الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار بسيطة حول مفهوم الدولة ..(4)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2017 / 6 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


22- رأى بعض الفلاسفة متل " هوبز" إن الحالة الطبيعية للإنسان ليست سوى حالة همجية تسودها اﻷهواء واﻻنفعاﻻت الوحشية ، ويغلب عليها الظلم والجور والعنف. وذهب آخرون في القول : أن الحد من النزوات والمشاعر اﻷنانية ليست قيودا على الحرية . وإنما هي شروط ﻻزمة للتحرّر، ولعل هذا ما دفع "هيغل" إلى اعتبار تحقق وجود المجتمع ووجود الدولة هما الشرطان اﻷساسيان لتحقيق الحرية ، ﻷن هذا التحقق يحتاج بالضرورة إلى سيادة القانون ورفعة اﻷخلاق ...فلا وجود للحرية خارج إطار الدولة..
-23 لقد بيّنت الحربُ الظالمة على الدولة السورية لمعظم السوريين العقلاء ، أن وجود كيان الدولة ولو في درجاتها الدنيا ، أفضل بما لا يُقاس من حال حكم العصابات الثائرة ، وأأْمن بكثير من العيش المُريع تحت سيادة عنف الجماعات المنفلشة في العقل والعقال ، مهما اختبأت تلك العصابات والجماعات وراء الشعارات الدينية الخلاقة أو توارت مليشياتها خلف مطالب أخلاقية سامية أو سياسية برّاقة .. ( كالحُرّية مثلاً..
24- وفي جميل ظني أن بعض السوريين قد أدركوا حقاً ، أن الدولة العلمانية المدنية هي الدولة المطلوبة والمناسبة لهم ، وهي الضرورة الوحيدة المُمكنة لمجتمع فسيفسائي الهوية ذو إثنيات وطوائف مُتعددة ، وبعد أن تخلصوا من أكاذيب الإسلام السياسي وكشفوا ضلالاته حول حقيقة العلمانية والديمقراطية ، وعرفوا جيداً أن الدولة العلمانية العادلة هي التي تنهج شرعة حقوق الإنسان ككل ، فلا تُحابي حزباً معيناً أو تتبنى ديناً ما أو تميل إلى طائفة أو قومية على حساب الآخرين من أبناء الوطن ، وإنّما ينبغي على مؤسساتها المُتعددة وأدواتها التنفيذية كافة ، أن تقوم على الإلتزام بحيادية القانون وتطبيقه موضوعياً على جميع أفراد الشعب المختلفين ، بغض النظر عن جنسهم أو طوائفهم أو معتقداتهم أو إيمانهم بهذا الدّين أو ذاك ..
25- وربما بعضهم توصل إلى قناعة مفادها أن كلّ القضايا العادلة والمَطالب النبيلة ينبغي لها أن تذوي وتنكمش أمام لحظة وطنية حاسمة ، تكون فيها الدولة على وشك أن تُسحق أو تتشظى ، أو إن هي وقفت بكينونتها أمام تهديد جدّي ، أو تعرضت أركانها إلى خطر داهم قد يؤدي إلى تلاشي وجودها العياني ..
ليس لأن الدولة - كما أزعم - هي بمثابة عقل المجتمع الزمني وحسب ، بل لأنها الطور الأرقى لأي مجتمع إنساني ، و يعتبر مقدار ترسخها هو المقياس الأهم للمستوى العقلي الكلي الذي وصل إليه هذا المجتمع أو ذاك بحسب تعبير هيغل ..
26- تأكد كثيرون في سورية من أن التخلّي عن مفهوم الدولة ، وتدمير أجهزتها بحجة أولوية تحقيق الحرية السياسية والاجتماعية التامة بالرغم من طفح الجهل المريع في المجتمع ، أو بحجة استفحال السوء الذي أصاب أدواتها التنفيذية أو فساد عمل مؤسساتها ..وتقديم خيار فوضى الثورة المرعبة على خيار إصلاح تلك الأجهزة الفاسدة فيها .. .. ليس له سوى معنى واحد فقط ، ألا وهو قتل السلطة بوصفها مخلب الدولة القائمة وأداة القسر الحقيقة الوحيدة فيها ، والأكثر فعالية في السيطرة على صراع المجتمع وضبطه ..
الأمر الذي يعني دخول الجميع في نفق الفوضى وصخب العنف ، وبالتالي تخلخل النسيج الاجتماعي وتركه يغرق في مستنقع العنف ويقع ضحية محتومة لأحابيل الجريمة...
27- لذلك كي تكون هناك حرية حقاً ، يجب أن يتم فرض نظام ما ، على الجماعات الإنسانية ، وضبط فوضى جرعاتها المتدرجة و منازعها المتناحرة و رغباتها المتناقضة ..
فلا بدّ من وجود السلطة الحازمة والواعية كأداة قسر لتشكيل النظام وتسييره ،
ﻷن علينا أن نتذكر ، إن المجتمع من دون آداة ضبط او تشكيل شكل ما من أشكال النظام والقسر لا يمكن ﻷحد أن يتمتع بالحرية فيه سوى المجرمين أو الخارجين عن القانون...
وللحديث بقية ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل قامر ماكرون بحل الجمعية الوطنية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حل الجمعية الوطنية، سلاح ذو حدين محفوف بالمخاطر




.. كولومبيا تقرر وقف بيع الفحم لإسرائيل حتى وقف الإبادة الجماعي


.. قوات الاحتلال تنشر فرق القناصة على أسطح وداخل عدد من البنايا




.. فيضانات تجتاح جنوب النمسا والسلطات تناشد السكان بالبقاء في ا