الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جانب من جوانب الفكر الديني الشعبي

ابراهيم حمود الهوني

2006 / 1 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


علي الرغم من أننا نعيشُ في عصراٍ تتغير فيه جميع المعايير الاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية والدينية بسرعة كبيرة جداً،وتتقدم فيه التكنولوجيات بجميع مجالاتها وبصورة هائلة . وفي عصر الآلة التي تُسّير البشر.. والعكس ، وعصر المادة التي ترفع أصحابها وتهبطهم ، وعصر تتبدل فيه الأمور وتنعقد كما نُبدل " ربطة العنق ونعْقِدها " ... علي الرغم من ذلك .. لازالت بعض شعوبنا تعيش وتمارس بعض المظاهر لطقوس غريبة وغيبية لم نشهدها ولم نعشها إنما ألفينا عليها آباءنا وأجدادنا كذلك .. فتراهم يسنون لها طقوساُ وشعائر وطرقاُ خاصة وصارمة لتصبح نوع من العبادة وهي في الأصل تأخذ الطابع للأصل الوثني ، ويحرصون علي تقديسها وتخليدها للأجيال القادمة ..
فأنا عندما أتطرق إلي ذكر احد (( أولياء الله الصالحين في زمانه و ذاع صيته في أحد الأزمان وأصبح ذكره علي اللسان كالبسملة والحوقلة و الحسبلة من بعد )) بشيء معين أمام أحدهم، فأراه يرتعد ويرتجف ويقول : (( الشيء لله، تستور بركتهم معانا ودعوتهم تخطانا )) ـــ إشارةً إلى التبرك بالشيخ أو الولي والخوف من دعوته كي تتخطاهم حتى وإن كان هذا الولي ظهر في دولةً أخري ، والدول العربية تزخر بمواضع مقدسة لأولئك وبمسميات مختلفة مثل : روضة ، مرقد ، مقام ، مزار، .. سيدي فلان ــــ.. ، و الشيء ذاته الذى نجده في عامة الناس نجده في شرائح المجتمع الراقي بل وتصل إلى رؤساء و وزراء ورجال أعمال ومشاهير الأدب والفن .
وأنا إذا أقول هذا الكلام فأنني لا اقصد الاستهزاء والمساس بشخص هذا الولي أو ذاك أو ما جاء به أو ما لديه من كرامات ولكني أتسأل :
- هل خص الله لكل دولة أو مدينة أو قرية أو قبيلة أو حتى عائلة أولياء صالحين ـ على غرار الرسل ـ في زمان معين، وكتب علي نفسه أن لا يأتي بأولياء آخرين من بعدهم في أزمنة أخري.. واكتفي ؟
- هل زماننا هذا والذي يتوفر فيه المناخ الملائم والمناسب حسب مقاييس (( كثُرَ في الفساد في البر والبحر)) وكثر الحرام فيه بشتى أنواعه وبكافة الطرق .. غير جدير بولي صالح يصلح فيه ما أفسده الدهر من بعد أولئك الأولين ؟
- هل يمكن أن تكون تلك السنين الغابرة ، والتي ظهر فيها أولياء صالحين علي فترات أكثر فساداُ وخراباُ من هذا العصر حتى خص الله بها أولياء مع ما يحملون من معجزات وكرامات ولم يخص بها هذا العصر ؟
- لما لا يظهر ولي صالح لزمننا هذا على شاكلة الأولين خاصة ونحن نسعى إلي العولمة وتصغير ما هو كبير وتبسيط ما هو معقد ونستغل تلك التقنيات بحيث يمكن أن تجعل هذا الولي ذا نفوذ كبير وأوسع شهرة وأكثر قوة بين الأمم في زمن قياسي وبأقل جهد ، وتوفر عليه المشقة مقارنة في السابق ؟
- هل الكرامات التي خص الله بها السابقين من الأولياء والذين لا يملكون شهادات ولا مؤهلات علمية ولا ترقي مخيلتهم إلا في حدود بيئتهم الضيقة لا يمكن أن تكون لسواهم في هذا العصر ممن يحملون شهادات علمية عليا في جميع العلوم والذين صعدوا للقمر وجابوا البحار والمحيطات وغاصوا في الأعماق ووضعوا حدوداُ لهذا العالم ؟
- لماذا نسمي مظاهر التقدم في هذا العصر بشمولية الإعجاز العلمي (( للقرآن )) كما يقول الداعية النجار والشيخ الزنداني ، ولا نخصه بأصحابه المخترعين لها للرقي بهم إلي درجة الأولياء وتصبح لهم كرامات وأصحاب معجزات ؟
- لماذا لا نُخلد من اخترع المذياع مثلاً أو الهاتف والسيارة والطائرة والحاسوب وغيرها ، واكتشف الأدوية للداء وابتكر التكييف والتبريد ووسائل الترفيه والتعليم وأفني عمره للإنسانية وقدم التضحيات ليطّور ويبتكر ويتفنن ونكتفي بمنحه الجوائز التقديرية والتشجيعية ونذكره كفاصله أو نقطة في مناهجنا ؟ .. ولا نجعل له مزار ونقدم له القرابين ونقدس مقامه وقبره وأسمه ..؟ أم لكونهم من ملل أخري وليس ممن يحل لهم الزواج بأربع لا يمكن أن يكونوا كذلك ؟ بل وندعو عليهم بحماقة في خُطب الجمعة : اللهم رمل نساءهم ويتم أطفالهم ، واجعلهم غنيمة لنا ، ونحن نستخدم أجهزة المذياع التي هم صانعوها في جوامعنا ومن فوق منبر صنعته معداتهم بل وأسس قواعد هذه الجوامع من هندسة أدمغتهم ، لنوجه لهم الدعوات واللعنات ونغتالهم تاريخياً ... بدلاً من أن ندعو لهم؟

وأنا إذ أقول هذا الكلام إنما أخاطب عقولاُ كبيرة وعلماء أجلاء وعباقرة في الفلسفة وأصول الدين وساسة وحكام مقتنعون ببركة أولئك ، ينتظرون المنتظر وينظرون للخلف برقبة جمل ولا ينظرون إلي الأمام لرؤية أفضل ولا اقصد به المساس من قريب أو بعيد بجوهر الدين الإسلام الحنيف الذي هو واضح وصريح وأتمني ألا يكون فيه مكان لدعاة الترغيب والتغييب والترهيب ممن يدّعون بأنهم ولاة المسلمين وأمراءهم ويأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويتهيأ لهم أنهم يفعلون العكس ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah