الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمحة تاريخية على الحركة الإسلامية التونسية ما قبل الثورة!

محمد مسافير

2017 / 6 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


برزت الحركات الإسلامية في تونس منذ أواخر الستينات، دخلت إلى حلبة السياسة رغم أنها لم تشكل في هذه المرحلة قوة سياسية معارضة. جاء ظهورها، على عكس باقي البلدان، كرد فعل ضد العلمانية المتطرفة التي قادتها السياسة البورقيبية، واستلهمت في بداياتها تجربة الإخوان المسلمين، متخذة من أفكار حسن البنا مرجعية لها. كما سارت في خط مواز لجماعة التبليغ التي نشأت في نفس الفترة، متبنية أفكارها، وكان ذلك راجع بالأساس لعدم انخراطها في أي بناء تنظيمي, ما أدى إلى نشوب صراع بين حركة الإسلام السياسي المنحازة لتجربة الإخوان المسلمين، وبين جماعة التبليغ حول الموقف الذي يلزم اتخاذه تجاه النظام وكان هذا هو السبب الرئيسي في قطيعتها مع الجماعة، ونتيجة لذلك، فقد ظهرت خلية نشيطة لحزب التحرير سنة 1973 إضافة إلى مجموعة صغيرة ظهرت في أوروبا، وبالضبط في ألمانيا، أطلقت على نفسها اسم "الطلائع"، لكن لم يعمر نشاط هذه المجموعات طويلا، إذ سرعان ما عرفت اضمحلالا كبيرا نظرا لضعف أدائها، ما جعلها تمارس نشاطها بسرية تامة.
مباشرة بعد سنة 1978، قامت الحركة الإسلامية بتسييس نشاطها، وتحولت إلى حركة سياسية علنية شورية، تهدف أساسا إلى المصالحة مع النظام ونيل الشرعية القانونية، خاصة بعد الحملة المسعورة التي قام بها النظام ضد حركات الإسلام السياسي، وعكست مجلة "المعرفة" هذا التحول، حيث انتقلت من مجال نشر التدين والعبادة، إلى الاهتمام بالموضوعات الاجتماعية والسياسية.
قبل ذلك، نود أن نشير إلى أن ظهور الحركات الإسلامية ارتبط في تونس باسم راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو، وبعد أن تقوت الحركة الإسلامية وتنظمت في حزب النهضة في أواسط الثمانينات، جعلت من أفكار مؤسسها راشد الغنوشي بوصلة لعملها، وجعلت من شعار " لا وطنية ، ولا ديمقراطية ...نريدها خلافة إسلامية" دليلا لعملها، وتغير موقفها من جماعة الإخوان المسلمين، إذ اعتبرتها حليفا استراتيجي، لكنها أبت أن تكون مرجعية لها. ويعتبر الغنوشي أفكاره جد متقدمة عن أفكار الإخوان المسلمين.
منذ أن اعتلى زين العابدين بن علي سدة الحكم، حاول التوفيق بين نهج سلفه المفرط في العلمانية، ومحاولة صلح الدين مع الدولة، لتكسير شوكة الإسلاميين، وكان ذلك باديا بالخصوص عند بث صوره وهو يرتدي ملابس الإحرام أثناء الحج، مما أثار تفاؤل الإسلاميين حول إمكانية التعايش مع النظام، بعد تحولها من حركة غير شرعية إلى حركة شرعية، وبالتالي خروجها من مرحلة العمل السري.
لكن الآية انقلبت في بداية التسعينيات، إذ سرعان ما غير زين العابدين نهجه، بعد أن ثبت قدميه على كرسي الحكم، إلى أقصى التطرف، حيث هاجم كل ما هو إسلامي، كل من يواظب على الصلاة، كل من ترتدي الحجاب ... وطالت هذه السياسة الكثير من الأبرياء. وشهدت فترة التسعينيات تسارعا في الأحداث من زاوية الإسلاميين، وتدبدبا في مواقفها، وتغييرات مستمرة في تكتيكاتها، حيث تبنت في البداية أسلوب الجهاد، لكنها سرعان ما غيرته تحث ضربات القمع والمنع والملاحقات الأمنية، مما أدى بها إلى العديد من الانشقاقات، فمنها من رغبت في العودة إلى السرية، ونهجت أخرى طريق المشاركة السياسية والقطيعة مع العنف والسرية، وأرادت أخرى توسيع ساحة المعركة، ومواجهة الغرب بدوره.
كما يمكن القول بأن مشهد الحركة الإسلامية التونسية، منذ بداية الألفية الثالثة، قد طغت عليه بشكل عميق أفكار السلفية الجهادية التي تأثرت بأحداث 11 سبتمبر، حيث استطاعت أن تخترق الساحة السياسية التونسية بشكل ملفت للنظر، وخلقت استنفارا أمنيا من قبل السلطات من أجل صدها، كما فتحت الأبواب لأمريكا من أجل التدخل لمواجهتها، بخلق قواعد عسكرية غلى التراب التونسي.
في نهايات العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين، غير حزب النهضة من تكتيكاته، خاصة بعد اقتناص أغلب قياديه، والزج بهم في المنافي والسجون، فأبدت رغبتها في الانفتاح، واعتبرته تكتيكا مرحليا وسعت خلف التعايش السلمي مع النظام، وهذا ما كان يعكس رغبتها في التصالح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته في تحطم طائرة مروحية كانت


.. إيران تعلن وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ومرافقيه في تحطم مروحيت




.. وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تحطم مروحية.. ماذا نعر


.. ما هي ردود الفعل على مصرع الرئيس الإيراني بحادث تحطم مروحية؟




.. ماذا يحدث في إيران بعد وفاة رئيس البلاد وهو في السلطة؟