهيّة. وكأمثلة، دعونا نرى كيف يتحدّث كاتب القرآن عمّن لم كذّبوا محمّدا بن آمنة ولم يرضخوا له ولم يعتنقوا الإسلام، سواء تعلّق الأمر بـ"كفّار" قريش أو باليهود والنّصارى.
.
يقول كاتب القرآن: "والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام" (محمّد، 12)، ويقول: "فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذّبوا بآياتنا" (الأعراف، 176)، وحين يصف الوليد بن المغيرة ينعتُه بإبن الزّنا: "ولا تطع كلّ حلّاف مهين. همّاز مشّاء بنميم. منّاعٍ للخير معتدٍ أثيم. عُتُلٍّ بعد ذلك زنيم. أن كان ذا مال وبنين. إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين" (القلم، 10-15)، وحين يتحدّثُ عن اليهود يقول عنهم: "مثل الذين حملوا التّوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذّبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظّالمين" (الجمعة، 5) ويقول أيضًا: "قل هل أنبئكم بشرّ من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطّاغوت أولئك شرّ مكانا وأضلّ عن سواء السّبيل" (المائدة، 60)... هذه عيّنة من مئات الأمثلة التي يعجّ بها القرآن والتي تُسفّه غير المسلمين وتسبّهم وتحثّ على كرههم ومعاداتهم... فماذا يمكن أن تولّد الكراهيّة والعداوة في نفس المسلم غير الإرهاب؟ المسلم الذي تمّ حشو هذه النّصوص في دماغه منذ الصّغر والذي يتلوها صباحًا مساءً في كلّ صلاة والذي يسمعها تُردّد من طرف الشّيوخ في الجوامع وخاصّة في خطب الجمعة مع نصوص أخرى تفسّرها وتعمّق معانيها التّمييزيّة ويسمعها في البرامج الإذاعيّة والتّلفزيّة على قنواتٍ دينيّة تتكاثر كالفطريّات في مجتمعِ متعفّن بطبيعته لم يتخلّص ممّا ورثه من بدو جزيرة العرب من عصبيّة قبليّة وعشائريّة، ماذا يمكن أن يترسّخ في نفسيّته عدا العداوة والبغضاء لمن يسمّيهم القرآن "الكفّار" وجميع المخالفين؟ ألا يتوافق هذا مع عقيدة الولاء والبراء القرآنيّة: "كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتَّى تُؤمنُوا بالله وحده"؟ أليست عقيدة الولاء والبراء هي الأساس الذي بُنيت عليه كلّ التّنظيمات والفصائل التّكفيريّة والإرهابيّة في هذا الشّرق الأوسط الموبوء؟
.
هذه الأمثلة ترينا بوضوح لا يمكن أن ينكره عاقلٌ مستوى خطاب كاتب القرآن في حديثه إلى من لم يقتنعوا به ولم يعتنقوا دينه، فكيف نتوقّع من المسلمين أن يتصرّفوا بطريقة حضاريّة وبرقيّ فكري يحترم حرّيّة الإنسان وحقّه في الإختيار وفي إعتناق وقول ما يريدُ وكتابهم المقدّسُ الأوّلُ في هذا المستوى من التّخلّف والعنصريّة وبثّ الكراهيّة والتّحريض على معاداة الآخرين، الشّيء الذي يسوّغ له قتلهم والقضاء عليهم... هذا دون الحديث عن الأمر الواضح بقتال وقتلهم في الكثير من الآيات مثل: "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم" (التّوبة، 5) و "يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم. قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" (التّوبة، 28-29).
.
فإذا كان النّبع مسمومًا، كيف سيكون الجدول الذي يخرج منه؟ إذا كان القرآن مليئًا بسمّ الكراهيّة والتّحريض والتّكفير، فكيف يمكن أن يكون المسلمُ؟ وكيف لا يكون المسلمُ الإرهابي حجّة على الإسلام وهو يطبّق ما جاء في القرآن بحذافيره؟ لا، بالعكس، فالمسلمُ الإرهابي يمثّلُ الإسلام الحقيقي، إسلام القرآن (في إنتظار أن يطلع علينا مسلمون يقولون أنّ القرآن نفسه لا يمثّلُ الإسلام، ولا أعتقدُ أنّ هذه الفكرة خياليّة أو أنّ هذا الزّمن بعيدٌ) والأحاديث والسّيرة والفقه الإسلامي على كلّ المذاهب... ومن لديه رأي آخر، فالطّريقة الوحيدة لإثبات صحّة رأيه تتمثّل في أن يذهب لمناظرة زعيم تنظيم القاعدة أو تنظيم الدّولة الإسلاميّة حول علاقة الإرهاب بالإسلام، فإن نجح في إقناعهم بحججه فلا مانع لدينَا من أن نُعيد النّظر في ربطنَا للإسلام بالإرهاب وفي إتّخاذ الإرهابيّين حجّة على فساد دينهم، زيادة على أدلّة الفساد الموجودة في القرآن وبقيّة الكتب الإسلاميّة... وإلى ذلك الحين، أي إلى حين تجرؤ أحد المسلمين وتحلّيه بالشّجاعة للدّفاع عن نظرته للإسلام في مناظرة مع الإرهابيّين التّكفيريّين، سنبقى نردّد على كلّ المنابر أنّ داعش والقاعدة وبقية التنظيمات الإرهابيّة هي نتيجة الإسلام وتُطبّقُ الإسلام وأنّ الإسلام لا يصلحُ إلّا لإنتاج الإرهابيّين ونشر الخراب.
.
----------------
الهوامش:
1.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّناته:
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
http://ahewar5.blogspot.com
2.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي خرافات إسلامية:
https://archive.org/details/Islamic_myths
3.. صفحة مالك بارودي على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/malekbaroudix








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الإرهابيّون يمثّلون الإسلام الصحيح
شاكر شكور ( 2017 / 5 / 26 - 05:34 )
يسمى السند الذي ذهبتَ اليه استاذ بارودي لمقارنة افعال الإرهابيين بما تأمره النصوص القرآنية بمصطلح (القياس بالقرآن) ، وهذا خير ما يستدل به الباحث ليكشف اي إدعاء كاذب حول عدم علاقة الإرهاب بنصوص القرآن ، وهناك ايضا سند آخر لكشف هذه العلاقة وهي تفاسير واعترافات شيوخ الإسلام انفسهم الذين يستندون ويبررون الأعمال الإرهابية بأنها نوع من الجهاد قياسا بما تأمره الآيات القرآنية ، وخير من يوضح ذلك هو خطيب المسجد الاقصى الشيخ عصام عميره في الفديو ادناه ، تحياتي للجميع
https://www.youtube.com/watch?v=JtOlYMa371I


2 - نعم ورب نفرتيتي
محمد بشير علو ( 2017 / 5 / 26 - 09:26 )
الدواعش خير من يمثلون الإسلام


3 - غصبا عنك لايمثلون الاسلام
عبد الحكيم عثمان ( 2017 / 5 / 26 - 19:36 )
مالك بارودي مو بكيفك غصبا عنك لايمثلون الاسلام
التكفرين والارهابين لايمثلون الاسلام بل يمثلون فهما مغلوط للاسلام
فالاسلام لا يامر اتباعه بمقاتلة الا المعتدين عليهم- والاسلام لايامر المسلم بمقاتلة المسلم
ورسول الاسلام الف الصلاة والسلام عليه قال في خطبة الوداع لاتعودوا بعدي كفار يقتل بعضكم بعضا
وقال اذا اقتتل المسلمان فالقاتل والمقتول في النار
وهؤلاء الارهابين لايتوانون في قتل المسلمين
فهم لايمثلون الاسلام بالمطلق
غصبا عنك- ولن تستطيع مقالاتك لو قرائها ملاين الاشخاص ان يصدقوا ان هؤلاء يمثلون الاسلام


4 - في كل ايديولوجيا ارهابيون
عبد الله اغونان ( 2017 / 5 / 27 - 11:40 )
الارهاب هو فرض أفكار بالقوة
وفي التاريخ القديم والراهن حدث ولاحرج
ولو دققنا لوجدنا أن من شن حروبا فظيعة هو الغرب
بدلالة عدم قدرته اقناع من استهدفهم
أما الفتوحات الاسلامية فهاهو الاسلام قد استقر في القلوب والعقول والتاريخ والجغرافيا عند حتى شعوب لم تركب اليها خيل الله
لايتحدثون عن الارهاب في بورما وفي نيجيريا وفي افريقيا الوسطى وفي سوريا حيث دولة روسيا تعيث في البر والبحر والجو فسادا
مامن مسلم الا ويدين قتل انسان كيفما كان دينه
ويجب على أي حاكم أن يحاسبهم ويحاكمهم
فالارهاب ليس جديدا انه معروف لدينا فقد قتل عمر وعثمان وعلي وهم صفوة الخلق
أحيانا تجد ارهابيا يدين الارهابيين
وكاتبا يناصر ارهابا على ارهاب
خلاصة = الارهاب لن ولايحارب الارهاب

اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال