الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يحاسب سارق الجهد الأدبي والفكري؟

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2017 / 5 / 27
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



السرقات الأدبية والسرقات الفكرية، هي انتحال لحقوق الملكية الفكرية للآخرين، تعرّفها موسوعة ويكيبيديا العربية بأنها "إدعاء شخص صراحة أو ضمنياً بكتابة ما كتبه آخر أو النقل مما كتبه آخرون كلياً أو جزئياً بدون عزوا أو اعتراف مناسب. أي بمعنى بأنك كتبت ما كتبه غيرك ومن أنواع السرقات، استنساخ موضوع كتاب أو بحث بكامله، وكذلك نسخ الموضوع وإجراء تغيير جزئي شكلي أو تعديله بتغيير بعض الكلمات أو الفقرات أو حشوّه ببعض الفقرات الصغيرة.
انتشرت هذه السرقات بين الأدباء و الكتاب والباحثين العراقيين لسهوله النشر الطبع، دون مراجعة أو موافقة من جهات ذات العلاقة، كأن يكون مجمع علمي أو أدبي أو تأريخي وأمثال هؤلاء المنتحلين والسراّق ازدادت في الآونة الأخيرة، حيث ظهر أخيراً وخلال النصف الأول من عام ٢٠١٧ ثلاثة سراّق في مدينة الحلة, الأول يحمل شهادة الدكتوراه والثاني عامل في دار نشر والثالث شاعر معروف في الوسط الأدبي والثقافي, وأحد هؤلاء الشاعر الحلي شكر حاجم الصالحي.
صدر خلال هذا الشهر (مايس) 2017م عن دار الفرات للثقافة والإعلام في مدينة الحلة كتاب يحمل عنوان (مصادر الأصفهاني في كتاب الأغاني), وهو بداية سلسلة موسوعة الشاعر علي الحسيني, يقع الكتاب في (255) من الحجم المتوسط, الكتاب يحتوي على ثلاثة أبواب, الباب الأول يحتوي على سيرة حياة المؤرخ (أبي الفرج الأصفهاني), ومصادر الكتاب, والرسائل والمكاتبات, أما الباب الثاني فيتضمن قائمة الكتب التي اعتمدها أبو الفرج الأصفهاني في تأليف كتاب الأغاني وأهمية الرواة ورواياتهم, أما الباب الثالث فيحتوي على أهم الرواة وأهم المصادر الذي اعتمد عليها أبو الفرج في تأليف الأغاني.
من خلال ما وقع خلال هذا العام من الإيغال في الانتحال, وسرقة جهود المؤلفين الأدبية والفكرية أقول : يمارس الكاتب عمله المهني في الإنتاج الأدبي والفكري، ليس طمعاً في الثراء وإنما لتحقيق الذات وممارسة مهامه كمثقف في المجتمع. فالجهد الفكري الذي يبذله الكاتب كي يصل إلى الشكل النهائي لنتاجه الفكري أو الأدبي، يختلف كلياً عن جهد أي فرد أخر في المجتمع مهما كانت مكانته الوظيفية.
يقول الأستاذ صاحب الربيعي في مقاله ((نصائح مهمة للكاتب للتعامل مع دور الطباعة والنشر في الوطن العربي)) أن الجهد الفكري الذي يبذله المرء للإنتاج الأدبي أو الفكري، لا يتوقف عند ساعات محددة من ساعات العمل اليومي، فإنتاج الفكرة قد يستمر طوال ساعات النهار والليل، بل حتى في المنام يستمر العقل الباطن للكاتب, العمل للوصول إلى استكمال الفكرة, وهذا المخاض الكبير ربما يستمر لأشهر أو لسنوات حتى ينتهي الكاتب من عمله الأدبي أو الفكري, فأن الكاتب يخسر أكثر مما يكسب في مجال عمله الأدبي والفكري، لكن مقابل ذلك يحصل على الشهرة والمركز الاجتماعي المرموق خاصة عند النخبة الاجتماعية، كما إن هناك فرقاً شاسعاً بين عملية سرقة صافي الجهد الفكري والبدني من قبل الطفيليين)) , ومن خلال العرض السابق، نصل إلى استنتاج مفاده : أن الكاتب يصرف جهداً كبيراً لكنه لا يحصل لقاء ذلك على أي مردود، بل العكس ينفق فوق ذلك مدخراته المالية من أجل طباعة نتاجه الفكري, لغرض دعم الجانب الأدبي والثقافي لبلدة, مع كل هذا وينتحل نتاج الكاتب أحد المنتحلين الطفيليين الفاقدين للأخلاق والتي سمتهم الأولى في الحياة هي الإيغال والانتحال, وهذه الصفات مخلة بشرف مهنة الكاتب أو الباحث.
والى حضراتكم نسخة من الكتاب المنتحل من قبل الشاعر شكر حاجم الصالحي, مطابقة مع نسخة حديثة لمؤلف الكتاب الحقيقي علي الحسيني رحمه الله, أجد لا خلاف بين الكتابان إلا في الإهداء من قبل الكاتب الصالحي, ولكن بعد معرفة د. نصير علي الحسيني ابن المؤلف الحسيني, أن مؤلف والده انتحله الشاعر شكر حاجم الصالحي وطبعه طبعتان لغرض الشهرة, الطبعة الأولى عام 2011 في دار الفرات للثقافة والإعلام في الحلة, والطبعة الثانية في دار تموز عام 2015 في سوريا, كانت ردة فعله قاسية بسبب قرب هذا المنتحل الصالحي للعائلة ومواقف العائلة الطيبة معهُ, إلا أنه غدره وفعلته الشنيعة المخلة بشرف مسئولية الباحث والكاتب, كتب د. نصير علي الحسيني في مقدمة الكتاب, وهي الطبعة الجديدة وباسم المؤلف الحقيقي ما يلي : ((هذه الدراسات بقيت محفوظة لفترة طويلة, واليوم أجد من المناسب أن تخرج هذه النتاجات الأدبية والعلمية إلى النور خدمة للباحثين والدارسين بعد أن هزتني وأرعبتني حادثة هذا الكتاب تحديداً التي لا أريد أن أعرج عليها)), لكن ما حيرني أن الشاعر شكر حاجم الصالحي أهدى الكتاب للشاعر حميد سعيد عرفاناً بالجميل, أي بمعنى لص يهدي كتاب مسروق إلى الشاعر حميد سعيد, وأقول للصالحي ((أي عرفاناً بالجميل, وأي جميل صالحي)), ولكن لا اعرف ما هو رد الشاعر المنتحل شكر حاجم الصالحي, بعد أن وقع في هذا المطب, وهو الصديق الحميم للشاعر علي الحسيني ولعائلته الكريمة.
من خلال الطرح السابق نجد بعض الكتاب ممن يميلون لتبرير مصادرة حقوق النشر ومؤلفات الآخرين تسميتها ((توارد الخواطر)), أو كما ذكر شكر حاجم الصالحي لأحد الأصدقاء عند معاتبته على هذه الفعلة ((إنها سهواً)), وأي سهو يا صالحي بفعلتك هذه, لكن البعض يكون عذره أقبح من فعله مستشهدين بحادثة (إبراهيم عبد القادر المازني) حيث ترجم رواية عن الروسية إلى اللغة العربية واسماها (ابن الطبيعة) عام 1920م, ليفاجأ هو نفسه عندما قام بطبع قصته (إبراهيم الكاتب) عام 1930م بتضمينها أربع أو خمس صفحات من الرواية الروسية لابن الطبيعة بالحرف والفاصلة والنقطة ذاتها, ليقول مذهولاً مما حصل بدون إرادة منه : "لعمق الأثر الذي تركته هذه الرواية في نفسي, فجرى بها القلم وأنا أحسبها لي".
مع هذا كثيراً ما نسمع عن مصادرات أدبية واضحة اللفظ والمعنى والفكرة أيضاً, ولكن أغلبها هي غير واضحة المعالم, أي بمعنى أدق يحمّل هذا المدلس الصالحي عملهُ بإبداعه الشخصي فقط في الإهداء ونسبها إليه, ونظراً لوجود أمثال هؤلاء المدلسين والمنحرفين لحقوق الآخرين من البحث والتأليف أصبحت حالة مشاعة وبعيدة كل البعد عن حماية الملكية الفكرية وحق المؤلف, وبعض العبارات تتردد هنا وهناك مثل هذه التصرفات الوقحة والغير مسئولة, ولو برّر لها قبلاً أرسطو باعتبارها استعارة وعلى حد قوله (الاستعارة هو من علامات العبقرية).
إن هذا الانتحال والتدليس وسرقة نتاج الآخرين, مما دعاني لتتبع سقطاتهم والإطلاع عليها لفضحها, والغاية منها لتوقف الآخرين من القيام بمثل هذا العمل المشين









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي