الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سورية والملف الكردي

زوهات كوباني

2006 / 2 / 1
القضية الكردية


في الاونة الاخير ومع تزايد الضغوطات على سورية ونظام حكمها والمتمثلة في اجراء التحولات الديمقراطية وانهاء ملفات الاعتقال في السجون السورية والكف عن التدخل في شؤون الانظمة المجاورة وحل القضية الكردية, توجه النظام السوري نحو سياسات معاكسة ومخالفة لمسار الضغوطات فبدلاً من المرونة والدمقرطة يتوجه الى صياغة الاحلاف الثنائية في المنطقة لتشكيل المحاور، وبدلا من التوافق مع السياسات العالمية يتوجه الى ابرام الصفقات مع الدول العظمى, وبدلا من حل القضايا الداخلية حلا عادلا وذلك باجراء تغييرات جذرية في جميع اركان النظام ومؤسساته ومن على جميع الصعد سواء في الدستور او في السلطات او التعددية او نظام البرلمان والانتخابات أو وضع المعتقلين السياسيين في السجون وسن دستور جديد والشفافية في التعامل مع القضايا العالقة, يتوجه النظام نحو اساليب الحل التي تعقّد المشاكل اكثر من ان حلها والاعتماد على الآليات التي لا تجلب سوى التأزم والاختناق. والاقتراب الجزئي من كل قضية والتلويح للعالم بانه يقترب من الحل ولكن فقط للمراوغة وذر الرماد في العيون, الى سياسة المحاور التي اثبتت فشلها والتي تهدف من وراءها الى اطالة عمرها وقذف الكرة من ملعبها، وجعل العالم ينشغل بامور ثانوية بدلاً من القضية الاساسية وهي الدمقرطة والتحول الديمقراطي في المنطقة عامة وسورية خاصة، كما أشرنا آنفاً.

ففي الاونة الاخيرة، ومن باب الاهتمام بالقضايا الداخلية وخاصة القضية الكردية استدعى النظام السوري وجهاء ورؤساء العشائر الكردية للتشاور معهم!. وفي النتيجة ووفق ما صرح به احد رؤساء العشائر الكردية (شكيب حاجو) انه وخلال غضون اسابيع سيتم تجنيس ثلاثمئة الف كردي وفق الوعودة التي اعطاهم إياها المسؤولين "رفيعي المستوى" في النظام الحاكم, فمن خلال النظر الى هذه الخطوة ومقارنتها مع قضية الشعب الكردي في سورية يٌراد إلى ذهن الانسان الكثير من الاسئلة والتي تتطلب الاجوبة من كل مهتم بالشأن الكردي : هل يعتبر قضية الاكراد في سورية هي قضية تجنيس فقط ؟. وحتى اذا كان هذه هي القضية لماذا يتم العودة الى المكوك العشائري ونسيان الحركة الكردية او بالاحرى تهميشها وعدم النظر بمنظار جدي اليها دون اعطاء أي اعتبار لها؟. رغم ان الكثيرين من هؤلاء الوجهاء او رؤساء العشائر تشاوروا مع الحركات الكردية واتخذوا قرارهم ولكن هل يمكن اقناع العالم بان المسالة الكردية قد حلت هكذا؟. وما علاقة هذه الدعوة بقضية شعب له حقوقه، تلك القضية التي تتجلى في الاعتراف الدستوري بالهوية القومية الكردية، وتعزيز القوة التنظيمية والمشاركة الادارية في المجتمع الكردي في سائر ميادين الحياة ورفع الحظر المفروض على الاحزاب السياسية والسماح لها بممارسة نشاطها بحرية, واعطاء الصلاحيات الكافية للادارات المحلية في المناطق الكردية والاعتراف باللغة والثقافة الكردية وتطويرها وتعزيزها مع ممارسة حق التعلم باللغة الكردية, الى جانب تنظيم وتطوير الطبع والنشر والاعلام باللغة الكردية، وتسخير الطاقات والقدرات الوطنية لاجل ذلك وبناء المراكز الثقافية الكردية ومراكز الابحاث والدراسات التاريخية والاثرية، وتسخير الطاقات في خدمة ذلك وحماية الاثار التاريخية في المناطق الكردية, والغاء مشروع (الحزام العربي) وقانون الاحصاء الاستثنائي، واعادة الاراضي المسلوبة الى اصحابها مع دفع التعويضات اللازمة لهم, وحل مشكلة الاجانب ومنحهم المواطنة الدستورية, والنضال من اجل ازالة الاثار السلبية الناجمة عن هذه السياسات من تهجير وتعريب وتبعيث وتجريد من الحقوق وفقدان الافراد ونفيهم الى اعتبار المناطق التي يتكاثف فيها الكرد سكانيا مناطق كردية مثل القامشلي وعفرين وكوباني واعتبارها مراكز تابعة للمحافظات الكردية جغرافياً واعادة تسمية المناطق الكردية المعربة بأسمائها الحقيقية ثانية.

اذا كانت القضية الكردية في سورية لها هذه الابعاد الشاملة, فيتطلب حلها حلاً شاملاً . فما فائدة حصر الأمر في الجنسية فقط وجعلها القضية الاساسية, وكانه بحل هذه المشكلة سوف تحل القضية وهو أمر لا تتجاوز كونه ذراً للرماد في الاعين, كل هذا يظهر للعيان ان النظام في سورية مازال بعيد عن وضع برامج حلول جدية للقضية الكردية الى جانب انه يرى القضية تمكن حلها مع بعض العشائر دون اعطاء الاعتبار للحركة الكردية التي تمثل الشعب وناضلت وتناضل من اجل حقوقه على مدى عقود, فهل يمكن للنظام بهذا الاسلوب من حل القضية ام انه ٌيعقدها اكثر ويجعل الازمة خانقة ويفتح الطريق امام مشاكل وتشوهات اخرى في بنية الجسد الكردي ويٌدخل النظام نفسه في معادلة صعبة لا يمكن حلها.

ومن جانب آخر اذا نظرنا الى المعادلة بمنظار آخر وهو انه لماذا يتم تجاهل الحركة الكردية والقفز الى العشائر لحل القضية الكردية, الاّ يٌشير هذا الى نقاط ضعف في الحركة الكردية والتي لم تستطع ان تثبت نفسها في الشارع الكردي على انها الممثل الحقيقي والشرعي للشعب الكردي, واذا كانت فعلا لها ذلك الثقل فهل يمكن لها ان تفرغ من هذه المخططات الرامية الى تهميشها؟. وماذا سيكون رد فعلها في الساحة السورية وفي الشارع الكردي السوري؟, ام انها ستكتفي باصدار بيان تستنكر هذه الخطوة او تنتقدها او تشكو منها و تدعي انها الممثل الشرعي، كلاماً وخطاباً فقط، ام ماذا ؟, وهل يكفي البيان باثبات شرعية الحركة ام يتطلب منها ان تٌحركّ الشارع وتثبت نفسها عمليا وبكل جدارة؟. والحركة الكردية مطلوبة منها الرد على كل هذه الاسئلة التي تطرح نفسها, فحتى الان لا تستطيع الحركة الكردية التوحد والوصول الى مرجعية كردية واحدة متجاوزة الاعتبارات الحزبية الضيقة والبرغماتية, فهي منقسمة ما بين نفسها الى جبهة وتحالف والتي ضمن بعضها تعيش الكثير من التناقضات والصراعات الى جانب الكثير من الاحزاب الكردية التي هي خارج هذه التحالفات والجبهات، والكل يدعي انه هو الممثل الحقيقي والمشروع .

ولكن، وبنظرنا، تعتبر هذه الخطوة التي قامت بها الدولة مع العشائر الكردية وتناولت وضع المجردين من الجنسية في الملف الكردي خطوة ايجابية ونقدية للاحزاب والحركة الكردية, ويتطلب منها، أي من الأحزاب الكردية، ان تاخذ وضعها الحالي بعين الاعتبار, وربما ستسفر هذه الخطوة التي همشت الجميع الى التفكير مجدداً بجدية باوضاعهم المشرذمة المأساوية, ويدعهم الى الالتفاف حول مرجعية واحدة للحركة الكردية وترك الخلافات الحزبية الضيقة جانباً, ورؤية حقيقتهم التي كانوا لا يرونها حتى اللحظة رغم وضوحها وضوح الشمس للجميع, ومدى تخلفهم عن التطورات التي يمكن ان تجري على الساحة السورية, دون ان يكون لهم دور اساسي فيها, وانه لا ثقل لهم اذا لم يتحدوا او يتفقوا, متجاوزين الاتفاقات المعتادة والأساليب التي عفى عليها الزمن في نشر بيان او ما شابه ذلك دون تعبئتها بالممارسة العملية ومشاريع برنامجية وخطط موضوعية تنفذ على مدار زمني محدد.

ان النظر الى كل خطوة نظرة شاملة ومن مختلف الجوانب دون النظرة الوحيدة الضيقة سيمكن الحركة الكردية من الاستفادة منها وجعلها في خدمة مصلحتها. حتى ولو كانت خطوة حق يراد منها باطل في إتجاه الحركة الكردية، ولكن قابلية التعامل مع التطورات والخطوات والتحليل الموضوعي من جميع الجوانب سيمكنها من وضعها في خدمتها والوصول الى الطريق الصحيح في تحقيق اهدافها العادلة في الحرية والمساواة والديمقراطية، تلك الأهداف التي ناضلت من اجلها على مدى عقود طويلة من السنين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الأمم المتحدة تنشر نصائح للحماية من المتحرشي


.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو




.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون