الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى لا ننسى فرج فوده

رفعت عوض الله

2017 / 6 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



حتي لا ننسي فرج فوده
في مثل هذا اليوم 8 يونيو 1992 وحوالي الساعة السادسة والنصف مساء انتظرا شابان ينتميان لأحدي جماعات الإسلام السياسي علي دراجة بخارية المفكر المناضل الحالم الشهيد فرج فوده ،انتظراه ليخرج من الجمعية المصرية للتنوير بشارع اسماء فهمي بمصر الجديدة .
حين خرج الرجل هو وابنه وصديق له ، وركبوا سيارته ، اتجه القاتلان إليه وافرغ احدهما رصاص الرشاش الذي يحمله في جسد الشهيد ، والذي فاضت روحه في المستشفي بعد محاولات طبية لإنقاذه .
هذا الرجل النبيل صاحب الموقف والرؤية اوقف عمره وحياته وفكره وقلمه للدفاع عن مدنية وعلمانية مصر ضد غول الإسلا م ااسياسي الذي اخذ تياره يتنامي شيئا فشيئا منذ الهزيمة العسكرية المدوية في 5 يونيو 1967 . تلك الهزيمة التي فسرها انصار ذلك التيار الظلامي علي إنها عقاب من السماء لتركنا الإسلام حتي ان احد الدعاة المشهورين سجد لله حمدا وشكرا علي هزيمة الهزيمة المنكرة .
وعلي هذا فعلينا الرجوع للدين ، وكأن المصريين كانوا قد تركوا الدين
التمكين الأكبر لتيار الإسلام السياسي جاء مع تولي السادات لمقاليد الحكم بعد رحيل عبد الناصر والذي اراد بإنتهازية لا اخلاقية القضاء علي تراث عبد الناصر القومي واليساري ، فعقد إتفاقا مع الاخوان المسلمين بمقتضاه خرجوا من السجون وتمكنوا من الجامعة والمدرسة والنقابات المهنية والإعلام فعملوا بدأب علي اسلمة الحياة المصرية ، ومن عباءتهم خرج الإسلام الجهادي العنيف الذي خرج علي الدولة واقترف مجازر بحق الشرطة والجيش والمصريين المسيحيين ،بل وقتل السادات نفسه لأنهم تيقنوا انه لن يقيم دولة الخلافة التي يحلمون بها .
سار مبارك علي نفس طريقة سلفه المغدور به فتزايد وتنامي نفوذ الأسلام السياسي في الشارع المصري وتشوه وجه الدولة والمجتمع المدني وصارت مصر اقرب للدولة الدينية التي تريد وتعمل علي تطبيق الشريعة وارتفع شعار الإسلام هو الحل ، وتوالت الأعتداءات علي رموز الدولة والثقافة والمصريين المسيحيين .
في هذا الجو المشحون تشكل وعي فرج فوده فنذر حياته للدفاع عن مصر المدنية العلمانية ، مصر الوطن ضد الدولة الدينية التي كانت مصر تنحدر لتأسيسها في مصر الوطن .
الرجل لم يهاجم الإسلام ولكنه هاجم الماضوية ومحاولة إعادة نظام ومفاهيم تنتمي للعصور الوسطي والإصرار علي إنه الإسلام ،فقال إن الإسلام ليس دولة ولكنه دين ، فالإسلام لم ينص علي ان الخلافة هي شكل الحكم . الخلافة اتفاق بشري وليس إلهي وصورة ونموذج للحكم قال به بشر يصيبون ويخطئون . فلو كان من عند الله ما راينا مفاسده ومباذله وظلمه وقتله للمعارضين ، تلك الجرائم التي ارتكبها من نسميهم خلفاء الرسول .
روح الإسلام من وجهة نظر فرج فوده لا تتعارض مع الحضارة الإنسانية ولا القوانين الوضعية . وما كان صالحا بالامس لا يمكن ان يكون صالحا لليوم . فنحن في تغير وتطور مستمر
وحين يسيطر الإسلاميون علي الحكم تتداخل السياسة مع الدين فيصير الرأي حكما دينيا ، ومن يعارض او يختلف يصير ضد الدين ، فيكفر ويٌحكم بقتله .
وهذا يؤسس عنصرية دينية بغيضة لا مكان فيها لغير المسلم بل لا مكان فيها لمسلم يحمل رأيا اخر.
من هنا بنظر فرج فوده وجوب تطبيق العلمانية والتي هي فصل الدين عن السياسة وليس فصل الدين عن المجتمع .
في هذا السياق يكون المسجد مسجدا فقط فلا يجوز للشيخ فيه ان يكلم الناس في السياسة ، مجاله الوعظ الروحي والتفسير الديني ، الاحكام السياسية التي تخرج من افواه الشيوخ هي فتاوي واجبة التنفيذ ،وهنا الخلط بين الدين والسياسة .
في كتابه "الوفد والمستقبل "اسس المفكر فرج فوده للدولة المدنية فقال :
1- العلمانية هي نظام الحكم المدني ،الذي يستمد شرعيته من الدستور الذي يساوي بين كل المواطنين ، ويكفل حرية العقيدة .
2- المواطنة هي الاساس في الانتماء ،بمعني أننا جميعا ننتمي إلي مصر بصفتنا مصريين ،مسلمين كنا أم اقباطا .
. - الالتزام بميثاق حقوق الإنسان بمضمونه الحضاري العام3
. 4- تحقيق العدل من خلال تطبيق القانون حيث تكون المصلحة الخاصة والعامة اساس التشريع
يقول : "نجد اقواما يخيرون الشعب بين الإسلام والعلمانية ، وكانهما طرفا نقيض ، او كأن المسلم لا يكون علمانيا ، وان العلماني ليس مسلما ."
فالدين ينفصل عن السياسة ولكنه لا ينفصل عن المجتمع لأنه احد اسس الضمير في المجتمع .
هذا الرجل المفكر الجرئ اعمل عقله لا رفضا للدين ولكن رفضا للتسلط والقهر والعنصرية باسم الدين ، رفضا للماضوية ، وإيمانا بالتغير والتطور الحضاري ، والذي يعني ما كان صالحا في الماضي ليس صالحا الآن ، والمؤمن بان الإسلام دين فقط وعلاقة خاصة بين الفرد وربه وليس نظاما سياسيا وليس خلافة نعمل علي خلقها من جديد .
والذي يريد للحضارة وقيمها ان تسود وللحرية والمواطنة وحقوق الإنسان ان تتأصل في نفوسنا ومجتمعاتنا ، وأن ينتهي الإسلام السياسي المضاوي المناقض للعصر وروحه .
فدفع حياته ثمنا لما آمن به ونادي به وناضل من اجله .
ايها الشهيد النبيل كم نحن في حاجة إليك وإلي افكارك لتنير لنا الطريق نحو المدنية والمواطنة والعلمانية في ليل الأصولية الإسلامية الحالك السواد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مبارك تهاون في أداء واجبه
معلق قديم ( 2017 / 6 / 9 - 16:16 )

رعونة مبارك ونظامه في حماية العظيم فرج فودة ثم في محاسبة القتلة والمحرضين بالاضافة إلى قراره القراقوشي المخبول بذبح كل ماشية المصريين من الخنازير مجرّدا مئات الآلاف في لحظة من كل ما كانوا يملكون وحارما الملايين من أكل اللحم بسعر مناسب كانا السبب في نهايته المهينة

هذا ما كنت تنبأت به وأسريت به لأصدقاء عديدين حينها وتوقعت ألا يمر عاما ويكون مبارك ذليلا

أخطأت قليلا في توقعي فطال عمر نظام مبارك شهران بعد السنة

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تمنع مقدسيين مسيحيين من الوصول ا?لى كنيسة القي


.. وزيرة الهجرة السابقة نبيلة مكرم تصل لقداس عيد القيامة بكاتدر




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بمراسم -النار المقدسة- في كنيسة


.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟




.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا